فيديو صادم جدا ومؤثر جدا انتشر على شبكات التواصل الاجتماعي لوزير الأسكان المنغولي وهو يضرم النار في نفسه في مؤتمر صحفي وأمام عدسات الصحفيين وكاميرات وسائل الإعلام , والسبب الذي دعا الوزير المنغولي لإضرام النار في نفسه هو لأنّه لم يفي بوعده الذي قطعه على نفسه أمام شعبه , فقد أوعد الوزير شعبه أنّه سيحرق نفسه إن لم ينجز لهم بناء مئة ألف وحدة سكنية خلال سنة واحدة , ولأنّه لم يحقق لهم الرقم الذي أوعدهم به , حيث أنجز لهم بناء سبعين ألف وحدة سكنية فقط , فقد قررّ أن يضرم النار في نفسه وأمام العالم بأسره , وهكذا فعل , وحادثة الوزير المنغولي ذكرّتني بالوعد الذي قطعه رئيس الوزراء حيدر العبادي أمام الشعب العراقي حين أعلن أنّ عام 2016 سيكون عام القضاء على الفساد في العراق , وكان هذا الوعد قد أطلقه خلال احتفالية وزارة الداخلية بمناسبة الذكرى الرابعة والتسعين لتأسيس الشرطة العراقية في 9 كانون الثاني 2016 , وذكرّني كذلك بالوعد الذي أطلقه نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة حسين الشهرستاني في 25 آذار 2012 بأنّ العراق سيصدّر الطاقة الكهربائية إلى دول الجوار خلال العام 2013 , ومؤكدا أنّ إنتاج العراق من الطاقة الكهربائية سيصل إلى 20 ألف ميغا واط نهاية 2012 , وأنّ حاجة العراق من الطاقة لا تتعدّى 15 ألف ميغا واط , ومعلنا أنّ أزمة الكهرباء ستنتهي مع نهاية العام 2012 .

هنالك مثل أسباني يقول ( الوعود هي الفخاخ التي يقع فيها الحمقى ) , وهنالك مثل عربي آخر يقول ( أنجز حر ما وعد ) , ويبدو أن وزير الإسكان المنغولي كان حرا وحين عجز عن تحقيق ما وعد , هانت عليه حياته أمام وعده الذي لم يتحقق , ففضل الموت كرامة على أن يسجلّ وعده على الماء , فالذي لا يحترم وعده لا يحترم نفسه , والعراقيون من باب التندّر يتساءلون هل سيضرم رئيس الوزراء العبادي النار في نفسه لأن الفساد قد ازداد أضعافا مضاعفة في سنتي 2016 و 2017 ؟ وهل سيضرم حسين الشهرستاني النار في نفسه بسبب عدم انتاج العراق لعشرين ألف ميغا واط حتى هذه اللحظة وازدياد أزمة الكهرباء ومعاناة الناس بالرغم من مرور خمس سنوات على هذا الوعد الأحمق ؟ كل العراقيين يجزمون أنّ كل من العبادي والشهرستاني لن يضرم النار في نفسه كما فعل الوزير المنغولي , ونحن أيضا لا نطالبهم بحرق نفسيهما , لكنّنا نقول لهما إن كنتما لا تحترمان وعديكما اللذان قطعتماهما على نفسيكما أمام الشعب العراقي , فاحترام نفسيكما أولى , وباعتبار أن الشهرستاني قد رحل من غير رجعة , نقول للعبادي .. أنت أيضا مطالب بالرحيل .

أياد السماوي