ويتنعمون بقدسية المسجد الأقصى
    الأربعاء 21 يونيو / حزيران 2017 - 04:13
    ضياء الحكيم
    باحث وكاتب سياسي
    "لا يهمك  من يتبنى عنصرية الدين للتفرقة والربح . كن ضد من يمارسها"
    للسياحة  دور مهم في اقتصاديات ضخ العملة الصعبة و التجارة الحرة بين دول العالم . ولم يخطر على البال مناقشة وتقييم موارد السياحة مع الدكتورة الفلسطينية حنان عشراوي عند زيارتها لمعهد الدراسات العالمية في مونتريه - كاليفورنيا . حينها، كانت معطم المناقشات تدور حول الأنتفاضة ومعاهدة السلام الموقعة مع إسرائيل . ومؤخراً ، وبعد إنتخاب إيمانويل ماكرون رئيسا لفرنسا، بينت المناضلة الفلسطينية رأيها بكل وضوح ومن جديد  بأنه " لا يوجد سلام اقتصادي، وإن أي خطوة اقتصادية يجب أن تكون جزءا من خطة سياسية وقانونية لإنهاء الاحتلال العسكري وإقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية،  وإن الحل العادل للقضية الفلسطينية هو مفتاح الاستقرار والسلام الإقليميين مع العرب وفقا لمبادرة السلام العربية”.
    رغم ان السياحة الفلسطينية تضم إرثا حضاريا وتاريخيا ودينيا لا مثيل له في اي بقعة في العالم الا ان موارد السياحة والسواح السنوية وعائداتها المالية لا تستند على أي قيم وحقوق معروفة قانونية لسكانها الأصليين ،ولايحق للفلسطينيين مراقبة سيل مجراها . ولا زالت تواجه التحديات الجمة والمعقدة ممن أفضل أن أطلق عليهم كلمة  The  Profiteers التجار اليهود المستغلين للناس وقت الأزمات والحروب ، والتي أدت إلى بقاء السياحة ومساهمتها في الناتج المحلي الاجمالي ضعيفة جدا حيث لا زالت  اسرائيل تستولي على حوالي ٩٠بالمئة من العائدات السياحية الفلسطينية وتحصرها بيد الحكومة الأسرائيلية ، علما بان ملايين السياح الوافدين يأتون لزيارة المعالم الدينية التاريخية الفلسطينية في الضفة الغربية من مدينة القدس القديمة الى البحر الميت حيث تقف مؤسسات وشركات الدعاية الاسرائيلية مع سلطات الاحتلال دون شرعية دولية وتقيّد يد السلطة الفلسطينية الشرعية من قوت الشعب المحاصر وسلب حقوقه التي ترعاها الأديان وكل المنظمات الأنسانية الدولية .
    بكلمة أخرى أقول ان الضغوط النفسية والأقتصادية والمالية التي مارستها إسرائيل على الشعب الفلسطيني وأستحقاقاتهم المالية داخل أرضيه المحتلة المقدسة كانت ولازالت قمة الأرهاب  والأضطهاد العنصري والتفقير المتعمد وأقصى درجاته الدينية تطرفاً والتي يراها السائح بعينيه خلال مروره بممرات ونقاط تفتيش وأبواب وشوارع محاصرة تصله من والى القدس القديمة والمسجد الأقصى والحرم الشريف وبيت لحم والصلاة في كنيسة المهد محل ولادة سيدنا المسيح ، واضعة إياهم تحت حصار مضاعف  حيث يعيش أكثر من 200 ألف يهودي في الضفة الغربية وتصل شركاتهم التجارية الى مناجع ضفاف البحر الميت ، مع أن  المجتمع الدولي سمح لإسرائيل بمعاملة المقدسيين بصفة مواطنين في المدينة .  هذا الإضطهاد العنصري أعطى  إسرائيل كامل الصلاحيات بالتصرف بأراضيهم وبمواردهم واستئثار شركات التجارة اليهودية.
