الاستقالة فى الجيب لاتكفى والنمر الورقى!!
    الجمعة 16 نوفمبر / تشرين الثاني 2018 - 21:17
    د. حامد السهيل
    لا زالت الصورة ماثلة امامى , السيد عبد المهدى ويده فى جيب الجاكيت الداخلى يشير بقوة واعتزار وكبرياء العشائرى الى ورقة الاستقاله, انه لايطمح بهذا المنصب, انه اكبر منه ومتفضلا علية او على المتصارعين العنيدين الذين قدموا له هذا المنصب, وهو بخيلاء يقبل هذه الدعوة ولكن بشروطه الخاصة, مما يوحى بانه يحمل مشروعا وطنيا كبيراللبناء والاعمار وكبيرا جدا لا يتوافق ويختلف اساسا مع تصورات ومشاريع الكتل التى كلفته بهذا المنصب. هذا يعنى ان الخلافات كبيرة بينه وبين الكتل الطاغية التى سوف تؤدى بالضرورة الى المجابهة واتخاذ القرار المناسب و المناسب له وفقا لما طرحه: ان الاستقالة فى الجيب, انها الورقة الحمراء الخطيره التى يسحبها حكم مباراة كرة القدم لطرد احد اللاعبين وحرمانه من الاستمرار فى اللعب, لاقترافة خطأ كبير. هذه الورقة الحمراء , الاستقالة, كانت تمثل القوة الحقيقية للسيد عادل عبد المهدى. 
         بعد تقديم برنامجه الوزارى الذى لم يختلف كثيرا  عن البرامج السابقة  والذى ليس لحما ولا سمكا وبدون طعم ورائحة, ثم جاءت التشكيلة الوزارية التى قدمها اثارت العجب والتساؤلات:  مرشحون لمناصب وزاريه مطلوبون للنزاهة  والقضاء والبعض الاخر تعاونه مع داعش, واخرين ليس لهم حضور فى الساحة الوطنية العراقية.  لا زالت وزارات تدار بالوكالة, الدفاع والداخلية, وكما يبدو فان المعركة تدار بين الكتل وفى داخل الكتلة الواحدة بمختلف انواع الاسلحة, وكما تسربت بعض الاخبار فان سعر الوزارات قد وصل رقما مليونيا لم يسبق ان وصلت الية وزارة سابقا. ان الوزراء  الذين تم الموافقة عليهم تقدمت بها الكتل المتحاصصه كما جرت سابقا, وسوف يحصل ذلك بالنسبة للدفاع والخارجية دون ان تكون لللسيد عبد المهدى بصماته المؤثرة عليها. اذا كان السيد عبد المهدى مستقلا فى ادعائه وقراراته فأنه لابد ان يشعر بأن الماء قد تجاوز ركبته ووصل الى رقبته. فى واقع الامر وهو السيد المتسامى الذى تجاوز العاب الصغار واطماعهم وغرورهم, كيف يتحمل هذا التجاوز والاذلال الذى تفرضه عليه الكتل السياسية, لماذا يقف مكتوف الايدى ويتحمل هذا الاذلال وهو الذى يحمل الاستقالة فى جيبه دائما. لماذا لا يخرجها لحد الان, ام قد اصبح واضحا, انه لايختلف عن سابقيه من الوزراء ورؤساء الوزارات, ولا يتعدى ان يكون اكثر بأسا وشجاعة من نمرا ورقيا, انها مسرحية قد سبق الاعداد لها واخذت تقدم عروضها اليومية. 
         تحضر لى مقابلة صحفية لـ (مجلة الشبيغل) الالمانية  قد اجرتها قبل حوالى ثلاثون سنه مع كبار المساهمين فى احد الشركات الكبرى لصناعة الشاحنات الثقيلة التى تم شرائها من قبل عملاق الصناعات الثقيله الـ (المان ام. ا. أم). ان الشخصية التى اجريت معه المقابله كانت حصته 150 مليون مارك المانى/ غربى. هذا المبلغ يقدر بحسابات اليوم ما يقارب المليار مارك. بعد المجاملات  سأله الصحفى ما هى مشاريعه المستقبلية, انتم الان رجل غنى وتستطيع ان تعيش المتبقى من العمر فى راحة ورفاهية فى اى منتجع عالمى , اجابه الرجل, نعم  انى غنى جدا وارغب واميل الى ما تقوله, ولكن هذه الاموال تفرض نفسها على, انها ترسم لى حياتى وما افكر به واسعى للوصول اليه , انها يجب ان تعمل وتتحرك... سأستمر على ما كنت اقوم به..... الحياة معها جميلة جدأ منعشة وفيها تحديات رائعة, انها اكثر من مضاجعة امراة جميلة.
