من هو رئيس الحكومة القادم ؟
    الخميس 17 مايو / أيار 2018 - 04:12
    إبراهيم العبادي
    بعد حملة انتخابية هي الاغنى والاكثر انفاقا ،وبعد تسابق وتنافس محموم ساده التسقيط والتشهير وصل الى حد الابتذال، اجتازت الديمقراطية العراقية محطة اختبار كبرى  لشعارات الساسة ووعي الناخب وشرعية النظام السياسي ودخلت في محطتها الثانية وهي الاهم، اي محطة قبول النتائج والتسليم بها تمهيدا لتشكيل الكتلة  الاكبر في البرلمان وترشيح رئيس للجمهورية الذي بدوره سيكلف رئيس الوزراء من الكتلة الاكبر لتشكيل الحكومة ضمن التوقيتات الدستورية.

    في التجارب السابقة ثبت ان رئيس الوزراء لا تفرزه نتائج الانتخابات لوحدها بل عوامل التوافق الحزبي والمكوناتي واشارات القبول من المرجعية الدينية العليا والاطراف الدولية والاقليمية ذات النفوذ، وهذه العوامل مازالت فاعلة ومؤثرة حتى اليوم، فالقوى السياسية التي ستأتلف لتشكيل الكتلة الاكبر ستجد نفسها مضطرة  لترشيح الشخصية التي تجتمع فيها اشتراطات القبول المشار اليها، وبالتالي فان رئيس الوزراء القادم هو شخصية التوازنات الداخلية والرضا الشعبي النسبي ورضا النجف الضمني والقبول الاقليمي والدولي الضروري، وهذه القضية بقدر ما تجسد ضرورة وطنية عراقية فانها ضرورة خارجية بلحاظ الصراع المستعر في المنطقة ومحاولات اطراف الصراع جعل العراق مجسا لحضورها ونفوذها.

    لكن القضية لا تنحصر في المواصفات الذاتية لشخص رئيس الحكومة، بل في القدرة على ترجمة الوعود والشعارات والسياسات الى برامج عملية، فرغم كل دعوات الاصلاح والتغيير التي امتلأ بها الفضاء السياسي العراقي، الا ان برنامجا واضحا مقنعا للجمهور لم يتبلور على ارض الواقع، وبقيت برامج وشعارات وسقوف الخيال السياسي للكتل والزعامات محدودة،  لم تجتذب الناخبين ولم تحدث تغييرا جوهريا في المعادلات السياسية، وجاءت نتائج الانتخابات ضمن حدود التوقعات،  رغم صدمة المقاطعة الواسعة، هذا يعني ان الجمهور الذي انتخب  كان محافظا ومتوجسا من تغيير غير معلوم النهايات والاتجاهات،  وهو يريد المحافظة على المكاسب التي تحققت في السنوات الاربع الماضية، مع ادخال تحسينات مهمة،  تدعم فاعلية حكومية قوية،  وهيبة للسلطة والقانون، وتدخلا واسعا - في معالجة الجمود التنفيذي -  من شخص رئيس الوزراء ، اي بمعنى ان هناك رغبة في تحسين الاداء والبناء على الناجح من المواقف والسياسات ،مع رغبة عارمة في ان تكون السنوات الاربع القادمة  سنوات عمل وبناء وتوجهات عميقة لاطلاق  النمو  الاقتصادي ، ومكافحة البطالة والفقر  والنهوض بالخدمات ، هذه المواصفات هي التي تداعب خيال المواطن العادي ،  وهي المطلب الاساسي لجمهور المقترعين ، وهي جوهر رسالة المقاطعين والعازفين عن الانتخاب.

    ان الكتل السياسية  معنية بان تختار ضمن هذه المواصفات والمحددات رئيس الوزراء القادم ،وهي لن تكون حرة في تجاوز تلك المحددات، لانها ستخسر المزيد من قواعدها السياسية وتعاطف الجمهور وتقع في محذور خطير،  عندما تقدم حسابات خاصة وحزبية على حسابات وطنية ملحة، لا مجال كبيرا للمجازفة خصوصا وان الوقت ينفد، وعوامل التشظي والانقسام وعدوى الازمات تتناسل  بسرعة، والعراق بحاجة الى استقرار سريع ليحافظ  على ماتحقق له من تعاون ودعم ومقبولية دولية تتطلبها مرحلة الاعمار واعادة البناء، 
    فهل نفعل؟؟
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media