مؤتمر القاهرة الأول للموسيقى العربية يحي امجاده في تل ابيب
    الجمعة 19 مايو / أيار 2017 - 01:39
    ليندا منوحين عبد العزيز
    انطلق معرض "مقامات" المرئي والصوتي في متحف تل ابيب للفنون بعد مرور 85 عاما على مؤتمر القاهرة باعتباره ذروة التماهي بين الثقافات العربية واليهودية والشرقية والغربية فما الذي يتوخاه؟
    حصري للمغرد /ليندا منوحين عبد العزيز

     "مقامات" هو معرض فيديو صوتي يبعث الى الحياة،  لحظات عفا عليها الدهر. استقطب هذا المعرض العديد من الزوار من مختلف اطياف المجتمع الإسرائيلي يهودا وعربا واستمر شهرين وهو عمل فني يستحق التقدير ويستوحي من مصادر عربية قام على اعدادها دور ليفي زليخة، فنان متخصص في الفن المرئي لا يتجاوز عمره ال 27 بالتعاون مع الفنان المتخصص في الموسيقى افيعاد سينمنس.

    والسؤال ما الذي يبحث  عنه فنان إسرائيلي شاب في مؤتمر القاهرة الدولي؟ يقول ليفي زليخة (27 عاما) المتخصص في الفن المرئي للمغرد :" في هذا المؤتمر يمثل اليهود الثقافة العربية وفيها يعبر كبار الموسيقيين الغربيين عن اعجابهم بالموسيقى الشرقية. هذه لحظات من التماهي تبدو بعيدة عن المشهد السياسي الذي نعيشة في المنطقة حاليا".

    كان مؤتمر الموسيقى العربية في القاهرة قد انطلق عام  1932  تحت رعاية الملك فؤاد ملك مصر الذي كان مولعا بالموسيقى.  وتوخى المؤتمر عرض وبحث وتدوين المقامات الموسيقية من شمال افريقيا والشرق الاوسط وتاثرها بالموسيقى والآلات الغربية. فلا عجب ان دعي الى هذا المعرض مشاهير الموسيقى الغربية آنذاك .

     الحضور اليهودي في المؤتمر
    غير ان اللافت للنظر، ان الوفد العراقي للمؤتمر بقيادة عزرا هارون ، الذي عزف على العود،  كان كله،  باستثناء محمد القبانجي (قارئ المقام) ،من اليهود الذين طوروا الموسيقى العراقية الحديثة . إضافة الى ذلك فإن  النقاد  في المؤتمر اعتبروا أن  داوود حسنى (دافيد حاييم ليفي) هو المؤسس الرئيسى للتراث الخالد لفن الموسيقى المصرية. لقد لحن داوود حسنى موسيقى لأكثر من خمسمائة أغنية "دور" و "طقطوقة" و "موال" و "تواشيح".
     يقول إيال بيزاوي الباحث في شأن الفن العربي:" إن مؤتمر القاهرة يمثل ذروة التطور في الموسيقى العربية، بعد عصر النهضة الثقافية في اوخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين ومنها ينطلق المعرض:" يقوم زليخة ليفي وسنمينس بلحيم المقامات العربية والعبرية والاوتار تتماهى بين اليهودية والعربية والغربية، من خلال التوزيع الإلكتروني للآلات الكلاسيكية العربية القديمة بضمنها القانون، الذي عزف عليه يوسف الزعرور  في نطاق الوفد العراقي الى مؤتمرالقاهرة. يلتحم  هذا العزف مع عزف اصغر اسلافه دافيد زعرورالذي يعيش حاليا في إسرائيل ويعزف على القانون. ولا شك ان هناك رمزية بالغة في تخطي 85 عاما تخللتها تطورات سياسية  غيرت منحى الشرق الأوسط. لكن الى جانب هذا التفاعل بين الماضي والحاضر هناك اصوات نشاز مقصودة في مقاطع من اللحيم بسبب طريقة المونتاج نجدها على عجلة المقامات في اشارة الى مشاعر البلبلة في الهويات والانغام الموسيقية. https://vimeo.com/213514545
     
    والحنين في هذا المعرض يمكن ملامسته من خلال صورة ورقة نقدية عراقية  تم دمجها بمدخل حديقة عامة في اور يهودا التي يسكنها العديد من شتات يهود العراق وتصدح في خلفيتها موسيقى، تخال غريبة لمن عاصرالحياة في الشتات اليهودي في الدول العربية.https://vimeo.com/213513951

    صراع الهوية لدى الجيل الثالث
    يقول ليفي زليخة:" ان الإنطلاق من مؤتمر القاهرة هو ثمرة نشأتي في عائلة تنحدر من جذور عراقية كما ان الثقافة العربية اليهودية كانت حاضرة في المنزل. غير انني مررت بتجربة مر بها الكثيرون عندما شعرت ان اللغة العربية هي لغة العدو وليس فقط لغة الأم، مما دفعني الى تعلم اللغة العربية قراءة وكتابة عندما كبرت في السن لأتعمق في صراع الهوية".  ومن المفارقة ان موضوع الهوية لا يقتصر فقط على الانتاج الفني، انما هو جزء من حياته اليومية حيث يتواصل دور على الشبكات الاجتماعية مع عراقيين وعرب يعيشون في اوروبا، بل انخرط عضوا في مؤسسة روؤيا  للفنون العراقية. ولا يخفي ليفي زليخة امله في ان تمهد هذه التلاقحات لسلام ثقافي وانفتاح على اللغة وعلى الآخر فيما يعد للمعرض المقبل الذي يستند الى موسيقى عبد الحليم حافظ.

    ويقول بيزاوي مُجملا هذه الظاهرة التي يتعاطى معها ابناء الجيل الثاني والثالث مع ذكريات الماضي:" ان حنين ليفي زليخة وسينمنس موجه الى مكان لم يعد  قائما، لكنه ملموسا، سيما في الاجيال الجديدة المنحدرة من العراق .على سبيل المثال فلم سمير جمال الدين "انسى بغداد "والوثائقي الذي تم اخراجه في بغداد عن  سليمة مراد (باشا) المغنية اليهودية العراقية التي اسلمت في القرن العشرين وكانت من المشاهير في المشهد الغنائي العراقي".
     ولا شك ان هذه الطروحات الفنية والثقافية على غرار كتاب تسيونيت فتال "الصور على الحائط"  تتكاتب عبر الحدود على الرغم من العوائق الجغرافية وتلقى لها صدى على جانبي الحدود.
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media