طوبى ...للأطراف المعتدلة من الكتل الشيعية غير الموالية لإيران... فايران لايران ...والعراق عراقنا...!!!
    السبت 9 سبتمبر / أيلول 2017 - 17:36
    أ. د. حسين حامد حسين
    كاتب ومحلل سياسي/ مؤلف روايات أمريكية
    في الاسابيع القليلة الماضية، شهدنا حراكا سياسيا مهما كنوع من انقلاب على مسارات مألوفة من علاقات بين كتل الاسلام السياسي بقيادة السيد عمار الحكيم من خلال تشكيله لكتلة "تيار الحكمة الوطني"والتي حملت توجهات جديدة تحاول من خلالها التأكيد على ايديولوجية وطنية لتجاوز الرؤية الكلاسيكية التي قدمت نفسها في الماضي كعلاقة عقائدية مع ايران ، والتركيز على مفهوم المواطنة والتأكيد على الطاقات الشبابية العراقية واستثمار تلك الطاقات التائهة وتبنيها كقوة تساهم في عملية البناء السياسي والاجتماعي والاقتصادي الجديد.  فالسيد عمار الحكيم وهو يتصدر المشهد السياسي العراقي في خروجه من زعامة المجلس الاعلى ، وتدشينه لتياره الجديد ، انما يحاول من خلال تلك الخطوة ، التبرئ من فشل اعضاء المجلس الاعلى الاساسيين امثال الدكتور عادل عبد المهدي كوزير سابق للنفط والسيد همام حمودي كنائب لرئيس البرلمان وجلال الدين الصغير كفقيه واخرون على شاكلتهم، ممن اثبتوا ان تجربة مساهماتهم تلك كانت موسومة بالفشل بسبب مناكفاتهم ضد الواقع العراقي القائم . فكتجربة فاشلة فانها لا تتطابق بالتأكيد مع طموحات السيد عمار الحكيم الذي كان ولا يزال ماضيا في تأكيده على "ألانا" من خلال معتركاته السياسية التي يحاول التأكيد من خلالها  دائما على مستوى الذات والتفرد بالزعامة.
    فقد ذكرت صحيفة "العرب" ، أن "قيادات دينية في المجلس الاعلى، سبق أن تقدمت بشكوى إلى طهران ضد الحكيم بسبب اختلافات وتباينات في وجهات النظر معه."
    كما وذكرت الصحيفة أيضا أن "من أبرز الخلافات أن هذه القيادات التي تؤمن بولاية الفقيه والارتباط العقائدي بإيران، تطالب الحكيم بدور أكبر في صناعة القرار داخل المجلس وترفض صعود قيادات شابة لم تكن موجودة في إيران قبل عام 2003"، على حد تعبيرها. واعتبر الكثير من المحللين، بحسب الصحيفة، أن "مغادرة الحكيم لموقع الزعيم في المجلس الأعلى وإعلان تشكيل سياسي جديد هما بمثابة الخروج من عباءة النفوذ الإيراني في العراق"."
    وأكملت "العرب"، ان "الحكيم أراد بانشقاقه عن المجلس اللعب على أوتار النقمة المتعاظمة بين صفوف العراقيين وخاصة الجيل الشاب ، على الطبقة السياسية التي حكمت العراق بعد الغزو الأميركي وانتهت تجربتها بتدهور حاد في مختلف المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية"
    ولكن ، القيادي في المجلس الاعلى السيد باقر جبر الزبيدي ، في رده على تبرير انفصال عمار الحكيم ، حيث قال وحسب الصحيفة  "الذي حدث اخيرا هو فصل منهجي بين جماعة مؤمنة بخياراتها الرسالية واخرى تحاول اعمال السيف في وحدة الجماعة المؤمنة رغبة منها في تصنيف الامة الى ابيض واسود ورمادي واحمر شاب وشيخ ولم تكتف تلك الجماعة بالتصنيف السلبي الوارد في الادبيات والتبليغ الاعلامي والسياسي هذه الايام بل ذهبت الى ابعد من ذلك عبر القول ان التاريخ والتطور النوعي للعمل السياسي يقتضي ازاحة جيل الشيوخ واحلال الشباب محله!". ومضى قائلا: "مااخشاه ان هذا المشروع الذي يعمل على ازاحة الشيوخ عن مسارات التصدي والقيادة والعمل الوطني ان يكون همه وغاية اهدافه اسقاط الشيوخ والقضاء على كل مايمت بصلة لشهيد المحراب باعتباره الكهل الاول فيه مثلما اشتغلت الاموية باسم العروبة وتقاليد ومقتضيات الحاكمية العربية على قتل علي في المحراب!."
