تقرير عن ندوة مجلة الثقافة الجديدة حول قانون شركة النفط الوطنية (1)
    الثلاثاء 10 أبريل / نيسان 2018 - 04:18
    [[article_title_text]]
    بغداد: ماجد علاوي - عقدت في الساعة العاشرة صباح يوم السبت 7/4/2018، ندوة مجلة الثقافة الجديدة حول قانون شركة النفط الوطنية في قاعة النادي الاجتماعي لوزارة النفط.

    وقد أدار الجلسة د. صبحي الجميلي، وحضرها عن معدي القانون السادة  عدنان الجنابي وإبراهيم بحر العلوم وشخص من التجمع الذي أسماه السيد عادل عبد المهدي  ب"القوة المجتمعية"، حيث لم يشارك السيد عادل عبد المهدي بشخصه في الندوة. كما حضرها د. رائد فهمي سكرتير الحزب الشيوعي، والسكرتير السابق الأستاذ حميد مجيد موسى، وممثل وزارة النفط د. علي الساعدي، ومجموعة من الخبراء والمهتمين بالموضوع. وقد أعطى مدير الجلسة لكل مداخلة 10 دقائق.

    كان أول المتحدثين السيد عدنان الجنابي الذي تكلم كلاما عاما لم يردّ فيه على ما أثير في وسائل الإعلام من اعتراضات حول القانون ما عدا ترديده لنظريته: "برامج الدخل الأساسي الشامل (Universal Basic Income)"  بكون القانون خطوة أولى في تطبيق هذه النظرية للقضاء على الدولة الريعية، ومدعيا أن الأمر سيوفر 50 الف دينار شهريا لكل مواطن، ومستندا في رقمه الخيالي هذا على الوفورات التي ستحصل في أداء الحكومة، والتي قدرها ب20 ترليون دينار، نتيجة تطبيق هذا القانون. وقد تحدى الأخ فؤاد هذا الادعاء وبين أن الأمر لا يتجاوز ال35 دولار سنويا للفرد. وبين السيد عدنان الجنابي أن الهدف الأساسي الذي يستهدفه القانون بالخروج من الدولة الريعية لا يعني أن القانون كامل، حيث أنه هو شخصيا لديه بعض التحفظات، التي لم يبينها، عليه.  

    وتلتها مداخلة الأستاذ أحمد موسى جياد، والتي ألقاها نيابة عنه كاتب التقرير، ماجد علاوي، هي ثانية المساهمات في الندوة، تمت قراءتها مع عرضها بالباوربوينت. وقد اتسمت المداخلة بلغة حادة في وصف القانون، وركزت على الطعن في فلسفة القانون وتوجهاته التي ستكون لها نتائج كارثية، وأهمها أن الإيرادات المتأتية من تصدير وبيع النفط والغاز هي إيرادات سيادية ولا يمكن أن تكون "إيرادات مالية للشركة" حسب ما ذكره القانون؛ لأن هذا يشكل مخالفة صارخة للدستور، وأن صيغة أسهم المواطن هو طريق لخصخصة قطاع النفط من خلال تداول هذه الأسهم في سوق سوداء بشكل تدريجي. كما منح القانون مجلس إدارة الشركة "غير المنتخب"  صلاحيات  التصرف بالإيرادات السيادية المتأتية من تصدير وبيع النفط والغاز. وهذا يشكل تجاوزا على صلاحيات، ومقيدا  لدور رئيس مجلس الوزراء "المنتخب" الذي هو، حسب المادة 78 من الدستور، "المسؤول التنفيذي المباشر عن السياسة المالية والعامة للدولة. وأن هذا القانون يخالف الدستور باشتراطه إقامة الفرد داخل العراق لاكتسابه أسهم في صندوق المواطن، خلافا للدستور الذي لم يحدد مثل هذا الشرط للمواطنة.

    كما يوفر الغطاء القانوني لسلطات "الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة بإقليم «للامتناع» عن تسليم عائدات النفط والغاز المنتج". وهذا يشكل مخالفة صارخة للمادة (110 –ثالثا) مما سيترتب عن "الامتناع" بالتأكيد "استقلال نفطي" مما يعني فعليا  تفكيك العراق، كما سيؤدي إلى تركيز الدولة الريعية بعكس ما يروجه واضعو القانون، وناشد المحكمة الاتحادية بوصفها الجهة الرقابية على الدستور وكذلك ناشد مجلس الوزراء وكل المواطنين بالطعن القضائي في هذا القانون.

