فما بالُ العراقِ يئنُّ جوعاً* وكلُّ ترابهِ ماءٌ ونورُ؟..
سفرتي الأخيرة للعراق، صورتان ومقطع من قصيدةٍ مطولة لي عنه
فما كان العراقُ بذاتِ يومٍ**على الطرقاتِ تنهشهُ النسورُ
ولا كان الفراتُ بإبن سوءٍ ***موائدهُ الكواعـبُ والخمورُ
ولا أمسى بدجلة َأو رباها *** أنينُ البؤسِ أو ثـديٌّ يغورُ
ولا للشّحِّ في الفيحاءِ دارٌ** بها الخيراتُ تطفحُ والسـرورُ
ولا الحدباءُ قد نزعتْ حلاها ** فوجهُ الأرض ِتبـرٌ والنميرُ
ولا ألفَ النخيلُ سوى شموخٍ **يطأطأُ دونهُ الأسدُ الهصورُ
ولا كانَ الشمالُ على فراق *** كذا مرّتْ دهورٌ بل عصورُ
فما بالُ العراق ِ يئنُّ جوعـاً****وكلُّ ترابهِ ماءٌ ونــورُ؟
وما بالُ الشبابِ ينطُّ غــربــاً ** وإنْ أكلتْ آمانيهم بحورُ؟
إلى كمْ ذا تعاني مـن مـرار*** أجـــبْ يا أيها البلدُ الصبورُ
تريدُ منَ الزمان ِصفـاءَ طبــع ٍ***وطبعُ الدهرِمنقلبٌ غـدورُ
فكمْ ديسـتْ أمامَ العين ِخلقا **وكـم منْ خلفنا طُعنتْ ظهورُ
وكلٌّ يــدّعي حقّــاً لشــعب ****كــأنَ لسـانهُ عــيٌّ قصــيرُ
مصيرُ الشعبِ حـقٌّ لا لفــردٍ ** ولا للغيرِ يحـكمُ ما المصيرُ
البحر الوافر