التمرد على العقل !
    الثلاثاء 23 أكتوبر / تشرين الأول 2018 - 07:31
    هاني الحطاب
    من طبيعة المعجزات أن تأتي متاخره  ، ومن غير ميعاد ، وأن تحدث بلا سبب معروف . فبعد الخراب المدمر الذي اجتاح العراق ، وبعد توسل اكثرية العراقين بالمهدي ، أن يستقظ من نومه الطويل ، ويعيد الأمور إلى نصابها. فجاءة وبلا سابق أنذار ، وبدون توقع من أي أحد ، تبدو  وكأن كل مشاكله حلت بضربة عصى واحدة ، فقد أشرقت في سماءه ثلاثة نجوم تملك حلول سحرية ، وبلا  تشبيه بالقدرة الإلهية ، تقول لشيء كن فيكن . هذه النجوم الثلاثة ، قد يكون احرزها القارئ ، قبل أن نغامر بذكرها ، فقد راهن الكثير منذ زمن بعيد عليها ، وعلى قدرتها العجائبية في حل كل ما تصادفه ، لمالها من ارتباطات ارضية وسماوية . وتلك الشخصيات ، وليسمح لنا القارئ  الآن بذكرها ،  خوفاً من يكون قد خلط بينها . فهم أولاً عادل عبد المهدي ، وعلاوي ، والصدر ، وسيكون بالطبع  عمار الحكيم ، هو من يحرك  ، رئيس الوزاء ، لأنه ،  عادل عبد المهدي ، مجرد واجهة له ، فهو ، أي عمار ،  مازال يشعر ليس من المناسب أن يكون هو الحاكم المباشر الآن ، فالوقت لم ينضج بعد لحكم آبدي . فهؤلاء ، يظهرون أنفسهم  وكأنهم سيبطلون البحر للعراقين  ، ومن علامات ذلك ، أنهم ، جعلوا الوزارات التي كان يتقاتل عليها الناس ، مرمية على ، الارصف ،  وإلا يعبء احد في التقاطها ، وكل ما كان يتعارك  عليه الناس بكل ما في حوزتهم من قوة  ، بات محل أحتقار وزدراء . وضجة الكتاب قد هدأت ، ولم يعد هناك من يُتهم  أحد بالفساد ويهتم به . فهم دخول الآن مرحلة سبات ، وآن لكل منهم ينصرف لعمله وهوايته ، بدل ، الأهتمام بالحلول واقتراح الحكومة المناسبته . فقد حان الوقت  ، مثلاً ، لعبدالخالق حسين ، ذلك المحارب العنيد ، من أجل الديمقراطية في العراق أن يستريح ، ويخلع عدته الحربية ، وآن لقاسم مهدئ ، أن يكف عن شتائمه التي لم يوفرها للأحد ،  وليقر عين ويطمئن بال ساهر عريبي وكاظم حبيب ، بأن نوري المالكي فك عن السلطة ياخه أخيراً ، وأعطاها صاغراً . وليكف حسن حاتم مذكور ، عن النواح ، مثل بينلوب ، فقد عاد عوليس  ، وليترك صائب خليل ،  لوحده ، يقلب الدفاتر القديمة ، بحثاً ، عن تهم جديدة  لهؤلاء ، وفضح موبقاتهم . وآن لنا ، نحن ، أن نكأ الجرح القديم ، الفلسفة ، بحثاً في قضاياها الكثيرة ، عما قد يلهي ، ويسلي ، في هذا الفراغ الرهيب ، بحدوث المعجزة ، وصول هذا الرباعي لسلطة . فقد وصلنا لنهاية المشاكل ، ونهاية التاريخ ، فقدت انتصرت أخيراً اليبريالية ، بسقوط الاتحاد السوفيتي ثانية  . وهبت علينا أخيراً  نسمات رياح الربيع العربي ، وبتنا نعيش في أنسجام هرموني ، فآن  أن ينصرف كل واحد منا لهوياته المفضلة التي نساها في خضم  ذلك الصراع ، الذي كان يبدو بلا نهاية ، لولا حدوث تلك المعجزة ، التي لم تكن في حساب أي واحد ، فالنصفق أيها السادة ، فقد أنتهت المهزلة ، ولتزدهر ألف ورده ورده . 

