عقبة كأداء امام استقرار العراق اسمها.. مسعود برزاني!!
    الجمعة 23 مارس / أذار 2018 - 18:46
    أ. د. حسين حامد حسين
    كاتب ومحلل سياسي/ مؤلف روايات أمريكية
    كيف للعاقل ان يتوقع ان رجلا كالسيد مسعود برزاني ، وقد توارث خلافة عائلة صنعت لنفسها مجدا على حساب حروب ودماء وحياة بربرية عسيرة في اعالي الجبال ضد الحكومات العراقية المتعاقبة لاكثر من نصف قرن ، حتى اصبحت تلك هي العقيدة الراسخة من اجل اهداف حياة لا تعرف سوى القتل وتدمير العراق، فكيف لهذا الرجل التخلي عن تلك العقيدة هكذا وقد تم تجريده اليوم من كل شيئ ؟! 

    وكيف يمكن لرئيس عشيرة كالسيد مسعود برزاني ، جعل من نفسه حاكما مطلقا وندا قويا ضد الحكومات العراقية المتعاقبة للنظام الجديد وفارضا نفسه فوق الدستور العراقي وقد خلق معانات كبرى لشعبنا، فراح يتصرف كأي رئيس "لدولة" داخل الدولة العراقية نفسها ، فيستقبل الملوك ورؤساء العالم ، كما ويتم استقباله بحفاوة كأي رئيس لدولة ويفرش من اجله البساط الاحمر من قبل دول كبرى، ويجتمع مع هؤلاء رؤساء الدول ، ليصبح بعد ذلك الاداة الاولى لزعزعة اركان النظام العراقي الجديد الذي يحيطه الاعداء من كل مكان . فراح يشق الصف الوطني ، وابعاد الكتل والاحزاب السياسية عن مهامها الوطنية، فكيف يمكن لمثل هذا الرجل التخلي الان عن تلك "الفخامة" والابهة هكذا وبدون مقاومة تذكر؟ 

    كيف لانسان قد تحول من رجل بسيط وعائلة بسيطة وعشيرة بسيطة ، ليصبح مليارديرا، نتيجة سرقته لاموال النفط العراقي ، وقد سعى الى ترسيخ أمن مستقبل عائلته وعشيرته، وحقق حلمه الواعد في توريث ابناءه في حكمهم لكردستان من بعده في دولة مستقلة ، ويحلم ان تمتد حدودها من تركيا الى سوريا، كيف يمكن لمسعود برزاني التخلي عن كل ذلك ببساطة هكذا وبدون ردود أفعال ؟ وكيف له التخلي عن كركوك "عروس كردستان" الى ما شاء الله؟ وكيف له أن يرضى هكذا بهذا الانهيار المفاجئ "لعرشه" واحلامه ، ونتوقع منه أن "يبلع الموس" ، ويتجرع السم الزعاف ويبقى صابرا على "البلوى" حتى وفاته ، بعد ان تهاوت حياته وحياة عائلته ، وانكفأ على وجهه وامسى بين عشية وضحاها ، مجرد رئيس حزب سياسي؟؟؟!!! السيد مسعود برزاني ليس من ذلك الطراز من القادة، والاجدر ابقاء تحركاته تحت الاضواء. 

