بين الرأي والرأي الاخر... شيئا ما يجب ان يقال....!!!
    السبت 16 سبتمبر / أيلول 2017 - 18:59
    أ. د. حسين حامد حسين
    كاتب ومحلل سياسي/ مؤلف روايات أمريكية

    على الرغم ان حرية الرأي هو نهج ديمقراطي سليم ومشروع في العالم المتمدن وهو محصلة القناعات الذاتية ، الا اننا في عراقنا ، وبشكل عام ، لا نجد الكثير من الاراء تخضع لقناعات ذاتية او موضوعية . فالرأي في العراق وفي احيان كثيرة يمكن ان يمثل تحاملا نتيجة لرد فعل لمواقف غاضبة لتشويه السمعة. وهو أحيانا نوع من ثأر نفسي نتيجة لخسران موقف تنافسي مع الاخرين . وربما يكون القصد من الرأي  كمحاولة لغمط الحق أو كنوع من حسد او شعور بالدونية تجاه المقابل. كما ويمكن أن يكون الرأي سلاحا من اجل المغالطة من اجل التظاهربثقافات واسعة . وفي جميع تلك الحالات يكون ضياع المصداقية والتسويف من بين خصائص النقد العراقي . ففي الغرب ، قلما نواجه بعضا من سلبية الرأي العراقي تلك ، أو ضرورة المغالطة أوالصدود عن السلوك المتحضر . فعندما يكون الرأي عن الرأي الاخر يفتقر للمعرفة والدراية الكافية ، يكون الصمت هو الجواب الامثل. 
    زميلنا الفاضل ألاستاذ الدكتور عبد علي سفيح ، الذي اراد توضيح فكرة تخص رأيا للسيد حسن العلوي ، سمح للدخول في مواضيع تخص قضايا نراها تتعلق بموضوع الحق والباطل والحلال والحرام، الامر الذي استنهض فينا رغبة في التعليق على ما ورد ، نأمل عدم مؤاخذتنا ان كنا نمتلك رأيا اخر.فالاختلاف في الرأي لا يفسد الود. 
    فمنذ ان تفتح عيوننا على حقائق الحياة ، وجدنا أن الباطل هو الاكثر هيمنة من الحق في مجتمعنا العراقي ، بحيث استطاع الباطل في شيوعه ان جعل عراقنا واحدا من اكثر المجتمعات في العالم هدرا للحق وتماهيا مع الباطل.  ونحن هنا نستميح زميلنا العزيز البروفسور عذرا، ونحن نحاول ان نقدم عرضا سريعا حول ما نختلف معه من رأي من وجهة النظر التي أوردها من قبل الاستاذ حسن العلوي .
    فقد تحدث الاخ البروفيسور عبد علي سفيح اكثر من مرة وباعجاب عن أراء الاستاذ حسن العلوي ، و كان اخر ما ذكره عنه مقاله بالامس والتي ذكر فيه:( في مقابلة تلفزيونية ذكر المفكر العلوي ان الخطة الأمريكية بعد احتلال العراق في 2003 , كانت ان أمريكا ألغت أولا السلطة ثم بعدها الدولة العراقية وحولتها الى مكونات متجانسة ثم بعد ذلك فتت الكتل المتجانسة. فكرة سهلة وواضحة شكليا ومعقدة تركيبيا.) انتهى.. 
