العلاق: لا شروط أو إملاءات خارجية على القروض الدولية
    إحالة العشرات من ملفات غسيل الأموال على القضاء
    الخميس 25 مايو / أيار 2017 - 06:50
    [[article_title_text]]
    بغداد: طارق الاعرجي (الصباح) - أعلن محافظ البنك المركزي علي العلاق ان البنك يستعد لطرح الوجبة الثانية من سندات الخزينة بمقدار مليار دولار للبنوك العالمية.وبينما أكد عدم وجود أي "شروط” أو "إملاءات” على العراق من قبل صندوق النقد والبنك الدوليين في مسألة القروض، أوضح أن الاحتياطي من العملة الصعبة "مريح ومطمئن” وفق المعايير الدولية.كما اكد نجاح العراق في الانتقال إلى مرتبة "عضو متابع” وفق التصنيف العالمي للتعاملات المالية الدولية بعد ان كان مهددا قبل سنوات بوضعه في "القائمة السوداء”.وكشف العلاق في حوار مع "الصباح”، عن إحالة عشرات القضايا الخاصة بغسيل الاموال وتمويل الارهاب على القضاء، وهذا نص الحوار:
    * كم هو خزين البنك المركزي العراقي من العملة الصعبة وما هي العوامل التي تساعد على انخفاضه او ارتفاعه؟
    ـ في البدء لابد من معرفة ماهية هذه الاحتياطيات وكيفية تكوينها والعوامل التي تؤدي الى ارتفاعها وانخفاضها لأنها ضرورية جدا في تقييم مواقع الاحتياطي في اي وقت، ولمعرفة دور البنك المركزي في هذه العملية فإن الاحتياطيات الاجنبية الموجودة في البنك بحكم الواقع الاقتصادي العراقي مرتبطة بشكل مباشر واساس بالموارد الدولارية المتأتية عن تصدير النفط، ومن جانب آخر الطلب على العملة الاجنبية المتأتي من طلب السوق والقطاع الحكومي وعملية تراكم الاحتياطي او توليده وهي عملية تجري خارج إطار البنك المركزي، والعنصر الاساس المحدد لهذه العملية هي احادية الاقتصاد فالعراق لا يصدر غير النفط ولا توجد امور ممكن ان تكون مولدة او مكثرة للعملة الاجنبية، الى جانب ذلك فإن التحويلات الدولارية تذهب من الداخل الى الخارج بسبب الهجرة والنزوح والدراسة والعلاج وغيرها، ولذلك فإن التركيز على البنك المركزي في هذه المسألة تنقصه الدقة، لكون البنك لا يخلق العرض او الطلب لأن العنصرين اللذين يتحكمان بالاحتياطي هما خارجا اطار البنك المركزي.

    الاحتياطي النقدي
    أما بالنسبة للاحتياطيات من العملة الصعبة، فالبنك وبالرغم من انخفاض الموارد النفطية بنسبة وصلت الى 70 بالمئة وبالتالي انخفاض الايرادات الدولارية بنسبة 70 بالمئة، نجح بالمحافظة على الاحتياطي من العملة الاجنبية بالمستوى المقبول ضمن المعايير الدولية، حيث أن المعيار الاساسي لكفاية الاحتياطي هو تغطيته للعملة المحلية؛ بمعنى كم لدينا من الدينار وما يقابله من الدولار، وإلى الآن تعد كمية الاحتياطي الموجود تفوق كمية العملة المحلية بالدينار العراقي، ولذلك هو ضمن معيار المقبولية لهذا الاحتياطي، والعراق لا يزال ضمن ما اشار صندوق النقد الدولي الى ان احتياطيات العراق "مريحة ومطمئنة”، وصندوق النقد بحكم اتفاقية الاستعداد الائتماني يقوم بعملية احتساب لهذا الاحتياطي بشكل دوري، وآخر دراسة قدمها الصندوق وفق تقريره في قراءة الاحتياطي من الآن الى سنة 2021، تشير الى ان الاحتياطي سيبقى بمستوى مقبول ومطمئن.