                        *  * * 

    وبما أن كل أطباق الفلسفة ، دسمة ،  وعسيرة الهضم ، وبلا مقبلات ، نقدم اعتذارنا مقدماً . فقد صادف أن نجزنا هذا العرض الفلسفي ، لتمرد على العقل في الفلسفة الألمانية ، مع وقوع المعجزة . ولعله 

    . ما يتمتع به العراقين من فاصل من راحه ودعه ، يكون خير عون لهم من مثل تلك الأطباق الثقيلة . وفي هذا العرض ، سنعمد ، لتخليص فصل ، في كتاب الفيلسوف الألماني فردريك باسر، من كانط لفخته،   الذي يكتب قسم من كتبه في الانكليزية ، لتعريف القارئ على مشاكل الفلسفة الألمانية ، وما حدث طول تاريخها ، وبما أن العقل شيء يشترك به البشر كاف ، ويفتخر  به الكل  ،  فمن المفيد أن نعرف ما حدث له في بلدان آخرى ، وكذلك ،  تعرض هذا العقل ، لنقد وتحجيم في كل الحضارات . والعالم الإسلامي لم يعرف في تاريخه كله سيادة مطلقة لنزعة سيطرة العقل  ، فقد كانت هناك  لحظة قصيرة  تنفس فيها العقل بحرية ، هي لحظة المعتزلة وما تلاها ، ولكنها سرعان ما قمعت ، وسيطر النص والنقل .  بيد العقل ، قام في أوربا يدور كبير ، ومسح الطاولة ، ونقى الأجواء ، وصل فيها لمرحلة العدمية ، ومن هنا بدأ التمرد عليه . وبأن ، كما يقال ، بأن الألمان جعلوا الفلسفة تتكلم اللغة الألمانية ، بعدما كانت تتكلم اللغة الأغريقية ، وكان للعقل أو لوغوس مكانة كبيرة فيها ، فقد آن نعرف قصة العقل في ألمانيا ، وعلى يد شارح متمكن من تلك الفلسفة ، عنيا به ، فردريك باسر . فقد تعرض العقل لنقد شديد بعد فترة ازدهار طويلة أدى لتحطيم كثير من المعتقدات الراسخة ، وهذا ما جبر كانط الذي كان مدافع قوي عن العقلانية ، أن ينقد العقل ، ويقول قوله المشهور فيه ، بأنه ، لا يقدر على معرفة الأشياء بذاتها ، ويعرف فقط الظواهر  . وهذا ، الحكم ليس في الطبع ، مثل  ذلك الشائع في الفلسفة الإسلامية  ، وخصوصاً ، لدى الصوفية ، التفرقة بين الظاهر والباطن ، فما يفصل الباطن عن الظاهر لدى الصوفية سوى قشرة رقية ، يستطيع  الصوفي في المعاناة والمكابدة أن يصل الباطن ، ولكن الأشياء في ذاتها ، لدى كانط ، لا يمكن معرفتها من قبل العقل ، لأن من طبيعة العقل  أن لا يقدر أن يصل إلئ الاشياء ذاتها مهما بذل من جهد ، ولا يستطيع معرفة الحقيقة ، ولذلك وضع حدود إلى ما يستطيع أن يعرفه العقل  وما لا يقدر أن يعرفه ، بقدرته الخاصة  بمعزل عن التجربة .  وسيكون دورنا في هذا العرض هو مجرد توصيل أفكاره بلغة مفهومة ما أمكن . ويعرف من له اهتمام بالفلسفة ، أنها تحتاج لمعرفة مسبقة بقضاياها ومفاهيمها ومشاكلها ، أما الفلسفة الألمانية ، فقد كانت مشهورة بالغموض والصعوبة ، وبما كاتبنا له اُسلوب مشرق واضح ، فسوف يسهل علينا المهمة ، ولكن هذا لا يقلل الإلمام بالفلسفة إلى الحد الأدنى . فليس ، الصعوبة  ، غالباً ، ما يقع وزرها على العارض ، والملخص في حالتنا ، وأنما صعوبة الموضوع بحد ذاته . فلقد تعرض العقل ، لنقد حاد ، بعد فترة عصر التنوير ، الذي أشاد صرحه ، وكان الألمان أول من جعل من هذا النقد لحظة فاصلة بتاريخ الفلسفة ، سوف نعرض في هذا المقالة ، لقصة هذا التمرد  بتسلسلها التاريخي كما بينها باسر في هذا المقالة التي بدأت لنا طويلة ، وخوفاً من أن  تكون  متعبة لقارئ  ، لذا،   جعلناها في جزأين  ، سنشرهما تباعاً . ولنبدأ  هكذا، كما بدأ فردريك باسر  برواية تفاصيل التمرد على العقل  في الفلسفة الألمانية ؛ 

                            ( ١)