    وبعد ذلك منح الدور إلى د. إبراهيم بحر العلوم، ولم يقدم هو الآخر أي فكرة أو نقاش للاعتراضات التي أثيرت في وجه القانون واكد على أن من حق الآخرين مخالفة مبادئ القانون، ودعا إلى عدم الطعن قضائيا بالقانون حيث انه خاضع للتعديل مستقبلا خلال تطبيقه، حيث أن أي طعن في القانون لن يوقف القانون وإنما سيؤثر في المواد موضع الطعن فقط، كما أشار إلى أن المخاوف من تعرض الثروة النفطية للحجز وهي تحت الأرض هي مخاوف لا أساس لها في ظل تفسير سابق للأمم المتحدة في شأن الثروات السيادية للدول .

    وبعدها أعطيت الكلمة لسكرتير الحزب الشيوعي السابق حميد مجيد، وأهم ما قاله: "ليس المطلوب التخندق عند المواقف!!"،  وتساءل: "ما علاقة القانون بالفدرالية والحكومة هي حكومة مركزية"، وأكد أن "الخروج من الاقتصاد الريعي لا يتم من خلال التوزيع المباشر للواردات الذي يشجع النزعة الاستهلاكية، وإنما من خلال التوظيف في مشاريع إنمائية"

    وتكلم بعدها ممثل الدائرة القانونية في وزارة النفط د. الساعدي، وكانت مداخلة "تأدية فرض" معذور فيها لا تلزم صاحبها بموقف.

    وأعطيت الكلمة بعدها إلى الأستاذ فلاح الخواجة، وكان ملخص موقفه أن ليس هناك بالأساس حاجة لقانون شركة نفط، ويمكن الاكتفاء بتطوير عمل وزارة النفط.

    وكانت هناك مداخلتين أو ثلاثة غير مغنية. وفتح الباب لمداخلات الراغبين وحدد وقت المداخلة ب3 إلى 5 دقائق. وقد اعترض الأستاذ فؤاد الأمير بحدة موحيا بالانسحاب ورفض أي مساهمة بدون منحه وقت لا يقل عن ال10 دقائق الذي منح للمتكلمين الأوائل خاصة أن الأمر هو ندوة دائرة مستديرة تتساوى فيها فرص المتكلمين. وقد تدخل كل الموجودين تقريبا ومنهم الأساتذة رائد فهمي وإبراهيم بحر العلوم بجمل اعتذارية إلى أستاذ فؤاد، وجاء مدير الندوة إلى الأستاذ فؤاد الأمير كحركة اعتذار، ومنحت الكلمة له حيث بدأ كلمته بالرد على دعوة د. إبراهيم بحر العلوم لعدم الاعتراض على القانون و إمكان تعديله مستقبلا، أن القانون يجب الطعن قضائيا به و إلغائه ، إذ أن هناك في فقرة واحدة وهي الفقرة 12، عدد من التجاوزات الدستورية، الأولى أخذ جميع مبالغ العوائد  من وزارتين سياديتين و تسليمها بالكامل إلى شركة عامة. وأوضح كيف أن هذا الأمر قد يؤدي إلى فقدانها في المحاكم الدولية. الثانية كأنه سمح بالتصدير المستقل للمحافظات المنتجة مقابل "حرمان" مواطنيها من مبالغ زهيدة جدا لصندوق المواطنين!! . فإذا قامت مثلا البصرة بالتصدير المستقل سوف لن تكون هناك عوائد للشركة كي توزعها ، وستستطيع البصرة إعطاء مواطنيها عشرات أضعاف ما يعطيهم إياه صندوق المواطن.

    الثالثة سمح لمجلس إدارة الشركة أن يتصرف لوحده بمبلغ الصناديق  بتعليمات، والمفروض أن كل صندوق له قانون خاص. 

    وبين أن الوزارة قدمت قانون وصادق عليه مجلس الوزراء في آذار 2017 كان قانون مهني لا يتضمن هذه الأمور التي نعترض عليها الآن . علما أن إياد علاوي كان يريد قانون للشركة في 2004 يعطي أسهم للمواطنين و البقية تباع في أسواق الأسهم . كما أن السيد عادل عبد المهدي سبق وأن عرض في اجتماع عام في 2016 مشروع مشابه . وعندما رأت الوزارة الاعتراضات القوية من خبراء النفط لمثل هذه المشاريع، قدمت قانونها المهني الذي صادق عليه مجلس الوزراء.