    إن الاحتياطي في تغير يومي ويتراوح بين 47 مليارا و49 مليار دولار وهو اعلى من مستوى الاحتياطي لسنة 2016، ولذلك فإن مدى قدرة هذا الاحتياطي على ان يبقى بالمستوى المقبول يتوقف الى حد كبير على اسعار النفط التي تمر الآن بتحسن طفيف وهي أفضل مما كانت عليه في 2016، ولذلك نحن لا نشعر بقلق تجاه هذا الاحتياطي ضمن المؤشرات الموجودة، والذي يساعد على الحفاظ على الاحتياطي ايضا تقليل الطلب على الدولار مما يقتضي تقليل الانفاق الاستهلاكي من قبل الحكومة، الى جانب التقليل من العجز في الموازنة العامة للدولة، لأن هناك علاقة عكسية بين عجز الموازنة والاحتياطي، فكلما زاد العجز تأثر الاحتياطي، ولذلك فإننا  اذا اردنا ان نقيس مستوى الانخفاض في الاحتياطي، سنرى انه مقارب للعجز الذي تم تمويله من قبل البنك المركزي، ولذلك نوجه دعوة للحكومة ومجلس النواب والى جميع الذين يقلقون بشأن احتياطيات العملة الاجنبية نقول فيها إن (المسألة بأيديكم وليست بأيدي البنك المركزي) لأنه كلما صدرت الموازنة بعجز أكبر كان هناك تأثير مباشر في احتياطيات العملة الاجنبية.

    قروض وفوائد
    * هناك بعض الساسة يعيبون على العراق اللجوء الى المنظمات الدولية للاقتراض لتجاوز ازمته، مؤكدين أن هذا الامر سيكبل العراق مستقبلا؟
    ـ العراق من الدول المساهمة منذ البداية بصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، ويسدد عبر كل هذه السنوات اشتراكات سنوية كباقي الدول باعتباره عضوا له حقوق في الصندوق والبنك الدوليين كما لأي دولة من الدول التي تتعرض لصعوبات مالية او عسر مالي ويكون لها الحق في ان تحصل على تسهيلات ودعم وقروض وغيرها مما يمكن تقديمه للبلد، ولذلك ربما نستغرب بعض الاحيان من النقد الذي يوجه إلى لجوء العراق لهذه المنظمات للحصول على هذا الدعم، والحقيقة انه حق يجب ان نأخذه مقابل اشتراكاتنا والمبالغ التي تدفع الى هذه الجهات، والمسألة الثانية هي أن صندوق النقد الدولي يعد المدقق الدولي لاقتصاديات الدول والمؤشرات التي يعكسها بتقاريره عن هذه الدول مهمة جدا لتأثيرها المباشر في العلاقات المالية والاقتصادية مع دول العالم والمنظمات المالية والبنوك والمصارف العالمية؛ ولذلك يجب ان نكون حريصين على الانسجام مع ما تظهره هذه المؤشرات او المتطلبات، لأنها تعطي الضوء الاخضر للموقف السليم للدولة، وبالتالي الحصول على التسهيلات والمنح وعلى المعاملات المالية الاخرى.
    الكثيرون يتصورون أن هناك املاءات وشروطا من هذه المنظمات، وهذا غير صحيح لأن طبيعة القروض والتسهيلات التي يقدمها البنك والصندوق الدوليان تراعي الوضع المالي للبلد من ناحية التسديدات، كما أن الفائدة متدنية جدا تصل الى واحد ونصف بالمئة ولسنوات عديدة، وفي ظل انخفاض الايرادات النفطية وفي ظل الظروف التي يواجهها البلد من نفقات عسكرية ونازحين ومتطلبات كثيرة مرتبطة بهذا الجانب، بلا شك ستجعل العراق يحتاج الى تمويل خارجي لسد النقص، والبرنامج الموضوع لتمويل العراق خلال هذه السنة والسنتين المقبلتين بحدود 15 مليار دولار، وحتى يحصل العراق على هذا التمويل، فإن صندوق النقد الدولي هو الذي يصدر تقارير عن مدى التزام البلد بخطته المالية والاقتصادية والنقدية، لأنه لا يمكن للمنظمة وهي التي تدفع الاموال من مساهمات الدول ان تمنح مثل هذه الاموال اذا كانت هناك حالة انفلات مالي او حالة عدم سيطرة على النفقات وتعظيم الايرادات وهي تنسجم تماما مع خطة الاصلاح التي تطرحها الحكومة والتي تهدف الى تخفيض النفقات غير الضرورية وزيادة الايرادات الاخرى غير النفط.
