السفير العراقى فى القاهرة: «السيسى» حريص على استنساخ تجربة مصر التنموية فى العراق.. وننتظر زيارته
    السبت 24 فبراير / شباط 2018 - 15:36
    [[article_title_text]]
    القاهرة "الوطن" - قال السفير حبيب الصدر، سفير العراق لدى مصر ومندوب بلاده الدائم لدى جامعة الدول العربية، إن بغداد تنظر إلى شقيقتها الكبرى مصر كقدوة ونموذج فى التنمية ومكافحة الإرهاب، موجهاً رسائل خاصة إلى الرئيس عبدالفتاح السيسى من خلال حواره لـ«الوطن».

    حبيب الصدر لـ«الوطن»: مصر قدوتنا والنموذج الذى ننسج على منواله.. و«السيسى» قاَتل بيد وبنى البلاد بالأخرى

    وأكد السفير العراقى تطلع بلاده إلى زيارة الرئيس لبغداد، معلناً عن تفاصيل الشراكة المصرية العراقية فى إعادة إعمار المدن العراقية المحررة من تنظيم داعش بعيد هزيمته على أرض الرافدين، وشدد «الصدر» على أن بلاده تعطى أولوية قصوى للتعاون مع مصر فى مجال مكافحة الإرهاب، موضحاً مدى الحرص على متابعة العملية الشاملة لمكافحة الإرهاب فى شمال ووسط سيناء «سيناء 2018»، فإلى نص الحوار:

    كيف ترون دور الرئيس السيسى فى تحقيق التقارب والشراكة بين البلدين خلال السنوات الأخيرة؟

    - رسائلى إلى الرئيس عبدالفتاح السيسى أولها رسالة إعجاب وإكبار لدوره المشهود فى مكافحة الإرهاب، ونحن نتابع البيانات التى تصدر عن القيادة المصرية لتشرح لنا كل يوم البطولات التى يسطرها الجيش المصرى الباسل وما يحرزه هذا الجيش من انتصارات كبيرة على هؤلاء الإرهابيين الأوغاد الذين دنسوا أرض سيناء الرسولية التى مر عليها أنبياء الله، ويجب أن تكون أرض سيناء، كما يريدها الرئيس السيسى أن تكون، واحة للأمن والسلام وواحة للتعايش وتلاقى الحضارات. ولدىّ أيضاً رسالة تثمين للإنجازات الكبيرة التى حققها الرئيس السيسى خلال السنوات القليلة، فما حققه خلال أقل من 4 سنوات لم يحققه رئيس آخر على مدى عقود من الزمن حقيقة، وهذا الأمر أنا أعتقد أن الإعلام المصرى يجب أن يسلط الضوء عليه، ولا بد لدولنا العربية وشعوبنا العربية أيضاً أن تكون على اطلاع على هذه المنجزات، لأنى عندما ذهبت إلى العراق أشرح لهم كل هذه التطورات الإيجابية لا أحد يقول إننى لدىّ علم بها، إذاً هناك تقصير إعلامى فى إبراز هذه الإنجازات. والرسالة الأخيرة هى رسالة أتمنى فيها أن يقوم الرئيس السيسى بزيارة إلى بغداد بعد انتصارنا على «داعش» لأن العراقيين ينتظرون زيارته بفارغ الصبر لحبهم وتقديرهم العالى لسيادته، وأتمنى على الرئيس السيسى أن يوعز برفع القيود على دخول العراقيين إلى مصر وتسهيل الأمر، وكذلك لتسهيل تجديد الإقامات وأن يطلق أيضاً ويفعّل مصرف الرافدين فى القاهرة بعد أن طاله التجميد طيلة السنوات الماضية؛ انطلاقاً من رغبة البلدين فى الدخول فى شراكة استراتيجية، وهذه الشراكة لا تتحقق إلا بتسهيل حركة الأفراد والأموال، وأريد أن أرسل تلك الرسائل للرئيس من خلال منبركم الإعلامى الكريم.

