ولماذا يصرون على تمرير "ثمانية" من "علامات استفهام"؟؟!!
    الأثنين 10 ديسمبر / كانون الأول 2018 - 21:23
    أ. د. حسين حامد حسين
    كاتب ومحلل سياسي/ مؤلف روايات أمريكية
    يبدو أن هناك اسبابا تفرض نفسها على الدكتور عادل عبد المهدي في عزوفه عن التفكير العقلاني المطلوب من اجل ان يضع حلولا لهذه المشاكل التي تواجهه من خلال التراجع وتغيير الشخصيات التي يصر على تمريرها من اجل الصالح العام . فهذا التفكير غير العقلاني الذي يلتزم به السيد رئيس الوزراء في اصراره يمكن تفسيره في نواحي عديدة من بينها دوافع نفسيه من أجل البحث عن تقييم ذاتي لاثبات الذات. كما وأن السبب أيضا في تعنته ذاك ، يعود الى ان هؤلاء الثمانية ربما قد تم فرضهم عليه فرضا من جهات خارجية. ولكن السبب الاكثر اهمية هنا والذي يسقط امامه وأمام من يؤيده من الكتل تلك التعنتات والتي على السيد عبد المهدي أن يتذكرها والاتزام بها ، هو ان السيد عبد المهدي في تماهيه واصراره على تمرير شخصيات تدور حولها علامات استفهام ، يعني بالتأكيد خروجه عن جادة الصواب التي ينبغي عليه وعلى امثاله السير وفق طريقها المعبد الجديد ، من خلال ارادة وتوجيهات المرجعية الدينية للسيد اية الله علي السيستاني "حفظه الله وأدام ظله" ، هذا الرجل المؤمن الذي كان دائما صمام الامان لهذا الشعب والوطن. فالذين جاؤا بالسيد عبد المهدي عليهم ان يدركوا ان المسألة تتعلق بارادة شعبنا الذي يقف خلف قيادة المرجعية الدينية ، فهي في حقيقتها التزاما ومواصلة السير وراء المرجعية الدينية التي حمت العراق من سقوطه في مصير اسود لا خروج منه انذاك.  
    فان كان السبب الاول يعود الى محاولة بحث السيد رئيس الوزراء عن تقييم لنفسه والشعور باصراره على ترشيح من يريد تمريرهم ، فبامكانه ان يمارس تلك الرغبة في نفسه والنجاح بها من خلال احداث كثيرة اخرى قادمة قد يستطيع من خلالها موائمة ذلك الشعور الطاغي في نفسه من اجل نفسه. فالظرف الراهن لا يسمح باختبارات التجربة والفشل . أما اذا كانت المشكلة القائمة هي بسبب ان هؤلاء الثمانية الموصومون "بعدم" الاستحسان الكافي والمطلوب بهم كمرشحين من اجل اول حكومة جديدة يقف شعبنا متلهفا في انتظاره من اجل معرفة كنهها ، ولكنها، يتم فرضها فرضا على شعبنا، فهذا من شأنه ان يضع عبد المهدي تحت طائلة مسؤولية لا تحمد عقباها. فنحن نعلم تماما كم هو مهم وصارم على رجل كعبد المهدي وجوب الالتزام بالطاعة لمرجعية رسمت خطوط المستقبل من اجل حياة جديدة أفضل لشعبنا.  ولكن ان يقف السيد عبد المهدي مخالفا لتوجيهات المرجعية الدينية هكذا، فذلك يعني وكما يقول المثل ، (خرق القتاد)...!!   
