كتابات من ذاكرة الابادة... الولادة اثناء الابادة
السبت 29 أبريل / نيسان 2017 - 20:37
سعد بابير
انه الشهر الأسود ، اب المشؤوم ، الناس البسطاء في القرية منشغلين بحياتهم اليومية ، الاب جالس في زاوية على رأس الحي مع بقية رجال القرية يلعبون "الدومينة" ويتحدثون عن السوء الأوضاع ثم يشعرون بالخطورة والطمأنينة في نفس الوقت ، الام كانت تحضر الخبز بتنورتها الطينية مع بقية نساء القرية المجتمعات حولها ، وهن تتحدثن عن القصر الفلاني ، سيارة الجيران ، كنة اقربائهم الجديدة . بينما كانت البنت تقوم برش السطح وكنسه قبل ان تمد الفراش مع حلول الليل ، ابن الجيران كعادته بدأ بالصعود فوق السطح بحجة القراءة وفِي يده الكتاب ، عين على الكتاب وعين الاخر على بنت الجيران .
الحياة اليومية كانت بسيطة للغاية ، بينما كانت العائلة تتناول فطورها وسط حديقة المنزل في الْيَوْمَ التالي ، شاعت الأخبار في القرية بان جنود الدولة الاسلامية على مشارف القرية وسوف يدخلونها ويقتلون الجميع ، دب الهلع في نفوس العديد من أهالي القرية ، لكن البعض منهم تلاقوا الخبر باستهزاء . احدهم قال : لا احد يستطيع ان يدخل الى القرية ، لدينا اسود تفدي بأرواحها ولا تسمح لأحد بان يمسنا ، فيما قال الاخر : انهم رفاقنا البعث ومنذ مدة طويلة ننتظرهم ، لا خوف علينا سنبقى في منازلنا ولا نغادرها . الآخرون بينوا : انهم جيراننا العرب ( الكرفان ) ، بيننا ملح وزاد وعشرة طويلة وصلة دم وشراكة ، والغيرة والكرامة لدى العشائر العربية معروفة للجميع ، يستحيل ان يخونوا التاريخ الطويل المبني على أسس الكرامة والاحترام المتبادل روح الإخوة المزروع فيما بيننا .
لم يمضي سوى ساعات وصل مسلحي الدولة الاسلامية الى أطراف القرية ، حراس القرية بدؤا بمغادرة ثكناتهم العسكرية دون ابلاغ أهل القرية ، ما ان عرف أهل القرية بذلك ساد في أوساطهم ارتباك شديد ، كل مرء يحاول ان ينفذ بلجده ويحاول ان ينقل أسرته الى مكان تسوده الأمن .
الأب الذي كان جالسا مع بقية رجال القرية هرول الى منزله مسرعا ، وقال لزوجته واطفاله احزموا امتعتمكم سوف نذهب الى الجبل ، مسلحي الدولة الاسلامية دخلوا القرية ، انهم يقتلون الرجال وياخذون النساء .
زوجته احضرت البعض من الخبز مع قنينة ماء وبقلب حزين غادروا منزلهم وتوجهوا نحو الجبل . عندما وصولوا أطراف القرية سمعوا صوت الاطلاقات النارية من خلفهم ، تبين انهم وصلوا الى القرية وقتلوا بعض الرجال .
بعد السير لساعات وصلوا الى الجبل ، هنا كانت المأساة ، الرجال والنساء والأطفال كانوا يرتادون الى الجبل من كل حدب وصوب ، البعض كان قد فقد كل أفراد أسرته ، البعض الاخر كان لم يتذوق طعم الاكل ولم يكسر ظمائه لايام ، البعض كانوا يتناولون أوراق الشجر من كثرة الجوع ، الأطفال كانوا يصرخون من دون حليب ، المرضى كان يشكون من الآلام بدون ادوية .
الرجل لم يكن يصدق ما يشاهده ، يقول لنفسه هل فعلا نحن في قرن الحادي والعشرون ؟ هل فعلا يوجد شيء اسمه حقوق الانسان ؟ هل اننا نعيش في دولة لها مؤسسات ودستور وقانون ام اننا نعيش في غابة ؟ يا الهي : لا اصدق ما يحدث !!!
الرجل انفصل عن عائلته في زحام الجبل ، ظل يسير ويسير وحيدا الا ان رفض قدماه السير خلفه . وجد صخرة في الجوار فقال في نفسه : سآخذ قسطا من الراحة تحت ظل هذه الصخرة ، ما ان اقترب من الصخرة سمع صراخا يأتي من جانبها ، وعندما وصل اليها تبين بانه يوجد أمرأة تلد تحت ظل الصخرة وهي تصرخ بأعلى صوتها دون ان يساعدها احد .
الرجل كان ذو طابع شرقي ، عندما وصل الى المرأة دب الخجل جبينه ، تم قال : للمرأة هل لي بمساعدتك بشي ، فأجابت ، لا شكرا .
غادر الرجل المرأة في عظمة آلامها ، تم بدأ بالبكاء قائلا في نفسه : ما ذنب هذا المولود لكي يلد في هذه الابادة ، كيف سيعيش ؟ كيف سيكون مستقبله ؟ من الأفضل له ان يموت قبل ان يولد ...
سعد بابير - ٢٩-٤-٢٠١٧
--
Saad B Muradd
Yazidi Journalist and activist
Yazda communication Manager
E-Mail:saadbabir@gmail.com
Tell /ًًWats app / Viber : 9647507853306