وها هي البقرة السعودية تتهيأ للذبح...
    الأثنين 15 أكتوبر / تشرين الأول 2018 - 18:03
    أبو فراس الحمداني
    كاتب ومحلل سياسي
    هي نهاية الطريق  الذي اختارته ممالك البترودولار يلوح في الافق حينما رهنت اقتصادها وأمنها وسيادتها في صفقة البترودولار سيئة الصيت التي عقدتها مع امريكا في منتصف القرن الماضي..!!! اللعبة شارفت على الانتهاء والسعودية اصبحت عبئا ثقيلا يجب التخلص منه وافراغه من آخر برميل نفط...!!!!  من يتابع أداء الرئيس الامريكي  في لقائه مع رئيس كوريا الشمالية  وكيفية إدارته للمباحثات مع الدولة الاكثر عداء لواشنطن  يشعر ان ترامب سياسي  مٌتمرس وامريكا دولة محترفة.. في التعاطي مع خصومها وحلفاءها على حد سواء...  

    لذلك  فان خطاباته الابتزازية الأخيرة  للسعودية لاتعبر عن شخصية (مخبولة)  خارج السياقات كما يعتقد البعض او  رغبة  تاجر  في تحقيق المزيد من المكاسب الاقتصادية لعهده...

    بل ان ذلك يخضع لقرار الدولة الامريكية  العميقة وخبرائها ومستشاريها و يعبر عن تغيير ستراتيجي في طبيعة العلاقة بين واشنطن ومحمياتها  في الخليج  لمرحلة ما بعد النفط... 

    وقد أشار ترامب  في اكثر من خطاب الى امكانية تحول دول الخليج الى السلاح  الروسي والصيني.. خصوصا ان الكويت الأكثر قرباً الى واشنطن من الرياض  فعلت ذلك  عندما أجَّرَتْ جزيرتي وربه وبوبيان للصين لمدة مئة عام وهي بذلك تعلن عن تحولها الى محمية صينية  ، بالاضافة الى توقيع قطر التي تتمتع بحماية امريكية  لاتفاقيات دفاع مشترك مع ايران وتركيا كلا على حدة بالاضافة لإعطائها أنقرة قواعد عسكرية بعيدة الامد... 

    الرئيس الامريكي الحالي الذي جاء بأصوات اليمين يعتبر هذه الامارات النفطية صناعة امريكية  وليس من حق امرائها ان ان يتشاركوا مع اي دولة أُخرى بايراداتهم او استثمارهم..

    وعلى هذا الاساس وضع نظريته الاقتصادية في كيفية تعامله مع هذه الدول وروَّج لذلك  في حملته الانتخابية.. ((البقرة الحلوب عندما تعجز عن اعطاء الحليب ، يجب ذبحها)).
     
    الـ ٤٥٠ مليار التي اعطتها السعودية لأمريكا  كمكافأة  مقابل حمايتها انتهت قيمتها، وعلى السعودية ان تدفع مبالغ جديدة، جمل كررها ترامب خمس مرات في أقل من إسبوع ، وطرحها في لغة استعلائية  مهينة لاتقبلها دولة تتمتع  بحد أدنى من الكرامة  والاستقلال، حيث أعلن ترامب ان الـ ٣٠٪ التي تدفعهاالسعودية سنويا من قيمة اسعار النفط لواشنطن لم تعد تكفي ، وعلى السعودية ان تدفع أكثر  ، وهي تمتلك ثروات هائلة ويجب ان تدفع... 

    وليس أمام السعودية أي خيار آخر.. أما ان تدفع وهي لم تعد تمتلك السيولة الكافية لمطالب ترامب ، او تُصادر جميع اصولها الإسثمارية في الولايات المتحدة التي تبلغ ٨٠٠ مليار دولار  والتي تقع الآن تحت طائلة قانون جاستا الذي شرّعه الكونكرس باغلبية الجمهوريين والديمقراطيين وأجل تطبيقه لامور ستراتيجية غير معلنة...

    وبهذا تكون نهاية السعودية مشابهة لنهاية اي جاسوس او عميل يتم تصفيته بعد انتهاء المهمة... 

    لذلك حتى الخيارات الاخرى التي تُلوِّح بها السلطات السعودية وسَوَقَها  كتّاب النظام امثال  تركي الدخيل ليس لها اي أهمية تُذكر ، لأن الدولة التي تلوِّح بخيارت أخرى يجب ان تكون كاملة السيادة و السعودية  بوضعها الحالي منقوصة السيادة ولاتمتلك قرارها ولاتستطيع الدفاع عن نفسها او حماية أموالها، لأن ترامب كشف وضعها الدفاعي عندما قال إنهم بدون واشنطن لا  يستطيعوا  الصمود أمام الغزو الإيراني لدقائق والرياض لاذَتْ  بالصمت ولم ترد على هذا التصريح المُستَفِز و المهين الذي كشف زيفها وخوائها. 

    ووفقاً لذلك  فإن الوصف الدقيق للحالة ان السعودية تبحث عن محتل آخر  غير الامريكان يوفر  لها الحماية  وليست عن شريك ستراتيجي  وهذا الأمر  يخضع لتوازن القوى في النظام العالمي الجديد الذي بدأت ملامحه بوصول الصين للمياه الدافئة  وعودة روسيا القوية لرسم خرائط النفوذ وابتعاد الاوربيين عن المغامرات الامريكية...

    أبو فراس الحمداني
    firas65firas@yahoo.com
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media