    «محلب» وعد فى بغداد بحسم مسألة عودة عمل مصرف «الرافدين» لتفعيل دوره فى التعاملات المالية بين البلدين.. والتنمية المشتركة بين العرب ستُنهى حروبهم.. والشركات المصرية لديها سمعة طيبة وأبواب العراق مفتوحة للأشقاء المصريين

    ما تعليقكم على مستوى مشاركة مصر فى المؤتمر الدولى لإعادة إعمار العراق فى الكويت قبل أيام؟

    - شارك المهندس «محلب» على رأس هذا الوفد الكبير الذى يتكون من 86 شركة مصرية فى مؤتمر الكويت الدولى لإعادة إعمار العراق، وهذا يدل على حرص الحكومة المصرية والرئيس السيسى على أن تدخل مصر بقوة فى عملية إعادة الإعمار واستنساخ تجربتها التنموية الرائدة والمبهرة فى الساحة العراقية، فنحن نحتاج إلى مليون ونصف وحدة سكنية، ومصر استطاعت خلال فترة وجيزة أن تبنى مئات الآلاف من الوحدات السكنية والمدن بكامل خدماتها، واستطاعت مصر أن تنجز 25 ألف ميجاوات من الكهرباء، حتى إن الكهرباء الآن فى مصر فاضت عن حاجتها وبإمكان مصر أن تصدّرها لدول أخرى، ونحن فى العراق بحاجة إلى إنشاء محطات طاقة كهربائية ونستفيد من إمكانيات الشركات المصرية فى إنشاء هذه المحطات، ومصر استطاعت أن تشق وتنشئ 7200 كم من الطرق وبعضها به 12 مساراً 6 ذهاب ومثلها للإياب، وبمواصفات عالية جداً، ونحن فى العراق أيضاً بحاجة لهذا الأمر، وأيضاً استطاعت مصر أن تبنى 36 مستشفى بسعات سريرية متفاوتة، ووزارة الصحة كوادرها الهندسية قادرة على مثل هذه المستشفيات فى العراق، وكذلك بناء مصانع للدواء، واليوم ما لدينا من مصانع فى العراق لا يسد سوى 10% من حاجة العراق، ونتكلف سنوياً 2.5 مليار دولار لشراء الأدوية، وهنا شقيقتنا الكبرى مصر لديها باع طويل فى صناعة الدواء وتسد حاجتها بالكامل وتصدّر، وبالإمكان بناء مصانع دواء فى العراق عن طريق الاستثمارات وسد حاجتنا المحلية من الدواء المصرى، ولا ننسى أن مصر أيضاً قضت على «فيروس سى» وأنتجت الدواء الذى كان يكلف آلاف الدولارات بسعر أقل من 100 دولار، وما كانت هذه الإنجازات لتحدث لولا حكمة وبراعة الرئيس السيسى الذى استطاع أن يقاتل الإرهاب بيد ويبنى ويعمر باليد الأخرى، فهذه التلازمية بين مكافحة الإرهاب والمضى قدماً فى مشاريع التنمية والبناء والتطوير ومكافحة التطرف وتجديد الخطاب الدينى ومنتدى شباب العالم الذى حضرته أنا بنفسى فى شرم الشيخ ورأيت كيف أتى شباب العالم من مختلف أنحاء العالم إلى أرض مصر التى كانت على مدى التاريخ ملتقى الثقافات والحضارات، لكى يتقاسموا الأفكار والرؤى والتطلعات، وكيف أن الكوادر الشبابية حتى فى الحكومة المصرية والمرأة أخذوا مساحة جيدة أيضاً فى الحكومة. نحن نعتبر أن مصر ليست فقط شقيقتنا الكبرى، بل هى قدوتنا، ونعتبرها النموذج الذى نستطيع أن ننسج على منواله أو نقتفى أثره، لذلك علاقتنا مع مصر ليست علاقة مصالح فقط بل علاقة وجدانية، وأنا دائماً أقول إن العراقيين بكل تلوناتهم مجمعون على حب مصر وأشقائهم المصريين، ويعتبرون مصر وجهتهم المفضّلة ولا ينافسها أى بلد آخر، ولذلك يجب أن نحول هذا الحب وهذا المخزون الوجدانى الهائل إلى ملموسات عملية، ونحول الحب من حالة وجدانية إلى شواخص عمرانية تنموية.

