حين يكون الجندي وطن !
    السبت 19 أغسطس / آب 2017 - 20:25
    حسن أحمد
    شاهدت احد رجال نينوى النجباء وهو يصف لوحة من الغيرة والشهامة لأحد  رجال  العراق .. هذا الرجل تحدّث بدموع جارية وحرقة وعرفان صادق  بالجميل .. يقول كان في بيتي اكثر من سبع عائلات وفيهم نساء واطفال مرضى وجرحى ، وكان الجندي حسين كفاح من أهل الديوانية اول من دخل علينا من القوات المُحرّرة في حينا .. كان حسين مثال للرحمة والإنسانية وسألني عن احتياجاتنا ، فقلت له جئنا بالدواء من طبابة وحدتك لكي أداوي الجرحى ، ذهب حسين وجاء مسرعاً بالدواء ومعه كمية من البرتقال ، فسألته لم اطلب منك سوى الدواء - بالرغم من أنّا في أمَّس الحاجة لكل شيء - فأجابني بحياء والله ( إستحيت أتيكم فقط بالدواء ) !

    يكمل الرجل : يقول بدخول حسين رأيت الوطن / غاب الوطن حين استوطنه داعش بعد ان سرقه اللصوص وضيعّهُ الخونة ، كان لي حسين هو الوطن - بمعنى هو الحامي والمُعيل والمعين والمداوي للجراح - يستمر الرجل الموصلي واحسبه طبيباً - يقول خرج حسين من بيتنا وسقط عليه قذيفة هاون وذهب شهيداً الى جنان الرحمن .. جاء حسين من الديوانية ولَم يمضي على زواجه عشرة ايّام لكي يحررنا .. قال حسين أنا سوف استشهد ولكنكم ستتحررون ، ويستمر الرجل وهو يبكي بحرقة ( كيف أجازي حسين الوطن ) .. لقد أقمت مجلس فاتحة على روحه هنا في نينوى تعبيراً عن العرفان بالجميل لرجل شهم جاد بحياته لأجلنا ، لتحريرنا من ذُل داعش وبطشه .

    ختاماً ؛ هذه السطور كتبتها كنوع من العرفان بالجميل لرجال القوى الأمنية والحشد المقدَّس الذين أعادوا لنا الأمل في عراق الحضارات الذي تربينا فيها ، بعد ان كنّا نفقد الأمل بعودته لنا سالماً معافى .. حسين ابن الديوانية وإخوته المقاتلين أخرسوا دعاة الطائفية والفتنة ، وأثبتوا للعالم ان شعب العراق واحد بجميع أعراقه ودياناته ومذاهبه ، وان ابن الجنوب السومري أطيب من الطيبة وأعظم من الغيرة ، حين هبَّ وترك الأهل والعيال تلبية لنداء الوطن ، فكان له صولات وجولات في تحرير الايزيديات المسبيات وكما شاهدنا إحداهن وهي تعانق مقاتلاً وهي تبكي تعبيراً عن شعورها بالامان والخلاص بحضوره .. سفر كبير وعظيم من التضحيات والإنسانية سجله أبناء سومر من اخوة الجندي حسين كفاح من أهلنا في الديوانية والسماوة والناصرية والعمارة والبصرة والنجف وبابل وكل محافظات الوسط والجنوب ، وهي رسالة الى كل الطائفييين المتاجرين بالنعرات العرقية والطائفية من ساسة الغفلة ورداحي المنصات سيئة الصيت ، بأنكم مرتزقة دمرتوا البلاد والعباد لكي تصلوا مراكز القرار في الحكومة والبرلمان ، وبضاعتكم الطائفية والعرقية خاسرة ، وعلى الشعب ان يحترم دماء هؤلاء الشهداء الابرار بأن لايعيد انتخاب هذه الوجوه التي عرفها وجرّبّهالاكثر من أربعة عشر سنة !

    الخلود للشهداء والمجد


    المهندس حسن احمد 
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media