    والبعض يعتقد ان صندوق النقد قد يضغط باتجاه يؤثر في النفقات التي تخص المجتمع وهذا الأمر غير صحيح، بل على العكس، فإن صندوق النقد يثبت تحفظه اذا كانت النفقات الاجتماعية كالصحة والتربية وشبكة الحماية الاجتماعية والبطاقة التموينية وغيرها من النفقات الاجتماعية والضرورية لم تنفق ما يخصص بالموازنة العامة للدولة على هذه المجالات، والكثير من جوانب الاصلاح الاقتصادي والمالي للصندوق منسجمة مع خطة الاصلاح الحكومي، والمدة المقبلة ستشهد اطلاق القروض والمساعدات بشكل اكبر ووفق المراجعة الثانية التي تجري الآن في واشنطن وتستكمل نهاية الشهر الجاري في عمان، فإن كان تقرير الصندوق ايجابيا سيعطي الضوء الاخضر لدفعات جديدة تنطلق قريبا.

    سندات الخزينة
    * هل سيطرح العراق الوجبة الثانية من سندات الخزينة للبنوك والمصارف الدولية وما مقدار مبلغ هذه السندات؟
    ـ السندات التي كانت بضمانة الحكومة الاميركية طرحت وتم بيعها بمقدار مليار دولار، هذه الضمانة ساعدت على تخفيض سعر الفائدة الى نحو 2 بالمئة او ما يزيد على ذلك بقليل، والعراق لديه نية بطرح مليار آخر وكان هذا الهدف منذ البداية وحسب قانون الموازنة ان يطرح مليارا دولار، وكي لا تكون تكلفة الفائدة مرتفعة ضمنت الولايات المتحدة الاميركية مليار دولار كي يكون المليار الاخر بفائدة السوق يجمع مع الفائدة الاخرى، بحيث يكون المتوسط للمليارين بحدود خمسة بالمئة وهذا ساعد على تخفيض الفائدة والآن يجرى العمل على التهيئة لطرح هذه السندات الى البنوك الدولية.

    غسيل الأموال
    * عكفت منذ تسنمكم منصبكم على تفعيل عمل مكتب مكافحة غسيل الاموال وتمويل الارهاب ما الذي حققه هذا المكتب الى الآن؟
    ـ ان مكتب مكافحة غسيل الاموال وتمويل الارهاب منح اهتماما خاصا ووفرت له الموارد وموازنة مستقلة واستقلال مالي واداري، والمكتب يحتاج وقت طويل لبناء قدراته وممارسة دوره، ولكن ضمن المدة الماضية استطاع ان ينجز العديد من الجوانب التي تتطلبها العملية سواء باصدار الانظمة واللوائح والتشريعات، وللمرة الأولى في تاريخ العراق جرى إصدار لوائح لكل شريحة من الشرائح بدءاً من الدلالين وتجار الذهب والمحاسبين والقانونيين والمحامين وشركات التأمين والمصارف وجميع القطاعات ذات العلاقة بموضوع غسيل الاموال لأنه متعدد الحلقات ولابد ان تتكامل مع بعضها كي تعطي النتائج المطلوبة، وفي هذا الجانب تم انجاز قانون مكافحة غسيل الاموال رقم 39 لسنة 2015 وهو من احدث القوانين ويستجيب لكل متطلبات التجارب الدولية وتم بالتنسيق المباشر مع هذه المنظمات وفي ضوئه تم اصدار كافة اللوائح والتنظيمات المتعلقة بهذا الجانب التشريعي او القانوني.
    أما في الجانب العملي؛ فلقد حول البنك المركزي قانون مكافحة غسيل الاموال الى قواعد عملية تنفيذية في داخل المصارف والتي هي الركن الاساسي بهذا الاطار، ولأول مرة يحدث ان البنك المركزي ألزم المصارف باستحداث وحدات لمكافحة غسيل الاموال في كل مصرف ووحدات لادارة المخاطر ووحدات لادارة الامتثال وتم فعلا تشكيلها في جميع المصارف وبدعم من البنك المركزي لتدريب وتأهيل الملاكات المعنية، وللمرة الأولى أيضا يتم تطبيق قاعدة مبدأ "اعرف زبونك” في المصارف التي تمثل الركن الاساسي لمعرفة مصادر الاموال والكشف عن اي عمليات مشبوهة من خلال المقارنة بين الشركة من خلال الاموال التي تتعاطى بها او التي تودعها في المصارف وبين النشاط الحقيقي وطبيعة عملها، وتتم متابعة ومراقبة هذا المبدأ بدقة الآن من خلال فحص الاستمارات في المصارف من قبل البنك المركزي، وأي شبهات تتعلق بهذا الأمر تحال على القضاء أو لجان العقوبات المختصة بالبنك المركزي.
