كردستان تحت قبضة الجلاد
    الأثنين 11 سبتمبر / أيلول 2017 - 05:53
    رضوان العسكري
    معاناة وأزمات كثيرةً تلقي بضلالها على كردستان، فهي لا تزال تعاني من سيطرة الشخص الواحد، والعائلة الحاكمة، والقرارات الشخصية، وتغييب صوت الغالبية، ليخيم الخوف على أعنتها من خطر الدكتاتورية القادمة، والسلطة الحزبية القمعية، والقائد الضرورة.

    حاولوا الشيعة جاهدين أن يجعلوا من العراق أقاليماً متعددة، يحكمها ويحميها أبنائها، ويحافظون على ثرواتها وحدودها الإدارية، لغلق الأبواب أمام كل من يسعى ليصبح (القائد الضرورة)، ويدخل العراق من جديد تحت رحمة الحزب الواحد، والحفاظ على العراق من الفتنة الطائفية والمذهبية والعنصرية، وكان السيد (عبد العزيز الحكيم) قد تصدى لهذا الأمر بقوة، قبل أن تتولد تلك المخاوف، إلا انه وجد نفسه وحيداً حيال هذا الأمر، وكان من الصعب تطبيقه حينها.

    المصالح الحزبية والفئوية دفعت كثيراً من السياسيين الى التصدي لهذا الامر بقوة، واتهام القائمين عليه بشتى التهم الجزاف، فما إن مرت الأيام والسنين حتى بان الندم على وجوه الجميع، لعدم وقوفهم مع مشروع الأقاليم في دولةٍ اتحاديةٍ، وبدأت المشاكل والخلافات الداخلية تنشب وتزداد الاتهامات المتبادلة بين السياسيين، حتى ظهرت بوادر التقسيم الطائفي والعنصري والمذهبي، وأصبحت تلك المشاكل العسيرة تواجه الصعوبات القاسية من اجل حلها.

    هذا التناحر والتشتت دفع بجلاد كردستان فرض الإتاوات على الحكومة الاتحادية، وبدأ يلتهم المناطق المحاذية للإقليم، وينتقي منهاما يحلو له حسب أهميتها الاقتصادية ومواقعها الجغرافية، بفرض واقع الحال تارة، وبالتهديد والوعيد تارةً اخرى، عبر تصريحات متتالية وكأنه المتولي الشرعي الوحيد على مقدرات الإقليم، وأن الإقليم ضيعة من ضياع (مصطفى البرزاني).

    الغريب أن الشيعة المتصدي الوحيد لتهديدات (القائد الضرورة)، وكأنهم الوحيدون الذين يعنيهم هذا الأمر، اما سياسيو السنة فلا زالوا يلتزمون الصمت حيال ما يجري لمحافظاتهم، فبعد ان أغمضوا عيونهم أمام التمدد الإرهابي وسيطرته على محافظاتهم، فاليوم هم بنفس السكوت والصمت السابق، بعد ان هُجِروا أبناء تلك المحافظات وسيطر الاكراد على أجزاء كبيرة منها، في محاولة لضمها مع لإقليم عنوةً، فلم نر أو نسمع رداً واضحاً لسياسيي السنة حيال ما يجري، ولم يُعرف موقفهم النهائي حتى الآن.

    مسعود بعد أن واجهه الرفض الكبير من قبل جميع الدول الإقليمية والاوربية والغربية ضد الاستفتاء، ناهيك عن دول الجوار التي تصدت لهذا الأمر بقوة، وقالت بصريح العبارة أنها ستقف بوجه ذلك الاستفتاء مهما كلفها الامر، حاول برزاني ان يصنع حلاوة (بقدر مثقوب) كما يقول المثل الشعبي العراقي للسنة، قائلاً للصامتين منهم؛ نحن ندعمكم في تشكيل الإقليم السني، لكنهم لم يسألوه كيف لنا أن نشكل إقليماً وانت تريد سلبنا كركوك أمام الملأ؟ وتغتصب 40‎%‎ من أراضينا في وضح النهار؟ وتستحوذ على دور ومزارع المواطنين السنة والتركمان والمسيح والأيزيديين بالقوة؟ حتى وصل بك الحال الى مداهمة مقرات الحشد العشائري وأخذ أسلحتهم بالإكراه؟ أسئلة كثيرة يجب أن يسألها سياسيي السنة لمسعود، قبل تجزأت العراق.

    كثيراً من المتابعين للشأن العراقي، يعتقدون أن من المحال ان تقوم  دولة كردية على الأراضي العراقية، فغلق الحدود حول كردستان, ورفض جزء كبير من الشعب الكردي للاستفتاء, والموقف الدولي الرافض لمشروع برزاني, وإصرار بعض السياسيين الأكراد على البقاء ضمن العراق الاتحادي, وتصريحات لقادة في الحشد الشعبي بإعلان الحرب إذا ما اصر الإقليم على ذلك، تجعل من احلام برزاني الوردية في مهب الريح.

    مسعود بدء يخسر أوراقه الواحدة تلو الاخرى، التي كان يراهن عليها، فالشعب الكردي اصبح منقسماً بين مؤيد ورافض؛ فالمؤيدون هم المنتفعون من سلطته, وأصحاب المكاسب والمناصب والمتحكمون في القرار، ويعتبرون هذا الامر فرصة تاريخية لا يمكنها ان تتكرر، والرافضون هم الأكثرية المتوجسة من مشروع التقسيم، ويعتبرون مصالح الشعب الكردي اهم من المصالح الحزبية، ويرون ان وجودهم ضمن العراق الموحد يعطيهم القوة والحماية من تدخلات دول الجوار، ولا يجعلهم لقمةً سائغةً لتلك الدول، لافتقارهم الى أبسط مقومات الدولة الكردية، فأعلنوا موقفهم الصريح من الاستفتاء، للحفاظ على مكتسباتهم التي حققوها على مدى السنين المنصرمة وأنهم غير مستعدين للتفريط بها، وإن القادم القريب لن يسر مسعود كثيراً.

     ridwannasir71@gmail.com
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media