إقليم الرافدين المزعوم ... يفتقر للتوقيت المناسب...وسيساهم في تشجيع الانفصاليين على تقسيم العراق ...!!
    الأثنين 6 مارس / أذار 2017 - 22:58
    أ. د. حسين حامد حسين
     عراقنا غالي وعزيز على نفوسنا ، ومن خلال ما تكابده الاغلبية المطلقة من شعبنا من جميع الطوائف والاديان والاعراق من معايشة لحياة سوداوية تركم على النفوس وتنتفي فيها العدالة والقيم الانسانية وما فيها من سقوط سياسي جماعي في مستنقعات فساد الذمم والاخلاق والشرف الرخيص ، ومع كل ذلك ، نجد ان العراقي ،هذا الانسان المظلوم الجائع والمكابر، نجده يفتدى العراق وطنه ألأشم ، باغلى ما يملكه أي انسان من الوجود ، وهي حياته. أليس في ذاك شيئ من عبرة لتمجيد هذه الاسطورة الفريدة من شجاعة وجود بالنفس لا يدانيها في الوجود سوى تلك التضحيات الكبرى التي قدمتها شعوب على الارض من قبلنا، ففازت وسعدت واسعدت اجيالها القادمة ، وحررتهم من جشع انذالها وأوغادها السياسيين .
    فما هو دور من وصلوا الى قمة السلطة في التصدى لهؤلاء الذين لا يحترمون احدا ، فنجد ان خير ما يستطعون من افعال سوى اطلاق التسويات للتصالح مع الفساد والارهابيين او جعل التحقيقات الادارية هي الحسم بين الفاسد والوطني ؟  أليس من وضع الناس ثقتهم بهم ان يكونوا أهلا لتحمل مسؤولية امام هذا الخوار والافتراءات التي يعيشونها علنا امام شعبنا؟ فهاهي الكتل السياسية نراها تستعد هذه الايام بعرض ذممهم النجسة لاعادة تجاربها الجبانة الغارقة بأوحال كراهيتها لنفسها ولبعضها البعض. هذه الكتل السياسية نفسها من الحرامية ، يحاولون اليوم ان يعيدوالكرة ثانية في الانتخابات القادمة، ليستمر ذبحهم للعراق والعراقيين.
    فمن المفارقات المحزنة ، اننا نقرأ لبعض الارادات التي يبدوا انها لا تمتلك الحد الادنى من التصور عن واقعية ما يعيشه عراقنا هذه الايام في هذه الحرب الضروس ضد مجرمي داعش ، لكي نقرأ ومن خلال ما تناقلته (بغداد – الزوراء) أنه تم يوم الاحد المصادف 5 اذار 2017 عن أعلان (المجلس الايزيدي الأعلى المستقل ومنظمة أنقاذ التركمان ومنظمة الرافدين، عن تحالف ثلاثي وطني يجمع الأقليات، وطالب خلال بيان مشترك بـ"إقليم الرافدين" الذي سيشمل حسب البيان ثلاث محافظات وهي (سنجار وتلعفر وسهل نينوى) كإقليم متعدد القوميات والاديان والثقافات العراقية).
    (واصدر التحالف بيانا قال فيه انه "بعيد عن أي تخندق عنصري أو طائفي"، مشيراً إلى أنه "وجه جديد لممارسة الديمقراطية في العراق، بعد فشل الأنظمة العراقية في حماية القوميات والمجتمعات الصغيرة المتعايشة داخل حدود الاقليم الجديد نقلاً عنه)....
    فهل هناك من بين العراقيين ممن لا يدينون بالولاء والاحترام والمحبة والتقدير لاخواننا من الاقليات العراقية ، وما عانوه من ارهابي داعش من سبي وقتل وتشريد على ايدي الكفرة الملعونين لعصابات داعش . وان هذه الاقليات هم اخوتنا في المصير ، ولكن ، أليس الاجدر بمن اعلنوا عن هذا التحالف ، التريث على الاقل حتى تتكشف الامور وينتهي داعش بشكل نهائي ؟ أليس في هذا الاعلان ،وبغض النظر عن دوافعه السياسية وحقائقه ، لا يبدوا سوى عواطفا متسرعة تفتقر الى دراسات عملية واجتماعية وسياسية معمقة وخصوصا انها تنطلق تحت ظروف شديدة القسوة على الجميع ومن جميع الجهات؟ أليس من شأن هذه المطالبات في اقامة اقليم للاقليات زيادة الارباك السياسي والاجتماعي الذي يعيشه عراقنا هذه الايام على الرغم مما اثبته العراقيون الابطال عمليا من قدرات اسطورية بتدمير داعش وانزال الهزائم الماحقة بفلولها الجرباء؟ أليس اعلانا كهذا من شأنه ان يفتح شهية المتصيدين بالماء العكر، لكي يحذوا حذو هذه الاقليات التي تريد اقامة اقليمهم؟ ام ان هدف اقامة هذا الاقليم هو ان يتمكن قياديه من التحضير من اجل الانتخابات ليصبحوا "باشوات" مع الاخرين فقط ؟ الا يمكن ربما ان يعتبره البعض نوعا من دعم وتوافقات مع المؤتمرات البعثية النجسة  في الخارج من اجل اثارة الفوضى في الوطن العراقي ومن اجلهم؟ أليس تفكيرا كهذا ممكنا من قبل البعض ؟
    نعم ، اقامة الاقاليم حق دستوري ، ولكن الا تذكرنا المطالبة به الان وتحت هذه الظروف القاسية بالمثل العراقي الشعبي (شافت أهلها راحلين .... قالت أريد اتزوجوني رجل)... ؟؟!!