    (١) يقال أن ما شغل الفلاسفة بين كانط وفخته ، خصوصاً ، بعد ، صدور كتاب نقد العقل الخالص ، وكتاب  ، المعتقد الجديد لفخته ، وما كرس له الفلاسفة جهدهم وطاقتهم ، ومعاودة طرح الأسئلة بتكرار ، ورغم أنها أتخذت أشكال عديدة ، إلا أنها كلها بقت تدور كلها حول محور واحد . ونحن لو حاولنا صياغة هذه المشكلة ، التي شغلت كل هؤلاء الفلاسفة في فترة حياة كانط وفخته ، لكانت ، هي ، سلطة العقل ، وتعني هنا ،  هل سلطة العقل ، مشروعة ، وصحية ، ومبررة ، وغير مؤذية إلى المجتمع والإنسان ، كما صورها المدافعين عن العقل وسلطته بزمن التنوير ، وكما دافع عنها كانط ، وفخته ، وديكارت ، وسبينوزا ، وغيرهم من الفلاسفة ؟  مثل تلك الأسئلة ، بدأ  الفلاسفة ، في العقود الأخيرة من اقرن الثامن عشر طرحهاعلى أنفسهم في ألمانيا . فقد شرعوا ينظرون بعيون نافذة  بالمقولة الأساسية في الأيمان إلى التنوير الأوربي ، وسلطة العقل ، فاؤلئك الفلاسفة المخلصين للعقل أضفو  عليه هيبة كبيرة ، والذي جعل منها عصر التنوير المعيار للحقيقة ، والمحكمة الأخيرة ، فهم منحوه ادعاءات جرئية لصالحه ، فهو المبدأ الواضح بذاته ، والذي لا يحتاج أي دعم من خارجه ، والذي يقدر أن ينتقد كل معتقداتنا ، ويبر سلوكنا ، ويقدر أن ينتقد الدين  ، والدولة ، فهو شيء شامل وغير منحاز . ويستطيع ، على الأقل نظرياً ، أن يفسر كل شيء في الطبيعة ، ومثل تلك الأدعاءات التي قال بها العقل ، ومنحها لنفسه ، أصبحت ، في نهاية القرن الثامن عشر بالمانيا ، وضعت ،  في محل شبهة، وموضع سؤال . فإذا كان التنوير عصر نقد ، فأن ما بعد هذا ، أي في نهاية القرن الثامن عشر ، فأن عصر جديد قد بدأ ، يمكن أن يسمى ، عصر ما بعد النقد ، لأن المثقفين أخذوا يعانون من أزمة ضمير ، وأخذو ينتقدو أيمانهم بالنقد بقوة . فالفلاسفة ، ما بعد القرن الثامن عشر في ألمانيا ( ونحن دوماً نتحدث عن ألمانيا ) كانت لديهم أسباب قوية لتشكيك بسلطة العقل ، لأن ، بدأ لهم ، بأن العلم الحديث ، والفلسفة فكك الأخلاق ، والدين ، والدولة . فعصر التنوير بسيادة حكم العقل ، أضحت مرادفة للخراب والموت ، منذ بسطت النزعة الميكانيكية سيادتها في العلم الحديث ، وكانت المطاليب إلى الفلسفة النقدية قد قادت مباشرة للكفر ، والنزعة القدرية ، والفوضوية . فالتقدم بالعلم أدى لضيق في الحرية ونحسار لوجود الله . فكان المزيد من النقد ، قاد إلى ضعف في سلطة الكتاب المقدس . وقلل النقد الفلسفي أيضاً من قيمة البراهين  القديمة على وجود الله ، والعناية الألهية ، والأخلاق . 

    (٢) ولهذا بدأ بلوغ تقدم التنوير إلى نهاية القرن الثامن عشر ، وكأنه يحقق ما قال به روسو من أن التقدم الحضاري في الفن والعلم ، لم يساهم بتقدم في تقدم الإنسان ورقيه ، وإنما زاد من نحطاطه . وعليه ، فأن فلسفة كانط واسبينوزا هما ، على وجه الخصوص ، تعرضا لنقد شديد . فهما يبدوان ، وكأنهما ، قدما الدليل الواضح على أستنتاج روسو بالمناقشات التي ثارت في ألمانيا بعام ١٧٨٠ . فهذين الفلسفتين نظر لهما على أنهما القلعة والحصن للفلسفة التنوير ، والدفاع عن سلطة العقل . ففلسفة كانط عدت على أنها الفلسفة النقدية التي لا تهادن . فيما فلسفة إسبينوزا مثلت النزعة الطبيعية العلمية . فكلاهما ، على حد سواء ، نظر لهما من قبل العقلية الألمانية ، على أنهما يمثلان النتائج الخطيرة إلى البحث العلمي والنقد الصارم . فهؤلاء النقاد لفلسفة كانط وسبينوزا ، صورا ، بأن فلسفة كانط ، لو نزع عنها ، الأدعاء الذي لا يستقيم مع روح فلسفة كانط ، والذي يقر بوجود الأشياء بذاتها، والتي تجعل الصِّلة ممكنه بوجود الأشياء في العالم ، لصبحت في نهاية ، فلسفة لا تقر بسوى وجود الذات المفردة وحدها solipsism ، وأنكرت وجود الآخرين والعالم ، وقالت بوجد ذات مفرد واحد تتحدث لنفسها . فيما نظر  لفلسفة إسبينوزا ، لو ، كذلك ،  أزيلت عنها قشرتها ولغتها الدينية الظاهرية ، لباتت الإلحاد الصريح ، والأيمان بالحتميّة والقدرية القاتلة . ومن هنا ، اعتبرت هذين الفلسفتين في مخيلة عامة الناس ، على أنهما مدمرتين إلى الأخلاق ، والدين ، والدولة . 

