النازحون يا سليم الجبوري وجعنا المزمن
    الأحد 12 مارس / أذار 2017 - 08:14
    حسن الخفاجي
     رسب العريفُ غازِي في اِمْتحَان التَّرْقَيةَ الشفوي لمراتب الجيش العراقي مرَاتٌ عِدةٌ. أَرادَ آمْرُ الوَحْدَةِ مساعدته، لذلِكَ جعلَهُ يمْتحِن معَ عريفٍ آخرَ إسمهُ داوُدَ. سأل الآمِرَ العَرِيفِ داود: ماهو الوطَن يَا داود؟.. أَجاب الوطن أُميْ الَّتِي رَبتنِي وَأَرْضعَتْنِي وَافدِيها بِدَمي, سأل غازِي السُؤال ذاته: ماهو الوطن يا غازي؟. أَجابَ: الوطنُ أُمَّ عرِيف داودَ سَيِّدِي!.

     حُكم قَائِد فرَنْسيٌّ كَبِير بِالإِعْدَامِ لِارْتكابِهِ خَطأً جَسيمًا. قَالَ مُحَامِيه لِلقَاضِي: مُوَكِّلِي مَولودٌ بِأَرَاضٍ لَمْ تَكُن خَاضِعَةٌ لِفرَنْسَا حِينَ وِلَادَتهُ، لِذَلِكَ لَا يُمْكِن اِعْتِبَارُهُ فَرَنْسِيًّا. قَبْلَ أَنْ يُكَمِّلْ المُحَامِي مُرَافَعَتَهُ قَاطَعَهُ القَائِدُ الفَرَنْسِيُّ: المَوْتُ أَهْوَنُ عَلَيّ مِنْ خَلْعِ مُوَاطَنَتَي وَاِنْتِمَائِي لِفَرَنْسَا..

     كَانَ أَلَأجدْرٌ بِمَنْ اِجْتَمَعُوا فِي جنِيف، وَبعدهَا فِي اسطنبول أَنْ يَجْتَمِعُوا بِخَيْمَةٍ مِنْ خِيَمِ النُّزُوحِ كَيْ يَكُونُوا فِي منْتَصَفِ طَرِيقِ يَوْمِ القِيَامَةِ بَيْنَ القّواتِ الأَمْنِيَّةِ وَالحَشَدِ الشَّعْبِيِّ مِنْ جِهَةٍ، وَبَيْنَ أَهْلِنَا النَّازِحِينَ الفَارِّينَ مِنْ قَبْضَةِ دَاعَشْ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى، لَكِنَّهُمْ اِخْتَارُوا طرقَ أَبْوَابِ أَسْيَادِهِمْ البَعِيدَةِ عَنْ بَابِ الوَطَنِ، وَدِمَاءُ شُهَدَائِهِ وَأَنَّين نَازِحِينَ وَجَرْحَاهِ  . حضروا مُؤْتَمَرَاتٍ التعري عَنْ الوَطَنِ وَالوَطَنِيَّةُ .

     على الجَانِبُ الآخَرُ ثَمَّةَ مَنْ يَطْرَحُ المُبَادَرَاتِ وَالتَّسْوِيَاتِ وَيَبْحَثُونَ عَنْ شَرْعِيَّةٍ لِمُبَادَرَاتِهِمْ وَتَسْوِيَاتِهِمْ عِنْدَ دُوَلِ الجِوَارِ وَالإِقْلِيمِ. كان الاجدر بِهِمْ زِيَارَةُ عَوَائِلِ شُهَدَاءَ وَجَرْحَى مَعَارِكِ تَحْرِيرِ الأَرْضِ مِنْ دَاعَشْ.. مُعْظَمُ سَاسَةٍ العِرَاقِ مِنْ كُلِّ القَوْمِيَّاتِ وَالطَّوَائِفِ وَالمَذَاهِبِ تَحَكُّمُهُمْ عُقْدَةَ الدونية، لِذَلِكَ يَطْلُبُونَ الشَرْعِيَّةً مِنْ سَاسَةٍ دُوَلُ الجِوَارِ وَالإِقْلِيمُ وَالغَرْبُ. معظم الساسة زاروا دول الجوار عشرات المرات ولم نر احدا منهم يزور العشوائيات ومناطق الفقراء وخيم النازحين.

      الساسة يُمَثِّلُونَ أَذْرُعً أُخْطُبُوطَ مُدَّتُ مُبَكِّرًا لِاِصْطِيَادٍ المُغْفَلِينَ مِنْ العِرَاقِيِّينَ وَحَجَزَ أَصْوَاتَهِمْ الاِنْتِخَابِيَّة، ولا خصام بينهم وان تظاهروا بالخصام وتقاذفوا التهم في وسائل الاعلام .

     لن تنطلي ألاعيب العراة من الساسة ممن يرقصون على حبال سيرك الطائفية ،على العراقيين مجددا..

      الوَطَنُ بِالنِّسْبَةِ لِمعظم الساسة  هُوَ بَقَرَةٌ حَلُوبٌ يَسْتَمِرُّونَ بِرِضَاعَتِهِ وَمَتَى مَا جَفَّ ضرعه يَذْبَحُونَهُ، وَهَا هُوَ العِرَاقُ مَذْبُوحٌ وَمُقَطَّعٌ الأَوْصَالِ بِسَكَاكِينِهُمْ.