    ولكن ، وبأعتقادنا المتواضع ، ان امريكا صحيح انها الغت اولا السلطة ثم بعدها الدولة وحولتها الى مكونات متجانسة ، ولكن الافتراق في الرأي مع البروفسور ، يكمن في ان امريكا لم "تفتت" الكتل المتجانسة) ،   لاسباب من بينها :
    1- أنه لم تكن هناك أصلا ، كتلا متجانسة لكي تحاول تفتيتها . فتلك الكتل جميعها (شيعية وسنية وكردية) ، كانت مهيئة نفسيا وسياسيا واجتماعيا من اجل استغلال الاوضاع الجديدة وبلا رحمة ، حيث كانت تلك فرصتها السانحة الكبرى. فالشيعة في المهجركانوا في صراعات كبرى مع بعضهم البعض ولم يكونوا كتلا متوحدة أبدا وكما يجب ضد النظام الذي اضطهدهم طويلا. وفي الوقت الذي كانت فيه الولايات المتحدة تحاول تحقيق الحد الادنى من العلاقات الطبيعية فيما بينهم كانوا يبرهنون ومنذ البداية  من خلال "فوضى" كتابة الدستور العراقي ، عدم جديتهم في ارساء وتحقيق القيم الوطنية المطلوبة والتي يدفع ثمنها الشعب العراقي اليوم في علاقاته مع استهتار رئيس الاقليم السيد مسعود برزاني. فلقد برهنوا انهم اكثر بدائية من أن يتوحدوا فيما بينهم وخصوصا في الهدف الاول المفترض ضد نظام صدام الدكتاتوري . ولم تكن الادارات الامريكية غافلة أبدا عن رؤية تلك التناقضات فيما بينهم كمجموعات تناحرية تحاول انهاء الاخر.  وكانت نظرة الادارة الامريكية عن هؤلاء لم تكن تخرج عن فهمها العميق من أن ولاء الكتل السياسية الشيعية لم يكن للعراق بل كان لايران. وأن النهم والشراهة والطمع في نفوسهم بلا حدود . وانهم وقد "جيئ بهم على الحاضر" كما يقول المثل العراقي، وجدوا انفسهم بين ليلة وضحاها في أوضاع حياتية لم يكونوا حتى ليحلمون بها ، قد ساهمت في احلال أرتباك في تفكيرهم واحدثت هزة في حياتهم بعد ان عاشوا يتسكعون في طرقات ايران وسوريا وانكلترا وغيرها ، لكنهم وجدوا انفسهم فجأة "اسياد العراق" . فكانوا وهم يجلسون مع القيادات الامريكية والتي كانت "تنصت" الى تفاهاتهم وتبتسم بمكر لسذاجة عقولهم، وهم يحدثونهم عن كيفية طبخ "الفسنجون"....!!
     نعم ، هؤلاء هم قادة العراق ، لم يتغيروا ولن يتغيروا ابدا ، وهكذا تحدث عنهم "بريمر" في مذكراته.
    أما الكتل السنية، فانه لم يكن حاجة من اجل تفتيتهم ، فلقد عاشوا في بداية سقوط النظام الدكتاتوري ولزمن طويل بخوف وارتباك وترقب وظنون . فقد كانوا يخشون ان يتم ذبحهم نتيجة لشعورهم بعقدة الاثم تجاه ما فعلوه "كحكام" للشيعة والكرد.  حيث الاكثرية السنية المطلقة كانت لها علاقات رسمية ووثيقة مع النظام وخصوصا مع مؤسساته الامنية بجميع صنوفها. تلك المؤسسات الامنية التي لم تكن لتبالي برمي الاحزاب الاسلامية في احواض التيزاب. فلقد عشت شخصيا تلك الاوضاع الحاقدة والمدمرة في حقدها على الشيعة عن قرب  كاستاذ في جامعة تكريت. وعانيت من الاضطهاد والانعزال ووالشعور باللاجدوى وضياع الامل ، فكنت مشاكسا في كل موقف يسنح لي للتعبير عن مخالفتي لهم. فقد كنت لا ابالي بالصلاة في جامع صدام حسين في تكريت وفق طريقتي الشيعية. وفي احدى المناسبات لاحتفال رسميا كبير اقيم في فندق تكريت، كان يحضره كبار المسؤولين في العوجة وقيادة البعث واساتذة الجامعة وجمهورغفير، وكانوا قد سمحوا بتوجيه الاسئلة ، فنهضت متساءلا  وامام الجميع : (عن الاسباب التي كانت وراء قرار الوثوق هكذا فجأة بايران وارسال الطائرات العراقية اليهم خوفا ان تتعرض للتدمير ، بعد حرب ضروس لم تجف دماء شعبنا فيهابعد؟ ومضيت متسائلا : ( ان كانت مهمة الطائرات في العالم من اجل استخدامها في الدفاع عن حياض الأوطان ، فكيف يمكن ان يتم التعامل معها مثل أية "سلعة" عزيزة ولا يسمح لاستخدامها في  مهامها الاساسية؟؟؟!! . فساد صمت رهيب في القاعة. لقد عشت هناك وتعرفت على تلك الحقائق بدقائقها وتفصيلاتها في كراهية الاكثرية المطلقةمنهم للشيعة ومجاهراتهم اثناء النقاشات واعتقادهم ان الشيعة جميعا من اصول ايرانية ، وليسوا عراقيين.