    (٣) وهذا بطبيعة الحال ، أثار أسئلة مقلقة في أذاهان الكثيرون ؛ لماذا نصغي ونطيع عقلنا ، مادام يفكك ويدمر جميع المعتقدات الضرورية للحياة  ؟ وهذه الأسئلة أقلقت بشكل خاص لفلاسفة التنوير ، لأن الأيمان بالعقل ، كان قائم لحد كبير على الافتراض ، بأن العقل سوف يبرر الأيمان، والأخلاق الصحيحة ، والدين الجيد ، والدولة العادلة . ولم يخطر ببالهم أنهم سوف يؤمنون بالعقل الذي يقوض تلك القيم والمؤسسات . فهم إعتقدوا بأن العقل ، سوف يزيل عن الأخلاق والدين ، والدولة ، ما علق بهم من خرافات وأباطيل . وينقي جوهرهم المفيد من كل الشوائب . فالفلاسفة اعتقدوا ، بأن العقل سوف يحل محل تلك الأخلاق ، والدين ، والمعتقدات السياسية ، لأنه أكثر أخلاص إلى الأخلاق الفاضلة ، والدين الصحيح ،والمعتقدات السياسية الجيدة ، وأكثر فعالية في المساهمة بالتقدم . وفقط ، مثل هذا الفهم ، هو أن وضع وضع مسائلة في نهاية ١٧٨٠ ، في المناقشات الحامية التي دارت حول فلسفة كانط وسبينوزا ، فهما بدلاً من يساندا الأيمان ، فأن العقل  بدأ ، يهم في تحطيمه . وحقيقة ، أن فلسفة كانط وسبينوزا ، مثلا ، نموذجين من فلسفيتين عقليتين مختلفتين ، غير أن كلاهما ، كان لهما نتائج كاريثية على الأخلاق ، والدين ، والحس العام  . 

    (٤) نظر لفلسفة إسبينوزا عن العقل على أنها تمثل المبدأ إلى السبب الكافي ، والذي فسر من قبل الدراسين لفسفته ، على نوع من الحتمية الميكانيكية الصارمة . وقرأت بهذا الشكل ؛ إذا الحدث الذي هو ب ، فأن يجب أن يكون قد سبق بحدث أ ، ومثل هذه الطريقة تقرر بأن ب ، أ يجب أن يحدثا بالضرورة . وإذا هذا المبدأ شامل ، فأنه لابد ، على أي حال ، يؤدي إلى الإلحاد والحتمية ؛ لأن الله والحرية يحب أن يكونا سبب نفسيهما ، فهما سببان بدون سبب يسبقهما . 

    أما نموذج فلسفة كانط ، نظر إلى العقل ، وفقاً ، لفعالية المسبقة . وقد أعلن كانط أن العقل يعرف مسبقاً فقط ما يخلق أو ما يجعله يثبت قوانينه فعاليته . وإذا هذا المبدأ عمم ، فأن المعرفة تكون بذلك ممكنة فقط من خلال العقل ، ومن ثم ، تؤدي لوحادية solipsism ، ويكون كل ما نعرفه نتاج فعالية عقلنا ، وليس الحقيقة المستقلة عنا .

    (٥) وهذين النموذجين من العقلانية ، المتجسدان  في مذهب كانط ، وسبينوزا واجه الفلاسفة بحيرة مميته، فهما وضعا أمام أختيار بين الشكوكية العقلانية أو الأيمان الغير معقول . فإذا بقوا أوفياء إلى العقل ، فعليهم من ثم ، أن يشكوا في كل أخلاقهم ، وتدينهم ، ومعتقداتهم السياسية ، ولكن إذا اختاروا البقاء في معتقداتهم التقليدية ، فعليهم ، أذان ، رفض العقل ، وهذين الأختيارين اللذان واجه بهما الفلاسفة ، من الواضح شيء لا يحتمل . فهم من جهة لا يستطيعوا أن يرفضو العقل ، لأنهم رأوا فيه الأساس إلى الأخلاق الصحيحة والاستقلال العقلي، ومضاد حيوي ضد التصوف والشر العقائدي المميت ، وهم أيضاً ، من ناحية آخرى ، لا يقدرو، أن يتخلو عن أيمانهم ، والذي يعدوه الأساس لفعل الأخلاقي ، والحياة الأجتماعية . وبين هذين الأختيارين الصعبين ، لم يلوح لهم ، طريق وسط في نهاية العقود الأخيرة من القرن الثامن عشر . 

