لا يستحق الشكر.. سوى من سيتم النصر العراقي ويكنس الفاسدين من مجتمعنا..!!!
    الأحد 18 فبراير / شباط 2018 - 21:55
    أ. د. حسين حامد حسين
    كاتب ومحلل سياسي/ مؤلف روايات أمريكية
    الانتصارات الباهرة على الارهاب ورفع مكانة عراقنا عاليا بين دول العالم اليوم ، لم يصنعه شخصا عبقريا او قائدا فذا لوحده ، لكنها كانت معركة جميع العراقيين وحدهم بعد ان تناخوا مع بعضهم البعض . ولذلك، أن من يتصور نفسه أنه الان بمستوى الظاهرة الوطنية الاستثنائية الوحيدة لتضحيات المرحوم الزعيم عبد الكريم قاسم، وأن بفضله قد تحرر العراق من داعش ، فهو مخطأ. واذا كان هذا الشخص او غيره يصر على انه كان قد عمل كل ما في وسعه وأتت نتائج جهوده بمواقف كبرى، فيجب ان يعلم أن جهوده الوطنية تلك لا تزال منقوصة ما لم يتبنى المهمة الاخرى ألاعظم ، وقد تركها جانبا، وتكاد اهميتها ان تكون بمستوى طرد داعش ، وينبغي عليه انجازها  الان ايضا، ان كان ينوي البرهان على وطنية حقيقية وقيادة ميدانية من اجل هذا الشعب المنهك. 

    فمهمة ضرب الفساد وتدمير رؤوسه واستعادة اموال العراقيين منهم ونيل جزائهم العادل مهما كانت عناوينهم ومواقعهم في المسؤولية هي المهمة الاولى الان. حيث لا يزال هذا الفساد "شامخا ومحروسا" من قبل الكثيرين ممن لاشرف لهم ولا ضمائر، هو الحلقة الاخرى في النضال الوطني العراقي من اجل الاستقرار والبدأ بحياة كريمة للجميع. فضرب الفساد سوف يقنع الجميع من ان عهدا جديدا للعراق قد بدأ فعلا، وان ذلك سوف يمهد لانتخابات نزيهة وسوف عندها لا يصح ÷لا الصحيح. كما وان التوكل على الله العلي القدير سيبرهن لشعبنا أيضا على "جسارة"لم يمتلكها سواه في التعامل الاحداث والقرارات الصعبة من اجل شعبنا وهي ايضا لم تكن في الحسبان ، وخصوصا أن كل شيئ اصبح جاهزا امامه الان، وما عليه سوى الضغط على الزناد. 

    والسؤال الذي لا زلنا نعيده ونكرره ونبقى نلح عليه ، هو لماذا لا يفعل الدكتور العبادي شيئا جسورا كهذا الان من اجل شعبنا ومن اجل سمعته الوطنية ، وما الذي يمنعه من فعل ذلك؟ فهل يعتقد ان "الوعود والاحلام الوردية" التي يتعامل بها مع شعبنا الان ومحاولة الهائهم لما بعد الانتخابات سوف تغني عن الحقائق المرة المتوفرة على ارض الواقع شيئا، فيضع جدوله الزمني وخططه للبدء بما مطلوب منه بعد اليتوكل على الله ، لضرب الفساد وهو الذي يمتلك امكانات دولة وشعبنا من وراءه؟!  

    اننا هنا نكتب مرة اخرى لنواجه قادتنا بالحقائق التي يطالب بها شعبنا وبلا تلكؤ، ونحثهم على البدأ بمقاتلة طود الفساد على مستوى افعال الرجال الوطنيين ضد اعداء شعبنا عمليا ، وليس من وراء المايكرفونات.!! فالمعركة ضد الفساد هي المعركة الكبرى لكي يحمي العراق ماء وجهه امام العالم الذي يتندر عليه بالضعف والخذلان ، وليس من عدو خارجي، بل من رؤوس الحرامية في الوطن، اليس في ذلك عيبا وخزيا كبيرا على العراق؟ اليست هي ، كانت ولا تزال مسؤولية ابناء العراق وحدهم ولا تحتاج لمساعدات أو عون من قبل التحالف الدولي او بعضا من الدول التي كانت مشكورة في دورها الهام في طرد داعش ، وإن لم يكن ذلك العون من اجل سواد عيون العراقيين . فلقد كان الهدف الاكبر لجميع الدول تلك هو درأ داعش عن اوطانهم وشعوبهم وانفسهم قبل كل شيئ اخر، ومع ذلك ، فان العراق كان الشمعة التي تحترق لتضيئ للجميع ، "استضعفوك ...فذبحوك" . لكن معركة التحريركانت معركة العراقيين جميعا . كانت معركة الشهداء والارامل واليتامى والمعاقين والفقراء المعدمين في بيوت الطين والصفيح، فلقد كنا جميعا هكذا وبشكل عام ، ام نسينا ما قاله الشاعر العراقي: 

