رأي بشأن اتفاقيات حكومة اقليم كردستان وشركة روزنفط الروسية
    الثلاثاء 13 يونيو / حزيران 2017 - 14:20
    Ahmad Mousa Jiyad أحمد موسى جياد
    Iraq/ Development Consultancy and Research, Norway
    طلب مني بعض ألأخوات وألأخوة ألأكراد ألأعضاء في لجنتي المالية والنفط في البرلمان العراقي ألأتحادي بيان الرأي بهذا الموضوع. وتلبية لذلك الطلب ولاهمية الموضوع وتأثيره الكبير على المصلحة الوطنية العراقية اعددت هذا ألرأي.

    وقعت حكومة ألأقليم وشركة روزنفط الروسية مجموعة من ألأتفاقيات الخاصة بالشان النفطي وعقد تجهيزات نفطية اضافة الى "مذكرة مفتوحة " وذلك خلال الفترة المحصورة بين شباط وحزيران من هذا العام.

    وكالمعتاد لم يتم ألأفصاح عن المضامين والمكونات ألأساسية لتلك ألأتفاقيات ولا عن الشروط والضوابط المالية وألأقتصادية الحاكمة لها. وفي الوقت الذي اثارت تلك ألأتفاقيات اهنمام واعتراض بعض الكتل السياسية الكردية واعضاء  في البرلمان ألأتحادي العراقي، التزمت كل من الحكومة ألأتحادية ووزارة النفط الصمت وكأن ألأمر لايعنيهما!

    وعلى الرغم من شحة المعلومات والسرية المحيطة بتفاصيلها فان مامتوفرمنها يشيرالى الجوانب ألأقتصادية وألمالية لحكومة ألأقليم من جهة والى ألأعتبارات الجيوسياسية للحكومة الروسية من جهة ثانية والى مبررات الربحية والتموضع ألأستراتيجي الخارجي لنشاطات شركة روزنفط من جهة ثالثة والى التأثير المهم لكل ذلك على العراق من جهة رابعة.

    وهذا يدلل على مدى تعقد الموضوع وتشابك الامورالمتعلقة به وتناقض اوتوافق المصالح للاطراف المعنية وألأجراءات الدستورية والسيادية والقانونية الدولية اللازمة وغيرها. وهذا ما تحاول هذه المساهمة طرحه وتحليله ومناقشته.

    سيتم اولا تناول ألأطرالحاكمة للاتفاقيات الموقعة ثم عرض التموضع الأستراتيجي والجيوسياسي الروسي ثانيا وبعدها مناقشة كون هذه الأتفاقيات انما تمثل حبل ألأنقاذ الأخير لحكومة ألأقليم واخيرا التنبيه الى الصمت المريب للحكومة ألأتحادية ووزارة النفط عن هذه ألأتفاقيات.   

    ألأطرالحاكمة للأتفاقيات الموقعة

    في ضوء المعلومات المتوفرة تم الأتفاق على ثلاثة اطرمختلفة من حيث الجوهر والهدف والأفق الزمني وغيرها من المسائل المتعلقة بكل إطارمنها وكما موجز بمايلي:

    ألأطارألأول: عقد التجهيزات النفطية المشروطة بالدفع المسبق  

     حسب قسم المعلومات لشركة روزنفط فقد تم توقيع العقد في لندن في شهر شباط الماضي حيث حددت فترة العقد بمدة ثلاث سنوات اعتبارا من 2017 حتى  2019؛ يتضمن العقد "الدفع المسبق" ويتم شراء النفط الخام من قبل الشركة التجارية التابعة لروزنفط وسوف يجهز المصافي التابعة للشركة سواء القائمة منها (في المانيا) او التي ستقام مستقبلا.

    عدا ذلك لم يحدد قسم المعلومات اويشيرالى اي من المكونات ألأساسية وشروط وضوابط هذا العقد مثل: آلية تحديد ألأسعار؛ الكميات الواجب تجهيزها؛ المسائل المتعلقة بالدفع المسبق وخاصة فيما اذا كان هناك حد ادنى للتجهيز والغرامات في حالة عدم ألأمتثال واسعارالفائدة ..الخ؛ ألأمور المتعلقة بالتحكيم الدولي؛ المسائل المصرفية المتعلقة بايداع وسحب العوائد؛ الاجراءات التنفيذية لعملية تحميل ونقل النفط وغيرها من الامور ألأساسية ذات العلاقة.     

