مأزق اردوغان يلعب بالنار
    الأحد 23 أبريل / نيسان 2017 - 01:33
    جمعة عبد الله
    فاز الاستفتاء التركي , على كلمة ( نعم ) لتعديلات في الدستور , التي تمنح للرئيس اردوغان  صلاحيات واسعة , وبشكل مطلق , بأن تكون أشبه بصلاحيات الدكتاتور , ولكن تحت عباءة الديموقراطية المثقوبة بالف ثقب وثقب , بأن تكون سمة هذه الصلاحيات الجديدة في الدستور , بمثابة العودة الى حكم السلطان العثماني بالمطلق , بعد سقوطها بعد الحرب العالمية الاولى , ومجيء اول رئيس لجمهورية تركيا الجديدة عام 1923 . وتنصيب (مصطفى كمال اتاتورك) اول رئيس ومؤسس للجمهورية الجديدة . فأن هذا الاستفتاء اسقط هذه الجمهورية  , رغم ما صاحب نتائج الاستفتاء , من تزوير وغش وتلاعب , بالصوت والصورة , مما حدى بالمعارضة السياسية , ان تطعن بالنتيجة المزورة , وقدمت شكوى طعن الى المحكمة العليا بالمطالبة ,  بأعادة الاستفتاء من جديد , لان نتائجه مزورة غير نزيهة , وكما هددت باللجوء الى المحاكم الاوربية بالشكوى والطعن والرفض . وهي مدعومة من تقرير  البعثة الاوربية المشرفة والمراقبة لعملية الاستفتاء , التي صرحت بصريح العبارة , بعدم نزاهتها  , واكدت بانها رافقتها اخطاء وسلبيات كثيرة  , اثرت على النتيجة النهائية بفوز نعم , ورغم نتيجة الاستفتاء بفوز بكلمة (نعم) بفارق ضئيل جداً , بنسبة 51% , بينما التصويت على كلمة (لا) 49% . وهذا اكبر صفعة قوية لمنظمي الاستفتاء  , الذين كانوا يتوقعون حصول كلمة نعم على اكثر من  60% . هذه هزالة الانتصار بطعم الهزيمة , ورافقتها انتقادات وطعون وتشكيك في الداخل والخارج , ولم ترسل دولة اوربية (ماعدا روسيا) رسائل تهنئة الى اردوغان , فقد رفضت الدول الاوربية التعديلات على الدستور , وخاصة عودة عقوبة الاعدام , ومصادرة الحريات الديموقراطية . مما استشاط اردوغان غضباً من الموقف الاوربي  , واتخذ موقف الهجوم العدائي تجاه اوربا  , وراح يناطحها بسيل من الاتهامات والاوصاف , مثل عودة النازية من جديد , او عودة الحروب الصليبية , والحرب التصريحات الاردوغانية ضد اوربا , كأنه ثور مجنون يناطح الجدار الحديدي   , مما زاد من  شقة الشرخ والخلاف اكثر من السابق , وسد باب اوربا بوجه اردوغان , بأن يكون عضواً في الاتحاد الاوربي . ان مناطحة اردوغان بالجدار الاوربي , بمثابة شتائم الشحاذ المتسول , لمن يمنحه مالاً او يعطف عليه ببعض المال  , اذا عرفنا بأن تركيا تعتمد في اقتصادها ونشاطها التجاري بشكل اساسي  على اوربا , وتمنحه  تسهيلات كثيرة , وخاصة في قطاع السياحة المورد المالي الاساسي لميزانية المالية  السنوية . وقد سأت علاقته مع اوربا خلال العامين الماضيين , مما انعكست سلبياً على الاقتصاد التركي , بزيادة العجز المالي وزيادة البطالة والتضخم , في تراجع كل القطاعات والنشاطات  الحيوية , مما اثر على تدهور العملة التركية ( الليرة ) فقد كانت قبل سنوات قليلة , قيمتها , ليرة ونصف تساوي دولار واحد , اما في خضم التراجع الرهيب بما يحدث الآن في تركيا  , انقلبت المعادلة في قيمة العملة التركية , فصار الدولار الواحد يساوي , ثلاثة ليرات ونصف , والقادم افدح خسارة , اذا عرفنا بأن التدهور مستمر في كل القطاعات الحيوية , واصلاً تركيا تعاني من مشاكل داخلية كبيرة , كقضية الشعب الكردي ومسألة الاقليات الاخرى  , ومسألة مصادرة الحريات الديموقراطية , التي اشتدت , بعد المحاولة الانقلابية العسكرية  الفاشلة . ان اردوغان يسير على حبل النار, وقد يحرق نفسه , اذا استمر على هذا المنوال , من السياسة العنجهية المتغطرسة والمتكبرة , بمرض العظمة . وقد يجد حزبه (حزب العدالة والتنمية) بأن اردوغان اصبح عبء ثقيل عليهم , قد يضحوا به , قبل ان يغرقوا جميعاً  في الطوفان , وهذا جائز في الافق , طالما تركيا تترنح بالمشاكل الداخلية , والتدهور الاقتصادي والتجاري والسياحي , وخاصة بعد فشل اردوغان في ابتزاز الاتحاد الاوربي , في مسألة اللاجئين , وتهديده الى الدول الاوربية بقبول شروطه , وإلا سيرسل اليهم بمليونين مهاجر ولاجئ , اذا لم يتم قبول عضوية تركيا في الاتحاد الاوربي , وفتح الحدود للمواطنين الاتراك بدخولهم الى الدول الاوربية  دون فيزا , لكن رفضوا  ابتزازه , والعلاقة مع الاتحاد الاوربي تسير من سيء الى الاسوأ , ان الاستفتاء على تعديلات في الدستور عمقت الازمة في الداخل والخارج , وخاصة المعارضة السياسية تحشد قواها , في مجابهة الدكتاتورية الاردوغانية , ولم يقبلوا بنتائج الاستفتاء والتهديد باللجوء الى المحاكم الاوربية , سيقضي على امال اردوغان ان يصبح السلطان المطلق , ان الاوضاع المتفاقمة تجعله يترنح , ولا تتحمل تركيا ضائقة الازمة المالية والاقتصادية الخانقة  لسنوات قليلة  , ان البعبع الاردوغاني انتهى , اصبح سلطاناً عارياً , وياتي اليوم الذي تقول فيه تركيا . كش ملك . كش اردوغان

    جمعة عبدالله
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media