لماذا تهينونا وتطلقون عليه عصر النهضة
    الخميس 18 أكتوبر / تشرين الأول 2018 - 12:11
    ليث رؤف حسن
     يلجأ بعض الفنانين والشعراء العراقيين والمثقفون, لكرههم الواقع العراقي المر الذي يمر به شعبنا الآن ليسموا الزمن الذي مر على عراقنا المنكوب في سبعينات وثمانينات وتسعينات القرن الماضي ب(عصر النهضة) ويتحسرون على تلك الأيام. هنا أحب أن أنكأ الجراح التي مررتم بها مع شعبنا في تلك الفترات وأذكِّرَ البعض ممن يتحسر على تلك الأزمان ويسميها (عصر النهضة)!!! نعم كان الكثير ممن مدح الطغاة القتلة أبناء العوجة يعيشون فيما يسمى بحرية التعبير ولكنهم ما أن كانوا ليرقدوا في فراشهم كانوا يرتجفون ويخافون من أن تصدح أفواههم بما يدور في أمخاخهم ورؤسهم من مخاوف، كان يرعبهم بها النظام الشمولي القمعي.. يخافون من أحلامهم لئلا تنقلها أزواجهم وزوجاتهم وحتى أطفالهم لدهاليز المقرات الحزبية البعثفاشية والمدارس لئلا يكون مصيرهم مصير المئات والألوف بل وعشرات الألوف ممن غيبهم البعث في مقراته وسجونه الرهيبة، سواء كانوا من أعضاء حزبهم المقبور، أو من أطياف العراقيين الأخرى. هل كان هذا (عصر النهضة) التي كان يُغَيَّب فيها الناس، ويُسَفَّرون لبلاد العالم ليهيموا، ويجوعوا في حارات الغربة، سواء كانوا مرسلين إلى إيران، أو يهوداً وغيرهم أرسلوا لأصقاع العالم، ليبقوا يشمون رائحة العراق عن بعد، أو يتذكروا عطرها وليحمل الملايين منهم هويات وجنسيات لم يكن أجدادهم ليحلم أن يغادرها الأحفاد سواء قسراً، أم طواعية للهروب من عراق البعثفاشية؟؟!!

    هل هذا هو (عصر النهضة) الذي يتباكى عليه علاء بشير، أم الجيف البعثفاشية؟؟، أم إنه كان في عقد الثمانينات التي كانت فيه الأجساد اليانعة تذهب إلى الحدود لترجع أرواحها مع بقاياها بأكياس لأهاليها وتدفن في المقابر؟؟ ثماني سنوات كان سيل الجثث يسير بإتجاهين أحدهما لمقابر العراق، والآخر لمقابر إيران المنكوبة بحكامها من أصحاب العمائم وعنجهياتهم، والتي جنى ثمارها أبناء الخايبة من الفقراء والمسحوقين وليس أبناء الذوات سواء البعثية أو العمائمية الفارسية. ثم مرت ثماني سنوات وهدأت مدافع العنجهية وأصبح العراقيون يتنفسون الهواء العليل، ويتنشقون رائحة القدَّاح والرازقي مرة أخرى ويلعقون جراح الحروب بزيارة قبور أحبتهم حتى فجر لنا القائد الضرورة في"عصر النهضة" الثالث، وهجم فجر يوم من أيلول على جارة لنا، وتسبب في حصار قاتل ويورانيوم منضب، وسموم وقنابل ذكية وثورة هوجاء في الجنوب المنكوب ليقمعها رجال الحرس الجمهوري لـ(عصر النهضة)، وبحماية عمامهم الأمريكان ويبشر العراقيين بعصر جديد من المقابر الجماعية في شمال وجنوب العراق على حد سواء.

    ثم أخيراً عندما يأس الأنكلوساكسون من عصر نهضتكم هذه جاءوا بزباله العهد الملكي وبألوان جديدة، وإطارات ثقافية متأمركة ، ومعها عمائم جايفة من شركاء البعثفاشية وأعداء ثورة 14 تموز من مُهجَّري البعثفاشية، وهنا صار البعض من الفنانين والشعراء يتباكون على (عصر النهضة) ... أي عصر هذا الذي تسمونه (عصر النهضة) بعد هذا الوصف؟؟ رجاءً أجيبوني وبطريقة نهضوية بدون فشار... وليعذرني أبنائي وبناتي وإخوتي وأخواتي لهذا القيح الذي خرج من بين أضلعي ليذكركم بالوجه الآخر القبيح للعصر الذي تتباكون عليه الآن (عصر النهضة).

    ليث رؤف حسن 
    – مونتريال 2018.10.16
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media