    من جانبها لم تحدد حكومة ألأقليم ايضاً اي من الأمورأعلاه إلا ان مستشار رئيس حكومة ألأقليم ، دلشاد شهاب،  قال "بأن بنود الإتفاقية مع الشركة الروسية يشمل شراء النفط بحسب الاسعار التي يتم التعامل بها عالمياً". هذا كلام عام حيث ان المستشارلم يفصح عن المعادلة السعرية والمتغيرات التي تتضمنها مثل تحديد نفط ألأشارة والحسومات اوألأضافات المرتبطة بالجوانب النوعية (كالكثافة النوعية ومحتوى الكبريت وغيرها) وكلف الشحن والتامين وعامل الموقع الجغرافي الخ. اضافة الى ذلك ان المسنشار حدد مدة العقد بسنتين في حين ان جميع المصادر التي تناولت الموضوع تشيرالى ثلاث سنوات.

    على الرغم من شحة المعلومات وتباينها والسرية المحيطة بهذا العقد وانعدام الشفافية في القطاع النفطي في ألأقليم فانه يمكن ان نورد الملاحظات التالية:

    اولاً: ان حكومة الأقليم تعاني من ازمة مالية خانقة (لأسباب عديدة ) وهي بحاجة ماسة الى الموارد المالية (توضح لاحقا). لذلك هي في موضع تفاوضي ضغيف لاتستطيع بموجبه فرض شروط تعاقدية مجزية اوتحقق الحد ألأدنى. وهذه امور معروفة ومتوقعة؛ وعلى حكومة ألأقليم إثبات العكس بألأعلان بكل شفافية عن كل مايتعلق بهذا العقد.

    ثانياً: اكدت روزنفط لأكثر من مرة على مبدأ "الربحية" في هذا العقد؛ وفي ظروف الوفرة في سوق النفط الدولية فأن الربحية ترتبط بشكل اساسي بحجم الحسومات اوالخصم من اسعر النفط السائدة اخذين بنظرألأعتبار المواصفات النوعية للنفط المجهز.

    وفي هذا المجال لابد من الاشارة الى اعتبارين يدفعان روزنفط لتحقيق اعلى مستوى من الربحية من هذا العقد:

    ألاعتبارألأول هوان هيكل ملكية شركة روزنفط يشيران الحكومة الروسية تملك 50% زائد سهم واحد من رأسمال الشركة؛ وهذا يعني ان ألأعتبارات المالية وألأقتصادية (أي الربحية) تحتل اهمية كبيرة للقطاع الخاص الذي يملك بقية ألأسهم وللحكومة الروسية اضافة الى ألاعتبارات الجيوسياسية ( التي سنتاولها لاحقاً).

    اما ألأعتبار الثاني فان روزنفط لايمكن ان تقبل بالتسديد المسبق بشروط لاتعادل ان لم تكن افضل مما قدمته حكومة ألأقليم الى الشركات ألأخرى في هذا المجال. ومن التوقع ان تكون اسعار النفط خلال سنوات العقد الثلاث من اهم هذه الشروط التي تسعى الشركة لتكون لصالحها.

    ثالثاً: المنافسة مع اوالتعويض عن اواضافة الى ترتيبات الدفع المسبق الحالية.

    بدات حكومة ألأقليم عن طريق وزارة الموارد الطبيعية بنشر معلومات عن المبالغ التي سددتها بمجب ترتيبات الدفع المسبق للشركات المعنية وكذلك المبالغ التي استلمتها من تلك الشركات والتي ستسدد مستقبلاً. وقد بدء بنشرتلك المعلومات في شهرحزيران 2016 ثم تم ايقاف النشر كليا بعد شهرتشرين أول/اكتوبر من العام ذاته ولحد الان. وخلال الخمسة أشهرهذه سددت حكومة ألأقليم مايزيد عن 594 مليون دولارمن مستحقات الدفع المسبق وهذا يعاىل اكثر من 22% من اجمالي صادرات نفط ألأقليم خلال نفس الفنرة. كما واستلمت حكومة ألأقليم مايزيد عن 325 مليون دولاركدفع مسبق يتم تسديدها لاحقاً.