         السيد عادل عبد المهدى دخل السياسة فى مرحلة الشباب, ودخل كلية بغداد واجاد اللغة الانكليزية حيث كان شباب العراق يحلم بالعالم الغربى, درس الاقتصاد فى العراق وسافر الى فرنسا لاكمال دراسته, هنا نشط مع الشباب التروتسكى الفرنسى فى الجامعات الفرنسية الذين ياخذون بالماركسية بصيغتها التروسكيه. الا ان نشيطه السياسي وما  يحمل مبادىء انسانية, وكان بنفس الوقت يحب  المادة والعيش الرغيد والتمييز وعقد علاقات واتصالات مع علية القوم.  فتح مكتب طباعة او مطبعة صغيرة, واقيمت العلاقة مع الاسلام السياسى عن طريق ( عبد العزيز الحكيم ) و اخذ يطبع منشوراتهم. ومع مشروع اسقاط نظام البعث كان مشاركا فى جميع لقاءات "المعارضه". ومع الاحتلال عام 2003 كان ضمن المجلس الاعلى واستلم وظائف مهمة جدا منذ البداية. تسلم وارة المالية ووزارةالنفط, بالاضافة الى نائب رئيس الجمهوريه وكان يستلم راتب قدره مليون دولار شهريا, انه مشارك فى جميع ما قامت به نخبة 2003 وعلى علاقة تامة بخفايا النخبة بكل الوانها, كما كانت يدة قوية فى كل ما حصل من اجرءات من قبل الحكومه وكتابة الدستور وحيثيات الكتل السياسية, وكما يعرف عنه بانه صديق حميم للامريكان والبنك الدولى  واكراد البرزانى. انه ضليع  بكل ما حل بالعراق من دمار وانحطاط. ولكن الحياة جميلة وجميلة جدا مع السياسه فى العراق بمنطلقات الطائفية والمحاصصه والضحك على الذقون
          ان السيد عبد المهدى سوف لا يسحب ورقة الاستقاله, انها فى جيبه مصونة محترمه ويمنع لمسها, يجب ان تبقى نظيفة لا تصيبها العيون والحاسدون. ان سحب الورقة ليست عملية ميكانيكية سهلة بسيطه وانما ترتبط معها اوضاع الكتل ونظام المحاصصصه وموقفهم الطاغى وامتيازاتهم اللامحدودة فى تشكيل الدولة,ولا يمكن لاحد عناصرها المعهودة بسبب خلافات جانبية قابلة للحل ان يتنصل بما اوكل الية, وكانه شيئا لم يكن, قضية مزاج وضجر وانما يجب الاستمرار وتقديم المشروع بصيغة مرضية مقبولة للكتل والشعب.             
         ان الاشكالية الرهيبة بتكليف السيد عبد المهدى ترتبط بمشروع وعلية اتمامه وهذا وفقا لما طرحة فى مقالاته العتيدة: يجب ان تعود العلاقة مع شركات النفط العالمية كما كانت علية قبل عام 1958, هذا يعنى ان الدولة العراقية ليس لها سيادة على ثروات البلاد وتتقبل ما تقدمه لها شركات النفط العالمية العملاقة من بقايا هبات وفضلات.  لقد وقع اتفاقية النفط مع اقليم كردستان التى كانت مضرة ومضرة جدا بمصالح العراق, كما انه كان عراب فكرة الشركة الوطنية للنفط التى  فى النهاية تقدم ثروة العراق على طبق من فضة للشركات العالمية. ان السيد عبد المهدى, بخبرته الطويلة وثقافته الاوربيه وعلاقاته المتشعبة يكاد يكون الوحيد الذى له القدره على تبرير هذا المشروع الخبيث لانه لايبالى بمصلحة والعراق ومستقبل شعبة ويجيد التلاعب بالكلامات والايحاءات والالفاظ الجميلة والوعود الكاذبة ويقدمها كانجاز وطنى. فى ظل عبد المهدى ورئيس الجمهورية ومن يدير مكاتبهم  ورئيس البرلمان السيد الحلبوسى سوف لا يحصل اى اصلاح واى تعمير وسوف تجرى الاحوال كما كانت سابقا:  صاخبة فى النهار وصاخبة بين الاحبة والشركاء ليلا, وتصريحات لانصاف الرجال فى الصحف والتلفزيون ولقاءات مع وزراء العالم واتفاقيات ومشاريع وهمية لا تتعدى ان تكون زوبعة فى فنجان. لا امل من لا امل فية, من الذين لاقرار مستقل لهم. 
       علينا ان نطور وعيا نقديا ونعمل وفق ضروراته: لا تتوقع خيرا من حاضر المحاصصة ومن السيد عبد المهدى شخصيا.

    د. حامد السهيل 16.11. 2018      
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media