العِكومة!!
    الجمعة 9 نوفمبر / تشرين الثاني 2018 - 14:27
    د. صادق السامرائي
     عكمَ المتاع يَعْكُمه عَكْما: شدّه بثوب , وهو أن يبسطه ويجعل فيه المتاع ويشده وحينئذ يُسمى عِكْماً.
    عُكُوم: جمع عِكْم
    العِكام: ما يُعكم به
    إعتكم الشيئ: تراكم
    العِكم: الثوب والعِدل ما دام فيهما المتاع.
    عكَّمَتِ الدابة: سمنت

    ويبدو أن وصف بعض  الحكومات بالعكومة ربما يكون مناسبا لِما تقوم به من سلوكيات العِكام.

    فالعكومة , أعضاؤها بمسمياتهم وعناوينهم  همهم العكم , فالواحد منهم , يضع في "عِدله" أو "حُرجه" أو "عِبّه" ما يستطيعه من المال والممتلكات , ويشدها بحبل قوته وحاشيته , ويمضي في سبيله ولا يعنيه من أمر المواطنين شيئا.

    فناعور العكومات يدور في بعض المجتمعات , وهي مترعة بما يحلو لها وتشتهيه من أسباب الثراء والرخاء والإستحواذ على حقوق الناس وأموالهم ومصيرهم , ولا هدف عندها غير " التحويش" والتراكم والتكديس للمال في بنوك الدنيا , والمواطن مقهور مُستضام , وتوهم نفسها بأنها حكومة.

    وتصبح هذه المجتمعات أمام تحدي كبير عندما تحاول الإنتقال من العكومة إلى الحكومة , وهو بحد ذاته معضلة خطيرة وقاهرة , لأن  سلوك الذين يعكمون قد إستشرى , وعكمت أحوالهم وتأسدت وتسيّدت , وما عاد من الممكن إقناعهم بأن المجتمع يحتاج لحكومة.

    ومن هنا فأن الإعتماد على حكومة في هكذا حالة أشبه بأحلام يقظة , وهذيانات ظهيرة حارة تتماوج يها أطياف السراب , فالواقع قد إعتاد على العكومة التي أوجدت دويلات الطوائف الأحزاب والفئات , ولا يمكن في هذه الظروف المستفحلة والإستنقاعات المريرة إستيعاب فكرة حكومة.

    وعليه فلا بد من وعي الحقيقة الواقعية القاسية , أن هذه المجتمعات لا يمكنها أن تعيش في ظل حكومة تفكر بمصالح المواطنين وسيادة الوطن وعزته وكرامته , والغيرة على ثرواته والعمل على تقدمه وبنائه ومعاصرته , وإنما هي مسميات منهمكة بذاتها وموضوعها , وبما تجنيه من سرقات وتمارسه من فساد وتنشره من إفساد , لكي تغنم ما تصل إليه أياديها , وليحترق أهل البلاد وينشغلون ببعضهم وبتوفير حاجاتهم التي يجب حكمهم بالحرمان منها.

    ولهذا فأن العكومة تعيش في صومعة محروسة , وقد أُعكِمَت بوسائل العكم النارية القوية الرادعة , فهل وجدتم حكومة في مجتمعات مظلومة؟!!

    فقل عكومة ولا تقل حكومة!!

    د-صادق السامرائي
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media