حداد وعزاء للبعثيين ...بعد فشلهم المزري في الانتخابات...!!
    الأثنين 14 مايو / أيار 2018 - 04:20
    أ. د. حسين حامد حسين
    كاتب ومحلل سياسي/ مؤلف روايات أمريكية
    ان كنت تريد ان تعرف فشل اي حزب أو كتلة سياسية في هذه الانتخابات التي جرت بالامس وقبل اعلان النتائج، فما عليك سوى ان تقرأ البيانات الانفعالية الصادرة من بعض الكتل والاحزاب في التنديد بالانتخابات واتهامها بعدم الشرعية أو التزوير الذي حصل فيها ، او ما كان يدور من التضليل أو شراء الاصوات ، او غير ذلك ، حتى وان كانت تلك البيانات صحيحة ودقيقة . لكن ، الدكتور اياد علاوي قد سابق الزمن والاحداث والنتائج في بيانه واتهم الانتخبات باتهامات لا تدل سوى على مبالغات كبيرة ، ومنحها "نصيبا" سيئا وحظوظا "منحوسة" صورت وكأن تلك الاستعدادات الضخمة من اجل اجراء الانتخابات لم تكن سوى مجرد "نزهة" قصيرة ، وليست كونها تمثل المصير العراقي الغامض والمحفوف بالمخاطر والصراعات وربما ما سيتخلله من احتمالات تدخلات اجنبية واستمرار عدم توفر الامن في السنين الاربع القادمة ؟! 
    فهكذا ، طلع علينا بيان من كتلة ائتلاف الوطنية، ورئيسها الدكتور اياد علاوي ، في تصريحاته لهذا اليوم ، الأحد 13 مايو / أيار 2018،  وتحت عنوان:

    "ائتلاف الوطنية يطالب بإلغاء الانتخابات وتشكيل حكومة تصريف الاعمال" :

    (نظراً لعزوف الشعب العراقي الكريم عن المشاركة في الانتخابات بشكل واسع، وانتشار اعمال العنف والتزويروالتضليل وشراء الاصوات واستغلال ظروف النازحين والمهجرين، بالاضافة الى ضبابية الاجراءات التي اتخذتها مفوضية الانتخابات في التصويت الالكتروني بعد ان اعتاد المواطن على اجراءات مختلفة في كل الانتخابات السابقة، وما ينتج مثل هذا العزوف عن مجلس تشريعي يفرض فرضاً على المواطن بعيداً عن رغبته، فضلاً عن حكومة ضعيفة لا تحظى بالثقة المطلوبة لنجاحها. يدعو ائتلاف الوطنية بقيادة الدكتور اياد علاوي الى اعادة الانتخابات مع إبقاء الحكومة الحالية لتصريف الاعمال، لحين توفير الظروف الملائمة لاجراء انتخابات تعبر عن تطلعات شعبنا الكريم.
     ائتلاف الوطنية - 13 آيــــــار 2018).

    باعتقادنا ، ان المشكلة الرئيسة لعلاوي، انه لا يرضى بأي شيئ سوى ما يطرحه هو لنفسه من اهداف وأجندات ، قد أثبت من خلالها  أنه ليس بالامكان التعامل معها سوى من خلال احلام طوباوية أكل عليها الزمن واصبحت أضغاث احلام. كما وأن مشكلة الدكتور علاوي الاخرى أيضا انه ومنذ زمن بعيد ، فقد الرغبة والشوق في التعامل مع السياسة و"تقاعد" بهدوء غير معلن على الرغم انه قد رشح بكتلته للانتخابات. حيث لم تعد الانسة ميسون الدملوجي مثلا، تقف وراء رئيس كتلها ، علاوي، بذلك الحماس المفرط فتحاول أن تفسر لشعبنا الايديولوجية "البعثية" وما طرأ عليها من تناقضات وتشضي وتناحرات ومفارقات وتضادات مع الفكر "البعثي" نفسه، من بعد سقوط الصنم في 2003، حيث اختفى كل ذلك التنظير مع اختفاء "القائد الضرورة" نفسه واهدافه من خلال الوحدة والحرية والاشتراكية ، الامر الذي لم تعد لتلك الاهداف وجودا حتى في الاعلام البعثي ومواقعه . 
    لقد شكل لنا وعلى الصعيد الشخصي، ذلك الانحسار الاعلامي لاهداف البعث ، والتركيز على اهداف الارهاب والتهديد في محاولة اسقاط النظام السياسي ، اهدافا جديدة تتسم بالاستماتة فقط من اجل تثوير الحماس الارهابي في نفوسهم. ولكن من جانب اخر، نستطيع ايضا تفسير عزوف البعث عن ايديولوجياته الطوباوية والغوغائيات، على في الساحة العربية ، بسبب ليس فقط تحول البعث الى حركة ارهابية داعشية علنية ، وقد تم دحره وتدميره وطرده وراء الحدود، تماما ، كما حصل للبعث في سوريا والويلات الذي يعيشه هناك ، ولكن ايضا ، أننا اعتقدنا ، ان تلك الاهداف التي لم تعد واردة في الفكر البعثي بسبب ان البعث ربما قد ادرك ان عليه ان يتحول الى واقع بعد ان أدرك ان اهدافه في الوحدة والحرية والاشتراكية لم تستطع حتى دول كبرى واخرى عظمى ، لم تستطع ان تجعل من "وحدتها" لنفسها واقعا عمليا ، تماما مثلما لم تستطع من بناء "اشتراكيتها" واسعاد شعوبها ، فالت الى السقوط والانهيار، فكيف الامر الذي يدعي فيه "حزب البعث" انه يستطيع جمع شتات امة عربية مشتتة ومتناحرة مع بعضها البعض وتعاني من قتل بعضها البعض ، وانها تلك الشعارات السخيفة كان قد فرضها دكتاتورمريض ، انهى وجوده الشعب ، فانتهى وقبر وقبر معه فكره الطوباوي ذاك. 

