كيف اكون ملحدآ؟
    السبت 26 أغسطس / آب 2017 - 16:52
    رسل جمال
    سألت نفسي ذات مرة، وتجردت عن ذاتي التي تعرفني، واعرفها، وانسلخت عن ماهيتي لبرهة، حتى أوهمت نفسي إنني مصابة بزهايمر، كي لا أسمح لمعتقداتي السابقة ان تجيب عني، ماذا لو صرت ملحدة؟ ما الذي سيتغير؟ هل سأتحول الى كائن أخر؟ هل سيتغير الكون حينها؟ هل سينقلب الأبيض أسودا والعكس؟

    طالت قائمة الاسئلة، دون أن أجد لها جوابا شافيا ومقنعا، ثم سألت نفسي ماهو الدين اصلآ؟ هل هو السهم النازل من السماء الى الارض؟ ام انه الرمح الصاعد من الأسفل الى الأعلى؟ والذات البشرية بين السماء والارض حائرة هائمة؟!

    أم ان الدين حلقة تربط الأرض بالانسان والسماء، الثلاثة معآ، ثم قفز سؤال آخر اكثر جنونآ، هل ان الحيوانات مؤمنة أم ملحدة؟ تزاحمت تلك الاسئلة في رأسي، لأنني أرى موجة أشبة ما تكون بتيار عارم، يسمى الإلحاد، مع ظهور شخصيات كانت معروفة بتوجهها الديني، لتعلن إنها أصبحت ملحدة، في مشاهد تجعل الانسان البسيط يتساءل: ترى؛ هل ان كل هؤلاء على خطأ أم على صواب؟، هل انا من الفرقة الناجية؟ ام ماذا؟ كلها مظاهر، تدعو عامة الناس الى التشكيك بمعتقداتهم الراسخة!، وهي مؤشرات خطيرة جدا.

    أن نشكك بالثوابت، ولا نعود نطمئن لها، فنرى هناك من يدعي انه ملحد، دون أن يغوص في معنى الإلحاد، او حتى يحاول ان يبحث عن تأريخ الإلحاد، مع ان الدين ليس ثوبا، نرتديه ونخلعه متى ما اعتقدنا انه صار باليآ.

    بل ان الحالة الدينية، هي ذرات متأصلة في النفس البشرية، حتى ولو أنكر وجودها، لانها ما تميزه عن غيره من الموجودات، ليتسامى فوقها، كما يعبر البعض؛ ان الدين هو الايمان بوجود شيء عصي على الفهم، لانه خارج حدود الطاقة الاستيعابية للعقل، يعده الملحد مثلبة وحجة، ليقول انه لا وجود لما يعرف بالدين، وبالنتيجة لا وجود لله.

    ﻷن التيار الالحادي، يرى ان التفكير الديني، هو ادنى درجات ممكن ان يتدهور عندها الفكر الانساني، لانه يؤمن بما لا يراه، اما التشكيك والفلسفة فهو اﻷرقى واﻷعلى؛ وبالحقيقة ان الملحد يعاني خواءا داخليا، وان لم يعترف به، فهو في حيرة من أمره، وورطة مابعدها ورطة.

    في حادثة تذكرها لنا صفحات التأريخ، في مطلع القرن التاسع عشر، عندما أنهى العالم الفلكي والرياضي، ''المركيز دي لابلاس'' مؤلفه الموسوعي الضخم، "ميكانيك الفضاء"، فاعتمد في حساباته، على القوانين التي ابتدعها ''نيوتن''، الى نهاياتها القصوى وعندما عرض مؤلفه، على الامبراطور ''نابليون بونابرت''، قال له لقد قيل لي، انك قد وصفت في عملك هذا "نظام الكون برمته" ولكن من غير ان تشير من قريب، او بعيد الى خالقه، فأجابه ''لابلاس'' مولاي، ان هذه الفرضية لا ضرورة لها في نظامي، لانها لا تحتاج الى شرح او قانون، فهي بديهية ببساطة!

    ونحن هنا يظهر من لا يجيد كتابة اسمه، بصورة صحيحة يدعي انه ملحد، ولا وجود لله، وفي حقيقة الامر؛ ان الملحد هو انسان جبان، ناقم على من حوله، غير قادر على تغيير واقعه، فلم ير امامه سوى وسادة الدين والمعتقدات ليشبعها ضربا ولكما!.
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media