آدم المصري دليل جديد على التطوّر!
    السبت 26 أغسطس / آب 2017 - 14:54
    رعد الحافظ
    كاتب عراقي مغترب مقيم في السويد
    [حيثما تكون هناك حياة تكون هناك إرادة أيضاً .لكن ليست إرادة الحياة . بل وهذا ما اُعلّمكَ إياه ,إرادة القوة] هكذا تكلّمَ زرادشت / نيتشه!

    مقدمة:
    مبدئيّاً فإنّ نظرية التطوّر والإنتقاء الطبيعي للعالِم الأشهر (چارلس داروين) التي يوافق عليها أغلب عُلماء العالَم والبشر العِلميين والذين يفكرون بطريقة علميّة, تقول مايلي:
    التطوّر الطبيعي هو تغيّر في المستودع الجيني والسمات الوراثيّة لمجموعة من الكائنات يحدث غالباً ببطء شديد خلال الأجيال المُتلاحقة ,وبوقتٍ طويل يُقاس بملايين السنين أحياناً!
    كلّ دلائل هذا التطوّر الطبيعي موجودة وملموسة من خلال الجينات والحمض النووي (  DNA) والمُتحجرات المُكتشفة التي تشير الى أصل واحد مشترك لجميع الكائنات الحيّة!
    فلا تقولوا (كما يقول أتباع المشايخ) هل نحنُ البشر والقرود أولاد عمومة؟
    الواقع يقول ,نعم البشر والقردة والخنازير والحمير والكلاب والأسماك والحشرات والأشجار والإسفنج وباقي الأحياء ,تشترك بجدّ واحد هو البكتريا التي تُعتبر أوّلى الأحياء التي تكاثرت!
    من جهة أخرى فإنّ نظرية الخلق أو التصميم الذكي التي يؤمن بها الدينيّون تقول:
    هناك قوّة خارقة عظيمة  مَخفيّة ماورائية هي التي تكفلّت بصنع وهندسةِ الحياة والمخلوقات لأسباب مجهولة .وهي التي صَمّمتهم على النحو المثالي الخالي من العيوب الذي نراه (حسب مايفترضون) منذ الأزل!
    الأفلاطونيّون المثاليّون ,ومثلهم أتباع كلّ الديانات الفضائية المؤمنون (بفكرة الخلق الذكي) ,يعتقدون أيضاً بوجود عالَم مثالي يضم الإنسان الكامل الخالي من كلّ عيب .كما يضّم الأرنب الكامل ,الدجاجة الكاملة ,الحوت الكامل ,شجرة الرمان الكاملة ,وكلّ شيء كامل بأفضل صورة نتخيّلها أو نحلم بها!
    فعلى سبيل المثال الكلب له شكل وأصل وتصميم ثابت  قرّره الخالق الذكي لن يتغيّر أبداً حتى رغم مصادفتنا يوميّاً لأنواع من الكلاب المُهجنّة بالتطوير الطبيعي والإصطناعي .فيجب هنا أن نُكذّب عيوننا ونقول هذا رجسٌ من عملِ الشيطان!
    على كلٍّ لنقرأ هذه القصة التي تستمر فصولها لتكتمل هذه الأيام (عام 2017) في إسكتلندة ,التي تدعم عنوان هذه الورقة .(إنظر رابط 1)!
    [[article_title_text]]
    [[article_title_text]]