    كما وكيف يمكن لاحد أن يعقل ، ان السيد مسعود البرزاني ، سوف يتخلى عن احلامه الكبرى تلك التي رسمها وفشل في تحقيقها ، ويترك الامور تسير على عواهينها " اكراما" لحكومة عراقية ينخرها الفساد والتضادات بين بعضها البعض ، وتتخاذل فيها الارادات ضد بعضها البعض الى درجة الاستعداد لفناء بعضها البعض؟؟!! وكيف للسيد مسعود برزاني وهو الذي يدرك جيدا كل صغيرة وكبيرة عن جميع هذه الكتل والاحزاب السياسية الغارقة بغيها والسادرة في "لعبتها" الانتخابية، والتي هي في حقيقتها تسعى الى ليس اكثر من تغيير وجوه بعضها البعض؟ كيف لرجل وقد ملأه الغرور والغطرسة ، ويعلم جيدا ان من بين البيش مركة ، من يفتدونه بارواحهم ، ان لا يبقى متحينا الفرص للعبث بحياة الابرياء من شعبنا؟ كيف له ان لا يكون سكينا في خاصرة الحياة الواعدة لشعبنا في الميتقبل القريب ، ان مسعود برزاني ربما قد انتهى الان من التخطيط لكوارث وماسي ضد عراقنا وبمساعدات دولا مجاورة من "حلفاؤه" الستراتيجيين ممن يعتمدون عليه اعتمادا اساسيا ، لاشعال الحرائق والدمارفي الوطن العراقي؟ 

    فان كان رجلا كمسعود برزاني قد تمت معرفته جيدا من قبل العراقيين في انانياته وجشعه كسفاح ولا يملك قلبا انسانيا ، فكيف له التخلي هكذا عن احلامه الكبرى والتي عاشها سفاحا لدماء وحروب واغتصاب لفرص والمواقف بغير الحق وباثمان كبرى كانت على حساب عراقنا بعد أن أورثه هذا العالم من وسائل التخريب من اجل اذلال حكوماته المتعاقبة ومنذ ستينات القرن الماضي ، الشيئ الكثير؟ كيف لمسعود برزاني ان "يكفكف" دموعه ويصبر على "البلوى" ويتخلى صابرا وصاغرا من اجل أهواء الحكومة العراقية وكما نظن ؟ ولا يتوقع شعبنا أو المسؤلون أعمالا وافعالا شنيعة من اجل الثأر لنفسه ولعائلته ولمن يتبعه لاقلاق العراق للحقبة القادمة ، وبشكل ربما اكثر حتى من داعش ، من اجل تصفية الحسابات مع الحكومات العراقية الحالية والقادمة؟
      
    ربما نجد العراق اليوم مستعدا من النواحي العسكرية ، ولكنه ليس كذلك على الصعيد السياسي والاجتماعي والاقتصادي . فامامنا اليوم ، وكما نرى بوضوح، انواعا شتى من كتل سياسية تستميت للاعلان عن نفسها من اجل الانتخابات القادمة بدوافع قل صدقها وكثر كذبها  وبلا شعور بالمسؤولية الحقيقية، ولكننا لم نجد ولا شجاعا واحدا بين هذه الكتل والاحزاب من "يجرأ" أن يعطينا جردا ولو بسيطا عن أي "انجاز" لهم خلال الخمسة عشر سنين الماضية !!! حيث القليل جدا ممن يحترمهم شعبنا نتيجة احترامهم لانفسهم ، ولكن الاكثرية المطلقة من هؤلاء هم مجرمون. 
    هؤلاء حنثوا بعهد الشرف الذي قطعوه على انفسهم ، ومن يحنث بشرفه ، فلا يبالي ان وصفه الناس بما يشاؤون . هؤلاء غرقوا حتى اذانهم في الفساد ، وعاشوا في مزايدات ونفاق وافتراءات وضحك على ذقون حياة شعبنا . ولأن هؤلاء لا يستحون من شيئ، فنجدهم يطمحون الان لاعادة ذات ألاخلاق العفنة مع ضيم وماسي الماضي للفوز باربع سنوات اخرى! هؤلاء ، هم اول من سيقف مع مسعود برزاني عندما يبدأ بتحركه لاثارة المشاكل والقلاقل امام شعبنا. فهذه الكتل التي تنادي الان بالوطنيات ، هم ليسوا وطنيون. هؤلاء" اوغاد محترفون سيسارعون بالوقوف حالا مع مسعود برزاني ، بحجج  واهية، اذا ما قام مسعود برزاني وكما نتوقعه ، باعمال اجرامية  . حيث تشير الاحداث الى ان هناك الان اضطرابات تحصل في كركوك وغيرها ، ونكاد نجزم ان ورائها مسعود برزاني نفسه.
     
