نقاط مناقشة قانون شركة النفط الوطنية
    الخميس 15 مارس / أذار 2018 - 07:28
    صائب خليل
    فيما يلي مقال أعد كمدخل لمناظرة مع داعمي قانون "شركة النفط الوطنية" السيء الصيت، على صفحتي في الفيسبوك، وتم التركيز على دحض النقاط التي ادعى هؤلاء انها تمثل فائدتها. حاولت هنا اختصار تلك النقاط والتركيز على المهمة فقط، ووضعت في نهاية المقالة أهم المصادر للمساعدة في المناقشة. وسوف اكتب لاحقا مقالة حول تقييمي لتلك المناقشة. 

    1- القضاء على الريعية: 
    الدولة الريعية هي التي تعتمد على تأجير الأملاك، ثم أضيفت لها الدول التي تعتمد على مصادرها الطبيعية، ومشكلاتها الأساسية اثنين: أن مدخولها متذبذب بسبب تذبذب أسعار النفط مثلا، والثانية هي أنها ستجد نفسها في مشكلة في حالة نضوب تلك الثروة. 
    لعادل عبد المهدي أكثر من مقالة في مديح القانون باعتباره أنقذ العراق من الدولة الريعية ومشاكلها، وأنه حولها إلى "دولة جباية". لا يدري الأنسان هل يضحك أم يبكي على هذا الكلام. فمازال مصدر ثروة الدولة هو ريعها من النفط، ومازالت مشاكل الدولة الريعية ذاتها، حتى لو تم تسليم كل ثروة النفط إلى الناس، ثم حصلت الدولة على كل مدخولها من الضرائب! فما لم يكن هناك "إنتاج" وضرائب على الإنتاج، فنحن في دولة ريعية، تتذبذب مدخولاتنا مع تذبذب أسعار النفط ونتحطم متى انتهى النفط!

    2- تقليل البيروقراطية:
    الحجة الأخرى هي القضاء على البيروقراطية، وهي لا تقل غرابة عن سابقتها. فما حصل هو إضافة شركة هائلة الحجم إلى النظام البيروقراطي الموجود. والشركة ليست أصغر من وزارة النفط ذاتها. وفيها بيروقراطية إضافية هي التداخل بين الصلاحيات والمهمات والتصادم بين الوزيرين ووكلائهما. وأعطيت شركة النفط مهمات انشاء وتمويل وادارة كيانات مالية ليست لها علاقة بطبيعة نشاطاتها كشركة نفطية استخراجية؛ وهذه الكيانات هي (صندوق المواطن) و (صندوق الأجيال) و (صندوق الأعمار). وإن أرادت الشركة ان توزع النسب بشكل مدروس على هذه الصناديق، فسوف تجد نفسها بحاجة إلى دراسات معقدة جدا وطويلة، وإلى إشكالات إدارية كبيرة. 
     وأوكل اليها مهمات غريبة أخرى مثل تطوير قطاع مصادر الطاقة البديلة؛ المساهمة في تنمية القطاع الزراعي والصناعي والخدمي. هذه الخدمات لم تكن حتى من مهمات وزارة النفط، بل من مهام وصلاحيات مجلس الوزراء ووزارات المالية والتخطيط.

    3- صندوق المواطن: 
    لنحسب كم سيحصل المواطن من صندوقه. 
    حاليا الميزانية حسبت على أساس 43 دولار، وهو متقلب، لنفرض ان البرميل سيباع بـ 50 دولار
    نطرح 10 دولارات كلفة (الكلفة قليلة بفضل جولات التراخيص وعقود الخدمة) تبقى 40 دولار
    تخصص منها 10% للصناديق الأربعة أي 4 دولارات، لنقل انها دولار واحد لكل صندوق
    لنقل لتقريب الحساب، ان انتاج العراق سيكون 4 ملايين برميل في اليوم، وان سكان العراق 40 مليون 
    نقسم 4 على 40 فيكون لدينا 10 سنت لكل مواطن لليوم الواحد من النفط
    نضربها بعدد أيام السنة، فيكون لدينا 36,5 دولار فقط! 
    هل يشعر أي منكم إن حصل على هذا المبلغ كل عام، ان النفط أصبح ملكه؟ هل هذا الذي سيقضي على الفقر، كما اخبركم البعض؟ حتى لو تضاعف هذا المبلغ؟ 