    أن المثير للدهشة ، ان الدكتور عبد المهدي الان وهو في بدايات مسؤولياته كرئيس للوزراء ، يبدوا لنا ومن خلال متابعة ما يجري من أخذ ورد حول الترشيح للوزارات ، وكأن الرجل يبالغ في التعنت والاصرار على تمرير هؤلاء الثمانية، مع ان المعلومات التي قدمتها بعض الكتل السياسية غير مشجعة لاستيزارهم . كما وان عبد المهدي لم يمنح مجلس النواب فرصة كافية لاطلاعهم على سيرهم الشخصية ، بل قام بعرض سيرهم الذاتية في نفس اليوم الذي كان مفترضا التصويت عليهم في البرلمان. فبقدر ما يتعلق الامر بشعبنا، ان هؤلاء الثمانية يجب تغيرهم والاسراع بترشيح اخرين لاكمال الوزارات وتبدأ اعمالها . 
    والشيئ الاخر الذي يمنحنا دهشة وتساؤلات اكبر، اننا نجد رئيس الوزراء يصر على هؤلاء الثمانية وكأنهم هم وحدهم "الصفوة المختارة " من العراقيين، فلا احد سواهم ، لا من قبلهم ولا من بعدهم احد لاصلاح العراق!!! . و كأن هذا العراق الغني بالطاقات الفريدة والاختصاصات والمبدعين والعمالقة ، لم يستطع فيه اليوم عبد المهدي أن يجد من بينهم من "يثير اعجابه" !! سوى هؤلاء الذين تحوم حولهم الشكوك . 
    فهذا التوجه الذي يبدوا انه يلح على الدكتور عبد المهدي بشكل كبير فيمنحه حبا بالتمسك بهذه المشاكل التي يخلقها امام العراقيين ممن يحاولون السير خلف توجيهات المرجعية بدلا من سعيه لحلها ، يفترض به ان يكون الاكثر ابتعادا ونأيا عن أي شيئ يعكر صفو صبر العراقيين الذين هم لا يمتلكون اليوم الكثير من الصبر في نفوسهم ، وخصوصا ان مسألة تعند عبد المهدي تحرمه من أي رصيد شعبي هو بأمس الحاجة اليه. 
    ان امام الدكتور عبد المهدي مسؤولية كبرى امام الله تعالى وشعبنا . فكواحد من العراقيين ، يفترض به انه يدرك مقدار الكوارث والألام والسهاد والضياع الحياتي والفقر والجوع والموت المجاني الذي مر على عراقنا والعراقيين منذ خمسة عشر سنة مشؤومة امتصت رحيق العراقيين . ونحن لا نتمنى أن نجد السيد رئيس الوزراء هذا يتصرف كأي رئيس عشيرة فيتوقع ان "ألاوامر" التي يصدرها سوف تلقى "السمع والطاعة" من افراد عشيرته. فيا ترى ان كان هذا الرجل يحمل في دواخله فهما "خاليا" من الهموم ، وينسى ان العراق اصبح بلد العجائب والغرائب والتندر عليه، وانه لو كان في العراق كتلا او احزابا "وطنية" فعلا، لما ألت اليه الامور هكذا أبدا، عليه ان يتجاوز النجاحات الطفيفة لاثبات نفسه. وعليه ان يدرك ، ان نجاح الحكومة في مهماتها الكبرى والعسيرة التي تخص نسف الفساد والمفسدين لا يتم سوى بالحزم ونسيان الذات. 
       نأمل من السيد عبد المهدي أن لا يغمض له جفن  ، بل ويجب ان يحيا تحت لظى حساسية الاوضاع  الجديد التي ينتظر منه شعبنا القيام بها ، والحاجة الحثيثة الملحة للاسراع  في تشكيل الحكومة ، وعدم الاصرار على الخوض في الماء العكر !!...
    فاصرار وتعنت كهذا ، لا يثبت من خلاله سوى تراجعا عن الثقة التي منحها البعض له في تنصيبه كرئيس للوزراء في احرج الظروف. 
    نطالب السيد رئيس الوزراء ان يثبت لشعبنا قوة وثباتا على مباديئ يطالب بها شعبنا من اجل الوقوف بقوة وحزم ضد كل الظروف التي من شأنها ان تسمح بالتهاون ونسف استقرار عراقنا الغالي .

    حماك الله يا عراقنا السامق...
    12/10/2018 
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media