    ما أبرز التطورات على صعيد العلاقات الثنائية بين القاهرة وبغداد؟

    - العلاقات بين البلدين تشهد تطورات إيجابية سريعة، إذ أعطت الزيارة الأخيرة لمساعد رئيس الجمهورية لشئون المشروعات القومية والاستراتيجية المهندس إبراهيم محلب إلى بغداد دفعاً إيجابياً ومهماً لمستويات العلاقة، إذ جاءت على رأس وفد كبير ضم (37) شخصية رفيعة فى المجال الحكومى ومجالات الأعمال والمشاريع، كما أنها اتسمت بالعملية وتركيز الجهد على سبل المشاركة المصرية فى إعادة الإعمار، ونقل التجربة المصرية التنموية إلى الساحة العراقية، واعتماد شعار «بالتنمية نكافح الإرهاب»، وأسهمت تلك الزيارة فى الاتفاق على إطلاق المبالغ المتبقية من مستحقات المتقاعدين المصريين، وتعهّد «محلب» بحسم مسألة عودة عمل مصرف «الرافدين» فرع القاهرة لما له من أهمية لتنشيط التعاملات المالية والتجارية بين البلدين. ونشير أيضاً إلى أن من المؤمل أن تجتمع اللجنة العليا المشتركة بين البلدين على مستوى رئيسَى مجلس وزراء البلدين فى بغداد قريباً، حيث تجرى الاتصالات مع الجهات المصرية المعنية للوصول إلى تحديد موعدها وجدول أعمالها، وهناك اهتمام عراقى مصرى لتعميق مستوى العلاقات بين البلدين، خصوصاً فى مجالات التجارة وشئون الطاقة وتنمية القدرات الصناعية. ونؤكد وجود اهتمام عراقى مصرى فى مسألة تبادل الخبرات والمعلومات فى مجال «مكافحة الإرهاب» وتجفيف منابعه على مستوى المنطقة، وهناك قرار عراقى رسمى بوضع الإمكانيات العراقية فى مجال مكافحة الإرهاب تحت تصرف الأشقاء وعلى رأسهم مصر. أما على صعيد التبادل التجارى بين البلدين فنؤكد أنه فى مؤشرات بيانية تصاعدية، فبعدما كان حتى شهر سبتمبر 2016 يبلغ (484٫233٫968) مليون دولار، بلغ فى عام 2017 حتى سبتمبر (801٫382٫644) مليون دولار، يضاف إلى ذلك اتفاق الـ12 مليون برميل نفط بين البلدين خلال عام 2017.

    فى أول حوار لنا مع سعادتكم تحدثت عن الإعداد لزيارة الرئيس.. متى سيزور الرئيس عبدالفتاح السيسى بغداد؟

    - نحن نتطلع إلى اليوم الذى سيزور فيه الرئيس السيسى بغداد، وهى تزدان اليوم بنصرها المبين، وبنصر أبناء شعبنا الكبير بفضل تضحياته وقوة عرى وحدته الوطنية، فبغداد تبقى دوماً ترنيمة الحب فى قلوب وعقول المصريين، وبغداد تثمن غالياً موقف الرئيس السيسى فى دعم العراقيين فى حربهم ضد الإرهاب، سيما أنه قد وعد بزيارة بغداد خلال لقائه الأخير مع الدكتور حيدر العبادى.

