أهمية الإعلام والجهد الفيلي المبعثر
    الجمعة 12 أكتوبر / تشرين الأول 2018 - 20:23
    صادق المولائي
    بداية أعتقد اننا نتفق جميعاً على ان للإعلام دور كبير في حياتنا اليومية بشكلها العام والخاص، كونه توغل الى جميع مرافق الحياة إن شئنا أم أبينا، وساهم باحداث تغيرات كبيرة خاصة على الصعيدين السياسي والإقتصادي للعالم أجمع، كذلك ساهم بدفع عجلة التطور الذي تَشهدهُ اليوم غالبية شعوب الارض. كما ان الملفت للنظر ان الإعلام قابل للتطور بشكل سريع ربما اكثر من غيره، فوسائله في التشعب والتنوع مستمر، إلا انه على الرغم من منافعه فهو خطر جداً لذلك يُعد كسلاح ذو حدين.

    لا شك ان جميعنا يسعى للإستفادة من وسائل الإعلام فرديا كان أم جماعيا لتحقيق الأهداف والغايات والمصالح، وخاصة الحكومات فهي في مقدمة الساعين للإستفادة من وسائل الإعلام بل ان أغلبها تعمل على احتكاره لصالح الحزب الحاكم وفرض القيود على المواطنين لتحجيم دورهم وعدم إفساح المجال لهم في التطرق او التعرض الى مصالح الحزب الحاكم ورموزه وزبانيته او التعبير عن وجهات نظهرهم بحرية من دون ملاحقة قانونية.

    إلا ان تنوع وتعدد وتشعب وسائل الإعلام أتاحت نوعا من الفرص الى المستضعفين والمضطهدين والمكونات الصغيرة المهمشة والمغيبة، للتواصل ولتبادل الآراء وطرح الأفكار للعمل من أجل حماية أنفسهم من الضياع والتشتت، وكذلك الدفاع عن حقوقهم وهويتهم. ففي مقدمة تلك الفرص هي صفحات الـ (فيسبوك) والـ (تيوتر) والـ (يوتيوب) على شبكة الأنترنت، لذا هي تُعد فرصة مناسبة وجيدة للتواصل بين جميع شعوب العالم ومكوناتها وأطيافها وبمختلف التوجهات الفكرية، وكذلك جمع شمل المغتربين عن الأهل والأوطان من المهاجرين والمهجرين، هذا ويمكن لأي مكون ان يجد له مكاناً هناك ليؤسس لنفسه بيتاً لغرض التقارب أكثر إجتماعياً وفكرياً.

    فعندما تتخذ مجموعة عرقية أو مهنية أو فكرية أو غيرها أسماً يرمز لهم ككيان على صفحة الـ (فيسبوك) أو في الحياة العامة، نجد انها تحرص كثيراً على ان يكون ذلك الأسم معبراً عن هوية تلك المجموعة. كذلك تحرص على ان تكون هناك ستراتيجية واقعية تُلبي طموحات تلك المجموعة وتُسهل الأهداف التي يسعون لتحقيقها، كما انها تحرص على ان يكون ذلك الأسم او العنوان فسحة إيجابية متاحة للتلاقي ولتبادل الأفكار والآراء والتشاور وغير ذلك، بالإضافة الى مناقشة المواقف التي يراد اتخاذها حول مسألة ما.

    لذا عادة ما يلجأ الكثير منهم الى الإستفادة من وسائل الإعلام المتاحة لنشر افكارهم والترويج لها وكذلك فعاليتهم ونشاطاتهم لإظهار دورهم أسوة بالآخرين، وان كانت بعض المجاميع تهدف الى بسط نفوذها وفرض آراءها وحتى معتقداتها على الآخرين مستفيدة مما لديها من الإمكانيات الكبيرة. بينما هناك من يحاول ان يدافع عن وجوده وهويته المهددة بالإنقراض امام عنجهية بعض الإرادات الكبيرة المتغطرسة العنصرية على الرغم من فقر إمكانياته.