    ولكن الأزمة أصبحت ظاهرة في نهاية القرن الثامن عشر بالمانيا . وهذه الأزمة ، كان قد تنبأ بها قبل خمسين عام الفيلسوف الأنكليزي دافيد هيوم ، في كتابه ، رسالة في العقل البشري . ففيه ، رأى هيوم ، تناقض لا يمكن حله بين ادعاءات العقل والأيمان ، وبين الفلسفة والحياة ، لا يمكن التوفيق بينهما . فعقل هيوم قاده إلى أستنتاجات شكوكية ، بأنه ، لا يعرف شيء أكثر من نطباعاته العابرة ، غير أن متطلبات الحياة العملية ، أجبرته عن أن ينسى تلك التأملات الشكوكية المبالغ فيها . خصوصاً ، حينما يجلس في المساء مع أصدقائه ليلعب الدومينو .

    وهذا الصراع الذي وضعه هيوم بين العقل والأيمان ، هو نفسه الذي واجه فلاسفة التنوير في نهاية القرن الثامن عشر . ولهذا يرى ، بأن ليس حادث عارض فعلاً ، بأن العديد من نقاد كانط - هامان ، ياگوب ، وزيمان ، شولتز ، وآخرين ، كلهم ، أنحازوا إلى جانب هيوم ضد كانط . فهم واجهو كانط بمأزق هيوم ومعضلته ، فما عليهم أن يختاروا الشكوكية العقلية أو القفز بالأيمان لا معقول . ومن هنا ، بدأ تاريخ النقد المبكر في فلسفة كانط لحد كبير ، وكأنه حكاية أنتقم هيوم . فشبح الرجل الطيب ، الذي كان يمثل هيوم ، وقف فوق فجر فلسفة التنوير ، وكأنه فقط ، يتأوه ، ويقول ؛ ألم أقل لكم ذلك ! بأن لا يمكن التوفيق بينهما ، أي الأيمان والعقل . 

    (٦) وفي أحياء شكوكية هيوم بالقرن الثامن عشر ، نرى أوئل التلميحات إلى المشكلة التي طاردت الفلسفة نحو نهاية القرن التاسع عشر ، ونعني بها ، العدمية ، التي كانت ترعب الفلاسفة . فالعدمية ، منذ وقت مبكر من ١٧٨٠ ، كانت أغرب الضيوف ، الذي شرع يطرق الباب . ويرجع البعض ، بأن أول من صاغ هذا المفهوم في الفلسفة الحديثة ، هو ، ف ، ج ، ياگوب . فإلى ياكوب ، الوضع النموذجي  ، للعدمية ، هو ، الشخص الذي مثل هيوم في نهاية رسالته عن العقل البشري ، فالعدمي ، كان الشخص الشكاك ، والذي يخبره عقله ، بأنه عليه أن يشك بوجود كل شيء _ العالم الخارجي ، ، الأشخاص الآخرين ، الله ، وحتى الحقيقة الدائمة إلى ذاته هو . والحقيقة الوحيدة التي يستطيع أن يؤكدها هو العدم نفسه ( لا شيء ) . والمعنى الأصلي إلى مصطلح العدمية كان قد أستخدم ليشير للنتائج المزعومة للوحادية ( الأيمان بوجود الذات فقط ) التي ينتهي أليها كل بحث عقلي والنزعة النقدية . والخوف من العدمية كان فعلاً واسع الأنتشار في نحو نهاية القرن التاسع عشر .

    وبرغم من العديد من الفلاسفة قد تصدوا لحجة ياكوب ، بأن العدمية نتيجة محتومة إلى كل بحث عقلي ، فأنهم أتفقو معه بأنها خطر رئيسي يواجه أي فلسفة ، وعليه ، فأن تهمة الوحادية الهيومية ، كان النقد المشترك بين أغلب خصوم كانط المبكرين ، سوى كانوا من جماعة لوك أو ولف ، أو من العاصف والأندفاع . وعموماً ، فأن نقاد كانط  ، أعتبروا تفنيد فلسفة كانط ، هو أثبات إلى فلسفة هيوم . 

    ولذا صورت العدمية على أنها خطر داهم في حوالي ١٦٨٠ من قبل الألمان ، جزئياً على الأقل ، بسبب أنهيار الميتافيزيقا العقلية إلى مدرسة لبينتز - ولف . فالجاذبية الكبيرة لهذه الميتافيزيقا ، والسبب الرئيسي في أستمرارها وتواصل حضورها في المشهد الثقافي بالمانيا ، هو أنها كانت تبدو تقدم طريق وسط أمن بين تطرفات مأزق هيوم ؛ المعرفة المسبقة إلى وجود الله ، العناية الإلهية ، والخلود ، حتى قبل ظهور كتاب كانط نقد العقل العملي في عام ١٦٨١. وعلى أي حال ، فأن هذه الفتنة راحت تذوي . فشكوكية هيوم ، وتجريبية كراوسه ، والبرجماتية ، والنزعة المضادة للعقلانية في الفلسفات الفرنسية ، كل هذا جلب سوء السمعة إلى الميتافيزيقا . وهجوم كانط على العقلانية في نقد العقل الخالص كان طلقة الرحمة على الصرح المتعفن لمدرسة ليبنتز - ولف . وكان أختفاء الميتافيزيقا العقلانية خلف فراغ رهيب . فبدو معرفة مسبقة بالله ، والعناية الإلهية ، والخلود ، كيف لنا أن نبرر الأخلاق ، والدين ، ومعتقداتنا السياسية ؟ 