    ونظراً لإيقاف حكومة ألأقليم نشرتلك المعلومات منذ شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2016 فليس من الممكن معرفة الرصيد الحالي لترتيبات الدفع المسبق مع الشركات المعنية مثل ترافيكورا وكلنكور وفيتول وبتراكو. وهذايقود الى التساؤلات التالية: هل يكون العقد مع شركة روزنفط منافساً الى اومعوضاً عن او مضافا الى عقود التسديد المسبق التي وقعنها حكومة الأقليم قبل شباط 2017 والتي لازالت سارية المفعول. فاذا كان عقد روزنفط منافساً الى اومعوضاً عن عقود التسديد المسبق فإن عملية ألأحلال هذه قد لاتتطلب زيادة كبيرة في كمية النفط المصدربموجب آليات الدفع المسبق. اما إذا كان عقد روزنفط مضافاً فمن أين ستاتي هذه الكميات الكبيرة ألأضافية خاصة وان الطاقة ألأنتاجية في ألأقليم محدودة نتيجة لتأثر نشاطات الشركات النفطية بألأزمة المالية العميقة في ألأقليم وخاصة في ألأمدين القصير والمتوسط. أغلب الظن ان جميع او معظم هذه  الكميات ألأضافية ستاتي من حقول شركة نفط الشمال التابعة للحكومة ألأتحادية؛ وهذا يقودنا الى الفقرة التالية.    رابعاً: ضرورة تحرك الحكومة ألأتحادية

    عديد من ألأعتبارات ألأساسية تحتم على الحكومة ألأتحادية التحرك وبشكل فاعل وسريع.

    الأعتبار ألأول يتعلق باحتمالية قيام شركة روزنفط بشراء نفط مستخرج من حقول تابعة للحكومة ألأتحادية بدون موافقة هذه الحكومة.

    ألأعتبار الثاني يتعلق بألأجراءات القانونية التي اتخذتها الحكومة ألأتحادية سابقا وعلى المستوى الدولي بشان عدم دستورية صادرات النفط عن طريق حكومة ألأقليم.

    ألأعتبار الثالث ان الحكومة الروسية تمتلك غالبية اسهم شركة روزنفط مما يجعل عقد هذه الشركة ضمن اطار اللجنة العراقية الروسية المشتركة للتعاون الفني وألأقتصادي العاملة وبشكل فاعل منذ ستة عقود. يضاف الى ذلك ان روسيا بحكم كونها عضودائم في مجلس ألأمن الدولي تعلم ان صادرات العراق النفطية (بضمنها النفط المصدرمن ألأقليم) لازالت محكومة باستقطاع نسبة 5% لتعويضات حرب الكويت.

    وألأعتبار الرابع ان البيان المشترك لكتل التغيير والاتحاد الاسلامي والجماعة الاسلامية الكردستانية  طالب "الحكومة الاتحادية ان تقوم بمسؤلياتها الدستورية والاخلاقية لوقف هذا النزيف النفطي والمالي لاقليم كردستان العراق وعدم الوقوف متفرجا على حياة اكثر من خمسة ملايين مواطن عراقي وجره من قبل فئة سياسية فاشلة وفاسدة نحو الهاوية".

    ألأطار الثاني: اتفاقيات الرقع ألأستكشافية ومشاريع البنى التحتية

    اعلنت شركة روزنفط بانها، خلال مؤتمرسنت بيترسبرك ألأقتصادي الدولي- روسيا، بداية حزيران 2017، قد وقعت مع حكومة ألأقليم على مجموعة من ألأتفاقيات بشأن"توسيع تعاونهما في استكشاف وانتاج الهايدروكاربونات، التجارة واللوجستكس (ألأساسيات المساندة)" وحسب بيان الشركة فقد وقع الطرفان "اتفاقية استثمارالتزما بموجبها تطويرتعاونهما في ألأستكشاف وألأنتاج، الاتفاق على التفعيل النقدي (مونيتايزيشن) لانبوب التصديرفي كردستان العراق، والدخول في عدد من اتفاقيات المشاركة في ألأنتاج"  التي يبدو انها تتعلق بخمس رقع استكشافية ذات اهمية جيولوجية مهمة  وغيرها بضمنها مجالات الغاز.

    اضافة الى ذلك قال مستشار الاقليم بيوار خنسي ان «شركة روزنفط ... ستسهم بمساعدة الاقليم في انشاء بعض المصافي » ولكن اعلان روزنفط لم يشرصراحة الى موضوع انشاء بعض المصافي.

    في ضوء ماتقدم يمكن تسجيل الملاحظات التالية:

    أولا: الغياب الشامل للشفافية.

