عرب يتقاطعون أم يتقطعون؟!!
    الأحد 16 يوليو / تموز 2017 - 04:49
    د. صادق السامرائي
    التقاطع يعني ضرب العزلة على بلد عربي من قبل بلدان عربية , وهو سلوك مروع وخطير التداعيات والتفاعلات , وينجم عنه ما لا يخطر على بال من الويلات المتراكمات المتوالدات , وقد كرر العرب هذا السلوك وما إتعظوا ولا تعلموا منه درسا واحدا.
    فعلها العرب مع مصر , وكان أغبى قرار تسبب بإنهيارات وخيمة في الوعي العربي والمفاهيم والمنطلقات , التي كانت تتحكم بالمسيرة العربية منذ بدايات النصف الثاني من القرن العشرين.
    وفعلها العرب ثانية وثالثة مع العراق , وأسهموا بفعالية وثقل كبير في تدميره وترويع وتجويع أهله وقتل الملايين من الأبرياء , حتى إنتهى الحال إلى ما هو عليه اليوم , وأعادوها في سوريا واليمن , واليوم تدور الدائرة على قطر الورقة المهمة في لعبة شفط الثروات العربية.
    ولا جديد في الأمر , فالفعل مشحون بالغباء وتأدية مراسيم التبعية والخنوع وعدم وعي المصالح العامة للأجيال , ونتائجه معروفة وتداعياته متفاقمة , والخسائر تتنامى وهدر الثروات في أوجه , حتى ستخلو خزائن العرب من عائدات النفط الذي أخذ الهزال يدب في أبقاره التي لن تدوم حلوبا , وإن أضرعها ستجف فتهلك وتتدثر برمال الصحارى اللاهبة الرمضاء.
    فالعرب لا يتجرؤون ولا يقدرون على مقاطعة ومحاصرة إلا العربي من أبناء جلدتهم , فهم على أخوتهم أسود وذئاب وعلى أعدائهم أرانب وفئران , ولا يعرفون سوى تأدية مراسيم الإذعان والتوسل للبقاء في كراسيهم , وتقديم الخدمات اللازمة لتحقيق مصالح الأسياد والأعوان , وذوي القرار والأمر القاطع الرنان.
    إن فعل المقاطعة ليدل على رغبات إنتحارية وطاقات تدمير ذاتية كامنة في السلوك العربي , وكأن هناك إستعداد موروث للتبعية والخنوع والإذلال والإستعباد , فالأمة تبدو وكأنها أمة أتبع وأخنع وأتوسل وأتذلل للقوي المهيمن الفتاك , وتجدها قد تناست أو أنكرت " إياك نعبد وإياك نستعين" التي تكررها في اليوم ما يقرب من عشرين مرة ولا تدرك فحواها.
    فالعرب عندما يقاطعون أخاهم العربي يستعينون بالأجنبي عليه , ويستحضرون أعداءهم عونا لهم على أخيهم العربي , وشواهد العراق واضحة ودامغة , وكذلك دول الوجيع العربي المتورطة بدائها وخرابها , وهي تساهم في الإنقضاض على ذاتها وموضوعها , بإرادات أجنبية وعربية متحالفة للنيل من الأخ العربي الذي يوضع في خانة الأهداف المرسومة.
    ومن المعروف أن الذي يتقاطع سيتقطع , أي سيكون إربا إربا , وهذا هو المطلوب على المدى البعيد , فالتقاطع في المدى القريب , سيلد التقطيع المروع في المديات الستراتيجية المحسوبة بدقة العارفين والمهندسين لآليات السلوك في بلاد العرب أوطاني.
    وأن الدول التي تقاطع ستتقطع , وأن دائرة التقاطع ستدور عليها وبلا إستثناء , مهما توهمت وطاردت سرابات القوة والأمن والأمان , فالمشروع واضح وساطع , والعرب لا يرونه أو أنهم يغمضون أعينهم ويتغافلون أو يتجاهلون , أو يستمرؤونه ويؤدون أدوارهم فيه وهم إلى جحيمات السعير يتسابقون.
    تلك وقائع التقاطع والتقطيع العاصفة في دنيا العرب , وهم صاغرون!!
    فهل من هبة نحو صراط عربي مستقيم؟!!

    د-صادق السامرائي
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media