    لم تكن الكتل السياسية للشيعة والسنة والكرد "كمكونات متجانسة" أبدا، كانت الكتل السنية والكردية اكثر دهاءا وحكمة سياسية من الكتل الشيعية ، ونتيجة لهذا ، كان على المالكي القيام بدوره كرئيس للوزراء تحت تلك التحديات من كل جانب ومكان، كتحصيل حاصل . وامام قوى شرسة تحاول عودة البعث من قبل السنة ، حيث كانوا اصلافا ويمتعون باسناد وحماية الانظمة العربية كالاردن والسعودية وقطر وتركيا. وكان البعض منهم غير مبالي بالتوقيع على ورقة "براءته " الشكلية " من انتماءه لحزب البعث كما فعل السيد صالح المطلك، فكوفئ على ذلك في تنصيبه فورا كنائب لرئيس الوزراء....!!!!  . أما الكرد فكانوا يفرضون على الحكومة الاتحادية زيادة رفاههم وشبه استقلاهم ، بينما كان الاستغباء الشيعي ينعم في فساده وعبثه بالمال العام!!! كل ذلك كان على حساب شعبنا الصابر.
    2- ليس دفاعا عن المالكي ، ولكن ، دفاعا عن الحق والعدالة والنزاهة والرجولة والضمير ازاء هذا الباطل الذي يغرق عراقنا في اعداء له بعدد النجوم. فلا أدري كيف يمكن ان يوصف المالكي كدكتاتور بينما المالكي كان مغلوبا على أمره!! كان محاصرا ومقيدا من قبل الجميع، حتى من الكتل الشيعية الباغية من جماعة مقتدى الصدر وعمار الحكيم "المتشدقون" بالوطنيات اليوم ، ومن مجموعات من خونة وعملاء على راسهم اسامة النجيفي سليل عائلة الخيانة، الذي دفعته خيانته الى تعطيل عمل البرلمان ويكرس نفسه من اجل الوقوف بوجه ومصادرة اي اجراء من قبل لحكومة المالكي من افشاله بل وتخوينه.
     3 – ولا أدري هل ان المالكي كان دكتاتورا بنظر البعض بسبب انه اوقف صرف ميزانية الاقليم نتيجة استمرار انتاج وتصدير نفط  الاقليم وكركوك الى تركيا واسرائيل ضد مباديئ الدستور؟!!؟ ام ان المالكي كان دكتاتورا بسبب انه قام بشجاعة المسؤول الوطني بتأديب مجرمي التيار الصدري بعد ان عاثوا فسادا في بغداد والبصرة والنجف وكربلاء وغيرها ؟؟!! وهل من العدالة ان نقارن شخصية المالكي كوطني ونزيه بشخصية مسعود برزاني اللص القاتل الذي لا يزال الشعب الكردي يرزح تحت دكتاتوريته في فقروعوز، وهو الان يحاول خلق حرب دامية ضد عراقنا بحجة الانفصال؟؟
    4- أما الولايات المتحدة فقد شعرت بجرح كبريائها بسبب ان البرلمان العراقي اوقع بالمالكي من خلال التظاهر كونه ضد الوجود الامريكي في العراق ، ولما قام المالكي بالايعاز للامريكان بالخروج من العراق، هنا بدأ صراخ هؤلاء الخونة من الشيعة والسنة من اجل الدفاع عن الوجود الامريكي في العراق، فهل يمكن ان نجد في احزاب وكتل العالم السياسية اكثر حقارة ولا انسانية من هؤلاء.
    5- ولا افهم أبدا كيف يمكن ان وجود شريحة كبيرة من العرب العراقيين في كردستان سوف يساهمون "بجعلها منار للثقافة والعلوم ؟" أليس هؤلاء العراقيون في الاقليم هم بقية فلول البعث من الهاربين من وجه العدالة والقضاء العراقي والذين صدرت بهم احكاما قضائية بسجنهم؟ وأن الاقليم كان ولا يزال هو المأوى لكل مجرمي العراق ؟ أم انه لم يعد هناك من العراقيين من لم يعلم ان الموساد الاسرائيلي يهيمن على الحياة في الاقليم للتجسس على العراق وايران وسوريا؟؟؟!!!
    حماك الله يا عراقنا السامق...


    9/16/2017   

    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media