وما الذي يمنعك يا رئيس البرلمان ان "لا تكافح الرؤوس الكبيرة الفاسدة"؟؟!!
    السبت 7 أبريل / نيسان 2018 - 05:15
    أ. د. حسين حامد حسين
    كاتب ومحلل سياسي/ مؤلف روايات أمريكية
    هناك احدى الطرائف عن "جحا" ، الشخصية الاسطورية الفكهة ، تقول ان "جحا" هذا وجده الناس يوما يمشي في السوق بملابسه الداخلية ، ولما سألوه عن الذي حصل له ، اجابهم قائلا : قام احد قطاع الطرق بتجريدي من ملابسي واخذها. فردوا عليه قائلين : ولماذا تركته يفعل ذلك بك ولم تدافع عن نفسك حيث لا نرى فيك اي خدوش او رضوض؟ فاجاب غاضبا: "وكيف لي ان ادافع عن نفسي وكانت يدي اليمنى مشغولة بحمل السيف ويدي اليسرى مشغولة بحمل الخنجر ، وعلى صدري كنت احمل الدرع ، كيف تريدونني ان ادافع عن نفسي ، هل استخدم اسناني وأعضه؟؟"    
    تذكرت هذه الحكاية وانا اقرأ  تصريحا للسيد سليم الجبوري رئيس البرلمان وفقا لبغداد (موازين نيوز) – في مؤتمر الاتحاد البرلماني العربي المنعقد في القاهرة ، حيث اكد "رئيس السلطة التشريعية" هذا اليوم الجمعة، على ضرورة تشريع قوانين صارمة بحق المتورطين بالفساد في البلاد، مشددا على البدء بالرؤوس الكبيرة) !!!؟؟؟. 
    أن هذا المنطق الغريب لرجل يحمل عنوانا عريضا في السلطة التشريعية ، ويمتلك صلاحيات كبيرة في ادارة هذه السلطة تتعلق حصرا بتشريع قوانين البلاد بافضل عطاء ممكن ، قد يعطينا خلاصة عن نتيجتين  الاولى : ان السيد رئيس السلطة التشريعية ربما يحاول خلط الاوراق من خلال "استفزاز" الموقف الشعبي المتواتر والغاضب على الانتخابات القادمة بسبب عودة الرؤوس المتهمة بالفساد نفسها للترشيح الان للدورة القادمة ، وان السيد "رئيس السلطة التشريعية" وكما برهن دائما أنه قد نأى بنفسه وبشكل "رائع"، عن التحرش بملف الفساد ورؤوسه الكبرى ، لكنه في نفس الوقت لا يبالي باطلاق "الاقتراحات" من خلال تصريحاته الكثيرة. فالاقتراحات عادة ما تكون مجرد وجهات نظر ، وانها لا تغني من الحق شيئا ، فضلا ان السيد رئيس البرلمان يبدوا يائسا من العودة الى السلطة التشريعية من جديد ، بعد ان برهن على عدم اهتمامه باحوال العراق من خلال واجباته الرئيسية ، اللهم سوى ما كان يفرض عليه احيانا من مطالب في تواقيع اعضاء البرلمان عن تشريعات هامة جدا لمشاكل العراق ، وما عدا ذلك ، فالجبوري نفسه  قد "امتنع" عن استخدامه لمسؤولياته وواجباته التي كان الاحرى به ممارستها في عمله الذي جيئ به من اجلها. 
    فلو ان السيد سليم الجبوري كان قد تحرك على الفساد ، وابدى جدية حقيقية ، لكان ربما قد "أحرج" السيد زميله الاخر ، رئيس الوزراء العبادي، والذي برهن هو الاخر على اعظم تركيز ممكن من اجل البقاء في منصبه لدورة ثانية. ولربما قد قام بحث بعضهم البعض للبدأ بهدم هذا الصرح الوخيم من فساد والذي يجثم على صدور شعبنا !! فهل يمكن لشعبنا منح الثقة لهؤلاء وامثالهم؟ 
    والخلاصة الاخرى ، فهي ان السيد سليم الجبوري الذي لم يكن سوى شخصية قد اكدت فشلها في ادارة الشؤون البرلمانية التشريعية والتي كانت هي الاكثر اهمية وتأثيرا في مطالب شعبنا لاربعة سنوات تكاد تمضي ولكن لا تزال الكثير من تلك التشريعات تنتظر "الفرج" لتحقيق قوانين مهمة لمصلحة الشعب. فالجبوري لم يكن وللاسف "فعالا" في مسؤوليته لهذه الدورة البرلمانية التي على وشك الانتهاء ، سوى في هدر للمشروع السياسي وتأجيل التشريعات الدستورية كرئيس للسلطة التشريعية بعد ان تم التجاوز على الكثير من القوانين التي تخص حياة شعبنا ، ولكنما نجده في المقابل، أن الجبوري كان قد سارع الى "تمرير" قانون شركة النفط الوطنية العراقية" سيئ الصيت "وعلى غفلة من شعبنا" من اجل خلق نكسة جديدة كبرى لعراق لا يزال يستميت لدفع سفينته الى بر الامان . 