    ولقد كان السبب الرئيسي للنجاح الفائق لفلسفة كانط في مطلع ١٦٩٠ ، كان يبدو أنها سدت هذا الفراغ . فمذهب كانط في الأيمان العملي كان يوعد بطريق وسط معتمد عليه بين بين تطرفات مأزق هيوم . فلم يعد من الضروري يتطلب نوع من الدونكيشوتية ، يعني ، براهين مسبقة إلى أيماننا بالله ، والعناية الإلهية ، والخلود ، فحتى لو أن العقل لم يقدم مثل تلك البراهين، فيمكن أعطى تبرير أخلاقي إلى تلك المعتقدات . فهم يمكن أن يظهروا أن يكونوا حوافز ضرورية إلى واجبنا الأخلاقي لكي نحصل على الأخير الأعلى ، والدولة المثالية ، حيث السعادة والفضيلة في ائتلاف  هرموني كامل . 

    (٧) فما يبرر معتقداتنا الدينية لم يكن لذلك العقل النظري الميتافيزيقيا وأنما العقل العملي للقانون الأخلاقي . ولتلاميذ كانط الأوائل ، فأن هذا المعتقد ، لم يكن مجرد فكرة تاليه ، وأستدراك ، ودواء وهمي أعطى لخادم كانط  ، لامب ، الذي ، راح يبكي مما توصل أليه كانط في كتابه نقد العقل الخاص ، بعجزه العقل عن معرفة وجود الله ، وأنما كان ، في الواقع ، جزء من روح الفلسفة النقدية . فتلاميذه البارزين ، أمثال ، فخته ، ورينهولد ، أهتدوا للفسقة النقدية فقط  بسبب الجاذبية الكبيرة التي مارسها هذا المعتقد ، الذي هو الأيمان العملي  ( والذي يصفه البعض بالأنتهازية ) ولهذا تبدو أزمة التنوير الآن قد حلت ، في التدخل بالوقت المناسب إلى الأيمان العملي .

    بيد أن هذه المشاعر من الراحة وتنفس الصعداء أثبتت أنها قصيرة العمر . فهي فقط زادة من حدة الأزمة ، وثقلت وطأتها في منتصف عام ١٧٩٠.

    ففلاسفة أمثال ، ياكوب ، باستروس، شولتز ، ميمون ، فلات ، أيرهارود ، ماس ، وغيرهم قد راكمو الأتهامات ضد هذا المعتقد الجديد ، الذي تقدم به كانط في الأيمان العملي . وحتى في غمرة الحماس لهذا المذهب ، فأن كانطين ، مثل فخته الذي أقر بقوته ، وافق  ، من ثم ، بأن كل الأساس لفلسفة النقدية يحتاج إلى أعادة التفكير فيه . إلا أن لانهيار إلى معتقد كانط في الأيمان العملي بعام ١٧٩٠ ، خلف فراغ أكبر من أي وقت مضى . فكل الخيارات ، بدأت قد استنفذت ، فلا العقل النظري الميتافيزيقي ولا العقل العملي للقانون الأخلاقي يمكن يبرارا الأيمان . وعليه ، فأن المأزق القديم إلى الشكوكية العقلية أو إلى الأيمان الغير معقول رجعا بعنف غير مسبوق . وهكذا في نهاية القرن الثامن عشر ، لاح إلى العديد من الفلاسفة ، وكأن العقل يتجه بشكل مباشر نحو الهاوية وبأن ليس هناك من وسيلة إلى أيقافه . 

    (٨) أنه فقط هذا الصراع بين العقل والأيمان هو الذي زعزع ثقة التنوير بالعقل . فالفلاسفة بدأ يدركون بأن حتى ولو أن العقل دعم الأيمان ، فأنه لا يقدر أن يعين ذاته . فعند نهاية القرن الثانن عشر ، راح العقل يقوض نفسه . وأخذ يعاني من جرح أحدث بيداه  ، كما قال هيجل ، فيما بعد ، ولكن لماذا يحدث هذا ؟ 

    لكون أيمان التنوير في العقل كان قائم أولاً ، وقبل كل شيء على أعتقاده بقوى النقد ، فالعقل طابق نفسه مع مملكة النقد ، يعني ، مع  القوة التي تعين فيما إذا كان لدينا دليل كافي لمعتقداتنا . فالقوة الموجه لنقد طرحت المبدأ لسبب الكافي ؛ بأن كل معتقد يجب أن يملك سبب كافي للأيمان به . ومثل هذا يؤدي إلى ضرورة أن ينبع من معتقدات آخرى معروفة بأنها صحيحة . 

