د. صادق السامرائي
"آي ثنك" , هذا التعبير يتكرر كثيرا في كلام الإنسان في المجتمعات الديمقراطية القوية , ويردده في جميع المراحل العمرية , إبتداءً من المرحلة المدرسية الإبتدائية.
فما أن تسأل , أو تصيخ السمع لحوار ستعتاد على سماع "آي ثنك" , وهي تشير إلى أن المتكلم قد أعمل عقله وفكره وتأمل وتوصل إلى رأي أو تصور أو إستنتاج بخصوص الموضوع المتداول.
بينما في المجتمعات المتأخرة لا تجد هذا التعبير إلا نادرا , لأن آليات النشأة والتفاعل مبنية على التبعية والأبوية وترديد أقوال الآخرين , أيا كانت مسمياتهم وتوصيفاتهم , فالإنسان لا يفكر ولا يمتلك القدرة على التصور وطرح الرأي , وإنما عليه أن ينقل ما يراه غيره , ويكرره ببغاوية عمياء.
ولأصحاب العمائم واللحى دور كبير في إلغاء التفكير أو منعه وتحريمه , وتربية الأجيال على إخماد العقل ومنعه من العمل , فعلى الجميع أن يتبع ما يقولونه ويفتون به , لأنهم بلا عقول , أو أن عقولهم قاصرة عن الإدراك.
وهذا الأسلوب التفاعلي السلبي يطغى على الحياة ويحجرها ويمنعها من التطور والرقاء , لأن العقول يجب أن تعمل وتتفاعل لكي ترتقي وتتطور ويكون المجتمع أقوى وأقدر.
ولهذا فأن من الصعب تمرير أي فكرة إذعانية في المجتمعات المتقدمة , لأن الناس تفكر وتتساءل عمّاذا ترى وتريد , وتمضي في حواراتها الذاتية وتقديراتها الموضوعية لصياغة رأيها بعيدا عن رأي غيرها , حتى وإن إتفقت مع الآخر , فأنه يكون ناجما عن تفكير واعي وتقدير حصيف له أسبابه ومعزاته.
أما في المجتمعات المتأخرة فأن الإتفاق يكون محكوما بالعواطف والإنفعالات والإنتماءات الساذجة البلهاء الخالية من المعرفة والإدراك , والتقدير العلمي والمعرفي المبين, وهذا فارق شاسع ما بين مجتمعات متقدمة وأخرى متأخرة.
د-صادق السامرائي