    يا سيد رئيس السلطة التشريعية ، انك تعلم جيدا أن الفساد لا يزال ضالعا في الوطن . ولا يزال الاعلام العراقي مستمرا بالاشادة بالانتصارات العسكرية ، ولا ندري هل ذلك من اجل الهاء شعبنا عن القضية الاولى والكبرى وهي قضية فساد الرؤوس الكبيرة المتورطة فيه؟ أما اننا يا ترى يحق لنا ان نفرح حتى وان ظل عراقنا يتم نهبه من قبل تلك الرؤوس العفنة؟ فان كان السيد سليم الجبوري ، يحاول من خلال تلك التصريحات في مؤتمر الاتحاد البرلماني العربي المنعقد في القاهرة ، التبرء من فشله لاربعة سنوات ظل فيها ساعيا الى تكريس الطائفية والكيل بمكيالين واهمال التشريعات الوطنية ، والى درجة ، انه لم يكن عادلا حتى في تعميم ضوابط حضور اعضاء البرلمان وبشكل دقيق!!  
    والأكثر غرابة ان السيد الجبوري الذي يصرح في مؤتمر الاتحاد البرلماني العربي المنعقد في القاهرة، على إنه "من الضروري تشريع قوانين صارمة بحق المتورطين في الفساد والبدء بالرؤوس الكبيرة"، ومضيفا ان (ضعف السيطرة على الفساد يرجع لنفوذ المتورطين به، إضافة الى تشابك الاطراف في هذا الملف)، لكنه لم يسأل نفسه عن ما الذي فعله هو نفسه كرئيس للسلطة التشريعية من اجل هذا الفساد والمفسدين لكي يحث المؤتمر على توصيات لا تحمل سوى "اماني" ظلت تعيش في عالم الجبوري كان أضعف من ان يحيلها الى حقائق عملية لخدمة شعبنا ، الامر الذي جعل الشعب العراقي يلعن السياسة والسياسيين جميعا لاضاعتهم وهدرهم زمنا ثمينا من حياتنا وفي عدم استغلاله فرصا سوف لن تعود . 
    فالذي اصبح واضحا ان رؤوس الفساد هذه نفسها هي من ستعود الى الواجهة السياسية ثانية ، وليعود معها "الطاس والحمام" !!   
    كما ووجدنا ان السيد رئيس البرلمان يصرح أيضا في نفس مؤتمر الاتحاد البرلماني العربي هذا والمنعقد في القاهرة : 
    ( ضرورة تفعيل العمل البرلماني العربي، وان يكون هو الفيصل في حل المعضلات والمشاكل السياسية والامنية بين بعض الحكومات العربية وشعوبها من جهة او بين بعض الدول العربية) 
    ولكن ، هل وجدنا السيد الجبوري هذا قد وضع اسسا للبرلمان العراقي لحل تلك "المعضلات والمشاكل سياسية وامنية" ، وهل لو انه قد فعل شيئا من ذلك ، هل ستبقى هيمنة الرؤوس الكبيرة الفاسدة للكتل السياسية العراقية كما كانت دائما؟ أليس كان حريا بالسيد رئيس البرلمان ان يبدأ "بداية" طيبة تتعلق بتلك الشؤون لكي تصبح على الاقل "بداية" لتطويرمشاريعا وقوانينا نافذة لتطوير الحياة العراقية وتجريم الفساد والفاسدين وبشكل صادق ومخلص.  
    في عراقنا اليوم، الجميع من مسؤولين وبدون استثناء قد حرصوا ولا يزالون يحرصون على الابقاء على مصالحهم كانانيين ، والسير بشعبنا نحو نفس المتاهات التي كانت اسبابا في اضاعة فرصا كبرى امام شعبنا من اجل اي تقدم يذكر . فهؤلاء كانوا اسبابا لجميع تلك الاضطرابات والفوضى الاجتماعية والاخلاقية والسياسية بسبب انهم لا يمتلكون ولاءا حقيقيا للعراق وشعبنا . فها هم قد برهنوا على العبث في مسيرة المجتمع العراقي ،  وكأن لم يكن ليعنيهم العراق في أي شيئ. 
    أفليس عيب علينا أن نجد هؤلاء يتسابقون اليوم من جديد في ترشيح انفسهم لدورة برلمانية جديدة اخرى؟ وهل يستحق هؤلاء الاحترام الذي ينشدونهم من قبل شعبنا ، بينما مواقفهم كانت دائما ولا تزال وستبقى، ضحكا على ذقون شعبنا واستخفاف بكل القيم والاخلاق؟ 
    حماك الله يا عراقنا السامق...
    4/6/2018  
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media