    ولقد أصبح مكتب مكافحة غسيل الاموال وتمويل الارهاب - في سابقة هي الأولى من نوعها في العراق - منتجا لقضايا تحمل شبهات غسيل الاموال واحيلت على القضاء، وهناك عشرات القضايا احيلت المدة الماضية على القضاء وقسم منها صدرت فيها احكام وقسم لاتزال في المحاكم، وشملت مختلف الاشخاص، والطبيعة القانونية تستلزم "السرية” بعمل هذا المكتب، ولذلك لا يتم نشر او الاطلاع على القضايا لأن الطبيعة "سرية جدا” بهذا الاطار، وحتى المكتب له خصوصيته ومكانه المستقل، والبنك المركزي لا يطلع على تفاصيل القضايا، ومن مؤشرات نجاح المكتب انه مراقب من قبل منظمة دولية معنية بهذا الامر وهي منظمة العمل الدولية التي تراقب الدول ومدى التزامها بشروط المنظمة وقواعد مكافحة غسيل الاموال.

    القائمة السوداء
    وعند تسلمنا المسؤولية في البنك المركزي، كان العراق على وشك ان يوضع في "القائمة السوداء” وكانت هذه خطورة كبيرة تعرض البلد الى الحظر الدولي في معاملاته المالية، ومن متابعة منظمة العمل الدولية للاجراءات التي قمنا بها ضمن اطار البنك المركزي ومكتب مكافحة غسيل الاموال والالتزام بالقواعد واللوائح والتطبيقات المطلوبة، استطعنا اخراج العراق حتى من "منطقة الرمادي” ووصلنا الآن الى "منطقة المتابعة”، واذا اجتزنا هذه المرحلة نصبح بكامل الالتزام ولا توجد اي مشكلة، والآن تجري عملية المتابعة بشكل طبيعي، وتقارير المنظمة تشير الى التقدم الكبير الحاصل بالتزام العراق بالمتطلبات والقواعد والمعايير التي وضعت في هذا الاطار.
    إن موضوع مكافحة غسيل الاموال يتطلب تضافر جهود جهات متعددة، فالبنك المركزي والمصارف هي حلقة من هذه الحلقات، ولذلك كان لتأسيس "مجلس مكافحة غسيل الاموال وتمويل الارهاب” الذي ورد في القانون رقم 39 والذي يضم كافة الجهات المعنية بهذا الأمر واجتماعاته مستمرة لتنسيق الجهود في هذا الاطار بين الجهات الامنية والاستخباراتية والرقابية والقضائية والوزارات المعنية، وهذا المجلس مهم وهو يعكف الآن على وضع ستراتيجية وطنية لمكافحة غسيل الاموال وتمويل الارهاب ستكون الاولى في تاريخ العراق، وهذا الامر يحتاج الى وقت طويل لتهيئة كل الحلقات المتعلقة به لأن قضية غسيل الاموال تمر بمراحل متعددة، ولذلك لابد من ان تلتزم كل هذه الحلقات بالقواعد واللوائح، وبدأت هذه الحلقات تزود بالوثائق والتقارير من مختلف الشرائح وكل عمليات تحويل الاموال من مرحلة الى اخرى.

    استرداد الأموال
    * ماهي خطوات العراق لاسترداد الاموال التي هربها النظام المباد والاموال التي هربت بعد عام 2003؟
    ـ هناك دائرتان مسؤولتان بشكل أساس عن عملية استرداد اموال العراق سواء المتعلقة بالنظام المباد او بعد 2003، وتختص وزارة المالية بجانب استرداد الأموال التي هربها النظام المباد، بينما تختص هيئة النزاهة بالاموال المهربة بعد 2003 من الفساد وغيرها، وهذا الجهد مازال متواضعا ويحتاج إلى الكثير من العمل، والاساس الذي يجب ان ينطلق منه هذا العمل هو توفير اطار تعاون قانوني قضائي بين العراق والدول الاخرى، فدون وجود اتفاق لهذا التعاون من الصعب ان تحصل على المعلومات او الملاحقة لهذه الاموال، وثانيا يجب ان تهيئ ملفات الاسترداد مكتملة الوثائق والشروط كي تقدم الى الدول الاخرى، اذ لا يكفي فقط مجرد طلب معلومات او ابلاغ، لأن الملف يجب أن يكون متكاملا، وبصراحة فإن هذا الجهد تأخر كثيرا ولا يزال متواضعا ويحتاج الى الكثير من التنسيق وتوفير الاطار القانوني وتوقيع اتفاقيات مع دول اخرى خاصة التي يشتبه او التي يمكن ان تكون فيها اموال عائدة للعراق.
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media