    كما هي الحال في عقد التجهيزات النفطية المشروطة بالدفع المسبق المذكوراعلاه لم يتم نشراو توفيراية  معلومات عن مضامين او شروط اوالتوقيتات الزمبية اوألأحكام التعاقدية وغيرها من ألأمورألأساسية الخاصة بهذه المجموعة من ألأتفاقيات.

    ثانيا:يوجد على ألأقل اربعة انواع من ألأتفاقيات: اتفاقية ألأستثمار، اتفاقيات المشاركة في ألأنتاج الخاصة بالرقع ألأستكشافية، ألأتفاقية المتعلقة بانبوب التصدير واخيراً (ربما) اتفاقية تتعلق بالغاز. ولكن بسبب انعدام الشفافية يصعب تحديد وتحليل العلاقة بين هذه الأتفاقيات ان وجدت ام ان كل اتفاقية مستقلة عن غيرها.مثلاً هل تسري احكام اتفاقية ألأستثمارعلى بقية ألأتفاقيات ام لا وفي هذه الحالة ماذا تغطي اتفاقية ألأستثمارهذه مثل مشاريع البنى التحتية واللوجستكس والمصافي وغيرها ؟ وفيما يتعلق بألأتفاقية المتعلقة بانبوب التصدير هل هي اتفاقية ادارة ام تشغيل (كاملة ام مشتركة) ام تمويل ام مزيج من كل هذا؟  

    ثالثاً: اتفاقيات المشاركة في ألأنتاج الخاصة بالرقع ألأستكشافية

    لم يتم تسمية وتحديد مواقع الرقع ألأستكشافية الخمس؛ هل هي كلها اوبعض منها ضمن محافظات ألأقليم او ضمن "المناطق المختلف" عليها؟ وهل روزنفط هي المشغل وضمن أئتلاف ام لوحدها في كل اوبعض من هذه الرقع؟ وهل كل هذه الرقع من المتنازل عنها ام تتضمن رقع لم يتم التعاقد عليها سابقاً؟ وغيرها الكثيرمن ألأسئلة ألأساسية.

    وعلى الرغم من أو بسبب انعدام الشفافية فأنه يتوقع ان تكون هذه ألأتفاقيات لصالح شركة روزنفط على حسلب مصلحة الأقليم والعراق وذلك للاعتبارات التالية:

    ا- من المعروف ان عقود المشاركة في ألأنتاج التي وقعتها حكومة ألأقليم لحد ألأن تعطي ألأفضلية من النواحي المالية وألأقتصدية وألأدارية والقانونية للشركات النفطية. هذه العقود الموقعة سابقاً تشكل "سابقة قانونية" قوية تمثل الحد ألأدنى الذي يتوقع ان تبني عليه شركة روزنفط موقفها التفاوضي للحصول على شروط اضافية افضل. وان من اهم العوامل المالية وألأقتصادية والتعاقدية التي تستطيع روزنفط التوافض لتحقيقها هي بايجاز مايلي:

    أ- تقليل نسبة الريع (رويالتي) التي تدفع الى حكومة ألأقليم واساس احتسابها؛

    ب- زيادة النسبة المخصصة لنفط الكلفة (كوست أويل) لضمان ألأسترداد السريع لراس المال المستثمر وهذا يعني بالضروروة تخفيض النسبة المخصصة لنفط الربح (بروفت اويل)؛

    ج- تغيير الضوابط المتعلقة بعامل-ار (ار فاكتر) مما يعطي لروزنفط نسبة اعلى من نفط الربح؛

     د- تخفيض نسبة الحصة المحمولة (كاريد انترست) لحكومة ألأقليم مما يعني فعلياً تخفيض حصة الحكومة من نفط الربح؛

    ه-تقليل مبالغ المدفوعات النقدية مثل دفعة التوقيع (سكنجربونص) ومايماثلها اواحتسابها ضمن الكلف القابلة للإسترداد (اي ضمن نفط الكلفة)؛

    و- وفي حالة كون الرقعة ألأستكشافية هي من ضمن الرقع التي تنازلت عنها الشركات النفطية (ريلنكوشد) يكون التقييم المالي لكافة ألأصول والمعلوملت والنشاطات بحدوده الدنيا؛

     ز- اية عوامل اخرى سواء كانت ذات طبيعة مالية اوادارية اوتنفيذية.

