بمناسبة عيد الفطر
    الأثنين 26 يونيو / حزيران 2017 - 05:33
    راغب الركابي
    ثمة كلمة في مناسبة العيد ، أحببت التذكير بها طمعاً في أن تصل هذه الكلمة لمن يهمه الأمر ، فيُعدل من ميزان وقوام وحركة الدولة ، وقبل كل هذا وذاك اتقدم بخالص التهاني مشفوعة بخالص الأمنيات لشعبنا في العراق وشعوب منطقتنا والعالم ، أن تعيش الحياة من غير عُقد وتفاوت على أمل أن يكون ذلك قريباً ، وأقدم التهنئة الخالصة لرجال القوات المسلحة والحشد الشعبي على كل تضحياتهم ودمائهم ، متمنياً لهم النصر القريب والبشارة الكبيرة .
    وكلمتي في مناسبة العيد تتلخص بالقول : كفى هذا التشظي الذي خلفه المحتل عبر تقسيم البلد إلى طوائف ، وإني أجد هذا بمناسبة العيد المختلف فيه في البلد الواحد بين من أعلن ثبوته وبين من أجل فرحته ، وأنا على يقين إن من صنع هذا الوضع أخذ في صناعته السيئة الحالة البائسة في لبنان مثالاً ، إذ ليس من الحكمة ولا من الدين أن يكون للعراق خمس أو ست دوائر أوقاف ، وكل وقف له وضعه وميزانيته وحتى في رؤيته لهلال الشهر الفضيل ، وهذا دليل على أن البلد عقيم ومن حكمه كذلك كانوا ، ولا أدري كيف يحق لرجال دين يتحدثون عن الوحدة الوطنية ويصمون أسماعنا عنها وهم من يصنعون الفئوية والطائفية ، وهنا ألتفت لأقوال لأخي رئيس الوزراء ، ألم يحن الوقت لكي يكون للعراق وقفا واحد ؟ وأليس من الأجدر ان يكون للعراق وزارة واحدة تشرف على كل المفاصل التي تتعلق بهذا الشأن وغيره ؟ وأليس من اللائق أن يكون للعراق عيداً واحداً ؟ ، يصدر عن هيئة متخصصة من رجال دين وفلكيين وأهل خبرة من الجميع و تجتمع ثم تدلي بدلوها في هذا الشأن !! ، ومن ثم تعلن ما توصلت إليه بالدليل على أن يكون ذلك نافذاً على الجميع و مجمع عليه منهم .
    القضية أيها الأخوة ليست قضية عويصة ولا تحتاج إلى كثير عناء ، وليست هي من المسائل التي تتعلق بفتاوى الحيض والنفاس ، حتى يمكن القول أن فيها لذلك الشيخ الفلاني أو العلاني ، قضية العيد هي قضية وطن ودولة ، وهي من المسائل التي يرتبط فيها الشرع بالعلم ، ومناطها رؤية الهلال التي هي من الشؤونات الفلكية التي تعتمد على الرؤية العلمية ، والتي هي أبداً لا ولن تكون على عكس المُراد الشرعي من القول المأثور - صم للرؤية وأفطر للرؤية - وكلنا يعلم إن مفهوم الرؤية هو المطلوب ، وقد وفر العلم للكائن البشري طرائق يهتدي بها للنجوم والأجرام ، ومن هنا فحاجتنا أرتبطت بهذا العلم الذي أخترق آفاق السموات والأرض بسلطانه ، .
    مؤسف جداً لنا ولغيرنا ونحن نسعى ليكون بلدنا واحداً ، مؤوسف أن ندع شؤوناته وقراراته بعيدة عن الهيئات العلمية والشرعية المتخصصة ، وفي كل عام وفي كل عيد يحدث هذا الشرخ ويشعر الإنسان في العراق إنه ليس واحداً ، ودعوني أقولها بصراحة : أن من أسس بنيانه على جرف هار فليحتمل الزوال والهلاك والإندثار ، لكني أقول : إن الوقت لم يزل ولا زال في الوقت ما يمكن تداركه ، ولقد سمعت من أصدقاء إن النية قائمة على إعادة العمل بوزارة الأوقاف من جديد ، خطوة إن حدثت فإني معها من غير حدود .
    دعونا أيها السادة نضع اللبنات الحقيقية للوحدة التي تبتدأ من صغائر الأشياء ثم تكبر مع كبيرها ، خاصة ونحن على أعتاب الفتح الكبير ونهاية عصر الظلام والإرهاب ، ودعوني أقول أن هناك جهود طيبة تبذل في هذا الإتجاه ولا يعجز المخلصين من صنع ما يجعل من العراق أقوى .
    بمناسبة العيد كلمتي هي للجميع الدفع بكل ما يجعل من وحدتنا أقوى ، هي إرادة تحتاج إلى رجال من الطراز الذي يصنع الحدث ، وفي العراق كم هائل من هؤلاء الرجال فإليهم أقول كفى هذا التشظي وكفى أن يكون لكل واحد رأيه ومواله ، الدول لا تكون إلا بالوحدة ودونها الضياع .
    وكل عام وشعبنا وجيشنا وحشدنا بخير وعيد سعيد للجميع

    راغب الركابي 
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media