النصراوية رانية ارشيد ... ابجدية خاصة !
    السبت 19 أغسطس / آب 2017 - 02:23
    شاكر فريد حسن
    عندما اصدرت ديوانها الأول " كراسة حب " كتبت عنه نقداً وتقريظاً ، ويومئذ راهنت عليها بانها شاعرة لها مستقبل شعري ، فصدق حدسي وقولي.

    فقد شقت رانية دربها بروية وتؤدة ، اكثر صقلاً وعناية بنصوصها الشعرية والنثرية ، ودفعت بها الى المطبعة مرة اخرى ، حيث صدر ديوانها الثاني " ابجدية خاصة " في العام ٢٠٠٥، وقدم له الشاعر الفلسطيني المبدع محمد حلمي الريشة بكلمة عنونها ب"قفزة مهولة ..شبه مطمئنة الى هواء طيرانها "، مؤكداً " ان رانية تحاول تسجيل كلمة خافقة بندى القها فوق ورقة اخضرار القلب بعد تبرعم نداء الشعر الخفي ".

    ومعلناً " شهادة ميلادها الشعرية بتفسها ، وببراءة برها المعجون بكيمياء الكلمات وقد خلعت خجل روحها بحركة مفجوعة بها ، لها ولنا اذا رأيتها كتابة لا تفيض عن حاجة الشعر في زمن اغتراب الجريح امام فوضى خلب الصورة الان .

    رانية ارشيد شاعرة هادئة ، لم نسمع لها ضجيج اعلامي ، ولم تصنع حولها هالة مقدسة . فهي تكتب ما يجيش في صدرها وروحها من افكار ومشاعر ، لتتنفس من رئة الشعر .

    وكما قال الكاتب سهيل كيوان " رانية ارشيد صوت شعري هادئ لكنه يتغلغل في اعماق النفس ، وبتؤدة وخطوات واثقة واصلت ارتقاء سلم الشعر في صعود لولبي مثابر ".

    رانية ارشيد ابنة الناصرة ، لبست قلادة الشعر والابداع بصمت وصدق ، وتعرف ماذا تريد من الكتابة ، وما هي الرسالة التي تريد ايصالها لقرائها ، ليست هناك مرآة معينة او زمن معين لايقاف هذا النبض الشعري الجميل .

    فثمة تهافت لهواجس ومخيلة واسعة بعيدة النظر ، وحين نقرأ لها نجد حلاوة في النص ، الترغيب ، وحين نقرأ ديوانها لا نستطيع التوقف عن قراءة النصوص والابحار فيها ، وبالتالي هذه هي ما تتوق في بحر غاية في الجمالية الفنية والعذوبة ، فهي تقرض الشعر باسلوب جميل مرهف ، وبطريقة رائعة جداً ، بمرونة وشفافية .

    كما انها تؤسس لها حضور فني من خلال تصوص شعرية ونثرية غاية في الروعة والجمال .

    يعج شعر رانية ارشيد بالانسانية ، بالحب ، بالطبيعة ، ولا استرخاص للكلام .

    شعرها مثل روحها وقلبها ، ينطق بجراحات اغانيها ، وفيه تنوع في الاداء والمضمون ، ونستشف منه خلجاتها النابضة .

    قصائد رانية ارشيد متنوعة الموضوعات والاساليب ، فيها ثراء الخيال ، وكلماتها دافئة ، وصورها الشعرية متجددة وأخاذة ولا تتكرر، والموسيقى عندها توأم بين موسيقى الشعر وموسيقى الاحساس غالباً، وهي تختار الفلظها اختياراً شديداً .

    رانية ارشيد تحب الطبيعة وتغني على اوتار الالم والحب والحنين ، وتصور ذاتها واعماق نفسها ، فتأتي قصائدها زاخرة بالمعاني اللماحة ، والالفاظ المؤنقة والتعابير الخلابة ، عدا عن الديباجة المشرقة وسمو الخيال وتجويد الصور ، وهي تتألق في الاودية سكينة الحياة ، وتعبق اجواؤها بانفاس الجمال ، والسكينة والجمال يوحيان للنفس الشاعرة ارفع اسباب تصلها بالسماء..!!

    ويمكن القول ان ديوان رانية ارشيد " ابجدية خاصة " شعور عميق للطبيعة والحياة ، وتصوير صادق هادئ قوي مؤثر للتجربة .

    واننا نلمس فيه براعة الوصف والبوح والثراء الفني الذي يؤدي اصدق الاحساسات واعمقها في  النفس الانسانية ، مع عمق التصوير والقرب من واقع الحياة .

    رانية ارشيد تنفث وتبعث عواطفها للانسانية من رقدتها في النفس المجدبة ، وتخرج آهاتها وزفراتها وتقدمها بقالب فني قريب للقلب .

    وكثيرة هي المساحة الابداعية التي ملأتها رانية ارشيد بتشكيلاتها الشعرية ونصوصها المبتكرة الخلاقة ،الغريقة بالوجد والمؤانسة ، وغير المسبوقة لدى الشعراء الشباب بطلاوتها ورهافتها وفكرتها ، واحياناً رمزيتها .
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media