    2- في المقابل فان حكومة ألأقليم في موقع تفاوضي ضعيف لايسمح لها، افتراضياً، بتحقيق عقود مجزية للمشاركة في ألأنتاج مع روزنفط اومع اية شركة اخرى. وكما هو موثق ومعروف لدى المعنيين في الصناعة النفطية ألأستخراجية بأنه ومنذ عام 2014 قامت الشركات النفطية العاملة في ألأقليم بالتنازل اوالتخلي (ريلنكوشد) عن 19 رقعة استكشافية وانهاء عقود المشاركة في ألأنتاج الخاصة بها.

    لقد استندت جميع تلك الشركات في قراراتها بالتخلي عن عقود المشاركة في ألأنتاج،رغم مزاياها العديدة لتلك الشركات، الى اعتبارات اقتصادية تتلخص بارتفاع المخاطرة في تحقيق استكشافات نفطية اوغازية مجزية اقتصادياً بما يضمن استرداد راس المال المستثمر ومعدل المردود الداخلي (أي ار أر) المطلوب. ومن الجدير بالذكر ان تلك الشركات تشمل شركات نفطية كبرى مثل أكسوون موبل ألأمريكية وتوتال الفرنسية وشركات متوسطة مثل شركة النفط الكورية و(ام او أل) الهنغارية وشركات صغيرة نسبياً مثل (اويل سيرج) و(برنكو) و(كولف كيستون) و(جنيل انرجي) وغيرها.

    اضافة الى تلك الرقع المتنازل عنها توجد ثلاثة رقع (وهي شورش، ملا عمر وقوشطابا) لازالت معروضة منذ سنوات ولكن لم تنل اي اهتمام؛ وهذا يعني وجود 22 رقعة مطروحة للتعاقد مما يفسح المجال امام روزنفط اختيار افضل خمس منها. 

    كما واوضحت الوثائق السرية المسربة والتي نشرها موقع (ويكي ليكس) في بداية هذا العام الى التباين الواضح في التقييم الأقتصادي والمكمني لبعض الحقول اوالرقع ألأستكشافية بين وزارة الموارد الطبيعية في حكومة ألأقليم ووزارة الطاقة التركية.

    كذلك اوضحت الوثائق ألأسباب الحقيقية التي دفعت أكسوون موبل الى التنازل عن ثلاث رقع (قره حانجير، شرق ارباط وبطواطة) حيث كانت المعلومات ألأولية التي وفرتها سابقا وزارة الموارد الطبيعية في حكومة ألأقليم تشير الى اهميتها ألأقتصادية ولكن عمليات الحفروالتقييم اثبتت العكس!!. علماً ان أكسوون موبل كانت المشغل وبحصة 80% في جميع هذه الرقع الثلاثة.

    وهذا ربما يفسرالحذر الواضح في اعلان شركة روزنفط عن حجم ألاحتياطيات النفطية والغازية في ألأقليم حيث ذكرت انها "حسب تقديرات وزارة الموارد الطبيعية لأاقليم كردستان" . ومن الجدير بالذكر ان تقديرات وزارة ألأقليم للاحتياطات البترولية تعرضت الى تشكيك جدي في مصداقيتها بعد ألتخلي عن 19 رقعة وبعد نشر المعلومات المسربة المشاراليها اعلاه. يضاف الى ذلك ان التقريرالمعد حديثاً من قبل مكدانيل وشركائه قد خفض احتياطيات حقل طقطق من 172 مليون برميل المقدرة في نهاية 2015 الى 59 مليون برميل في نهاية شهراذار من هذا العام، علماً ان الشركة المشغلة لهذا الحقل (جينيل) سبق وان خفضت تقديرات ألأحتياطي الى النصف وذلك في شهر شباط من العام الماضي. كما وتشير معلومات اخرى الى التشابه الجيولوجي بين حقل طقطق  وحقل كورداميل مما قد يعني باحتمالية تخفيض احتياطي الحقل الاخير ايضاً.

    ألأطارالثالث: المذكرة المفتوحة

    افاد مستشار الاقليم بيوار خنسي ان «حكومة اقليم كردستان وقعت مذكرة تفاهم مع شركة روزنفط الروسية في مجال الطاقة"، مؤكدا "ان هذه المذكرة هي الان مذكرة مفتوحة لمدة 4 اشهر لتباحث الوفود ما بين الشركة والاقليم في مجال العمل»، إلا ان قسم المعلومات لشركة روزنفط  لم يشر الى هذه المذكرة.