    نتابع تطورات «سيناء 2018» وإنجازات الجيش المصرى.. وستعود العملية إيجابياً على أمن واستقرار منطقتنا الملتهبة

    ما التسهيلات التى تمت لزيادة مشاركة الشركات المصرية فى مرحلة إعادة إعمار المدن العراقية التى خرّبها «داعش»؟

    - رئيس الوزراء الدكتور حيدر العبادى كان قد أكد فى المؤتمر الصحفى الأسبوعى أوائل هذا الشهر الحالى أن العلاقة مع مصر فُتحت فيها آفاق واسعة جداً لا سيما بمجال الإسكان، إن مشروعنا هو بناء نوع من التنمية الاقتصادية العربية لإنهاء الخلافات وإنهاء الحروب، فالتنمية المشتركة ستعزز العلاقات بين البلدان، وأشار إلى أن هناك خبرة مصرية فى مجال السكن وبمشاريع صناعية وزراعية، ومن الممكن تبادل الخبرات فى القطاع الخاص، مشدداً على أن هذا الأمر يمثل توجهاً استراتيجياً بالنسبة للعراق ومصر، أما بشأن حجم المشاركة فنحن شهدنا عقد مؤتمر الكويت الدولى لإعادة إعمار العراق بمشاركة 3000 من الشخصيات السياسية والاقتصادية والشركات الكبرى، ومن ضمنها 86 شركة مصرية، ويرأس الوفد المصرى المهندس محلب، كما سيتضمن عرض 212 مشروعاً استثمارياً لجميع قطاعات الاقتصاد العراقى بما فيها مشاريع فى إقليم كردستان أُعلن عنها فى المؤتمر بعنوان «استثمر فى العراق»، وبهذا الصدد نتوقع أن المشاركة المصرية ستكون كبيرة ومهمة، بسبب المقبولية التى تتمتع بها الشركات المصرية لما لها من سمعة طيبة وجودة فى التنفيذ والتوقيتات، كما أن رئيس الوزراء «العبادى» أكد أن أبواب العراق مفتوحة للأشقاء المصريين. ونحن بدورنا نثمن عالياً مسارعة حكومة دولة «الكويت» الشقيقة فى تقديم التهنئة للعراق لتحقيقه النصر على «داعش»، ومبادرة أميرها لاحتضانه المؤتمر، وتبنّيه تهيئة متطلبات انعقاده كافة ومن ضمنها استضافة الوفود الدولية المشاركة.

    رؤى «القاهرة» و«بغداد» تتطابق حول الحل السياسى فى سوريا.. ومصر نجحت فى رعاية اتفاقيات خفض التصعيد.. وموقف العراق من الأزمة السورية يؤكد استقلالية قراره.. وقصمنا ظهور الإرهابيين.. والمجتمع الدولى أدرك أن العراق كان يحارب نيابة عنه.. والعولمة أسهمت بشكل غير مباشر فى انتشار التطرف

    هل تم القضاء تماماً على تنظيم داعش، وما هو سير العمليات العسكرية ضده؟

    - نؤكد أن القوات المسلحة العراقـية سجلت بفخر انتصاراتها المبينة فى محاربة الإرهاب وقصم ظهره نيابة عن العالم أجمع، ومع تأكيدنا أن الانتصارات العراقية أسهمت كثيراً فى إضعاف الإرهاب التكفيرى على مستوى المنطقة، فإن هذ الأمر لا يعنى نهاية المعركة مع الإرهاب، فـ«داعش» الفكر والذئاب المنفردة والخلايا النائمة ما زال موجوداً، ونحتاج إلى تكامل الجهد الوطنى والدولى للقضاء عليه. وبهذا الصدد نشير إلى أننا سنركز فى منهجنا المقبل فى مواجهة الفكر الإرهابى المتطرف على نشر مفاهيم الاعتدال، وعدم السماح لأى محاولات تهدف إلى إعادة الأزمات للعراق والمنطقة، مع تأكيدنا أهمية المشاريع الوطنية الجامعة لأنها تمثل الحل الناجع فى المرحلة المقبلة، ونراها هى القادرة على تعزيز التعايش السلمى وحماية التعددية والتداول السلمى للسلطة.