    (نسينا اننا عشنا طويلا  من الدنيا على ضنك شديد)...؟ 
    ولكن عدم العدالة لا يزال جليا ، فالبعض اصبحوا جبابرة على حساب الاخلاق والضمائر. ومعركة التحرير كانت من اجل الحق ، وابطالها الذين وضعوا ارواحهم على أكفهم وتحدوا الموت، فكان ذلك هو ثمن نصرنا جميعا. انهم العراقيين وحدهم من صنعوا الحياة الجديدة باذن الله تعالى بعد ان جعلوا من ارواحهم قرابينا للشهادة ومضربا للامثال من قبل العالم فداءا لهذا الوطن العراقي الجسور. فلماذا لا نكمل هذا النصر المؤزر بدلا من ان نمنح فرصا اخرى واخرى للفاسدين الذين يتنعمون باموال العراقيين وننتظر من "القادة" حتى يرتبوا "جداولهم الزمنية" وفقا لظروف فوزهم اولا في الانتخابات !! هل هذا شيئ معقول؟

    فعلى الرغم من جميع التجارب العراقية المريرة والتضحيات الكبرى والعسيرة النتائج لكل ما حصل ويحصل للنظام الجديد، لم نجد بعد أي قائد سياسي قد اقتنع به شعبنا فمنحه ثقته الكاملة تماما . ربما كانت للظروف احكامها ، لكنها اليوم فرصة الدكتور حيدر العبادي ليصبح بطلا وطنيا فيبرهن على كنسه للفساد وألابتعاد عن الخيلاء والتيه في خضم الاحداث التي تشجعه على تحقيق ما يتمناه على حساب قضية الشعب الاولى ، قضية الاطاحة بالفساد، فيترك عراقنا يطفوا فوق مستنقعات الفساد والمفسدين، من اجل فوزه بالانتخابات اولا.  

    فلماذا لا نتعلم من تجاربنا المريرة، وندرك ان الفساد والتشديد على الانتماءات المذهبية وترك الخلايا الارهابية النائمة بدون مراقبة فعالة، وحيث لا يزال الانسان العراقي بشكل عام يحت معانات الظلم والاضطهاد وأكل الحقوق ونوم العراقي المشرد على الارصفة ، وامتهان نسائنا العراقيات الدعارة عن طريق التظاهر بالتسول ، وحيث بطون الفقراء تنام خاوية إلا من خلال بيع الشرف!! وحيث لا تزال امهاتنا الطيبات بنفس معاناتهن الازلية يواجهن الحياة بلا سعادة ويرتدين ثياب الحداد منذ قرون. ولا يزال فقراؤنا يمنون انفسهم بنوم تحت سقف بيت أمن ، واطفالنا العراقيين يكدحون ولا يعرفون عن طفولتهم اي ذكرى جميلة، كل ذلك وغيره هو بعضا مما قاد الى تحول الاشخاص الى الوقوف ضد النظام القائم والانتماء الى ارهاب داعش. حيث العدالة مفقودة !  فكيف يستطيع العراقي أن يمنح ثقته وولاءه لاحد من هؤلاء السياسيين اليوم، مهما كانت عناونيهم ، مالم يبدأ هؤلاء بالتفكير والاهتمام الجدي والفعلي بعلاج امراض مجتمعنا وما اكثرها. فهناك لا يزال في الوطن ، امراضا نفسية وعضوية وعقلية واجتماعية وادمان على الكحول والمخدرات ، وهؤلاء المرضى لم يجدوا الفرص التي ترغم الدولة القيام به من اجل أن يصبحوا شريحة وقوى غير معطلة . 

    فعندما يتم احصاء نفوس العراق، فهؤلاء المعذبون مسجلون أيضا "كعراقيين" ، ولكنهم ينظراليهم كشواذ عن المجتمع وبلا حقوق حقيقية للمواطنة . انهم اشبه بما يكونوا بافراد "البدون" في بعض الدول العربية ، لكنهم كعراقيين هم مرضى معزولون عن المجتمع وقد سلبت منهم حقوقهم في الرعاية والعلاج كما يجب!!! 

    نطالب بقادة سياسيين يمنحون شعبنا السلام والتاخي والمحبة وتضميد الجراح . نريدهم أقوياء لا يخشون بالله في الحق لومة لائم . نريدهم لا يساومون على الكرامات ويبرهنون لشعبنا ان اهدافهم من اجل الانتخابات نابعة من ضمائرهم لصالح هذا الشعب العريق ، وليس من اجل الفوز والبقاء لدورة انتخابية اخرى. نريدهم ان يتبرؤا من أي علاقات شخصية مع الفاسدين أو التعاطف معهم على المستوى الشخصي والرسمي، وانهم قادرون على التحرك ضدهم من اجل أهداف يرضى بها الخالق ربنا العظيم ويرضاها شعبنا . فهذه الرؤوس الفاسدة يجب ان يطاح بها ، ونطالب الجميع البدأ بضرب الفساد ألان ، وليس "غدا" .  ونطالب بنسف قلاعهم وهدمها على رؤوسهم ، ورميهم وراء القضبان.  

    نريد عراقنا نظيفا من بؤر الفساد والفاسدين ، ولا نتمنى أبدا ان تكون النتائج حصاد لخيبات امال كبيرة لشعبنا. نريد هؤلاء السياسون المنتخبون في شهر مايس القادم ان شاء الله ان يتعاملوا مع الحياة بصدق ووطنية وبلا تراجعات عن مباديء الوفاء والخير ومن مواقع قيادية سامية ، لا تقود الى مزيد من دماء ، فعسى الله تعالى أن يصلح الجميع من اجل عراق جديد بكل المعاني الانسانية الخيرة. والله ولي المؤمنين .

    حماك الله يا عراقنا السامق...

    2/18/2018 
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media