التصنيفات القديمة والإنسان العالَمي الجديد!
    الثلاثاء 21 مارس / أذار 2017 - 22:29
    رعد الحافظ
    كاتب عراقي مغترب مقيم في السويد
    مقدمة :
    فيما مضى كنّا نسمع تسميات وتصنييفات وتقسيمات شائعة على اُسس عِرقيّة ودينيّة ومَذهبيّة وجغرافيّة وما شابه!
    الإنسان الأبيض والأسود والأصفر والأحمر ومابينهما من ألوان!
    إنسان الشمال وإنسان الجنوب ,الغربي والشرقي!
    اليهودي ,المسيحي ,المسلم ,البوذي ,المجوسي ,والكافر المُلحِد!
    الأسيوي ,الأوربي ,الأمريكي ,الاسترالي ,وحسب القارات!
    ربّما في حينها كانت الحاجة ماسّة لتلك التصنيفات ,لأغراض الدراسات العِلميّة والطبيّة والإجتماعيّة!
    إنّما اليوم غالبيّة تلك التسميات تختفي تدريجيّاً في العالَم الحُرّ الناهض!
    هذا العالَم يسعى ليس فقط لنهوض ورفاهية شعوبه فحسب ,إنّما لنهوض جيرانه وباقي العالَم مهما كانت الإختلافات والتضحيات كبيرة .الإنسان العالمي الذي يحّب ويتعاون ويحترم الجميع ,صار هو الهدف الأوّل!
    ربّما حتى التقسيمات الجغرافيّة والسياسيّة ستزول أيضاً في عالَم الغد ,مَنْ يدري؟
    [[article_title_text]]