    أما فيما يتعلق بالجزء الذي ورد من ان ما نوه عنه البيان إلى أن "الدعوة إلى أنشاء الإقليم ما هي الا ممارسة الحقوق الدستورية المشروعة للجميع، ويهدف إلى منع تكرار المصائب وحملات الإبادة الجماعية والمجازر التي ارتكبت وما زالت تُرتكب ضد المجتمعات الصغيرة، وحمايتها".
    فالجميع يدرك أن ما حصل من مصائب وحملات الابادة الجماعية والمجازر لهذه الاقليات الكريمة، كان جزءا لما حصل لابناءنا واخوتنا في صلاح الدين والانبار والفلوجة وديالى وغيرها. فالعدو واحد ، ولكن ، الظروف السياسية والخيانات هي التي زادت في مبالغات اجتياح داعش حيث حواضن داعش كانوا من بين ممن قتلو وذبحوا وشردوا اخوانهم في نفس تلك المدن المحتلة.
    لماذا لا نستطيع ان يكون بعضنا رمزا للمواطنة بدلا من الاعلان عن اللاوطنية وسلبية المواقف؟ ولماذا يشعرنا البعض وكأنهم هم "المتفضلون" على العراق؟ ولماذا يريد البعض استباق الزمن من اجل ان يكون له قصب السبق في الكشف عن تفكير ضيق لا يتعدى حدود نفسه بدلا من التفكير بوحدة العراق وامنه واستقراره؟ ألم نجد انه على الرغم من كل شيئ اخر ، قد وجدنا ان هدف تدمير داعش قد وحد قلوب ونوايا العراقيين ، وربما كذلك أيضا وسيلة لكشف بعض النوايا ؟
    فعلى الرغم من عدم عدالة المجتمع العراقي ، نجد ان هذه "الاقليات" ، انما هم جزءا لا يتجزء من شعبنا العراقي بشتى الوانه واعراقه واديانه. 
    شعوب العالم المضحية لم تستخدم الوسائل الديمقراطية كمنهج ووسائل للقضاء على مخربيها ولصوصها ، بل استخدمت القوة والحزم وتطبيق القانون على الجميع فنجحت. فالديمقراطية قد تم استقبالها كمنهج للحياة بعد حروب أهلية طاحنة ومريرة من اجل ان تصبح الحياة الجديدة جديرة بأن تعاش من اجل ان تشيع فيها الحريات والعدالة . ولكن ، في العراق، ومع كل انهار الدماء الزكية هذه التي لا تزال تسقي الثرى العراقي، لا نزال لم نتعلم ونرفض ان نتعلم اي شيئ من عبر وتجارب لهذه الثلاثة عشرمن سنين داميات. إذ لا نزال غير قادرين على المواجهة مع هذه الكتل رغم جبنها من الشعب، بسبب انا شعب متناقض مع نفسه ومع بعضه البعض . كما واثبتنا اننا نستطيع ان نحيا حتى لو كان الجلاد يقف فوق رؤوسنا بسيفه . ولا نزال نحمل في ذاتنا صدى الارهاب والفناء الذي زرعه الخائن المقبورصدام في انفسنا . وكل الذي نسطيع فعله امام ضياعنا هو الاحتقار والكراهية للمقابل فقط . فكيف يستطيع شعبنا ان يهزم هذه الكتل السياسية التي باعت الشرف والذمة وكبرياء حياتها واحالت حياتنا الى جحيم ، بالاحتقار والكراهية وحدهما؟
    مشكلة "ديمقراطيتنا" أن اثبتت انها مجرد "ديمقراطية عراقية" وضعت على مقاسات الكتل السياسية ، التي لا تخجل من عارها وشنارها ، ولا تخشى الله تعالى ولا تتقه، وهكذا ، سيبقي العراق بمشاكله ومصائبه التي لا تعد ولا تحصى حتى يأتي قائدا يتبنى قوانينا من شأنها اعادة الحق والحقوق المضيعة الى نصابها. فبغير ذلك ، هيهات ان الكتل السياسية التي شبعت حتى التخمة سوف تسمح بالتخلي عما جنته ايديها من السحت بعد ان ذاقت "نعيما" لا يرتضيه ألا من أحب عاره وسقوطه الاخلاقي فجعل اللامبالات  العلة التي يعانيها. فدستورنا العراقي الذي جيئ به "ربما" من اجل ان يعيد الكرامة للعراقيين ، لا يزال نائما فوق الرفوف ، وربما هو الاخر خجلا من وجوده ، فهو لم تحتضنه أيدي رحيمة بعد ، ليمنحنا طعم الحرية والحياة الكريمة.
    نتمنى ان نرى النوايا تجاه عراقنا سليمة دائمة من قبل اخوتنا من الاقليات او من غيرهم، حيث وكما يبدوا ان "اقليم الرافدين" هذا ، والذي يفتقر للدراسات الستراتيجية والتوقيت الموضوعي لما يمكن ان تكون عليه قضية الاقاليم على الرغم من دستوريتها، فهو مقترح متسرع لا يمتلك الكثير من الحكمة تحت هذه الظروف العسيرة .
    حماك الله يا عراقنا السامق...
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media