حقيقة إنسحاب بريطانيا من الإتحاد الأوربي
    الأربعاء 24 يناير / كانون الثاني 2018 - 03:38
    د. ميسون البياتي
    المملكه المتحده إمبراطوريه عظمى بكل معنى الكلمه قبل أفولها كانت تسمى ( الإمبراطوريه التي لا تغيب عنها الشمس ) لإتساع الممالك التي تحكمها حول جميع كوكب الأرض . وحتى بعد أن أفل نجمها مازالت ملكة المملكة المتحده الى حد اليوم ملكة على 16 دوله حول العالم عدا عن كونها ملكة للملكة المتحدة نفسها , ومن بين هذه الممالك : استراليا , كندا , نيوزيلندا 

    كمواطنه نيوزيلنديه من رعايا بريطانيا أشرح حقيقة وسبب إنسحاب بريطانيا من الإتحاد الأوربي , ذلك السبب الذي لم يتطرق له أحد البته لا في الإعلام الغربي , ولا في الإعلام العربي المغرد بكل مايقال في الإعلام الغربي وما تكتبه الصحافة الغربيه 

    قارة زيلندا هي القارة السابعه في العالم , وهي قارة واسعة مترامية الأطراف 90% منها مغمور تحت عمق عدة أمتار من الماء و10% منها ظاهر فوق السطح هو نيوزيلندا وبعض الجزر الصغيره المنتشره حولها . قارة بكر معطاء غير مسكونه مهولة بإمكانياتها من ثروات خرافيه غير مستخرجه ولا مستعمله ولم يمسسها بشر ويحميها الماء الذي يغطيها , إستعمرتها بريطانيا منذ حوالي 200 عام عند إكتشافها من قبل الكابتن كوك 

    منذ بدايات القرن الماضي مدت بريطانيا أسطولاً بحرياً عملاقاً يربطها مع مستعمرتيها نيوزيلندا واستراليا , كانت تستورد منهما كل البضائع والسلع والمعادن التي يمكن أن تتاجر بها مع بقية مستعمراتها حول العالم , لهذا كانت نيوزيلندا بالتحديد من أغنى دول العالم قاطبة يتفوق دولارها على الفرنك السويسري بمراحل 

    أعلن الرئيس الأمريكي نيكسون ووزير خارجيته هنري كيسنجر إعجابهما بالمصرفي الفرنسي ( جورج بومبيدو ) ورفعاه ليصبح رئيساً لفرنسا ليس لأنه يستحق الإعجاب فعلاً فهو رجل ذو قابليات وذكاء محدودين , لكن الإعجاب سببه أنه كان يعمل مديراً لبنوك روتشيلد أغنى وأكبر بنوك العالم وتمتلك ما يزيد على نصف ثروات العالم 

    خطب نيكسون وكيسنجر ود بومبيدو في الفتره التي قررا فيها وقف ربط سعر الدولار بالذهب وتحويله الى ( البترودولار ) أي جعل العمله الوحيده التي يباع بها النفط هي الدولار فتجبر جميع دول العالم على شراء الدولار لشراء النفط حتى لو كان الدولار مجرد ورقة مطبوعه لا قيمه ولا غطاء نقدي لها . في هذه الفتره خشيت بريطانيا على مصالحها من الإنهيار فقررت دخول السوق الأوربية المشتركه التي تحول إسمها فيما بعد الى الإتحاد الأوربي , وهكذا .. ما ان تسلم بومبيدو رئاسة فرنسا حتى أعلنت عضوية بريطانيا في السوق بتاريخ 1/1//1973 

    شراكة السوق الأوربيه المشتركه تستدعي من بريطانيا أن تبيع وتشتري مع شريكاتها الأوربيات ولهذا قلت ثم إنعدمت تجارتها مع نيوزيلندا وأستراليا , وبعدما كان الدولار النيوزيلندي متفوقاً على الفرنك السويسري بمراحل أصبح سعر صرفه مقابل الدولار الأمريكي يساوي حوالي نصف دولار 

    في نيوزيلندا السكن مجاني لمن لا يملك سكن , الماء والكهرباء والإتصالات والمواصلات والتعليم والصحه كلها مجانيه , مع تزايد عدد السكان وتقهقر الصادرات أصبح كل شيء مقابل ثمن يتصاعد يوماً بعد يوم , وكذلك الحال في استراليا 

    بوصولنا الى هذه المرحله وجدتها الولايات المتحدة الأمريكيه فرصة سانحة لإبتلاع قارتي زيلندا واستراليا بسبب حاجتهما الماليه , فتم تصميم ( إتفاقية الشراكه الإقتصاديه الستراتيجيه عبر المحيط الهاديء ) وهي إتفاقيه أمريكيه يرمز لها بالحروف ( تي . بي . بي . أي ) أنشئت عام 2005 وشاركت في محادثات تأسيسها كل من الولايات المتحده , سنغافوره , نيوزيلندا , شيلي , بروناي , ماليزيا , أستراليا , فيتنام . وتعمل الإتفاقيه بالضبط على غرار عمل السوق الأوربيه المشتركه 

    بدأت بريطانيا تشعر بالخطر من ضياع نيوزيلندا وأستراليا لكن البروتوكولات الموقعه بينها وبينهن لا تسمح لها بالتدخل القسري إلا في حالات الخطورة القصوى على مصالحها ولهذا انتظرت لحين إنتهاء مباحثات التأسيس , حين وقّع رئيسا وزراء كل من استراليا ونيوزيلندا عام 2015 على أوراق الدخول في تلك الإتفاقيه , ما هي غير أشهر وتمت إزاحة رئيس وزراء استراليا توني آبوت عن منصبه ونقض توقيعه على الإتفاقيه

    في نيوزيلندا كان الأمر أعقد , خرجت المظاهرات العارمه الى الشوارع تندد بالتوقيع على الإتفاقيه , وثار شعب الماوري سكان نيوزيلندا الأصليين وقالوا ( لا تبيعوا بلادنا مرتين ) وصرخ ملك الماوري بأعلى صوته : إنها إهانه , فرد عليه نائب رئيس الوزراء : نحن نعتذر فهل هذا يكفي ؟ أجابه ملك الماوري : لا ,, لا يكفي ... وقرر الماوريون القيام بثورة شعبيه يجبرون فيها كل الأجانب أما الرحيل أو الموت , وكادت تقوم في البلاد حرب أهليه لم يمنعها غير إجبار رئيس وزراء نيوزيلندا جون كي ( الذي لقبه النيوزيلنديون بلقب : دون كي ) على الإستقاله عام 2016 ونقض توقيعه على الإتفاقيه , وحين وصلت الأمور الى هذا الحد , ووجدت الولايات المتحده انها لن تتمكن من بلع نيوزيلندا واستراليا بهذه الإتفاقيه قام الرئيس الأمريكي بحل الإتفاقيه وإعفاء الدول المتبقيه من تبعات الإرتباط بها 

    بوصولنا الى هنا قررت بريطانيا مغادرة الإتحاد الأوربي والعوده الى إحياء إستثماراتها مع مستعمراتها .. وكل تفسير يردك حول سبب إنسحابها من الإتحاد الأوربي عدا ما ذكر أعلاه هو مجرد هراء وكلام فارغ تردده وسائل الإعلام ومثقفي جيل العولمه الذين لا يفقهون أي شيء

    د. ميسون البياتي 
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media