كلا للاحزاب الدينية ونعم للدولة المدنية
    السبت 19 أغسطس / آب 2017 - 11:40
    حيدر عبد الحسين الشيخ
    بعد تجربة الاحزاب الدينية الحاكمة للدولة وسيطرتها عليها وبعد الاخفاقات الكثيرة والفشل الذريع  في توفير ابسط الخدمات للمواطنين من ماء وكهرباء وصحة وتعليم جيد وفرص عمل تكفل للمواطنين حياة كريمة، وانتشار الفساد المالي والاداري من رشى ومحسوبية ومنسوبية وفقر وجهل في ضل سيطرة تلك الاحزاب الدينية الفاشلة على الدولة العراقية ولبس ثوب الدين والطائفية وتصوير انفسهم على انهم حماة للدين، بات المواطن العراقي على يقين تام ان مثل تلك الاحزاب سوف لن تنجز اي شيء سوى مصالحها الدنيوية الضيقة واستمرار النهب والسرقات للمال العام واهداره في تمويل مشاريعهم الخاصة وخلق المزيد من الصراعات الطائفية والتعنصر المذهبي بين صفوف المجتمع لاستغلال الناس واستمرار تسلطهم على مفاصل الدولة، وسوف يكون الحال كما هو عليه الان او اسوأ منه.
    لم تحظ الاحزاب المدنية بالفرصة لقيادة البلد فكان تسلط الاحزاب الدينية بقوة على زمام الامور وعدم فسحهم للمجال امام الاحزاب الاخرى سبب رئيسي في حرمان الاحزاب المدنية من اي قيادة حقيقية للبلد.
    ربما يتبادر الى ذهنك ماذا تعني كلمة [مدنية] وما هو مفهوم مصطلح [مدني] !!
    المدنية في اللغة العربية تعني الجانب المادي من الحضارة كالعمران ووسائل الاتصال والترفيه يقابلها الجانب الفكري والروحي والاخلاقي من الحضارة.
    اما المفهوم المدني فيعني اتحاد الافراد وتعاونهم داخل مجتمع يسير وفق نظام معين من القوانيين بوجود قضاء عادل يطبق تلك القوانين على الجميع بالتساوي ويكفل هذا النظام الحماية لجميع افراد المجتمع والحفاظ عليهم بغض النضر عن انتماءاتهم الدينية والفكرية والقومية.
    يعتبر [التعدد] من المفاهيم الانساية الفطرية داخل كل مجتمع بل في داخل الاسرة الواحدة هناك تعدد واختلاف بالانتماءات فكيف بمجتمع متكون من طوائف ومذاهب وقوميات وانتماءات مختلفة كالمجتمع العراقي!! اذا من الصعب جدا ان تطبق افكار وممارسات الاحزاب الدينية الحاكمة على جميع مكونات المجتمع كما تشاء تلك الاحزاب.
    تنطلق الدولة المدنية من مفهوم جعل التعددية داخل المجتمعات وحدة وقوة بينها لخلق حضارة متقدمة يعيش فيها الافراد برفاهية.
    يوجد هناك مبدأ اساسي في الدولة المدنية يستند الى [عدم ادخال الدين في السياسة] في الوقت ذاته لاتقف الدولة المدنية ضد الدين او تنادي بإلغائه من مفاصل الحياة بل تنظر اليه على انه عنصر مهم في خلق الطاقة والتقدم والانجاز في العمل الا انها ترفض استخدامه في تحقيق الاغراض السياسية لانه ببساطه يتعارض مع التعددية التي تنادي بها الدولة المدنية  وتعتبر ان من شأن ذلك أن يحول الدين إلى موضوع جدلي يكرس للاختلاف ويساهم في ابعاده عن القداسة التي يقوم عليها ويدخله في عالم المصالح الدنيوية الضيقة.
    من المبادئ التي تقوم عليها الدولة المدنية ايضا هي [المواطنة]حيث يرتكز هذا المبدأ على ان الافراد داخل المجتمع لايُعرفون من خلال انتماءاتهم الدينية، او الاقليمية، او السلطة، او المال او المهنة، انما يُعرفون بشكل قانوني اجتماعي على انهم مواطنون لهم حقوق وعليهم واجبات يتساوون فيها مع بعضهم.
    تُأَسس الدولة المدنية من خلال نظام مدني مكون من علاقات قائمة على قبول الاخر والتسامح والسلم المجتمعي والثقة في عمليات التبادل والتعاقد المختلفه فهذه القيم تعرف بالثقافة المدنية وهي القواعد التي لايمكن تخطيها او التجاوز عليها بإي شكل من الاشكال.
    اما [الديمقراطية] فتعتبر واحدة من اهم المبادئ التي يقوم عليها النظام المدني والذي يأخذ شكل التعدد في ادارة الامور السياسية في الدولة بمشاركة جميع افراد المجتمع وتقف ضد اخذ الدولة واحتكارها من قبل فرد او نخبة معينة او عائلة.
    تسعى الدولة المدنية الى خلق فرص العمل لموطنيها لتأمين العيش الكريم لافراد المجتمع، اضافة الى بناء نظام اقتصادي نموذجي وتوفير الاستقرار الامني والنفسي للمواطنين، كما تسعى الى تهيئة الظروف والاساليب التي تكفل التعبير الصريح عن حرية الرأي بمختلف الطرق وفق ضوابط وقوانين رسمية محددة.
    كما تهدف أيضا الى بناء المؤسسات العلمية والثقافية وبناء المراكز الصحية والحفاظ على البيئة وتكرس لضمان اجتماعي يحفظ حقوق كبار السن والمتقاعدين، كما انها تمنع التداخل في الحقوق والوضائف بين المؤسسة الامنية الداخلية والمؤسسة العسكرية وبين سلطة الشرطة.
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media