    4- صندوق الأجيال: 
    أين ستوضع أموال صندوق الأجيال، وكم ستكون؟ هل الأجيال القادمة بحاجة إلى مبلغ من المال، أم ان تتوفر لها المدارس والمستشفيات اليوم؟ إن أردنا المحافظة على ثروة الأجيال فعلينا ان لا نستخرج من النفط بلا حساب، وليس وضع مبلغ في بنك. الأجيال القادمة لا تريدنا ان نوفر لها من جهة ونورثها الديون من الجهة الأخرى. إن كنا حريصين عليها علينا توفير النفقات وليس زيادة عدد الوزراء ووكلاء الوزراء وجيش جديد من الموظفين بلا مبرر، وعلينا الامتناع عن الاقتراض.

    5- مخاطر وضع ثروات العراق في شركة:  
    يكتب الأستاذ حمزة الجواهري: الشركات في العموم تتعرض إلى تجميد لأموالها المنقولة وغير المنقولة بسبب أحكام قضائية دولية، لكن الوزارة السيادية لا يمكن أن تتعرض لمثل هذا التجميد، وفي حال تجميد أصول أموال شركة النفط الوطنية سيشل البلد برمته.
    ويكتب الأستاذ أحمد موسى جياد: ان اعتبار عوائد الصادرات النفطية ايرادات مالية لشركة عامة يجرد تلك العوائد من الصفة السيادية التي يوفر لها القانون الدولي الحماية وبالتالي يعرض تلك العوائد لكافة اشكال الحجز والمصادرة تنفيذا لأي اجراء قضائي في اي مكان تتواجد فيه العوائد. وهذا يعرض عوائد صادرات النفط الى مخاطر عديدة.
    وقد وافق هذا الرأي كل من اعرفهم من خبراء اقتصاد ونفط. وأدعوكم لسؤال مصادركم التي تثقون بها: هل تتعرض الشركات عموما إلى احتمال تجميد أموالها من قبل جهة اجنبية؟  إن كان نعم.. 
    هل تتعرض شركة النفط الوطنية إلى مثل هذا الاحتمال؟.. إن كان نعم.. 
    هل يعني ذلك احتجاز موارد النفط العراقية في هذه الحالة؟ 
    لقد كتب د. عادل عبد المهدي مجيبا عن نقاط معينة تمت اثارتها، لكنه تجنب تماما الإشارة إلى هذه النقطة، فلم ينفها ولم يؤكدها ومر عليها كأنه لم يسمع بها... ماذا يقول لنا هذا؟ 


    نرى إذن أننا في وهم كبير تم دفعنا اليه، وأننا لا نحصل على أي شيء في الحقيقة مما وعدنا به، سوى وضع ثروات العراق في فم الوحش الدولي لينهشها متى شاء.. فاسألوا أنفسكم من يقف إذن وراء تصميم هذا القانون بهذا الشكل؟ فلا يوجد في السياسة صدف! 
    إن من يريد ان يحصل على ثروته، فسوف يطالب بها كلها، لا ان يحصل على 10% منها. إن الشعار الذي ترفعونه "للشعب حق في ثروته النفطية" قد كتب بعناية وخبث! لاحظوا انه لا يقول ان كل الثروة النفطية للشعب، إنما له "حق" فيها، أي جزء منها! هل هو الـ 2,5% فقط من صندوق المواطن؟

    روابط لأهم المصادر لمساعدة القراء على مراجعتها:  


    قانون شركة النفط الوطنية 

     عادل عبد المهدي شركة النفط الوطنية.. الحلقة المفقودة، "القوة المجتمعية"

     عادل عبد المهدي "القوة المجتمعية" اضافة ديمقراطية نوعية
    أم ان الديمقراطية هي ان يحكم الشعب بلده (المواطن الحاكم) 

    حمزة الجواهري قانون شركة النفط الوطنية الجديد أضاع الطريق
      
    احمد موسى جياد: التقييم ألأولي لقانون شركة النفط الوطنية العراقية


    نائب: التصويت على قانون شركة النفط الوطنية انجاز كبير وحفظ للثروة

    الطاقة النيابية: قانون شركة النفط الوطنية سيعطي سهما لكل مواطن عراقي | 

    نائب: سهم المواطن بصندوق الشعب قابل للاستثمار لكن لايورث ولا يباع | سياسة

    مقالة الجنابي: قانون شركة النفط الوطنية – ثورة على الدولة الريعية. 
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media