امنعوا النقاب فى الأماكن العامة
    الأربعاء 5 يوليو / تموز 2017 - 21:04
    عادل نعمان
    كاتب وإعلامي مصري
    إذا كان النقاب عادة وليس عبادة، وليس فريضة من الله أو سنة عن رسوله، أو مندوبة تثاب عليه من ترتديه أو تؤثم فيه من تتركه، وهو شىء ماسخ لا طعم له ولا رائحة ولا مذاق، ولا وزن له ولا ثمن «ولا يؤبه به أو له» (كما قالها أحد مشايخهم) ومعناها.. لا يلتفت إليه ولا يحتفل به لضآلته وحقارته. تحمله إلينا تارة أساطير الأولين، حين كانت الشياطين تنزل من السماء لمضاجعة النساء فى الطرقات، وكانت النساء تغطى وجهها وشعرها، فيضل الشيطان عنهن. وتارة تحمله إلينا أعاجيب العهد القديم فى الديانة اليهودية، وورثته نساء المسلمين من سبايا بنو قريظة وبنو قينقاع، أو حملته إلينا أزياء الصحراء وطبيعتها الجافة، وشمسها الحارقة ورمالها المتحركة، ورياحها التى تعمى العيون، حتى تتغلب النساء والرجال أيضا على قسوة الصحراء. وإذا كان قد فرضه تاريخ ذكورى قديم مجهول مهووس بالنساء، جعلها للمتعة نظير مأكلها ومشربها وكسوتها، واحدة فى الشتاء وأخرى فى الصيف، واختلفوا فى علاجها وفى كفنها. وآمن به رجال على مر العصور جاء على هواهم، فحبسوا عقلها فى زيها، كما حبسوا جسدها فى بيتها، فلا تخرج منه حتى للعبادة، وانطلقوا يستمتعون بما طاب لهم من النساء المسبيات وملك اليمين فى نزق وهوس، واعتنقته نساء رضيت بالخضوع والخنوع والاستكانة واعتبرته قربى إلى الله.

    وإذا كان النقاب فريضة يفرضها الإسلام الاجتماعى على المجتمع، يصيبه بالسواد، يغشى عيون أمة بالجهالة والحماقة، ويغلف ويطمس ما تبقى فيها من الجمال، ويطبع شكله القمىء على وجه المجتمع لونا متشحا بالسواد، ورائحة بطعم الموت، ودربا مظلما مقفرا تشاركنا فيه أشباح مجهولة المسير والمصير. وإذا كان النقاب فريضة سياسية، فرضه الإسلام السياسى، يمارس بها ضغوطه وسلطاته السياسية على المجتمع، وينذر أولى الأمر بحجمه وسطوته، وتسلطه على فكر وعقل الناس، ونفوذه وهيمنته واحتكاره لدين الله، ومساحة قماشته وغطائه على جسم الوطن، فيؤخذ رأيه فى الاعتبار، ويصبح جزءا من المعادلة لها وزنها وقيمتها، ويفرضه حيث ومتى شاء، ويستدعى فى المناسبات ليرجح به كفة على الأخرى، ويستقوى به على الآخر، وإذا كان النقاب قد أصبح حاجزا وساترا لارتكاب الموبقات والفواحش، وطريقا سهلا للتسول والسرقة والنصب والاحتيال وخطف الأطفال، وغطاء للعمليات الإرهابية، وهروب المطلوبين واختفائهم. لكل هذا وأقل، فلا سبيل سوى منعه منعا باتا فى الأماكن العامة، وفى المستشفيات والمدارس والجامعات والمصالح الحكومية جميعها، فالأمر أصبح يهدد سلامة المجتمع وأمنه، ولا يصح أن يقف المجتمع خائفا من سياط رجال الدين، أو فتوى التجار فى محلات الفتاوى، أو تكفير المشايخ المضللين، فليس النقاب معلوما من الدين بالضرورة، ولا فريضة يكفر الحاكم إذا حجبها ومنعها، وليس مندوحة لأغنى للنساء عنها لسلامة دينها، ولا عة لا تكتمل إلا به. فليس لدى هؤلاء دليل شرعى واحد عليه، فإذا كان البعض منهم يراه وسيلة لغض بصر الرجال عن النساء بفرض النقاب عليهن، فيكون ووفقا للآية المقررة مطلوبا فرض النقاب على الرجال لغض بصر النساء عن الرجال أيضا، وهو تفسير منطقى للآية (قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30) وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا) والتكليف شامل الرجال والنساء. النقاب ظاهرة سلبية مدمرة ومعطلة لحركة المرأة والمجتمع، مانع لنهوض المرأة ونجاحها، يساوى بين العلم والجهل، والذكاء والغباء، يجمع بين التخلف والتمدن فى لباس واحد، يغطى ويستر القبيح من الأعمال التى وجب على المجتمع كشفها وفضحها حتى نميز الخبيثات من الطيبات، والعفيفات من العاهرات. إن انتشار ظاهرة تسول المنتقبات فى الشوارع وخطف الأطفال إساءة بالغة للمجتمع،

    وصورة من صور القبح التى أصبحت تغطى شوارعنا دون خجل أو حياء ودعوة لانتشار الظاهرة، ووجب على الدولة محاربتها دون حرج أو خجل فعواقبها وخيمة ومخيبة ومخزية، ولا يصح أن تقف الدولة عاجزة عن منع هذا الزى فى المستشفيات فهو يعوق حركة الممرضات وناقل للأمراض، وحظره فى المدارس والجامعات والمصالح الحكومية بأنواعها حتى يأمن ويأنس المواطن لمن يتعامل معهن، فليس كل لقاء بالمرأة يكتنفه الشيطان أو يتربص بهما يدفعهما للفواحش، فأى شيطان هذا المتربص دوما بنساء المسلمين ورجالها، حتى إذا اجتمعا للحظة، تنزو الرجال على النساء يطلبن المجامعة كما البهائم (كما قال ابن تيمية)، وليست المرأة كلها عورة كما قالها أبوهريرة فإذا خرجت استشرفها الشيطان. أى شيطان هذا القابع لنساء المسلمين فى انتظارهن صباح مساء فى العمل والشارع والمساجد عن دون نساء خلق الله لغوايتهن وجرهن للفواحش، هل نساء المسلمين أضعف من نساء الغير؟ ولماذا المرأة فقط؟ ويطلق الحبل على الغارب للرجال من الزيجات والإماء والسبايا والحور العين. إمنعوا النقاب من الأماكن العامة والمصالح الحكومية، ومن أرادت القرب على هواها، فلتلزم بيتها.

    adelnoman52@yahoo.com

    "المصري اليوم"
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media