    المهم في ألأمرهنا ان هذه المذكرة قد تمثل مرحلة انتقالية يتم خلالها اكمال كافة ألأجراءات التنفيذية المتعلقة بالعقود وألأتفاقيات المذكورة في الأطارين اعلاه.

    التموضع الأستراتيجي والجيوسياسي الروسي

    من الناحيةالتحليلية توفرالأتفاقيات والعقود الناجمة عنها فرص ملائمة للتموضع ألأستراتيجي لشركة روزنفط في القطاع النفطي للاقليم من جهة ومزية جيوسياسية لروسيا في الأقليم وتعزيزهذه المزية في العراق وفي المنطقة من جهة ثانية.

    فبالنسبة لشركة روزنفط تمثل هذه ألأتفاقيات الدخول الفعلي الى ألأقليم بعد تعثر المحاولات السابقة وخاصة من خلال شركة اكسون موبل ألأمريكية (التي تربطهما اتفاقيات تعاون في مجال التنقيب في الجزء الروسي من القطب الشمالي).

    ففي شهر شباط 2014 تداولت مصادرالصناعة النفطية الدولية معلومات عن مفاوضات جدية بين شركتي اكسون موبل وروزنفط بشأن مشاركة الثانية في العقود التي وقعتها ألأولى في ألأقليم.

    لم تثمرتلك المفاوضات ولم يتم ألأستمرارفيها ربما لأسباب عديدة منها:

     1- احتلال داعش لمدينة الموصل في منتصف حزيران من عام 2014 ومناطق اخرى لاحقا مما يشكل "مخاطرسياسية/امنية"؛

     2- تزامن ذلك مع بداية الأنهيارالمؤثر في اسعار النفط  مما يشكل "مخاطرمالية واقتصادية" فاعلة؛

     3- احتمالية حصول شركة روزنفط على معلومات تتعلق بتقييم الرقع ألأستكشافية لشركة اكسون موبل والتي كشفتها ويكي ليكس لاحقاً كما ذكر أعلاه، وهذا يمثل تشخيصاً "لمخاطر اعمال- بزنس رسكس"؛ 4- عدم رغبة شركة روزنفط بالظهور وكأنها تقف مع شركة اكسون موبل ضد الحكومة ألأتحادية (ومن الجدير بالذكر ان اكسون موبل سبق ان حاولت في عام 2012 اشراك روزنفط في حقل غرب القرنه 1 في جنوب العراق إلا انها لم تفلح ايظا وقد دخلت شركة (سي ان بي سي) الصينية بدلامنها):

    5- ان قرارالحكومة ألأمريكية ألأخيروالقاضي بعدم استثناء اكسون موبل من العقوبات ألأقتصادية على روسيا (وتعني فعليا التعاون مع روزنفط) قد اضغف الى حد كبير جدا او انهى اية احتمالية للتعاون بين الشركتين في كردستان العراق.

    اما بالنسبة للحكومة الروسية فان هذه ألأتفاقيات سوف تعزز تموضعها الجيوسياسي في كردستان وفي العراق وفي المنطقة للاعتبارات التالية:

    1- ان دخول هذه الشركة الروسية (التي تمتلك الحكومة الغالبية في هيكل ملكيتها) وبهذا النطاق الواسع في ألأقليم ياتي بعد مغادرة او تقليل نشاطات شركات نفطية غربية كبيرة مثل اكسون موبل وتوتال؛

     2- تتواجد شركة روسية اخرى في ألأقليم وهي كازبروم نفط. كازبروم هي المشغل للرقعتين شاكال وحلبجة وبحصة 80% في كل منهما، اما في الرقعة الثالثه كارميان فان حصتها  تبلغ 40% وانها اصبحت المشغل في نهاية شهر شباط 2016 . وهذا يعني ان ثمانية من الرقع ألأستكشافية في الأقليم سيتم ادارتها من قبل شركتين روسيتين وبموجب اتفاقيات المشاركة في ألأنتاج؛

    3- اما في بقية اجزاء العراق حيث عقود الخدمة بعيدة المدى (وليس المشاركة في ألأنتاج) فان الشركات الروسية النفطية تساهم في حقلين نفطيين وفي رقعتين استكشافيتين. شركة كازبروم هي المشغل لحقل بدرة وبحصة 30% (من اجورالخدمة قبل استقطاع ضريبة دخل الشركات النفطية)؛ وشركة روزنفط هي المشغل للرقعة ألأستكشافية 12 وبحصة كاملة وذلك بعد استحواذها على هذه الرقعة من شركة روسية اخرى وهي باش نفط وانسحاب شركة بريميم اويل من هذه الرقعة في نهاية عام 2015 .