    ألم يكن هذا الجمع الذي نراهم امامنا الان ، انهم كانوا يسيرون تحت قيادة السيد مسعود؟ لكنهم ، اتخلوا عنه الان ، بسبب ان الحشد الشعبي والقوات العراقية الاخرى ، فرضت امرا واقعا؟ وهل من غبي من يعتقد ان هذه الفئات السياسية قد تخلت عن قيادة مسعود برزاني لانهم يعتقدونه على خطأ  بقيامه بالاستفتاء، لا ...وألف لا... فهؤلاء، مع صوت الاكثرية القوية من شعبنا التي وقفت ضده. هؤلاء هم البلوى العراقية التي لا تبرح ان تنقلب حتى ضد اقرب الناس لها حينما تصطدم مصالحها معهم.
        
    المشكلة الاساسية للقادة العراقيين والذين لا نزال نرقب سلوكهم ونشاطاتهم السياسية من خلال تجربة السنوات الخمسة عشر الماضية ، هؤلاء ليسوا هم القادة المؤهلين لصنع القرارات الوطنية. فالقادة والقيادات لا تفرض على شعبنا فرضا من الخارج ، القيادات والقادة يجب ان تكون من داخل العراق ومن شعبه.  يجب ان تتميز باستقلال القرارات ، لا أن تدعمها دولا خارجية ، لربما ساهمت في تقديم دعم ما عندما تم اخذ العراق على حين غفلة نتيجة الخيانات الوطنية ، لكن دينها لا يمكن رده لها من خلال السير ورائها.  فتلك المساعدات من اجل العراق كان اثمانها في الحقيقة ، هيمنة سياسية وتوجيه دفة السفينة العراقية وفق تلك الاهواء. فلا نزال وفي كثير من الاحيان نتلقى "التوجيهات" من الخارج ، ولسنا مخيرون بسبب اننا دائما نجد بيننا من رهن كرامته خلف الحدود . فكيف ومتى لنا أن نمتلك استقلالنا السياسي؟ وكيف لنا ان نتوقع ان السيد مسعود برزاني سوف لا يكون قادرا على الاسائة الى الوطن العراقي عندما لا يكون مصيرنا بايدينا . وان من يقومون بالتصريحات المفترية امام وسائل الاعلام من اجل دحظ هذه الحقيقة ، انما هم مفترون وشياطين صم وبكم . ويجب على كل عراقي له ضمير حي ويخشى الله ويتقه ويعيش من اجل الحق ، ان يشعر باهمية مواقفه الوطنية ضد هؤلاء الشياطين.  وكيف نتوقع ان نجد الحكومة او الدولة العراقية وهي بشكل عام غير حريصة هكذا على الوقوف ضد تلك الممارسات الشائنة من قبل هؤلاء، فكيف نتوقع منها ضرب الفساد وكشف هؤلاء الفاسدين امام الشعب؟؟!!
         
    على الحكومة العراقية ان تكون مستعدة لما يمكن توقعه من ردود افعال السيد مسعود البرزاني . كما وعلى الحكومة تعزيز تواجد القدرات العسكرية والحشد الشعبي في المناطق التي لا تزال تعتبر ساحنة نتيجة للاحتكاكات مع حدود الاقليم. كما وعلى حكومة الدكتور العبادي ان لا تبدي اي تهاون مع كل التحركات المتوقعة من قبل مسعود برزاني في استغلاله لثلاثة الاف من ارهابي داعش من اجل استخدامهم لمباغة ابطالنا رجال القوات المسلحة والحشد الشعبي . فالقائد السياسي الذي نطالب به اليوم ، هو الشخص الذي يدرك أن من أولى مهامه السياسية هو تحفيز الآخرين وارشادهم نحو أهداف مرسومة ، ولكن أن يتبناها هذا القائد السياسي أولا .

    حماك الله يا عراقنا السامق...

    3/23/2018 
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media