    قصّة آدم المصري السكوتلندي!
    عام 1991 وُلِدت طفلة (اُنثى) في الإسكندرية في مصر الجميلة .اليوم لم يَعُد لها وجود رغم أنّها لم تَمُتْ!
    ببساطة هي تحوّلت بإرادتها وبمعونة طبيّة وماليّة بريطانيّة الى (ذَكَر) إسمه آدم!
    آدم عمره اليوم 26 عام يعيش في مدينة كلاسكو متزوج بسيدة إسكتلنديّة جميلة إسمها توني ,التي تقول:
    (عندما شاهدته أوّلَ مرة لم أكن أعلم بقصته ,وعندما علمتُ بها لم اُبالِ)!
    يحكي آدم عن حالة إضطراب الهويّة الجِنسيّة التي عاناها منذُ طفولتهِ يقول:
    كنتُ أتعرّض للتحرّش لأنّي أريد أن أكون ولداً مثل باقي الأولاد .مع ذلك فأنا محظوظ  ,فقد كان بالإمكان تعرّضي للتعذيب وحتى القتل كوني لستُ طبيعياً!
    في سنّ الـ 14 منحَ آدم نفسه هذا الإسم لكن بقي سرّاً ,يقول :أبداً لم أشترِ دمية كسائر البنات ,كنتُ أفضل البنادق ولعب الصبيان!
    يقول (سكوت لونغ) الناشط في حقوق الإنسان بمنظمة  LGBT   الدوليّة
    رغمَ أنّ القانون المصري يُجيز عمليّات التحويل الجنسي في حالة الضرورة ,لكنّ الأطباء الذين يُجرونها قد يتعرضون لعقوبات جنائية وإعتقال وطرد من نقابة الأطباء وإيقاف عن ممارسة المهنة بتهمة النصب أو التسبّب في فضيحة عامة! (لماذا لا أشعر بالإستغراب من التناقضات المصريّة في العصر السلفي؟)
    عندما بلغَ (آدم) سنّ الـ 19 غادر مصراً الى بريطانيا بفيزا سياحيّة .أوّلَ ما فعلهُ هناك حلق شعره كالأولاد .وبعد نفاذ الفترة القانونيّة للتأشيرة بحث عن عمل (أسود) لأجل العيش والإدخار لمتطلبات عمليّة التحوّل التي كان يحلُم بها!
    بدأ بأخذ هرمون الذكورة (التستوستيرون) .ثمّ طلبَ (اللجوء على أساس جنسي) وتمّ إرسالهِ الى كلاسكو ,ورُفِضَ طلبهِ ثلاث مرّات لكنّه إستأنفَ القرار في كلّ مرّة .بعد عامين حصلَ على اللجوء مع كافة حقوق المواطن البريطاني وصار حلمهُ ممكناً بعد (إعادة التقيم الجنسي) .ثمّ خضعَ لعمليتين جراحيتن لبناء (قضيب) إستخدموا جلد من ذراعهِ لهذا الغرض (يضحك آدم عندما يروي ذلك)!
    ***
    مسرحيّة عن آدم!
    المَسرح الوطني الإسكتلندي يعرض هذا الصيف مسرحيّة عن قصة حياة آدم
    للكاتبة المسرحيّة (فرانسيس بوت) ,إخراج (كورا بيسيت)!
    تلعب الممثلة (نشلا كابلان) دور آدم عندما كان بنتاً .بينما يقوم آدم نفسه بدور البطل بعد وصولهِ بريطانيا!
    تقول زوجتهِ (توني) التي كانت تنتظره في بار المسرح :
    في البدء كنتُ ضدّ فكرة المسرحيّة لئلا يتعرّض لضغوط نفسيّة أو تأثير سلبي أو إيذاء من أيّ نوع (أكيد تقصد من بعض المهاجرين) .إنّما الآن أشعر بالفخر كون آدم أصبح مصدر إلهام للكثيرين!
    ***
    الخلاصة:
    كلّ إنسان عاقل مُتصالح مع نفسه سيفهم أنّ قصّة (آدم المصري الإسكتلندي) التي لم تكن الأولى من نوعها وحتما لن تكون الأخيرة ,هي دليل صارخ مؤيّد لنظرية التطوّر والإنتقاء (الإصطناعي) في هذه الحالة!
    ولاحظوا مايلي:
    الفرق الوحيد بين التطوّر الطبيعي والإصطناعي هو عامل الوقت!
    في التطوّر الطبيعي قد يتطلب الأمر ملايين السنين (لتحوّل كائن برمائي مثلاً الى كائن برّي أو العكس) .
    إنّما في التهجين والتطوّر الإصطناعي ,قد يتّم الأمر ببضع سنوات!
    على كلٍّ لو فَهِمَ (الدوغمائيّون) معنى التطوّر لرضوا به عن طيب خاطر!
    ولو فهموا أنّ الجنين في بطن أمّه يكون بدون جنس مُحدد حتى الإسبوع التاسع أو ما بعده عندما يتطوّر البرعم الصغير بين الساقين الى (بظر أو قضيب) ليكتمل في الإسبوع الـ 22 تكوين (المبيضين أو الخصيتين)!
    علماً أنّ الخصيتن لا تنزلان الى كيس الصفن عند بعض الذكور حتى يوم الولادة أو مابعدها .(إنظر رابط 3)!
    أقول رفض (فكرة التطوّر) يعني نسب كلّ الأخطاء في جنس المولود وما يُسمى التشوهات الخَلقيّة والزيادات في بعض الأجزاء (كسنّ العقل والعصعص والزائدة الدوديّة وحلمات صدور الرجال...الخ) ,ناهيك عن الطفل المنغولي والأقزام وغير ذلك كثير ,كلّ ذلك سوف يُنسَب الى الخالق الذي يقولون عنه أنّه ذكي ليس كمثلهِ شيء .بينما ستكون كلّ تلك الأشياء منطقيّة التفسير حسب نظرية التطوّر!
    في هذا المجال يقول الصديق (الدكتور عبد الخالق حسين) مايلي:
    نظرية التطوّر والإنتقاء الطبيعي لا يُنكرها إلّا من كانت ثقافتهِ مَحدودة ,قد حاصرَ نفسه في مجالٍ ضيق من المعرفة وفقدَ القدرة على التخيّل والإبداع!
    علماً أنّ التخيّل أهمّ من المعرفة حسب آينشتاين!
    Imagination is more important than knowledge

