حالات تتوالد وأخرى تترافد!!
    السبت 16 سبتمبر / أيلول 2017 - 19:46
    د. صادق السامرائي

    الواقع العربي تتوالد فيه الحالات من رحم ذاتها , فالحرب تلد حربا , والويلة تلد ويلات , والعداوة تلد عدوانا , والفئات بأنواعها تلد فئويات , ولا يمكن لحالة إلا أن تكون أميبية الطباع في تكاثرها وتأثيرها الوبائي في المجتمع.
    وفي المجتمع العراقي الحالة تدور في دائرة مفرغة منذ سقوط الملكية وحتى اليوم , وكل ظاهرة مسلحة بمسمياتها تفتك بالبلاد والعباد , وتسفك الدماء وتقترف الجرائم والآثام والخطايا , وتمعن في الحماقات وصناعة الويلات , حتى تنتهي وتحل محلها موجة أخرى بإسم آخر , لكن غايتها واحدة وخلاصتها سفك الدماء ونسف القانون , والتحول إلى وجود متوحش مفترس لا يحترم أي قيمة أو معيار , وإنما يكون القتل  والخطف والتعذيب هو القانون.
    وعندما تكون السلطة بندقية , والقانون رصاص , يكون من الصعب على أي مجتمع أن يؤسس لمسيرة ذات قيمة معاصرة , تسعى لبناء دولة وإقامة نظام حكم يحترم حقوق الإنسان ويترجم إرادة الفضيلة والخير , لأن الشر هو السائد والمتحكم بالحياة , والمؤثر بصيروراتها المتنوعة ذات التطلعات الماحقة , لما هو إيجابي وقادر على الخطو نحو الأفضل.
    فالحديث عن إنتهاء حالة قائمة وفاعلة في المجتمع يبدو ضربا من الخيال , ومنطلقا لصراعات جديدة وتداعيات مريرة , فالواقع الذي أوجد أية حالة عليه أن يبقى ويتأجج لكي تبقى تلك الحالة وتتطور , وتمضي في دروب الصولات الدامية الحامية المدمرة للوجود المادي والمعنوي للبشر , في بقعة تمددها وتأسدها وتسلطها على مقدرات العباد والبلاد.
    فكل حالة تريد أن تعمل وتحقق مكاسبها , ولا بد لها من مبررات وجود وأسواق تروّج فيها بضائعها , ولهذا فأنها عندما تواجه تحديا يهدد مصيرها فأنها تسعى لتفعيل أسواقها , وصناعة الواقع الذي أوجدها أول مرة , وهذا يعني أن المجتنمع يدخل في متوالية أحداث تؤمّن مصالح الحالة , وتمدها بعزيمة التنامي والتطور والإنقضاض على الآخرين للحفاظ على أهدافها وإطالة عمرها إلى أقصى ما يمكن.
    ولكل حالة عمرها ومصيرها المحتوم , لكن المجتمعات تبتلى بحكومات لا تعي هذه البديهية , وتمضي في مقاومتها والهجوم عليها , وبذلك تحقق فواجع وفظائع , وتنتهي إلى صيرورات ذات مرارات متراكمات وتفاعلات إنتقامية سوداء , تزيد في دوران الأحداث في دائرتها المفرغة التي لا تعرف التوقف أو التنازل عن مسارها السقيم.
    فهل من قدرة على التفاعل الحكيم , والخروج من مهاوي الإضطراب الإنفعالي العقيم؟!!


    د-صادق السامرائي

    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media