    اضافة الى روزنفط وكازبروم فان شركة لوك اويل هي المشغل لحقل غرب القرنة2 العملاق وبحصة 75% (من اجورالخدمة قبل استقطاع ضريبة دخل الشركات النفطية) بعد انسحاب شركة ستات اويل النرويجبة مباشرة بعد توقيع العقد المعني. كذلك ان لوك اويل هي المشغل للرقعة ألأستكشافية 10 وبحصة 60%. ومن الجديربالذكرانه تم استكشاف النفط في هذه الرقعةو يعتقد بانها كبيرة وبنوعية جيدة (وتفاصيل النتائج قيد التقييم).

    وفي الوقت الذي عززت فيه الشركات النفطية الروسية دورها في وسط وجنوب العراق ،انحسر دور الشركتين الامريكيتين بشكل كبير. فقد انخفضت مساهمة أكسون موبل في حقل غرب القرنة1  الى 32.7% بعد دخول كل من سي ان بي سي الصينية وشركة بيرتامينا ألأندونيسية رغم احتفاظها بدور المشغل. ثم تنازلت شركة أوكسيدنتال (أوكسي) الى الحكومة العراقية عن كامل مساهمتها في حقل الزبير البالغة 29.69%.

    4- ان مساهمة شركة روزنفط في انبوب تصديرالنفط في ألأقليم (بطاقة 700 الف برميل يوميا ومخطط زيادتها الى مليون برميل يوميا) يحتم بالضرورة (من النواحي القانونية والسيادية والعملياتية) التنسيق مع وموافقة كل من الحكومتين العراقية والتركية. وهذا يوفرفرصة تأريخية لروسيا ان تلعب دور "الوسيط النزيه" الوحيد الذي بامكانه التقريب بين وجهات نظرالأطراف الثلاثة: الحكومة ألأتحادية وحكومة ألأقليم والحكومة التركية. وقد يتوسع هذا الدورالروسي تدريجياً من أمورتتعلق بانبوب تصديرالنفط الى مسائل اقتصادية وسياسية مهمة ومعقدة.

    ومن الجديربالتذكيرهنا بدور روسيا وتعاونها مع منظمة ألأوبك وكذلك بدورالشركات النفطية الروسية المحتمل في تطوير الحقول الواقعة غرب ايران وتاثير ذلك على الحقول الحدودية المشتركة مع العراق.  

    حبل ألأنقاذ ألأخير لحكومة ألأقليم

    باختصارشديد وكما هو معروف وواضح فأن حكومة ألأقليم تعاني من ازمة اقتصادية شديدة خانقة تعود في مجملها الى سياسات وممارسات الحكومة ذاتها، باستثناء انهيار اسعارالنفط العالمية منذ منتصف 2014 . فانعدام الشفافية وتفشي الفساد وانخفاض عوائد تصديرالنفط بسبب حجم الخصم من سعرالبيع المرتبط بألأسلوب الملتوي لعملية شحن الصادرات وتراكم المديونية الخارجية ومستحقات الشركات النفطية التي لم يتم تسديدها تشكل كلها عوامل مؤسسة وفاعلة في تعميق ألأزمة المالية. يضاف الى ذلك  الفشل الواضح في ادارة وحوكمة القطاع النفطي في ألأقليم حيث اثبتت نتائج التحكيم الدولي المتعلقة بدعاوى شركتي داناغاز وبيرل مدى قصرالنظرفي ادارة عقود مجحفة بألأساس.

    عندما وقعت حكومة ألأقليم وبشكل سري عقود مشاركة في ألأنتاج مع شركة أكسون موبل اعطت لتلك العقود اهمية "عسكرية" واعلن وزيرالموارد الطبيعية عن بداية موسم "ألأندماج وألأستحواذ" الكبير مشيراً اوهادفاً الى سيطرة الشركات الكبيرة على الصغيرة. وربما تم ممارسة مأيسمى باسلوب ازدحام الدفع للخارج (كراود اوت) من قبل الوزارة. وهاهي اكسون موبل تتخلى عن ثلاث من الرقع وهناك شك كبيرباحتفاظها بالثلاثة الباقية. وكما ذكرأعلاه تنازلت الشركات النفطية عن 19 رقعة رغم انفاق الملايين من الدولارات ولم تتقدم اية شركة للاندماج اوألأستحواذ على اي منها.