     الوطن وَطَنُنَا وَهُوَ أُمٌّ لَكَل العِرَاقِيِّينَ النجباء، المُقَاتِلِينَ وَمِنْ دَعْمِهِمْ، وَهُوَ حِضْنٌ دَافِئٌ يَحْتَضِنُهُمْ وَقْتَ الشِّدَّةِ، وَسَاتِرِهِمْ مِنْ الرَّصَاصِ وَخَيْمَتِهِمْ فِي العراء. الوَطَنَ أمنا الَّتِي أَرْضَعْتِنَا وَاُسْتُرْخِصْنَا دِمْنَا لِحِمَايَةِ سُتَرِهَا.الوطن لَا وَلَنْ يَكُونَ أَبَدًا امَّا لِسَاسَةٍ سَرَقُوهُ وَبَاعُوهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ وَقَطَعُوا أَوْصَالَهُ..

      ثَمَّةَ مَنْ يَسْأَلُ بِبَرَاءَةٍ، أَلَيْسَ غَرِيبَا أَنْ يَحْضُرَ رَئِيسَ بَرْلَمَانِ العِرَاقِ مُؤْتَمَرًا لِلمُعَارَضَةِ؟. الجَوَابُ كَلَّا.. لَإِنْ سَلِيمُ الجَبُورِي مِنْ الجَوْقَةِ ذَاتُهَا وَلَا يَخْتَلِفْ عَنْهُمْ، فعلام الاِسْتِغْرَابُ.. الكُلُّ يُدَغْدِغُ مَشَاعِرَ جُمْهُورِهِ.. خِيَمُ النُّزُوحِ وَدَمَارُ المَنَاطِقِ الغرْبِيَّةَ، العَشْوَائِيَّاتُ وَخَرَابُ البُنَى التَّحْتِيَّةَ في الوسط والجنوب ادلة ادانة واضحة لمعظم الطبقة السياسية في العراق ، بالاضافة الى سرقاتهم وفسادهم.

    النازحون يا سليم الجبوري وجعنا المزمن ، دموعهم قطرات زيت تضيء قناديل المقاتلين . صرخات المفجوعات تركت ندبا في ضمائرنا لا تزول الا بالقصاص من القتلة. وانت يا سليم بدل الذهاب الى النازحين ، اخترت بارادتك ان تمسك بأذيال البقر  !.
     قال قائل "من تمسك بأذيال البقر رمته في الحفر"

    " الوطنية عقيدة والسياسة حرفة"

    حسن الخفاجي
    12/3/2017
    Hassan.a.alkhafaji@gmail.com
    التعليقات
    1 - ولي وطن أليت أن لا أبيعه
    المغترب    12/03/2017 - 10:54:3
    ولي وطنٌ آليت ألاّ أبيعه وألّا أرى غيري له الدّهر مالكاً-- عهدت به شرخ الشّباب ونعمة كنعمة قوم أصبحوا في ظلالكا-- وحبَّبَ أوطان الرّجال إليهم مآرب قضاها الشّباب هنالكا -- إذا ذكروا أوطانهم ذكَّرتهم عهود الصّبا فيها فحنّوا لذالكا-- ليس العيب أن تكون الأغلبية من العامية غير ملمين بأمور السياسة الجديدة في بلدنا لكن الأعيب هو أن لا نتعلم بما يدور بين السياسيين وخاصة أوقات التي تسبق الأنتخابات. سياسيين المناطق الغربية لم يتعلمو من أخطائم الكثيرة ومنذ ١٤ عاما لأنهم عميان البصر والبصيرة ودائما يوافقون بالخضوع لشخصيات خارجية تجبرهم على مشاريع من خلال الترهيب والترغيب. هؤولاء يفكرون ببطونهم وجيوبهم ومناصبهم ولا يفكرون بالسنة أو بالعراق. ومع شديد الأسف لدينا أخرون من مخانيث السياسة في الحكم والأكراد مثلهم. لكن سياسيين المناطق الغربية هم الأكثر تطرفا في تقديم أنفسهم وحسابات بنوكهم على العراق بسنته وشيعته. لذا فأنهم مثال الأنانية والجشع المفرط وهذا ما أكدته أفعالهم على مدى ال١٤ عاما الماضية. وشكرا الى أبن العم على هذا المقال الواقعي والى الكادر الوطني
    2 - الإسلام السياسي عدو للوطن
    فؤاد البغدادي    12/03/2017 - 21:54:3
    سياسي الصدفة يجتمعون خارج العراق يتوسلون حل أزمتهم بعد ان لفظهم الشارع العراقي. إنهم في واد والعراق بل والعالم في واد. يخطأ من يعتقد بأن تحرير الموصل قد إبتدأ وسيتم بإرادة عراقية, إنها تذكرنا بمعركة تحرير الفاو, أي إنها تمت بتخطيط وإرادة أمريكية والعراقيون ينفذون ما يخططه ويأمر به ضباط الأركان الأمريكان. العبادي سيذهب الى واشنطن في التاسع عشر من هذا الشهر, سوف يسمع كلام لا يسره, الإدارة الأمريكية تعتبر وجود الإسلام السياسي في السلطة خط احمر ويجب إنهائه وهذا الإتجاه لدى الإدارة الأمريكية لم يخترعه ترامب بل إبتدأ منذ اوباما, فإزاحة المالكي من الولاية الثالثة قد تمت بإرادة امريكية وسوف يواجه العبادي نفس المصير, الطريق الوحيد امام العراقيين هو تحريم الأحزاب الدينية اياً كان إتجاهها, وهذه المهمة يمكن إنجازها حتى في ظل الدستور العراقي البائس, لأن وجود حزب ديني يتعارض أساساً ومبداً مساواة العراقيين امام القانون.
    أضف تعليق
    اسمكم:
    بريدكم الالكتروني:
    عنوان التعليق:
    التعليق:
    اتجاه التعليق:
    شروط التعليق:لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى لائق بالتعليقات لكونها تعبر عن مدى تقدم وثقافة صاحب التعليق علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media