المُعتقد والمُفتقد؟!!
    السبت 16 سبتمبر / أيلول 2017 - 05:20
    د. صادق السامرائي

    المعتقد أن تكون في سفينه وتحسب أنها ستجري في الصحراء , والمفتقد أن تنسى بأن السفينة بحاجة إلى ماء لكي تطفو عليه , وتمضي وفقا لإرادة ربانها لكي تسير بها إلى حيث تريد.
    وكل معتقد يركن إلى مفتقد , فيبقى يصارع ذاته وموضوعه ويكون في حالة شرسة وعدوانية تجاه الآخرين والذين يحملون معتقد ويمتطون مفتقد.
    وهذا حال الدنيا منذ الأزل ولا تزال نواعير دمائها تجري في يباب المعتقدات وفي سواقي وترع المفتقدات.
    قد يقول قائل , ما هذا الهذيان؟!!
    لكن الواقع المقروء بعدسات الجوهر والنظر الحصيف يبين أن البشرية متوحلة في معتقدات بلا منافذ أو خيارات سوى التصادم والتصارع مع معتقدات أخرى قائمة من حولها , وجميع المعتقدات تسد الطرق وتبني السدود والحواجز والمصدات ضد بعضها , ولا تترك فسحة للأمل والحركة المتوافقة المتناسقة المنسجمة مع طبيعة الطريق وما فيه من العثرات والمطبات.
    فكل معتقد يريد الطرق له لوحده ويمنع غيره من الخطو في أي طريق , وبهذا السلوك العدواني تمضي التفاعلات ما بين الحالات البشرية بأنواعها , سواء كانت أديانا , أحزابا , فئات , جماعات , عصابات وما شئت من الكينونات المتقاتلة حتى الفناء.
    ولم تتعلم البشرية سبيلا أفضل من التصارع والتنازع والتعبير عن الكراهية والعدوانية فيما بينها , ويبدو أن إرادة الأرض تفرض سطوتها على المخلوقات القائمة على ظهرها , وهي التي تدفع بها إلى أن تتماحق وتتصارع لكي يتحقق التوازن والتواصل الخلقي , ولهذا فأن القول بأن أي معتقد يمكنه أن يكون متفاعلا بإيجابية مع معتقد آخر فيه الكثير من الخلل , ولو أن بعض  الأفذاذ من البشر قد إنطلقوا في دعوات السلام والمحبة والألفة , لكنهم لم يتمكنوا من إنارة القلوب والنفوس والعقول البشرية إلى درجة التأثير على السلوك القائم في ارجاء وجودها.
    ويبدو أن التفاعل ما بين البشر يتخذ منحنيات ومنحدرات وتفاعلات ما بين آونة وأخرى , فالهدوء يكون معقوبا بعاصفة , والسلام النسبي بحرب شعواء , وكل حالة تتصل بنقيضها فيما بعد.
    لكن الحالة الإعتقادية تبقى من أخطر العوامل المؤثرة في السلوك السلبي والعدواني المتحقق ما بين المجتمعات وفيها , وكأن المعتقدات جمرات متأهبة للإلتهاب والأجيج السجّار.
    فهل من إعادة نظر في المعتقدات وفقا لما توفر من المعلومات والحقائق والدلائل البينات؟!!


    د-صادق السامرائي

    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media