    الفيليون كشعب هم ايضا شكلوا العديد من المجاميع والكيانات التي تحمل أسم هويتهم العرقية كونها تعرضت الى الإضطهاد العرقي العنصري، ومازال هذا الشعب يحمل على أكتافه هموم السنوات الطويلة من الويلات والمحن وما نجم عنها من آثار سلبية قاسية، فرضت عليه قيوداً سياسية وإجتماعية وقانونية لم يتسنى له بعد التحرر منها. وكذلك سيبقى هذا الشعب على الحال نفسه طالما لم يسع بشكل جدي وحقيقي ليؤسس لنفسه كياناً مستقلاً ليس بالضرورة ان يكون سياسياً يدافع بواسطته عن وجوده وهويته، يحرص فيه على ان لا يكون امتداداً لأحدى الكيانات السياسية اللاعبة على الساحة حالياً، وتتحرك بأمرتها وتوجيهاتها التي تهدف حماية مصالح تلك الكيانات ومكتسباتها قبل كل شيء حتى وان كان على حساب المواطن ومصالحه، والسنوات التي أعقبت سقوط النظام السابق هي خير دليل وشاهد على دور وعمل وديدنة الأحزاب بشكلها العام. كما ان من الضروري جدا ان ينصب همنا في جمع شمل الطاقات وجهودهم ضمن طريق واحد، بدلاً من التبعثر الذي يعد سبباً قوياً وراء ضياع استحقاقاتنا واسترجاع هويتنا وما اغتصب منا كرهاً وظلماً، والذي وفر المناخ لظهور عدد من الوصوليين ممن يدعون هنا وهناك بانهم ممثلين عن شعبنا الفيلي حتى من دون علم الفيليين ورضاهم، فمنهم من اختار عنواناً كبيرا لفرض نفسه كممثل وان كان عددهم عدة اشخاص فقط.

    نحن نرى ان هناك محاولات شتى للكورد الفيليين من خلال مختلف الوسائل الاعلامية وخاصة على الـ (فيسبوك) لتواصل مع بعضهم من كافة بلدان العالم ومن مختلف الأعمار والمهن والشهادات الدراسية من الجنسين. وهناك مشاركات كثيرة ومنوعة تطرح على مدار الساعة، وكذلك نشاطات متعددة في المجالات السياسية والاجتماعية والاعلامية، بالاضافة الى نشاطات منظمات المجتمع المدني وحتى محاولات في مجال العشائر من اجل النهوض بقضيتهم وايجاد الحلول اللازمة لها.

    بلا شك ان هذا الأمر يفرحنا كثيرا ويزيد فينا الأمل بمستقبل أفضل، ولكن ما يهم قضيتنا الفيلية في الأمر كله هو ان نحرص أكثر في اختيار مشاركاتنا من المواضيع والمقالات بما ينصب في خدمة قضيتنا الفيلية، كونها بحاجة ماسة وشديدة الى جهودنا جميعا وما يحضرنا من أفكار وآراء مفيدة. لذا علينا ان نشد العزم ونعقد الهمة للعمل معا من أجل رفع المظلومية عن شعبنا الفيلي المشتت في أصقاع الارض بسبب السياسات العنصرية. وان نوحد خطابنا الاعلامي في رسالة واحدة تهدف تحرير الفيليين من قبضة الكيانات السياسية من اجل ان تكون لهم إرادة، هي من تقرر مصير الوضع الفيلي الذي يشعر بالخذلان والخيبة من دور كافة الكيانات السياسية.

    الحقيقة انا على ثقة عالية ويقين قوي ان لا أحد منا نحن الكرد الفيلية يرغب ان يتحول مواقعنا الفيلية الى فسحة للهو وقضاء الوقت او ميدانا للصراعات المتطرفين أو منابراً لتنفيذ أجندة الأحزاب السياسية، فمازال أمامنا على الطريق عمل كثير ينتظرنا لا أحد غيرنا سينجزه.

    نناشدكم أخوتي وأخواتي الفيلية ان تعملوا بحرص عالٍ وبنفس واحد كل من موقعه أينما كان، من أجل بناء وتحصين بيتنا الفيلي وعدم ترك مسار القضية الفيلية في أيدي الأحزاب السياسية، ليقرروا نيابة عنكم حسب مصالحهم وأهواء مندوبيهم ومن يدعي لنفسه تمثيل الكرد الفيلية.

    قضيتكم واجب عليكم النهوض بها بأنفسكم بشتى الوسائل والطرق، مصيرها بأيديكم لا تهملوها ولا تبخلوا بشيء يمكنكم ان تفعلوه من اجلها، ولا تتركوا أمرها بيد الوصوليين، ولمن يريد قضيتنا سُـلما لتحقيق المكاسب في الانتخابات مستغلاً دماء شهداءنا، بيد أنه يستخف بعذابات أهلنا ومصائبهم وحقوقهم ..

    تيقنوا إن ساهم كل فيلي بقدح من الماء سيشكل نهرا رائعا يمنحنا الحياة ويضمن لنا وللآخرين البقاء كوننا لسنا بشوفينيين.
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media