    تصنيفات قديمة :
    حاول علماء الأنثروبولوجي (علم الإنسان ,أو الدراسات العِلميّة للإنسان) قديماً وحتى الى وقتِ قريب (في القرنين 19 ,20)  تصنيف البشر الى أصناف وأجناس وسلالات ,مستخدمين لون البشرة كمعيار أوّلي ,أو لون الشعر وشكلهِ!
    المصريّون القدماء مثلاً ,قسّموا الناس الى الأحمر والأصفر والأسود!
    هذه تمثّل عندهم ,المصريين أنفسهم ثمّ جيرانهم الليبيين ثم الزنوج!
    هناك تصنيفات دينيّة جعلت البشر يعودون الى ثلاث سلالات هي :
    سلالة حام ,سلالة سام ,سلالة يافث (أظنّ البدو من سلالة سام)!
    وهناك العديد من التصنيفات الاخرى الغريبة ,إنّما لا يتسع المجال!
    ***
    العولمة !
    يقول (د.عبد الخالق حسين) في مقال رائع مُفصّل عن هذا الموضوع (الرابط أدناه) ,مايلي:
    العولمة Globalization  ظاهرة عالميّة بَرزت عقب إنتهاء حُقبة الحرب الباردة وإنهيار النظام الإشتراكي ,وتجلّي الولايات المتحدة الأمريكيّة كقطبٍ واحد يقود العالَم نحو الإنفتاح والتعاون والتكامل الثقافي والتجاري والإقتصادي والصناعي والتكنلوجي والعِلمي والخدماتي وباقي المجالات!
    ويضيف :
    الكلّ هاجمَ العولمة وتأبّطَ منها شرّاً ,والبعض إعتبرها إستعماراً جديداً
    حتى اليساريين والإشتراكيين هاجموا العولمة رغم كون إمامهم (كارل ماركس) قد بشّر بالعولمة لكن تحت مُسمى آخر هو الأمميّة!
    في الواقع العولمة هي النظام العالمي المتطوّر سياسيّاً وإقتصاديّاً وأجتماعيّاً ,الذي يوازي التطوّر البايولوجي الطبيعي لدى الأحياء وفق المباديء الداروينيّة!
    ***
    البشر يتطوّر!
    الى وقتٍ قريب كان الإنسان الأسود يشعر بالإختلاف وربّما بالنقص بطريقةٍ ما .(شاهدتُ مؤخراً شريط لفتاة ألمانيّة سوداء تحكي عن ذلك)!
    بينما اليوم (الجنس الأسود) مرغوب في أوربا تقريباً أكثر من الأصلي!
    (أنا شخصيّاً مازلتُ متخلّف عن إستعاب هذه الظاهرة ,كيف ربّوا أبنائهم ليصلوا الى هذه المرحلة؟ لأنّ تربيتنا في بلادنا كانت عكس ذلك تماماً)!
    المفارقة بهذا الخصوص في مجتمعاتنا الشرق ـ أوسطيّة أنّهم (رغم كونهم ليسوا بيضاً تماماً الى حدّ الشقار) لكنّهم يعيّرون الأسود بلونهِ وأصلهِ ,بل في السعودية وبلاد إخرى مازالوا يطلقون عليهم تسميّة العبيد!
    ولا أدري كيف يوفقون ذلك مع الآية التي تقول:
    [وإختلاف ألسنتكم وألوانَكم إنّ في ذلك لآياتٍ للعالَمين] الروم 22
    من جهة أخرى أتمنى أن تكون تسميّة بلدي الأمّ (العراق) قد جاءت من تعدّد أعراق البشر الذين سكنوه ,(وليس فقط من أوروك بمعنى المستوطن أو جمع عرقه وهي نوع من الطيور,أوعروق الإنهار ..الخ)!
    ***
    الخلاصة :
    الأمم المتحدة خَصصت يوم 21 مارس من كلّ عام للإحتفال بالقضاء على التمييز العنصري .(يوم 21 مارس 1960  شَهَدَ مذبحة عنصرية في شاربفيل/ جنوب أفريقيا راح ضحيتها 69 متظاهر ضد قوانين المرور)!
    هذا العام دارَ الحديث عن التنميط العنصري والتحريض على الكراهيّة بما في ذلك مايتعلق بالهجرة!
    ولاحظوا في هذا المجال مايلي :
    الدول الأوربيّة والعالم الحُرّ عموماً تحمّلوا الكثير ,وهم يعانون الأمريّن بسبب الهجرة الكثيفة خصوصاً (الإسلاميّة) ,كون الأمر تجاوز حدود طاقتهم وصبرهم!
    النتائج على الأرض تمثلّت بتصاعد التأييد لأحزاب اليمين والزعماء الشعبويين ,الذين يريدون الحدّ من تلك الهجرة!
    حتى أسباب (البريكست البريطاني) من الإتحاد الأوربي لها علاقة مباشرة بالموضوع  .أكثر من ذلك فإنّ الأوربيين دفعوا المليارات لأردوغان النذل كي يوقف ضخ ملايين المهاجرين المسلمين عبر تركيا .لكنّه بمنتهى الوضاعة يستغل كلّ حدث سخيف للتهديد بفتح الحدود أمام الراغبين بالهجرة الى أوربا .يعني إبتزاز واضح صارخ!
    والسؤال الذي يدور في البال :لماذا تضع أوربا مصيرها بيد أردوغان القذر ,بدل أن تُصدر بنفسها قوانين تغلق أوتحدّد الهجرة إليها؟
    الجواب بالطبع ,لأنّ تلك الشعوب عموماً وصلت الى مرحلة متقدمة من السموّ والإنسانية بحيث ترفض إصدار مثل تلك القوانين!
    فهذا هو الثمن الذي يدفعوه من إستقرارهم ورفاهيتهم ,كي ينهض العالَم بأسره وتنتهي كلّ أنواع الكراهيّة والعنصرية والتفريق بين البشر!
    خير دليل على هذا الكلام هو حديث السياسي الألماني البارز ( مارتن شولتس) وهو من الحزب الإشتراكي الديمقراطي والمرشح لمنصب المستشار القادم أمام السيّدة (أنجيلا ميركل)!
    هذا الرجل كان يشغل منصب رئيس البرلمان الأوربي السابق ,ويتفهّم مشاكل الهجرة ويتعاطف جداً مع المهاجرين .حتى أنّه أيّد (ميركل) في سياستها المنفتحة المعروفة (عام 2015) بهذا الخصوص!
    لكنّه اليوم يتكلّم عن (جعل أوربا عظيمة مُجدداً) ويتذكر فترة طفولته في ستينات القرن الماضي عندما كانت الأعمال والبناء والرخاء في أوجهِ .
    ويسعى لتنظيم الهجرة قدر المستطاع!
    هكذا يفكّر ويعمل أحرار العالَم ,فماذا عن الأدعياء البدو الذين تكفي ثروات بلادهم الطبيعيّة لإشباع جوعى العالَم بأسرهِ ,لكنّهم لايفعلون!

    [لقد إبتكرنا السعادة],يقول البشر الأخيرون ويغمزون بأعينهم!
    هكذا تكلّمَ زرادشت / نيتشة!
    ***
    رابط مقال د.عبد الخالق حسين / العولمة حتميّة تأريخيّة!
    http://www.abdulkhaliqhussein.nl/index.php?news=439


    رعد الحافظ
    21 مارس 2017
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media