التعليم بين الامس واليوم
    الثلاثاء 23 أكتوبر / تشرين الأول 2018 - 07:28
    محمد موزان الجعيفري
    في مطلع الخمسينات من القرن الماضي ، كنا تلاميذ في المدرسة ناخذ مبادي القراءة والكتابة من المعلم الذي يتولى تعليمنا ، وكان هذا المعلم يبذل قصارى جهده في هذا المضمار والذي كنا نخافه ونهابه لنرجع بعدها الى بيوتنا لنراجع الدروس اللي اعطيت الينا معتمدين على قدراتنا الفكرية فحسب دون الرجوع الى اولياء امورنا الذين لم يكن معظمهم متعلمين حتى ناخذ المشورة منهم ، هل ترانا كنا اذكياء نستوعب الدرس ونفهمه وتتلقاه صدورنا بحيث يترسخ في الذاكرة ؟ ام انه المعلم الذي له وسيلته في ايصال المعلومات الى عقولنا ؟ ام انه المنهج الدراسي الذي ييسر الينا هذا الفهم وهذا الادراك ؟ ام انها جميع هذه الامور مجتمعة فيما افرزته تلك المرحلة . واذا انتقلنا الى مرحلة الثمانينات من القرن الماضي وجدنا واقع التعلم قد تغير عما كان عليه في السنوات السابقة ، ورغم ان المعلم ظل يقوم باداء واجبه لكن بدا ينقصه ذلك الحماس والوطنية لاسباب قد استجدت علينا وكنا نحن كاباء في تلك الحقبة قد جدنا انفسنا ناخذ بيدي ابنائنا لنمد لهم يدي العون في فهم الدروس ونراقبهم ونصحح لهم اخطائهم ونختبرهم في اختبارات تقليدية لمتابعة مدى تقبلهم واستيعابهم في فهم دروسهم . 
    ان التعاون بين المعلم وولي امر التلميذ قد اثمر ثماره خلال سنوات التعليم الطويلة في العراق التي اجتزناها واجتازها ابنائنا مراحلهم بنجاح غير ان الامور قد تغيرت والاحوال قد ساءت بعد 2003 لتنقلب امور التعليم في العراق انقلابا فاجا الجميع ليعاني خلالها واقع التعليم من مصاعب جمه وتردي غير مسبوق يوما بعد يوم كما اننا نجد ان واقع المعلم الذي يتفانى في تعليم تلاميذه ينقصه الثقافة والمعرفة والخبرة وان الظروف التي مرت اثرت تاثيرا كبيرا في تردي واقع التعليم بالرغم من اننا كنا مرارا نستقبل اولادنا بعد عودتهم من الدراسة ونتفحص واجباتهم ونتاكد من انهم قد فهموا الدرس فلا نرى سوى الخيبة ونجلس معهم طويلا لايضاح ماالتبس عليهم غير ان الاستجابة بطيئة ونتسائل مالذي يحدث هل هي شحة في ذكاء احفادنا ؟ ام ان المعلم قد فقد القدرة على مخاطبة عقول التلاميذ بما يتلائم مع قدراتهم الفكرية ، هل يعقل اننا في عصر العلوم والتقنية وفي نفس الوقت لايستوعب الطلاب المعلومة باقتدار حتى وان نجحوا وتخطوا المرحلة الدراسية فان المعلومات التي اختزنتها ذاكرتهم ليست كافية بل انهم يفتقدون ابسط معايير المعرفة التي تنير عقولهم .
    ان اقل مايمكن ان يقال بعد هذا كله ان واقع التعليم في العراق قد بات  على شفا هاوية من الصعب تجاوزها والتي تتطلب من القائمين على العملية الدراسية مراجعتها والوقوف على اسباب كبوتها ووضع الخطط الكفيلة من قبل اناس تربويين لهم الامكانية والقدرة على النهوض بواقعنا الدراسي والتربوي من اجل بناء اجيالنا القادمة على اسس تربوية رصينة .
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media