    فالتنوير أضفى سلطة عظيمة على محكمة النقد . فمبدأ السبب الكافي لا يقبل الأستثناءات . فكل المعتقدات يجب أن تخضع لمطالبه . فلا شيء مقدس أمام النقد إلى العقل ، ولا حتى الدولة بعظمتها ، ولا الدين بقداسته . ولا شيء هذا ، يعني ، أن يستثني بالطبع محكمة النقد نفسها ، والتي هي شيء ما مقدس ، والإلهي ، ومتسامي .

    (٩) ولكن مثل هذا الأستثناء الواضح والمشكوك فيه خلف فقط الشكوك حول أيمان التنوير بالنقد . فبعض الفلاسفة شرع يدرك بأن هذا الطلب الصارم إلى النقد هو يجب أن ينعكس على الذات ويستخدم العقل نفسه في نقد العقل . فإذا كان واجب العقل نقد كل معتقداتنا ، فعليه ، من باب أولى ، أو قبل كل شيء ، أن ينقد نفسه . لأن العقل لديه أعتقادات حول نفسه وتلك يجب أن لا تفلت من النقد . فرفض تفحص مثل هذه الأعتقادات هو الأقرار في الدوغمائية ، أي قبول الأعتقاد عن طريق الثقة أو التقليد . وبما أن الدوغمائية التي ترفض أن تعطي الأسباب للأيمانها، هي العدو الرئيسي لنقد ، الذي يطالب في أعطى الأسباب للأيماننا . ولهذا ما لم يرد النقد أن يخدع نفسه ، يجب أن يصبح ، في النهاية ، ما بعد النقد ، أي ، الفحص النقدي لنقد نفسه .  

    (١٠) وإذا كان ما بعد النقد إلى العقل ضرورياً ، أفليس هو خطير ؟ وإذا يجب أن ينقد العقل ، فأن عليه ، من ثم ، أن يسأل نفسه  ، هذا السؤال ، كيف يجب أن اعرف هذا ؟ أو ما هو السبب الذي لدي للأعتقاد بذلك ؟  غير أننا يبدو بالتالي نواجه في مأزق مزعج . فأما علينا أن نسأل هذا السؤال إلى ما لا نهاية ، ونقع في الشكوكية ، أو يجب علينا نرفض الأجابة عليه ، ونأخذ بدوغمائية . 

    والآن ، يعتقد كانط  ، أنه وجد الطريق الوسط بين تلك التطرفات لذلك المأزق ، وهذا الطريق ، يلوح بنظر كانط ينقذ العقل من التدمير للذاته الذي يظهر وشيك الوقوع . والطريق الوسط ، الذي وجده كانط ، هو ليس أكثر من مشروعه في نقد العقل الخالص، وكما يكتب كانط " أن طريق النقد يبقى  وحده  مفتوح " وكذلك يكتب في المقطع الأخير من نقد العقل الخالص ، مناقض في نقده هذا الشكوكية الدوغمائية  " كيف يمكن لنقد أن يوجه العقل بين تلك التطرفات الخطيرة ؟ أنه يأخذ على عاتقه أكثر جهود العقل صعوبة ، فهو يجب عليه أن يدعه أن يكون واعي لذاته في قوانينه الخالدة. " 

    وبما أن تلك القوانين  يكونون شروط  ضرورية لأي تجربة ممكنة ، فأنهم يجب أن يكونو محصنين من الشكوكية ، لأن لو أن الشكوكين رفضوهم ، فأن من ثم ، يكونو غير قادرين أن يصفوا حتى أنطباعتهم الحسية العابرة  . ومسلحاً ، بهذه المعرفة للقوانين ، فأن الفيلسوف النقدي ، تصبح لديه أجوبة لا تقبل الخطأ إلى السؤال " كيف أعرف ذلك ؟ " . والمرء في هذا لن يكون متورط في اللجوء إلى سلطة خارجه ، وهذا سوف يوقف الشكوكية  من الأرتداد إلى المميت للوراء إلئ ما لا نهاية في تعقب خطاها .