    وصلب الموضوع ومحوره هو الحق الديني التاريخي الذي تنعم به إسرائيل بأموال السياحة للأماكن  المقدسة الواقعة في الأراضي الفلسطينية . الأهانة اليهودية للمؤسسات الدينية العربية و للمجتمعات الدولية الصامته عن سياسة أسرائيل المتعمدَة في خلط الإرهاب بالمقاومة الفلسطينية لأغراض إيهام الرأي العام بأن الأمن هو سبب هذه السياسة وكأن الشعب الفلسطيني ضد السائح وديانته ، وهو ما تعتمده الحكومات الإسرائيلية منذ قيام كيانها  التوسعي الاستيطاني وتجريد المسيحيين والمسلمين من حقوقهم في ممتلكاتهم وإستغلال أرضهم والعقدة المتأصلة في عدم توزيع الثروة بعدالة ومساواة ، مادام الشعب الفلسطيني واقع تحت طائل الأحتلال الأمني العسكري الأسرائيلي.
     
    وعقدة دحض جدل السياسة الأسرائيلية وأساطير من ينعم بالأرض والعيش فيها لا نهاية لها ، وتبدأ من زمن همجية فرعون مصر وقصص التوراة عن اسطورة عصا موسى السحرية الى الجدل الأسرائيلي الحالي للقرن الحادي والعشرين والإستمرار في غرس الكيان الصهيوني، تعاليم الخوف في نفوس أصحاب الارض والسلطة الفلسطينية القنوعة ، ونصوص قادة الصهيونية العالمية وتعبأة أفكار الحكومات على  أن السلام لن يعم في الأراضي المقدسة إلا بقبول وإعتراف كل أطراف العالم بصحة وصواب إختيارات الحقيقة برؤية الحكومات الأسرائيلية وكمال جدل حاخاماتها .
    ترعى المؤسسات الأسرائيلية سيل موارد السياحة والسواح السنوية  وعائداتها المالية ومجراها وتوزيعها ، ويعتبر سيل مجراها وتوزيعها من نِعم الله على الشعب الأسرائيلي . وقناعة السلطة الفلسطينية بدخل يسير من وارد السياحة السنوي للعيش . فالنسبة الأعلى للموارد المالية الأسرائيلية من السياحة هي % 53 من السواح المسيحيين والمسلمين و %28 من السواح اليهود. ويصل الى إسرائيل لزيارة المراقد الدينية 3.54 مليون شخص.  ويرافق زيارتهم زرع الإشاعات المزعومة بان فلسطين مكان يفتقد فيه الأمن للسياح الأجانب مما يجعل الملايين من السياح ياتون لزيارة الأماكن التاريخية والدينية في الضفة الغربية لساعات ثم العودة الى اسرائيل للإقامة في فنادقها.
    الأرض مقدسة للبعض ومدنسة للأخرين بعد عمليات تهجير لا إنسانية لأهل الارض الاصليين وجلب اليهود من أطراف العالم الشرقي والغربي للأستحواذ على أرضهم بكل الوسائل العنصرية الدينية الخبيثة ومنحها وتخصيص أراضيهم إدارياً "كمؤسسات تابعة للدولة " وتصنيفها كمؤسسات راضخة تحت الأحتلال في الضفة العربية مع ان قراراتها ومعطياتها تتعارض  مع القانون الدولي، والمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة.
    كما أن طمس المعالم الحضارية والمواقع الاثرية التاريخية الفلسطينية والكنعانية وتدمير معالمها والكنوز الوطنية التي تشكل عمادا لأحدى أقدم الحضارات في العالم على ارض فلسطين حيث تقع النسبة الكبرى منها . وهي أيضاً ، لم تسلم من السيطرة والتحكم التعسفي ، حيث تمنع اسرائيل إجراء اي اعمال تنقيب او ترميم لتلك المواقع لتكون مراكز جاذبة للزوار الوافدين لمقدساتهم والصلاة فيها .
    فتحت دول عربية للدولة اليهودية  بوابة للسلام والحرية والأمن للشعب اليهودي والفلسطيني  كي ينعم الشعبين والسواح الوافدين بألامن والأستقرار في "القدس القديمة والمسجد الأقصى وبيت لحم ورام الله ونابلس ونهر الأردن والبحر الميت ".
    أما من " يتنعم  بأموال الأماكن المقدسة " في الأراضي المحتلة فأنها مسألة إستغلال مادية  وسياسية ودينية وأخلاقية  وتحتاج المعرفة والتعريف والتقييم .

    ضياء الحكيم 
    باحث وكاتب سياسي
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media