ما بعد زيارة العبادي إلى واشنطن -1-
    الخميس 23 مارس / أذار 2017 - 20:48
    أياد السماوي
    الوجود العسكري الأمريكي المتزايد في العراق

    عند استقباله رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في البيت الأبيض , قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لضيفه مخاطبا إياه ( بالتأكيد لم يكن ينبغي لنا أن نرحل , ما كان يجب أبدا أن نرحل من العراق لأنّ ذلك خلق فراغا ) , واعتبر أنّ رحيل القوّات الأمريكية خلق فراغا كبيرا سمح لتنظيم الدولة بالتمدد , وأضاف ( سنجد حلا اقصد أنّ علينا التخلّص من تنظيم الدولة الإسلامية ) , ومن جهته أكدّ العبادي أنّ القوّات الأمريكية قدّمت الإسناد للقوات الحكومية في العمليات العسكرية , في حين كان العبادي ينفي في مناسبات عديدة مشاركة أي قوّات أجنبية في القتال والعمليات العسكرية على أرض العراق , والحقيقة أنّ الوجود العسكري الأمريكي يتعدّى حدود الحرب على داعش والقضاء عليها في العراق حتى بعد تحرير الموصل , وهذه الحقيقة قد صرّح بها كبار قادة البنتاغون ووزير الدفاع الأمريكي السابق كارتر ووزير الدفاع الحالي جيمس ماتيس , بأنّ القوّات الأمريكية في العراق باقية في العراق حتى بعد تحرير الموصل والقضاء على داعش , وهذا مما يؤكد أنّ الفراغ الذي يعنيه الرئيس ترامب ليس المقصود به داعش حتى وإن ادّعى بذلك , فداعش التي خلقتها أمريكا وأدخلتها إلى العراق , كانت ذريعة لعودة القوّات الأمريكية مجددا إلى العراق بعد انسحابها منه نهاية 2011 , ورئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي قد أعاد القوّات الأمريكية إلى العراق تحت غطاء المستشارين والمدربين , وأستطيع الجزم أنّ الحكومة ووزارة الدفاع العراقية وجهاز المخابرات العراقية لا يعرفون جميعا عدّة وعديد القوّات الأمريكية في العراق وطبيعة المهام التي تقوم بها , فهنالك من يقول أنّ عدد هذه القوّات قد تجاوز الأربعة عشر ألف من قوّات النخبة الأمريكية , وهنالك من يعتقد أنّ أعداد هذه القوّات تجاوز العشرين ألف , وكلّ المؤشرات تؤكد أنّ أعداد هذه القوّات في تزايد مستمر , ويؤكد معظم المتابعين للشأن السياسي العراقي أنّ الولايات المتحدّة الأمريكية تخطط لتواجد عسكري دائم في العراق , وأنّ أمريكا تسعى لبناء قواعد ثابتة في العراق وتواجد عسكري لا يقل عن خمسين الف عسكري .

    وموضوع الوجود العسكري الأمريكي في العراق خصوصا بعد زيارة رئيس الوزراء حيدر العبادي إلى واشنطن وتصريحات كبار مسؤولي الإدارة الأمريكية حول الوجود العسكري الأمريكي في العراق , أصبح يشّكل خطرا كبيرا على سيادة العراق وقراره الوطني , والشعب العراقي الذي أخرج قوّات الاحتلال الأمريكي بالدموع والصبر , قد أعادها مجددا رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في ظل صمت تام من مجلس النوّاب العراقي والتحالف الوطني العراقي الشيعي , وتأييد تام من قبل الشركاء السياسيين الآخرين الذين يرون في عودة القوّات الأمريكية مجددا إلى العراق ضرورة لإنهاء سطوة إيران وهيمنتها على القرار العراقي بحسب ما يردده الشركاء السنّة بشكل دائم , وفي الوقت نفسه يعتقدون أنّ هذا الوجود مهم لوقف تدّفق السلاح والعتاد إلى إيران وسوريا وحزب الله في لبنان , وهذا ما تريده الولايات المتحدّة الأمريكية من تواجدها العسكري في العراق , وكأنّ محاربة إيران وسوريا وحزب الله اللبناني مصلحة عراقية أولا وشيعية ثانيا , والأغرب من هذا أنّ الأصوات التي صدّعت رؤوسنا بشعار كلا كلا أمريكا , قد اختفت تماما ولا أحد يسمع لها صوتا , وكأنّها لا ترى هذا الاحتلال الذي عاد من جديد , والأخطر من كلّ هذا أنّ الكثير من العراقيين بدأوا يؤيدون عودة الاحتلال الأمريكي من أجل الخلاص من فساد الطبقة السياسية الحاكمة , فاصبح الحال مشابه إلى ما قبل سقوط النظام الديكتاتوري المجرم , فهنيئا لكل من ساهم وشارك في وصول السيد العبادي إلى رئاسة الوزراء في العراق .

    أياد السماوي
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media