هل انتصر الإسلام للمرأة؟ (4)
    الخميس 21 سبتمبر / أيلول 2017 - 04:06
    عادل نعمان
    كاتب وإعلامي مصري
    سألنا سؤالاً فى نهاية المقال السابق ووقفنا عنده: هل انتصار الإسلام للمرأة فى بداية الرسالة، وفى ظروفها الاجتماعية والمعيشية التى كانت عليها، منذ أكثر من أربعة عشر قرنا ويزيد، يكفيها الآن ويلبى احتياجاتها وطموحاتها؟ وهل لو تركت نفسها لحركة التطور التاريخى والثورات التحررية تعطيها كما أعطت المحررين من كل أنواع الظلم، هل كان أفضل ممن انتصر لها الإسلام؟.. وللإجابة نستعرض بعض المواقف والانتصارات القديمة ومقارنة بينها وبين انتصار المرأة الآن.

    اولا: انتصر الإسلام للمرأة فى بدايته، بأن جعل شهادة المرأة نصف شهادة الرجل حسب ما جاء فى الآية (واستشهدوا شهيدين من رجالكم، فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى). ولأن الإسلام يعتبر المرأة ناقصة عقل ودين، فهى أقرب إلى أن تضل وتنسى، فكان الحكم، إن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان، لتذكر أحدهما الأخرى إن ضلت ونسيت، فقد كان هذا انتصاراً عظيماً للمرأة التى لم تنل من خبرة الأيام شيئا، ولم تختبر وتمتحن فى معارك المعاملات ومشاكل القوم، فقد كان عمل المرأة مقصورا على تربية الأولاد ورعاية الدواب، والعناية بالبيت، وإشباع شهوة الرجل وقضاء وطره، وكانت بعيدة تماما عن دائرة العلاقات الإنسانية والمعاملات المادية بين الناس، فلم تكتسب المرأة مهارة الرجل فى الحكم على المواقف، ولم تتدرب عليها، فتقدر على سداد الرأى فيها، أو اعتادت التحمل ورباطة الجأش فلا تنساق وراء عواطفها، أو تتمرن على سبر أغوار النفوس ومعرفة الصادق من الكاذب فلا تضل ولا تضلل. أما والأمر قد اختلف، ونالت حظها من التعليم والعمل والاحتكاك فى المعاملات، فنضجت واكتسبت من المهارات والقدرات والخبرات ما يؤهلها لإبداء الرأى والحكم كما الرجل، وتعاملت فى المواقف المختلفة بصعوبتها وصدقها وكذبها، فنالت من رباطة الجأش والثبات فى الموقف وتمالك النفس ما ناله الرجل واكتسبه، وحظيت كأنثى بخبرة قراءة المستور فى عيون الناس، فزاحمت الرجل وتفوقت فيما لا يقدر عليه، ولم يغنه بنيانه وفحولته عنها، فترك لها من أحماله ما رفعته عنه وتحملته راضية مرضية، فوصلت إلى رئاسة الدول والوزارات والمناصب العليا، بل تفوقت فى الكثير، وأصبح الإبقاء على هذا غير منصف، بل معطل لنصف حركة السير، فكيف لوزيرة تقود وزارة، أو مديرة ناجحة، أو أستاذة جامعية وطبيبة ومهندسة ومعلمة ومحامية ومحاسبة، وتكون شهادتها نصف شهادة الساعى الذى يحمل عنها أوراقها، أو السائق الذى يقود لها سيارتها؟ وإذا كانت شهادة المرأة جائزة بمفردها فى حالات الضرورة، وفى الحالات التى بدونها تضيع الحقوق، ويؤخذ بشهادتها بمفرها فى الأحوال الشخصية، وكان هذا الحكم فى أصله وفى نصه خاصاً بموضوع الدين فقط، وسحبته ذكورية الرجل ليعمم عليها الحكم، يصبح هذا الأمر فى حاجة إلى إعادة النظر، وعودة الحكم إلى أصله. فما كان فى حينه انتصاراً لامرأة تعامل معاملة العبيد وفى درجة واحدة هى والبهائم، يصبح الأمر غير منصف إذا ما تعلمت وتقلدت أعلى المناصب.

    ثانيا: الإسلام قد أجاز للرجل ضرب المرأة لتأديبها الآية (واللاتى تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن فى المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا) الوعظ والإرشاد أولا، يليه الهجر فى المضاجع أو فى الفراش، وعند بعض الفقهاء، تقييدها بالهجار، وهو حبل الدابة، أى «ربطها» فى مكان فى البيت، أو الضرب، وهو آخر مراحل العلاج، ويستمتع الرجل بنسائه الثلاث، وما شاء له من ملك اليمين، حتى تخضع الزوجة وتستجيب، ويكون الهجر إذلالاً للمرأة وكسر أنفها وكبريائها، أما عن الضرب حتى لو كان كما قال بعضهم ضربا خفيفا غير مبرح، فإلى جانب أنه إذلال ومهانة، فلا ضمانة لرفق الرجل بها عند الضرب، والواقع يقول إن مجرد إجازة الضرب للرجل كوسيلة تأديب، ومنحه هذا الحق متى شاء دون ضابط أو رقيب، فإن الرجل فى الأغلب الأعم يتغافل عن الترتيب السابق ذكره، ولا يلتزم بالرأفة فيه، إلى جانب استخدامه فى غير السبب من نزوله، وهو الخوف من النشوز، ويصل بالضرب إلى الأذى الشديد أو إصابة المرأة بعاهة مستديمة، ناهيك عن الأذى النفسى الذى يتركه الضرب فى المرأة. ولو لم يكن أمر الضرب معمولاً به، وحقاً مطلقاً للرجل يتذكره دائماً، لكانت هذه العقوبة قد اختفت من حياتنا كما اختفت فى دول ومجتمعات كثيرة. فإذا كان علماء الاجتماع والنفس يطلبون من الآباء عدم ضرب أبنائهم والتعامل معهم بالإقناع والحب والتفاهم، فكيف يكون هذا الأمر مقبولاً مع من يربى الأولاد وينشئهم ويربيهم ويعلمهم معنى العزة والكرامة؟!.. فإذا كان هذا الأمر مقبولاً مع العبيد والبهائم فى وقت كانت النسوة فيه إليهما أقرب، فكيف يمكن أن يظل معمولا ومقبولا الآن؟!.. إلى الأسبوع المقبل.

    adelnoman52@yahoo.com

    "المصرية اليوم" القاهرية

    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media