    ان ضخامة الديون ومستحقات الشركات ومبالغ التعويض نتيجة التحكيم الدولي (في حالة اقرارها نهائيا) تعني من الناحية الفعلية ارتهان الأقليم لعدة عقود قادمة. ونظراً لأن جميع هذه ألأستحقاقات تعود لمصادر/ شركات خاصة وليست حكومية اوسيادية فان احتمالية ألأعفاء منها معدومة الى حد كبير. ولكن يمكن جدولتها وبذلك يقع ألأقليم في "مصيدة المديونية" التي ستستنزف موارده لعقود طويلة قادمة على حساب حقوق ورفاهية الشعب الكردي.

    كتب ألأعلامي الكردي شيرزاد شيخاني حديثاً "اليوم يرزح الإقليم تحت وطأة ديون تقدر بـ30 مليار دولار، وهناك دعاوى أخرى من شركة داناغاز الإماراتية تطالب بتعويض ما يقرب من 26 مليار دولار ما يعني بأن إقتصاد الإقليم لن تقوم له قائمة إلا بعد خمسين عاما." وقال رئيس لجنة الموارد الطبيعية في برلمان كردستان شيركو جودت خلال تصريح صحفي يوم 30 مايس: ان سبب تراكم الديون على اقليم كردستان يعود الى الاخطاء الستراتيجية في العقود النفطية، بالاضافة الى انعدام الشفافية وسيادة القانون والتخبط في ادارة ملف النفط والغاز، هذا بالاضافة الى العقد الذي ابرم بين حكومة اقليم كردستان وتركيا، وكل هذا جعل واردات النفط والغاز غير معلومة، وتسبب في تراكم الديون على اقليم كردستان.

    في ضوء ماتقدم هل تكون هذة ألأتفاقيات مع روزنفط حبل ألأنقاذ الوحيد وألأخير لحكومة ألأقليم ومستقبله ألأقتصادي بعد الفشل المزري لكل السياسات السابقة وخاصة النفطية منها؟ وهل ستقوم حكومة ألأقليم بمراجعة وتغيير سياساتها الخاطئة والمدمرة ام تستمر بنهج التفرد وألأنكار وعسكرة الموضوع؟

    الحكومة ألأتحادية ووزارة النفط – صمت محير ومدان

    على الرغم من مرور حوالي اسبوعين لتوقيع هذه ألأتفاقيات في محفل سنت بيترسبرك ألأقتصادي والذي حضره ايظاً وزيرالنفط العراقي، وعلى الرغم من مروراربعة اشهرعلى توقيع عقد التجهيزات النفطية  إلا أن الحكومة ألأتحادية ووزارتها النفطية التزمتا الصمت المطبق والمحير! فهل ألأمرلايعنيهما ام انهما لم يعلما من ألأمر شيأً ام الصمت من علامات الرضى ام كل ذلك!!!.

    والغريب في ألأمر ان وزيرالنفط لم يتطرق مطلقا الى هذا الموضوع خلال ترأسه لأجتماع هيئة ألرأي في الوزارة حيث لم يتضمن خبرالمكتب ألأعلامي للوزارة والصادرهذا اليوم اية اشارة للموضوع!!  

    المعلومات اعلاه تشير الى ان لتلك الاتفاقيات تاثيركبير وفاعل ليس على اقليم كردستان وحسب بل على العراق ككل ايظأ من النواحي ألأقتصادية والسيادية والدستورية والسياسية والعلاقات والالتزامات الدولية.

    وعليه فان كل من الحكومة ألأتحادية ووزارة النفط ملزمة دستوريا بتحديد موقف واضح لالبس فيه بشأن هذه ألأتفاقيات التي تتعارض وبشكل واضح وصارخ مع الدستور. ونفس ألأمر ينطبق على البرلمان ألأتحادي وكافة الكتل وألأحزاب والمواطنين وخاصة المعنيين بالشأن النفطي.


    نظرا لاهمية الموضوع ارجو توزيع هذه الورقة على اوسع نطاق ممكن وخاصة داخل العراق وبالخصوص في اقليم كردستان.


    النرويج

    12 حزيران 2017
    Ahmed Mousa Jiyad,
    Iraq/ Development Consultancy & Research,
    Norway.
    Mou-jiya(at)online.no
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media