    قصة آدم الحقيقيّة هذه المرّة (عكس القصة الرَمزية الخرافيّة لآدم وحواء) ,مناقضة لمفهوم الخالق الذكي كلّي القدرة المُتحكّم في كلّ شيء!
    كالمفهوم الإسلامي :[يَهَبُ لمن يشاءُ إناثاً ويَهَبُ لمن يشاءُ الذكورَ] الشورى 49
    فهنا إنسان ولِدَ اُنثى ,ثمَّ تحوّل بمشيئتهِ وبمساعدة العِلم والطبّ الحديث الى ذكر كامل الصلاحيّة!
    على كلٍّ أغلب بلاد الدنيا صارت توافق رسميّا على عمليات (التحوّل الجنسي أو transgender  ) ,كما نرى في أوربا وأمريكا وباقي أرجاء العالَم!
    حتى في إيران (الإسلامية) فإنّ هذه العمليات غدت مُباحة ,بل يعتبرها البعض الدولة الأولى في العالم (بنسبة عدد المتحولين) .وستجدون في الرابط الثاني قصة      الإيرانيين (ليلى و حيدر) الذين تزوجا عام 2015 بينما  كلّا منهما في الماضي كان عكس جنسه الحالي!
    كذك في لبنان ومصر وغيرها تُجرى مثل هذه العمليّات قانونيّاً ,إنّما مازالت منبوذة إجتماعيّاً ودينيّاً (والعتبى على ثقافة تلك المجتمعات)!
    ورغم أنّي لستُ من المروجين والمشجعين على مثل هذه العمليّات إلّا في حالة إستحالة العيش بالجنس الظاهري الولادي ,لكنّي أتسائل :
    مَنْ يستحق الشكر والإمتنان والعرفان بالجميل / الأطباء الإنكليز الذين أنقذوا آدمَ ووفروا له حياةً حقيقيّة بعد الضياع والعذاب الذي كان يعيشه ,
    أم مشايخ الأزهر (الشريف) الذين يُحلّون سفكَ دم مثل هذا الإنسان البريء غير المسؤول إطلاقاً عن حالتهِ الغريبة؟
    أقول :
    الدين الذي يرفض التطوّر ومُسايرة الزمن سيموت لا مَحالة!

    ***
    الروابط!

    الأوّل / BBC   رحلة الفتاة المصريّة التي أصبحت الشاب آدم في إسكتلندة!
    http://www.bbc.com/arabic/world-41038182

    الثاني / التحوّل الجنسي في إيران!
    https://www.sasapost.com/translation/transsexuals-in-conservative-iran/

    الثالث / متى يتم تحديد جنس الجنين!
    http://mawdoo3.com/



    رعد الحافظ
    26 أغسطس 2017
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media