    ومن المداخلات المهمة مداخلة السيد علي حسين من الدائرة القانونية في دائرة النفط في ذي قار، وقد ركز في دراسة ممتازة على ثغرات القانون ومخالفاته القانونية والدستورية للقوانين السائدة. 

     ومن المداخلات الحاسمة في الحكم على ما يسمى صندوق المواطن هو ما أورده الخبير د. إحسان العطار من أنه شهد تجربة مماثلة في ليبيا أيام المرحوم القذافي عندما قرر توزيع الموارد النفطية مباشرة على الشعب ، وقال د. إحسان انه عندما سأل الناس حول الأمر قالوا أن المبالغ كانت تافهة وتم التخلي عن المشروع في السنة التالية. وبين د. إحسان أن ما يحمله البعض من مسؤولية لوزارة النفط في تلكؤ تطوير القطاع النفطي ليس سببه الوزارة وكادرها الفني، وإنما السبب الأساسي لذلك في وزارة النفط وكل الوزارات الأخرى هي وجود ما فرضه الحاكم الأمريكي بريمر من صيغة "مكتب المفتش العام" والمخبر السري الذي أصبح سيفا مسلطا لوأد أية مبادرات في القرار والعمل، خوف التحقيقات السرية وشبح الاتهامات الملفقة.  

    وأعطيت الكلمة لممثل "القوة المجتمعية". وكان المتكلم مهندس شاب في إحدى الشركات النفطية، وتركزت كلمته في الهجوم الشخصي على السيد احمد جياد، وقد قاطعته وطلبت أن يكون حديثه في مناقشة مضمون ورقة السيد أحمد جياد وليس في اللغة التي صيغت بها طعون السيد أحمد للقانون. ثم "سفّه" الطعن الذي ورد في ورقة السيد أحمد جياد حول "تولي مجلس إدارة غير منتخب" لصلاحيات سيادية هي من اختصاص جهة "منتخبة" هي رئاسة الوزراء، مبينا أن شرعية مجلس الإدارة لا تقل عن شرعية رئاسة الوزراء لأن الجهة التي تعيّنه هي جهة منتخبة وبذلك يكتسب الشرعية المساوية لشرعية رئاسة الوزراء!! ودعا إلى عدم تفويت فرصة حصول كل مواطن على 50 ألف دينار "مزعومة" في الشهر.

    كما ساهم د. العنبكي بمداخلة من أهم ما جاء فيها أن المبالغ المقترحة لصناديق المواطن والأجيال هي مبالغ تافهة إذا وزعت كأسهم لمواطنين، ولكنها مبالغ ضخمة ذات مردود عال إذا تم وضعها في مشاريع تنموية واجتماعية وتعليمية، وتحل كثيرا من المشاكل القائمة. 

    كان آخر المداخلات للسيد رائد فهمي وكانت مداخلته ناضجة وهادئة وممتازة في مضمونها وخاصة في تركيزه على أن منح أسهم متساوية للمواطنين، وبغض النظر عن نيات مشرعي القانون،  قد يكون الباب الذي يدخل منه من يريدون خصخصة الثروة النفطية  في دورة نيابية أخرى من خلال إصدار قرار نيابي بالموافقة على بيع وتداول تلك الأسهم، كما أنه أشار إلى أن صندوق الأجيال الحقيقي في بلدنا يكون بالاستثمار في مشاريع تنموية وليس في صناديق نقدية عرضة للمخاطر.

     وأختتم مدير الندوة د. صبحي الجميلي الجلسة بكلمة بين فيها أنه ما عدا السيد فلاح الخواجه فأن جميع الموجودين أيدوا الحاجة إلى قانون لشركة نفط وطنية، وأن القانون الذي شرعه مجلس النواب  بحاجة إلى تعديلات لبعض مواده، ولم يحدد ماهية التعديلات أو إشارة إلى التوجهات التي يحملها القانون المشرّع. 

    يتبع – استنتاجات وتقييم

    ماجد علاوي 
    7/4/2018

    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media