    ما تحدث به باقر جبر الزبيدي، ليس سوى دفاعا عن نفسه ورفاقه الكهول في التشبث من اجل استمرارهم البقاء كقيادات للمجلس حيث ان محاولات تغيير تلك الوجوه يعني اسقاطهم من مراكز وجودهم السياسي الذي وان كان امرغير مأسوف عليه من قبل العراقيين، لكن هؤلاء يجدون في تلك المواقع هيمنة شبه مطلقة على السلطة يوفرها لهم لوذهم وراء اسماء وعناوين ال الحكيم . فاستمرار بقائهم "الازلي" هذا في مواقع السلطة والتحالف الوطني الحاكم ، يعني ضرب مصالحهم الذاتية والتي ترعرعت واستفحلت على حساب بؤس شعبنا . وهكذا كان استمرار بقاء تلك الشخصيات وتكريمهم ليس لأنهم "عباقرة زمانهم" ولكن بسبب علاقاتهم القديمة بايران وعقيدته التي لا تزال تهيمن على السلطة السياسية العراقية في الوقت الذي فيه هناك الالاف من العراقيين الذين واجهوا النظام القمعي للمقبور بشجاعة وسخاء الذات لا يزالون يعانون من التهميش حتى فيما يخص حقوقهم الاساسية. كما وان احتمائهم باسم المفكر الكبير السيد أية الله باقر الحكيم ، اصبح الاقتراب منهم يعني الدخول في سجالات واتهامات جاهزة باطلة على الرغم ان بعضا من هؤلاء "القادة" لم يكونوا موجودين في إيران قبل عام 2003 ، بل كانوا أعضاءا في البعث واحزابا اخرى ، لكنهم اليوم تحولوا الى "اسلاميين!!!!  
    ان هذه المهازل يجب ان تنتهي في عراقنا بشكل حاسم وقريب بعد ان اتضحت الامور جيدا وبان الحق على حقيقته. 
     فالسيد باقر جبر الذي ربما يجيد كتابة الديباجات التي من شأنها تبرير مسيرته مع جماعته الفاشلة من قيادي المجلس والتي لم تبرهن على اي انجاز حقيقي من شأنه خدمة النظام الجديد او تبني أي دور ريادي ملموس في بناء المجتمع العراقي سوى المناكفات السياسية واتهام الاخرين على الرغم من تبؤهم عددا كبيرا من المناصب الرئاسية في الدولة العراقية، فقد كانت تلك التجارب السياسية قد ساعدت على سبر غورههؤلاء وهم يتفانون في وضع العراق وشعبنا في المرتبة الثانية مقارنة بعقيدتهم الايرانية. وباقر جبر الزبيدي الذي يحتفي بوجده مع وجود الكهول معه في قيادة المجلس الاعلى ، يتناسى حكمة امام المتقين علي "كرم الله وجهه" والذي قال: "لا تعلموا اولادكم عاداتكم فانهم خلقوا الزمان غير زمانكم". فهل يصبح اعتزازه بكهولته مبررا لجنوح عقيدته الوطنية؟؟!!
