في حضرة الخليفة
    الأربعاء 21 فبراير / شباط 2018 - 17:54
    سيروان ياملكي
    معذرةً 
    - مولايَ حضرةَ الخليفةْ - 
    لربما قصيدتي 
    تبحثُ في قُمامَةِ اللُغةِ
    وفي زِبالَةِ الكلماتِ
    عن مُفرداتٍ 
    ساقِطةٍ ناقِصةٍ دنيئَةٍ تافهةٍ سخيفَةْ
    لتُصوِّرَ الأمرَ لكُم 
    بلا مجازٍ وتشبيهٍ وتوريةٍ 
    وتوَجُّسٍ وتحفُّظٍ وخيفَةْ
    لكنها قصيدةٌ 
    مزهوةٌ بذاتِها صادقةٌ شريفَةْ
    تمشي ورافِعةً إليكُم رأسَها
    وكَعبُ نَعلِها
    وصَمغُ جلدِها
    وريحُ بطنِها
    وكلُّ ما فيها من العُيوبِ والثّقوبِ 
    - يا حضرةَ الخليفةْ -
    أعفُّ من عفيفِكُم
    ومن عِمامتِكَ النّظيفَةْ

    لن أفتحَ الملفَّ كلَّهُ
    - يا حضرةَ الخليفةْ -
    فلا تخفْ
    سأتركُ التاريخَ مكتوفَ اليدينِ واقفاً
    كدابّةٍ مربوطةٍ ساهِمَةٍ 
    تعلِفُها الأكُفُّ والبصائرُ الكفيفَةْ
    تجتَرُّ تِبنَكُم من ألفِ حَولٍ وحَولْ
    ببابِ - بيعَةِ السّقيفَةْ -
    لن أفتحَ الملفَّ
    - يا حضرةَ الخليفةْ -
    بل جئتُ حاملاً رسالةً 
    من لَدُنِ
    جلالةِ جاموسةِ الوظيفةْ
    تسألُكُمْ لِمَ النشيدُ 
    نشيدُنا الوطنيّْ 
    مستورَدٌ من ذا وذا؟!
    ونحن كالبَبَغا نردّدُ لا نعي 
    تعريفَهُ تصريفَهُ تخريفَهْ؟! 
    لِمَ بيتُ مالِكُم مُتخمَةٌ بطونُهُ؟!
    وبطونُنا خاويَةٌ خفيفَةْ؟!
    وتسكنونَ العالياتِ من القصورِ الفارِهاتِ المُنيفَةْ
    والشعبُ يلتحِفُ السّماءَ نصفُهُ 
    ونصفُهُ الآخرَ يفترِشُ الرّصيفَ
    مُتمنّياً عَوداً لأيامِ الشقاوَةِ والسّيانِ 
    وأيامِ النّقاوَةِ والصّريفَةْ

    أسئلةٌ كثيرةٌ كثيرةٌ
     - يا حضرةَ الخليفةْ -
    لِمَ العصافيرُ غادرتْ أعشاشَها؟!
    لِمَ البساتينُ هجَّرتْ عُشاقَها؟!
    لِمَ الچنارُ والنخيلُ أنكرَتْ أفنانَها؟! (1)
    لِمَ المساءاتُ اشتكتْ سُمارَها؟!
    ولِمَ النُّواسيُّ يبكي مُترحِّماً خَمّارَها؟!
    لِمَ المساجدُ والمنابرُ أطرقتْ 
    وأغمضتْ عن غيّكُم أطرافَها أسماعَها؟! 
    لِمَ الكنائسُ والمعابدُ أسكتتْ أجراسَها؟!
    ولِمَ السبايا أجفَلوا
    قلبَ الحجارَةِ فاكتوَتْ؟!
    وقلوبُكمْ 
    سيلُ الدِّما ما لانَها؟!
    حتى المرايا استحتْ 
    لما رأتكُمْ 
    رأتْ في رسمِكُم آثامَها
    بيّضتُمو وجهَ الذي ذبَّحَنا
    وضاعَ عطرُ نزاهةٍ 
    من كلِّ تلكَ الجيفَةْ

    أسئلةٌ كثيرةٌ كثيرةٌ
     - يا حضرةَ الخليفةْ -
    وأخافُ من شِعري 
    أن يُخدِّشَ خدَّ جاريةٍ 
    أو كَعبَ ناعِمَةٍ
    وصلا أميرةٍ 
    ورِضا وصيفَةْ 
    فسماحةُ الجلّادِ يرمُقُني 
    ويشحَذُ كلّما أفتحُ فاهي سيفَهُ
    ورِقابُنا مولايَ 
    مثلُ النِّعاجِ مُطأطأةٌ نحيفَةْ
    والعمرُ فاتَ ربيعُهُ 
    لم نَجْنِ إلّا خوفَهُ وخريفَهْ
    لكنما
    لي همسَةٌ أخيرةٌ
    في صُمِّ آذانِكُمِ الرَّهيفَةْ
    - يا حضرةَ الخليفةْ -   
    لو كان للشيطانِ أمرٌ يُستعانُ بهِ
    لكان لي شرفُ انتمائي
    أن أكونَ لإنقاذِ العراقِ حليفَهْ

    1- الچنار: هي شجرة البان باللغة الكردية.


    سيروان ياملكي
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media