    ما الإجراءات التى تتخذها الحكومة فى سبيل المواجهة الفكرية والثقافية للتطرف والمواجهة الشاملة سياسياً وأمنياً واقتصادياً مع الإرهاب؟

    - قبل كل شىء من المهم الإشارة إلى ضرورة تكامل الجمهود الدولية والإقليمية فى سبيل محاربة الإرهاب فكرياً وثقافياً بصورة ناجعة، لأن الإرهاب يستفيد كثيراً من الوسائل الإلكترونية، وخصوصاً وسائل التواصل الاجتماعى، فى إنشاء مواقع إلكترونية تروج لأفكاره وتطرفه وثقافته السوداء. ونؤكد كذلك ضرورة تدويل مسألة محاربة الداعمين للإرهاب والممولين له أو المصارف والمؤسسات والجمعيات التى تسهم فى غسيل أمواله وتمده بالدعم المادى. أما بشأن الوضع فى العراق فنؤكد أن لدينا استراتيجية ثقافية وإعلامية وتربوية لمواجهة الفكر المتطرف، وهذه الاستراتيجية تأتى استكمالاً لنصرنا على الإرهاب الداعشى، فالعراق تعرّض بصورة مباشرة لمخاطر الفكر المتطرف، ومن المهم أن تأخذ الحرب الفكرية على الإرهاب الطابع المؤسسى، لأنها تعتمد على توظيف أدوات القوى الناعمة بشكل يرافقه التوظيف الذكى لعناصر القوات الأمنية فى ضرب الخلايا النائمة. لكننا نجدد تحذيرنا من أن «العولمة» قد أسهمت بشكل غير مباشر فى أن يكون التطرف والإرهاب ظاهرة عالمية متعدية الحدود، فهى اليوم لا تقتصر على الدول العربية والإسلامية، بل ألقت بظلالها على الدول الغربية، ومن هنا نؤكد أن الجميع تقع عليهم اليوم مسئولية هذه الحرب الفكرية والثقافية الشاملة من أجل سلام وأمان العالم، فنحن فى العراق واجهنا الإرهابيين من ما يقرب من 124 دولة، وهؤلاء نسبة مهمة منهم جاءوا من الدول الأوروبية، واليوم الكثير من تلك الدول تعيش حالة من القلق من الإرهابيين «العائدين»، لذلك نؤكد أن تكامل الأدوار يمكن له احتواء الخطر الإرهابى.

    نرفض التدخل العسكرى التركى فى منطقة «بعشيقة» العراقية.. وحوارنا مع «أنقرة» أفضل من التصعيد

    سمعنا عن تنظيم ما يسمى «الرايات البيضاء»، فما هو، وهل المشهد مرشح لظهور تنظيمات جديدة؟

    - نؤكد لكم أن قطاعاتنا العسكرية الباسلة أنهت مؤخراً عملية تطهير التلال الواقعة شرق قضاء «طوز خرماتو» من فلول العصابات الإرهابية أو ما يسمى «جماعة الرايات البيض»، وحالياً المنطقة ممسوكة من قبَل أفواج تابعة لفرقة «الرد السريع» لفرض الأمن والاستقرار ولتأمين عودة النازحين بشكل كامل. وبهذا الصدد نشير إلى أن بعض وسائل الإعلام سعت إلى تضخيم وجود ما يسمى «جماعة الرايات البيض» رغم أنها عبارة عن مجموعة صغيرة تمثل فلول عصابات «داعش» الإرهابية.

