العراق اليوم
    الخميس 14 سبتمبر / أيلول 2017 - 21:21
    أ. د. عبد علي سفيح
    بروفيسور.. مستشار وباحث لوزارة التربية والتعليم الفرنسية

    الاستاذ المفكر العراقي حسن العلوي أوضح في مقابلة تلفزيونية ان الخطة الأمريكية بعد احتلال العراق في 2003 , ان أمريكا ألغت أولا السلطة ثم بعدها الدولة العراقية وحولتها الى مكونات متجانسة ثم بعد ذلك فتت الكتل المتجانسة. فكرة سهلة وواضحة شكليا ومعقدة تركيبيا.

    أنا هنا لم أكتب بحثا ولا دراسة ولا حتى مقالاً بل خاطرة صغيرة وددت فيها توضيح فكرة العلوي عسى وان تسهل قراءة الواقع العراقي الذي نعيشه اليوم.

    أمريكا عندما احتلت العراق في عام 2003 وضعت سؤال مهم وأرادت من أوربا وخاصة من فرنسا ذات المعرفة الجيدة بتجربة لبنان أن تشاركها في الوصول الى جواب سليم. السؤال هو: كيف يتم بناء نظام ديمقراطي في بلد متعدد الطوائف والأديان والأعراق؟. النظام الديمقراطي سيؤدي الى تسييس الطائفة والدين والعرق. وبما أن السياسة هي صراع على السلطة، هذا يؤدي الى اندلاع العنف والحروب الداخلية. وعند تسيس المكونات سيتوجب ظهور قيادات لها تتحول الى دكتاتوريات فردية بحكم ولاء افراد مكونها ومتطلبات الصراع على السلطة.      واذا تكونت الدكتاتورية الفردية للمكون سوف يبتعد عن مكونه ويحولها الى عائلة حاكمة كما حصل في لبنان حيث ابتعد ممثلي الشيعة والسنة والمسيحيين عن اتباعهم وأهملوا الريف مما أدى الى  ثورة الريف ضد المدينة واندلعت الحرب الأهلية ليست بسبب ديني بقدر ما كانت بسبب طبقي. لذا تغيرت قيادات الطوائف اللبنانية وتعددت. للشيعة مثلا أصبح أمل وحزب الله. اذن كيف نمنع حصول ذلك في العراق؟ . الجواب هو التمثيل النسبي لكل مكون طائفي وعرقي وديني، وتأسس بموجب ذلك مجلس الحكم.

    اما عن منع الدكتاتورية الفردية للمكون، فقد رفض العالم الغربي نوري المالكي وأقل منه مسعود البارزاني حسب تقديراتهم بأنهما دكتاتوريان. وهذا قد يفسر العداء بين المالكي والبارزاني لأنهما يمتلكون نفس الصفات التزعمية. لهذا تشجع أمريكا والعالم بتعدد الأقطاب في المكون الواحد كضمان لعدم الإيثار بالسلطة. كيف يتم دعم هذا النموذج ، يتم بتعزيز الديمقراطية ودعم الأفراد الذين يؤمنون بها كوسيلة للمعايشة الجماعية بسلام.

    لأنهاء دكتاتورية الفرد الممثل للمكون، يجب دعم الديمقراطية ومساعدة التمثيل المتعدد وليس الفردي.
    كردستان اذا استقلت فسيكون أمامها طريقين. الأول طريق الدكتاتورية الفردية المستندة على الأكثرية المطلقة للكرد.الطريق الثاني وهو تكوين دولة اتحادية من مكونات مختلفة ، ممكن هذا النموذج يؤدي الى دولة حديثة عصرية والسبب هو:
    وجود شريحة كبيرة من العرب العراقيين في كردستان سوف يساهمون بجعلها منار للثقافة والعلوم لأن العرب عندما يكونوا أقلية ، يصبحون من أبدع شعوب العالم في التسامح والديمقراطية. مثال في العصر العباسي في بغداد وفي قرطبة الأندلس كان العرب أقلية وفي دمشق الأموي وفي مصر الفاطمي. وعندما يكون العرب أكثرية يكونوا متطرفين في الدكتاتورية والشمولية.

    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media