رباعية الجهل - الفقر - المرض -البطالة !
    السبت 21 أبريل / نيسان 2018 - 06:24
    عبد الحليم الرهيمي
    إعلامي ومحلل سياسي
    كان شعار محاربة آفات ثالوث الجهل والفقر والمرض هو اللازمة (الضرورية) التي تؤكدها بيانات وبرامج الاحزاب السياسية والحكومات المتعاقبة في الاربعينيات والعقود التي تلتها ، حيث برزت الى السطح كآفات وظواهر سلبية أو امراض مجتمعية يجب القضاء عليها  
    واذ تراجع التداول الواسع في الحديث عنها عاد ، في السنوات الأخيرة، ليس الاشارة اليها والتنبيه الى مخاطر استمرارها فقط، انما اضيف اليها الحديث عن آفة أخرى والتنبيه الى مخاطرها وهي آفة البطالة التي استشرت في السنوات الأخيرة وازداد عددها بعد سياسة التقشف التي انتهجتها الحكومة ووقف التوظيف في مؤسسات الدولة التي تعج أصلاً بشكل مروع بالبطالة المقنعة. 

    وفي حين عبرت التظاهرات الشعبية الواسعة النطاق التي انطلقت منذ شباط 2011 في بغداد ومعظم المدن العراقية – ولا تزال – عن مطالبتها بتحقيق الخدمات الضرورية التي تفتقدها ، أتسع في الآونة الاخيرة نطاق الشكوى من تزايد اعداد الفقراء وانتشار الأمراض وعدم توفير العلاج والدواء اللازم لها، والشكوى كذلك من اتساع اعداد البطالة، لاسيما في صفوف الخريجين من الجامعات الذين بلغ عددهم نحو 800 ألف عاطل يضاف اليهم كل عام نحو 150 ألف متخرج جديد لا يحظون بفرص عمل ملائمة لهم ! 

    واذا كان شعار محاربة الجهل والأمراض لا يحظى بالاهتمام اللازم، رغم اتساع نطاق الأمية وانتشار الأمراض ، فقد أصبحت حالات الفقر والبطالة هما الآفتان الأكثر شيوعاً والأكثر حدة في العراق وفي العديد من البلدان العربية والاسلامية .

    ان تزايد حدة الفقر كآفة خطيرة ومروعة هي التي دعت وتدعو الحكومة والباحثين والمعنيين الى الحديث عنها وأطلاق الوعود من اجل التخفيف من حدتها بعد أن بلغت نسبتها نحو 25 -30 بالمئة و 50 بالمئة في بعض مدن العراق .

    وبهدف معالجة ااتساع آفة الفقر في البلدان العربية الاسلامية قررت منظمة التعاون الاسلامي (الكومسيك) أن تخصص اجتماعها الحادي عشر الذي عقد يوم الخامس من شهر نيسان الجاري في العاصمة التركية أنقرة، ورشة خاصة لـ (فريق العمل المعني بالتخفيف من حدة الفقر) في بلدان المنظمة .

    اما اتساع نطاق البطالة وخاصة في صفوف الخريجين وفي المناطق المحررة، فقد أبدت الحكومة أهتمامها بخطورة هذه الآفة الظاهرة لكن – كما يبدو – لا امكانية لحلها او التخفيف من حدتها في ظروف تقشف الميزانية واقتراحات صندوق النقد الدولي سوى الوعود بتفعيل القطاع الخاص وكذلك تأهيل المؤسسات الصناعية الحكومية المعطلة أملاً في امتصاص جزء من الاعداد المتزايدة للعاطلين عن العمل .

    غير ان المرجعية الدينية في النجف الاشرف ذهبت ابعد من ذلك في رؤيتها لخطورة آفة البطالة المستشرية في المجتمع. 

    ففي خطبة يوم الجمعة قبل الماضية في الصحن الحسيني بكربلاء اكد ممثل المرجعية السيد الصافي بأن (البطالة من المظاهر السلبية في المجتمع وكلما كثر فيه العاطلون كلما زادت المشاكل) وأضاف بتحذير شديد بقوله (ان البطالة جرس انذار اجتماعي ، وهي خطرة جداً فلابد من معالجتها بالحد الذي نستطيع ، ذلك ان البطالة هي قضية اجتماعية سلبية جداً واذا اردنا للناس ان تتفاءل فيجب جعلها منتجة ... ) 

    وزير العمل والشؤون الاجتماعية المهندس محمد السوداني احد المعنيين الرئيسيين بمعالجة آفتي الفقر والبطالة ابدى تأييده التام لما جاء في خطبة المرجعية حول البطالة وآثارها السلبية في المجتمع مشيراً للحاجة الى تظافر الجهود الوطنية للحد منها وصولاً للقضاء عليها ، عبر اجراءات تتخذها وزارته .

    هكذا تبدو رباعية الجهل والفقر والمرض والبطالة رباعية لآفات اجتماعية خطيرة تتفاقم دون حلول عاجلة في الافق.. فهي تحتاج الى رؤية ستراتيجية حكومية ومن الجهات الاخرى المعنية بشؤون المجتمع من علماء اقتصاد واجتماع وعلوم سياسية ، ذلك ان دقات جرس الانذار من مخاطرها أصبحت تطرق آذان الجميع !!

    "الصباح"
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media