    العراق الآن فى أفضل حالاته من حيث الوئام المجتمعى والسياسى.. والكل يريد أن يخرج من تخندقاته السابقة ليؤسس كتلاً عابرة للطائفيات
    ما آليات التعاون بين البلدين فى مكافحة الإرهاب، وكيف تنسقون مع دول الجوار العراقى فى هذا الأمر، خاصة مع سوريا؟

    - فى البداية نود أن نبارك مجدداً لمصر قيادة وشعباً على انطلاق عمليات «سيناء 2018» ونحن نتابع يومياً من خلال وسائل الإعلام تطوراتها ومجرياتها الإيجابية، وإنجازات الجيش المصرى المبهرة، ونأمل أن تسهم هذه المعركة المفصلية فى إنهاء الإرهاب فى أرض الكنانة، لأن هذا سيعود إيجاباً على أمن واستقرار منطقتنا الملتهبة بالأزمات والمهددة بالإرهاب. ونجدد التأكيد على وجود قرار عراقى رسمى فى إعطاء أهمية قصوى للشقيقة مصر فى مجال مكافحة الإرهاب، ومن هذا المنطلق نشدد على أهمية تكامل الجهود بين البلدين الشقيقين من أجل حثّ المجتمع الدولى على اعتماد الحرب الشاملة على الإرهاب، عن طريق تجفيف منابعه البشرية والفكرية والمالية وتدمير منصاته الإعلامية، ومحاسبة الممولين والداعمين له، لأن فى تقديرنا أن ملف محاربة الإرهاب لا يمكن أن يتجزأ، وهو يندرج ضمن المسئولية الدولية التضامنية. أما بشأن الملف السورى فنؤكد أن رؤى البلدين تتطابق إلى حد كبير فى هذا الملف، إذ يدعم العراق، وكذلك مصر، مسار الحل السياسى للأزمة السورية، وكذلك ضرورة تجنب استمرار التصعيد العسكرى، فضلاً عن وجود تنسيق أمنى بين البلدين تجلى فى زيارة وزير الداخلية السورى محمد الشعار لبغداد قبل أيام قلائل. وبهذا الصدد نشير إلى أن العراق اتخذ منذ اليوم الأول من الأزمة السورية موقفاً يؤكد استقلالية قراره وخطابه بضرورة تجنب الخيارات العسكرية واعتماد الحلول السياسية والحوار لتجنيب البلد الدمار والدماء، كما أن مصر أسهمت فى رعاية اتفاقيات خفض التصعيد وكانت من أكثر الاتفاقيات نجاحاً، واستوعبت عدداً كبيراً من النازحين السوريين فى المدن المصرية ووفرت لهم فرص العمل والاستثمار.

    ما أبرز التطورات المرتبطة بالانتخابات العراقية وجهود الدولة للحفاظ على تجربتها الديمقراطية، وهل التحالفات السياسية تواجه صعوبات حالياً؟

    - سنشهد بتاريخ 12 مايو المقبل العرس الانتخابى العراقى الذى سيأتى استكمالاً لنصرنا الكبير على الإرهاب الداعشى، كما أن المفوضية العليا المستقلة للانتخابات المعنية بتنظيم الشأن الانتخابى هى محل ثقة جميع الأطراف السياسية العراقية، ودأبت على تحديث بيانات أكثر من 50% من الناخبين. ونؤكد أن إجراء الانتخابات فى موعدها يعنى التزاماً بالدستور وتمسكاً سياسياً بالانتصارات العسكرية والأمنية المتحققة على عصابات «داعش» الإرهابية. أما التحالفات السياسية فنؤكد أنها لا تعيش فى أزمة مطلقاً، فقد طورت تلك التحالفات عقودها الاجتماعية والوطنية باستيعاب المشاريع الجامعة التى تقوم على الدعوة للهوية الوطنية الجامعة وبرامج الخدمة والتنمية، وتعزيز المواطنة، ومنح الفرص المتساوية لجميع أبناء الوطن لإيجاد المناخات المناسبة لهم لتطوير حياتهم. ونحن نعد هذا الأمر تطوراً إيجابياً يُحسب للعملية السياسية فى العراق المثخنة بجراح التحديات والمفعمة بالآمال الكبيرة، إذ استفادت القوى السياسية من الأخطاء السابقة، وانتهجت الحرص على استقلالية القرار العراقى، وترصين البيت الداخلى، ومنح الفرص للطاقات الشبايبة فى المجالات السياسية والثقافية فى البلاد، لأهمية تجديد الدماء فى المرحلة المقبلة.