    فأياد علاوي هذا ، باعتقادنا ، انه قد عاش فترته الذهبية في الاشهر الماضية من خلال تنصيبه كنائب لرئيس الجمهورية . حيث كان المنصب متوازنا ومتسقا مع "حاجة" علاوي النفسية من اجل وجوب امتلاءه النفسي والذي كان دائما يمثل عقدته الكبرى من اجل المنصب ، حيث بقي يبحث عنها في دروب كثيرة ولم يفلح. وحيث لا زلنا نتذكر ترشيح علاوي لمنصب ما يسمى أنذاك ب:السياسات الستراتيجية"، ولكن الحمد لله كان البعض الذي اعترض على تسنم علاوي لذك المنصب فانقذ العراق من متاهات في دروب المسارات الطوباوية والطفولية الجديدة.  

    لقد وفرمنصب نائب رئيس الجمهورية هذا لدكتورنا ارتياحا كبيرا من "لقبا" ضخما ، مع حراس شخصيين وخدم وحشم واموال وسفرات ورواتب ضخمة "وهو المليونير" ، تماما ، مثلما وفرت السياسة العراقية الفاشلة الضعيلة السائدة في العراق منذ خمسة عشر سنة ، مناصبا وجاه للكثيرين أيضا، بينما هؤلاء ومن خلال "الطرق السياسية" نفسها التي مارسوها" قد جعلوا العراقيين يتقيؤون قرفا منهم،  وحيث كان هؤلاء "القياديون" وللاسف، لا يجيدون سوى اللصوصية وممارسة المعاييرأللاأخلاقية.

    ففي مناسبات كثيرة برهن الدكتور علاوي من خلالها وكأنه ذلك "القائد" الفعلي للعراق ، و"المناضل" الذي يقف مع "الحق" واحقاق الحق وازهاق الباطل ، ولكن المشكلة، اننا لم نرى اي موقف يمثل وزنا سياسيا لشعبنا / ما عدا التصريحات النارية له فقط. ودكتورنا ينسى دائما ان الشعب عراقي "مفتح باللبن" ، وأنه قد فهم "الغث" من "السمين"، وأن براكين السياسة العراقية الجوفاء قد تركت رمادها في عيون العراقيين واصابتهم بالرمد ، لكنهم ومع ذلك، ما يزالون قادرون على تمييز قيمهم الكبيرة التي كانوا يمتازون بها بين العرب، لكنهم وفي نفس الوقت كرهوا قادتهم وكره الكثير منهم حتى الوطن العراقي نفسه ؟؟!. 
     
    فقبل حوالي اكثر من شهرين ، لاحظنا ظاهرى جديدة في حياتنا اليومية . فمن خلال ارتيادنا للصلاة في مسجد المدينة مع عوائلنا، لاحظنا نوعا من "نبرة" جديدة من قبل بعض الاصدقاء الذين كنا نعتقدهم يتمتعون بالنضج العلمي والسياسي ، مع انهم من خلفيات مع البعث. وكانوا هؤلاء الزملاء العراقيين من حملة شهادة الدكتوراه ومن الموصل بالذات ، وكانوا يحاولون اقحام بعضا من الحديث عن ايجابيات عهد صدام المقبور ، وكيف ان المقبور كان قد "أحل" السلام و"الامن" في ربوع العراق. فكان حديث كهذا بالنسبة لي كافيا أن أرد عليه ، من خلال ان كشف اثار الندب والجروح في جسدي شخصيا من قبل رجال امن صدام عند اعتقالي في الامن العامة عام 1984، ليروا مقدارهذا  "السلام" والامن" للشعب العراقي انذاك ، بينما هم يتحسرون الان على ايامه الغابرة. 
    ولكن وفي الاسابيع القليلة  الماضية ، زادت نبرة هذه المجموعات ، فراحت تثير موضوع الخراب الذي حل في الموصل. وكنا نسألهم : من الذي كان سببا في ذلك الخراب؟ أليسوا هم ارهابي داعش الذين ارادوا عدم التخلي عن تلك المناطق المحتلة سوى بدون بشر وكخرائب؟ ولكن البعض وللاسف كان يتهم الحشد الشعبي. 
    كان هناك تحضيرا كبيرا من قبل البعثيين من اجل الانتخابات ، ومن خلال مناطق متفرقة من الولايات المتحدة . والان، وبعد ان صرح الدكتور علاوي ، بتصريحه هذا اليوم ، فقد اغنانا عن معرفة نتائج ما الت اليه حملات "البعثيين، من فشل من اجل اعادة "السلام" والامن" للعراق. ويبدوا ان الاخ علاوي قد اصيب بخيبة أمل كبيرة في توقعه للنتائج، لذا كان عليه التصريح وفضح نفسه. ولكن، كان باعتقادنا ان عليه أن لا يسبق الاحداث . فلربما سوف لاتتغير الحياة والاحداث كثيرا عما كانت عليه من خلال انتخابات فاترة قاطعها الشعب. فلربما سيعود الدكتور علاوي كرئيس للجمهورية ، لا نائبا له.

    حماك الله يا عراقنا السامق...

    5/13/2018   
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media