    (١١) وبرغم أنه بسيط وصريح ، فأن حل كانط لمشكة ما بعد النقد ترك سؤال بدون جواب في يقظته الفلسفية التي أحدثها هيوم حسب ما قال كانط نفسه . وهذا السؤال ، عنا به ، كيف نعرف الشروط الضرورية إلى أي تجربة ممكنة ؟ وهذا السؤال ، يعد مشروع ، وملح ، ومهم ؛ بيد أن كانط لم يكن يملك أي جواب واضح وصريح له . فالحقيقة المؤلم في الموضوع ، هي أنه لم يطور أبداً نظرية عامة للما بعد النقد حول كيف الحصول على معرفة المبادئ الأول للنقد . فإذا كانت المعرفة للذات هي أصعب كل الجهود للعقل  ، فأن كانط لم يقدم بعد أي نصيحة حول كيفية أنجاز هذه المهمة . غير أن فشل كانط بمعالجة ما بعد النقد بشرحها ودعمها بطريقة واضحة ، كان له نتيجة خطيرة ؛ فهي ، تركت سلطة العقل معلقة بالميزان . فبرغم من أن كل تعاليم كانط ، تقول ، بأن سلطةالعقل تعتمد على الأمكانية لنقد ، فهو في المقابل، لم يكن لديه تفسير واضح أو تبرير إلى أمكانية النقد ذاته .

    (١٢) وإذا كانت مشكلة ما بعد النقد تؤشر إلى حيث تنهي فلسفة كانط ، فأنها أيضاً تشير إلى حيث الكثير من الفلاسفة ما بعد كانط بدأوا  . فالكثير من خلفاءه كانوا راغبين في قبول كفاحه بأن سلطة العقل تعتمد على أمكانية النقد نفسها. فتشكيكهم بهذا الأمكانية ، دفعوا النقد إلى العقل خطوة جديدة ومهمة أبعد من كانط نفسه . فلم يعدوا مقتنعين بعد في فحص الادعاءات لنظام - الأولى لعقل كما لدى كانط - ادعاءات الفيزياء أن تعرف قوانين الطبيعة ، أو أدعاءات الميتافيزيقيا أن تعرف الأشياء بذاتها . فهم ، بالواقع ، أصروا على التشكيك في ادعاءات  نظامها - الثاني - أي ادعاءات بأن تكون المعيار الكافي إلى الحقيقة وأن تحوز على المبادئ الأولى البينة بذاتها  . فبينما شغلت الفلسفة قبل كانط نفسها مع السؤال " كيف تكون الميتافيزيقيا ممكنة ؟ فيما الفلسفة بعده ركزت على السؤال " كيف نقدالمعرفة ممكن ؟  وأهتمام هيجل مع هذا السؤال في كتابه فينومولوجيا الروح لم يكن بداية وأنما نهاية إلى عهد ( عصر ) .

    (١٣) وكل هذا لا يعني ، بالطبع ، أن الفلاسفة ما بعد كانط بشكل أجمالي رفضوا أمكانية النقد . فبعضهم هاجم هذه الأمكانية ، وآخرين أيدوها، والبعض جادل بأن النقدالمتسق مع ذاته ينتهي بالشكوكية ( شولتز ، ياكوب ، بلتر )  وآخرين ، قالوا أنه ينتهي في الدوغمائية ، فيما ما يزال هناك آخرون  تمسكوا بأن هذا النقد ، هو فعلاً  ، طريق وسط بين الشرور ( التطرفات ) ومن هؤلاء ( رينهولد ، وفخته ، وميمون ) . وعلى أي حال ، فما يشترك به كل هؤلاء المفكرون، هو الوعي ، بأن النقد أشكالي ، ولم يعد أحد يأخذ به كمسلمة وطريق مضمون .

    (١٤) ويبقى المهم تميز الدلالة التاريخية إلى سؤال النقد ما بعد كانط ، ففحص الأمكانية لنقد كان الفحص إلى الابستمولوجيا ذاتها ( المعرفة )  ؛ وفِي عبارة آخرى ، أنها تثير السؤال فيما إذا ممكن الحصول على معرفة إلى الشروط والحدود إلى المعرفة . ولذلك فأن الفلاسفة ما بعد كانط كانوا يشككون في  واحد من العقائد الأساسية والمميزة إلى التراث الديكارتي المعاصرة ، والذي يؤمن بأن الابستمولوجيا هي الفلسفة الأولى ، كما دافع عنها ديكارت ، ولوك ،باركلي ، هيوم ، وكانط . فكل هؤلاء الفلاسفة المذكورين تواً ، شرعوا في العمل بهذا البرنامج الفلسفي بعتقاد راسخ ، بأن الابستمولوجيا تستطيع أن تقدم لهم نقطة بداية راسخت . والتشكيك  بهذا المعتقد من قبل الفلاسفة ما بعد كانط أجبر كل تراث الابستمولوجيا أن يعاد تفسيره . وهذا التراث لم ينتهي ، بأي حال ، مع فلاسفة ما بعد كانط . أنه بالتأكيد جدد على أيدي رينهولد ، وفخته . ومع ذلك ، أصبح الآن نقد للذات ، وأنعكاس على الذات . وعليه ، فأن الأيام السعيدة ، والمسكرة إلى التركة الديكارتي قد أنتهت .  (يتبع في الجزء الثاني ) 

        

                 هاني الحطاب 
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media