    بالنظر إلى التضحيات العراقية التى لم تُبذل من أجل العراق فقط، ولكن من أجل المنطقة بأكملها، هل المجتمع الدولى مطالب بوضع آلية لتعويضكم؟

    - «داعش» جمع كل إرهابيى العالم وأتوا بهم إلى العراق، عدد الجرحى بحدود 38 ألف جريح، و18 ألف شهيد خلال السنوات الأخيرة منذ 2014 إلى 2017، وهذه الأعداد توضح عدد الإرهابيين، ونحن فى العراق قصمنا ظهر الإرهاب، حيث جاء الإرهابيون بعددهم وعدتهم إلى العراق لكى يؤسسوا دولة الخلافة المزعومة، وكل ظنهم أنهم قادرون على بسط راياتهم المشؤومة السوداء على أرض العراق ثم الانطلاق إلى دول أخرى والتمدد أينما كان ذلك ممكناً. أداء حكومة الدكتور العبادى متوازن وكفء لهذه الحرب النظيفة التى تتوخى تحرير الإنسان قبل المكان، ولذلك كنا نعطى التضحيات والدماء من أجل ألا يتضرر المدنيون الأبرياء، ولو نفذنا سياسة الأرض المحروقة، كما حدث فى أماكن أخرى، لادخرنا الكثير من الدماء والجهود والوقت والأموال، ولكن آثرنا هزيمة وقتل الإرهابيين ومنعهم من الهروب، لأن هروبهم يعنى ترحيل أو تدوير المشكلة، أو أن هؤلاء سوف يذهبون إلى بلد عربى شقيق آخر ويمارسون جرائمهم الشنيعة بحق أبناء جلدتنا، وأوامر «العبادى» قتلهم ولا يُسمح لهم بالاستسلام أو الهرب. والمجتمع الدولى أدرك أن العراق كان يقارع الإرهاب نيابة عن الأسرة العربية والإنسانية وأنه قدم أسخى التضحيات من أجل هذه الغاية النبيلة، ولذلك نجد اليوم أن مؤتمر الكويت لإعادة إعمار العراق أصبح الحدث العالمى رقم 1 فى العالم وهناك أكثر من 2000 شركة وشخصية رفيعة المستوى والكل يتكلم بخطاب واحد لدعم العراق لإعادة النازحين وإعادة الإعمار وتحقيق المصالحة المجتمعية وتحقيق العيش المشترك والتنمية، وقد حققنا نصرين كبيرين؛ الأول تحرير العراق من دنس هؤلاء الإرهابيين الذين سيطروا على مساحة توازى مساحة سوريا، والثانى إجهاض مؤامرة تقسيم البلد، وحافظنا على وحدة وسلامة العراق، وهذا النصر ليس سهلاً تحقيقه وتحرير الأرض والحفاظ على السيادة. واليوم البلاد جاهزة لبدء صفحة جديدة واعدة لأن العراق غنى بثرواته الطبيعية والبشرية، وكان يعوزنا فقط الأمن وأن يتوحد العراقيون وتكون هويتنا الوطنية الجامعة هى خبزنا المشترك وأملنا الأخضر، والعراق الآن بأفضل حالاته من حيث الوئام المجتمعى والسياسى، رغم أن الانتخابات قريبة جداً وتشهد تلك الفترة مناكفات غالباً، ولكن اليوم خطاب الطبقة السياسية تشذّب كثيراً عما كان عليه، والكل يريد أن يخرج من تخندقاته السابقة ليؤسس كتلاً عابرة للإثنيات والطائفيات، وكل هذا واقع جديد، ونصرنا على «داعش» فتح الأبواب كلها أمام حياة وآفاق جديدة.
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media