الشَّبَهُ بَيْنَ دبَّابَةِ "الميركافا" وَ"تِينَةِ" جَدِّي
    السبت 12 أغسطس / آب 2017 - 04:50
    أبو تراب كرار العاملي
    هناك في أرض الشموخ ومواطن العز، بين جبال الكرامة ووديان المَهابَة، في إحدى قِمَم جبل عامل الأغرّ، يُحكى أنّ جَدِّي - الذي لم أدركه في وَعْيِي - قد زرع تلك التّينَة، بل مجموعة من أطيب التّينات التي ما زالت شامخة الى يومنا هذا كشموخ أرضها، حيث طيبتها تعكس طيبة قلبه وبياض فؤاده، وبقية سُمعته الحسنة أتركها لأفواه مَنْ عاصروه وأدركوا حُسْن أخلاقه. طِيبُ مَذاقِ هذه التّينات يتجلى بحبائل القَطْر المُتَدَلِّية منها وكأنها تنادي الأحبة لِيَهُمّوا بقطفها، وحلاوة طَعْمِها تتجسّد بِتَفَتُّحاتِها التي تشبه ابتساماتِ استقبالٍ لِكُلّ المقبلين عليها. وفي بعض الأحيان، ومن شدة استوائها تتساقط هاوِيَةً على ذلك التراب الطاهر لِتَتَفاوَح عبائرُها النَّسيمِيَّة فَتُحاكي سقوط "أسطورة" دبابة الميركافا الإسرائيلية في حرب تموز  2006، هذه الأسطورة التي تحولت الى أُلعوبة دُمْيَوِيَّة عند أقدام مجاهدي المقاومة الإسلامية في وادي الحجير. فالعامل المشترك بين الحالتين هو السقوط، إلا أن الأول هو سقوط طَوعي يُعَبِّر عن تواضع هذه الحبات النقية وتواضع زارعها، فيزيدها شموخاً ويُحَلّي من عذوبتها، أما الآخر فهو سقوط قَهري تَذَلُّلي قد أُمْرِغَت أُنوف أفراده في تراب أرضنا الأَبِيّ، وَكَأَنّي بهذا التراب يستمدّ طهارتَه من عرق أقدام المجاهدين الممتزج بعسل التين المتساقط فَينفجر منهما نَهْرٌ على إحدى ضفَّتيه شعبٌ مقاوم يكسوه رداء الشرف، رافعاً هتافات النصر وأصوات التهليل لِيُسمِع العالم - الذي اجتمع لإبادته وسحق سلاحه - بأن خسئتم وتَعْساً لكم، فنحن قوم لا نُقهَر ولا نخضع، بل أن جيوش الاستكبار وجحافل الطغاة هي التي تهوي عند أعتاب مجاهدينا، فتُصبح عِبْرةً لكل ماكرٍ يتربَّصُ بنا سوءاً، وشواهد الكلام وآثاره هي على الضفة الأخرى من النَّهْر، حيث بكاء جنود العدو ونحيبهم وفرار ألويتهم كفرار الفئران من القِطَط وهروب النِّعاج من الذئاب. ومن هذا السقوط الى ذاك، تتساقط سلسلة من مشاريع الاستكبار الغربي التي تجتاح منطقتنا تحت مُسَمَّيات مختلفة وعناوين متبعثرة، "شرق أوسط جديد" وغيره، لِيكتب التاريخ وتُؤرِّخ الأجيال أنّ "تِينَةَ"جَدِّي، وبمقدار ما يَتَعَذَّبُ مَذاقُها في ألسنة الأهل والأحباب وجميع الشرفاء والأحرار، تزدادُ مرارةً في حَلْقِ كل معتدٍ غاشم وعدوٍّ ذليل. رحمَ اللهُ جَدِّي وجميعَ المؤمنين الطيِّبين، وأعزَّ اللهُ مجاهدينا الأبرار، وطوبى لسواعدهم المباركة التي أَذَلَّت هذه "الأسطورة المزعومة" و "الأكذوبة المُضحِكة".
    [ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون].

    خادم أهل البيت: أبو تراب كرار العاملي

    [[article_title_text]]
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media