    أما أن يفسّر المراقبون ما أشار إليه السفير الإيراني حول "فقاهة" عمار الحكيم، وفق صحيف"العرب "الذي لم يكن موضع رضى من قبل الزعامات الدينية في المجلس على غرار همام حمودي وجلال الدين الصغير، "لحداثة تجربته في علوم الدين" ، فهذا باعتقادنا انهزام ذاتي لردة فعل "غاضبة" توضح الموقف السياسي الحقيقي من قبل ايران لمن تختلف معه!! لكن السبب الحقيقي هو هول "صدمة" خروج السيد عمار الحكيم المفاجئة من المجلس الاعلى فقط بدليل، وحسب ما تابعته الصحيفة في تقريرها، أنه "فور إعلان المجلس الأعلى عن انتخاب هيئة قيادية لخلافة الحكيم أرسلت طهران سفيرها في بغداد إيرج مسجدي، إلى مقر المجلس لإعلان دعمها له . وقال مسجدي خلال زيارته الأسبوع الماضي، إن "المجلس الأعلى الإسلامي محط الرجال الكبار وعظماء المجاهدين وهو عصارة الفقاهة والفضيلة، مؤكدا أن "بلاده ستواصل تعاونها مع المجلس"
    فيا ترى ، ما الذي جعل ايران تنسى لاجل طويل أن السيد عمار الحكيم كرئيس للمجلس لم يكن المجلس نفسه "محط لرجال الكبار وعظماء المجاهدين وهو عصارة الفقاهة والفضيلة"؟؟!! ثم لتتذكر ايران فجأة كل ذلك بعد ان انقلاب عمار عليهم؟؟!! واذا كانت ايران غير "سعيدة" أومقتنعة" بزعامة عمار الحكيم خلال تلك السنين الطويلة بسبب ولاءه لها ، لماذا لم تعترض او تفعل شيئا نافعا من اجل سمعة المجلس الاعلى، لتدرك اليوم ان السيد عمار "ليس من بين "الرجال الكبار وعظماء المجاهدين وعصارة الفقاهة والفضيلة"؟؟؟!!!
    وأكملت الصحيفة تقريرها قائلة، إن "السلطات الإيرانية أغلقت جميع المكاتب التابعة للحكيم على الأراضي الإيرانية وأبقت على المكاتب التي أعلن قادتها ولاءهم للمجلس الأعلى".

    "وأكدوا مراقبون ، أن "خارطة الحراك السياسي الشيعي تتجه نحو الفصل بين معسكرين، الأول موال لإيران ويجمع ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي والمجلس الأعلى بزعامة همام حمودي وعدد من فصائل الحشد الشعبي، والثاني يجمع تيار العبادي وتيار الحكيم والتيار الصدري".

    ويبقى الخلل الكبير في "ولاء" نهج البعض من اعضاء التحالف الوطني والمجلس الاعلى نفسه قائما من خلال نأي هؤلاء عن معانات شعبنا والاستمرار في اغراق العراق في مستنقع الفساد المستشري في جميع مفاصل المجتمع . والانكى من كل ذلك، انه وحتى هذه اللحظة، فبدلا من اختيار شخصيات تكنوقراطية وبعيدة عن الانتماءات السياسية ، وهو مطلب شعبي لا يمكن التنازلات عنه في التوجه العراقي الجديد ، نجد الكتل السياسية هذه لا تزال تحاول الابقاء على نهج المحاصصات التي مزقت المجتمع العراقي ، والدليل على ذلك ، هو اختيارمرشحين "للجنة الخبراء لمجلس مفوضية الانتخابات" من الاحزاب والكتل السياسية نفسها والمتهمة بالفساد من اجل الابقاء على تلك المحاصصات.
    والسؤال الاهم ، هل سيستطيع عمار الحكيم بعد تحرره من التزاماته مع ايران، ان ينحوا منحا وطنيا من خلال مساهمته في فضح رؤوس الفساد في التحالف الشيعي والسني والكردي ، ام سيتظاهر بالانشغال باحداث تيار حكمته الجديد ، "ويثولها" كما يقول المثل "المصلاوي"؟ . سؤال سنتركه للزمن...!

    حماك الله يا عراقنا السامق...
    9/9/2017
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media