د. ميسون البياتي
عدم الكلام عن أخطاء الغير من حسن الخلق , وعدم الإستماته في تبرير أخطائنا من الحكمه , أما الكلام عن فضائل الغير فهو نوع من العرفان بجميل الفضل ونشر للمحبة بين الناس , فيما يكون ستر بعض عيوب الغير من سمو النفس التي تستر
بشكل عام , يتعرض الطيبون غالباً الى البلطجه والتسلط , بينما غير الطيبين يكونون مهابي الجانب , ولهذا يفكر غالبية الناس أي دورٍ عليهم أن يلعبوا في مجتمعاتهم : متسلط عليهم .. أم مهابي الجانب !؟ معتقدين أن الأبواب الجيده تكون صعبة الكسر , وأن من الصعوبة أن نكون أُناساً طيبين . وهذا التفكير يخلق الكثير من الإرتباك في المجتمع , لأننا نريد لمجتمعاتنا أخلاق جيده , ومساعي حميده , وأفراد صالحين
في السابق كانت الأديان تعلم الصالح من الطالح , الإلتزام بأركان الإسلام الخمسه , أو وصايا موسى العشره . حتى في الديانات الشرقيه هناك ضوابط جمه , في الكونفشيوسيه على سبيل المثال يحث كونفشيوس أتباعه على أساسيات أربعه هي : النقاء والعدل والنزاهه والشرف , كما يحثهم على الفضائل الخمسه وهي : الإحسان والبر واللياقه والحكمه والإخلاص . هذه المعايير الدينيه كلها كانت تستخدم لمقياس الصالح عن الطالح
في زماننا الحالي تلاقي هذه المعايير الدينيه تحديات كبرى لأن بشر اليوم غالبيتهم لا يفكرون إلا بانفسهم , وهم يستعملون ما يسمى ( ذكاؤهم ) للتباهي بما يطلقون هم عليه ( أفعالهم الحسنه ) بينما يخفون عن عمد كل صفاتهم السيئة الحقيقيه , ويذيعون أخطاء الغير ويقارنونها ب ( الجيد ) الذي هم عليه , وهذا أسلوب مجحف في التعامل مع الغير وخالي من أية عداله
دعونا نقيّم الأشخاص الذين يحصلون على التقييم والتكريم هذه الأيام , بالتأكيد هناك الكثير منهم الذين يستحقون أن تقيّم جهودهم وتعلن بمباركة الى العلن , ولكن هناك الكثير منهم أيضاً ممن لا يستحقون ما يحصلون عليه من تقييم وتكريم , في نفس الوقت الذي فيه الكثيرين ممن يستحقون التقييم والتكريم .. لكنهم لا يحصلون عليه . ألا يدفعنا هذا الى التفكير بأية عدالة يمنح ذاك ويحرم هذا , وما هو معيار التقييم ؟ وأين المقياس العادل ؟
يجب القضاء على الطالح ليزدهر الصالح , يجب إهمال الطالحين ليحصل الصالحين على المكان الذي تثمر فيه مواهبهم , وهذا سيؤدي الى القضاء على الشر وإعمام الخير في المجتمع . عن طريق تحديد الطالح ونشر الصالح نقوم أيضاً بنشر معايير ومقاييس تعلّم الأفراد كيف يختارون بين أن يكونوا متسلطاً عليهم أو أن يكونوا مهابي الجانب
د. ميسون البياتي