وداعا ... عادل مراد.. رجل النضال والنزاهة
    السبت 19 مايو / أيار 2018 - 13:57
    محمد علي مزهر شعبان
    إلتحق عادل مراد بـ"هوشي منه" وجيفارا وكأن النضال الحقيقي يودع رجاله  ويفقد دعائمه، وماتبقى من رفقة الأمس، ممن حملوا لواء الجهاد بشرف وأمانه ونزاهة موقف، وبياض كف. حيث بقى شرف الرفقة مجرد تاريخ، ليقبض على الحاضر ذو القبضات الحديديه، والضمائر النفعية.  نظره عبر الاثير يا شيخ المجاهدين بعينين تتحرك كانهما جامدتين. لقد ألصقوا الطغاة، التهم الجاهزة على اخر رجال الضمائر الحية، والمواقف المعتدلة، والرؤى المدركة، والتاريخ الناصع البياض، "انها ليلة القبض على الحقيقه"

    وكما يقول الكاتب الكردي "دانا جلال" التهمة الموجهة لعادل مراد ليست متعلقة بانه من اصحاب الملفات المتعاونين مع البعث المقبور كما هو الحال مع أحد قادة الحزب، وليست متعلقة بنزاهته على خلاف اغلب قادة الحزب وما يملكون ما ظهر منه وما لم يظهر بعد.

    عادل مراد عشق قنديل المقاومة، وكتب للعمال الكردستاني، وكاتب صديقه الزعيم والمفكر اوجلان، فغضبت انقرة واتباعها الصاغرين من كرد العاصمة اربيل. متهم لأنه طالب بطرد قواعد الاحتلال التركي لأجزاء من اراضي جنوب كردستان. متهم لأنه قال بان بغداد أقرب الى اربيل من انقرة وطهران، وطالب بحوار معها لحل المشاكل. متهم لأنه فضح اكذوبة متواليات هرج الحديث عن اعلان الدولة بعد اعطاب البرلمان وخلافات واختناقات داحس وغبراء الأكراد بين احزاب الكردستاني. متهم لأنه طالب قادة حزبه ان يتركوا التجارة أو السياسة ليفسحوا المجال للجيل الجديد . متهم لأنه طالب بإنهاء تبعية بعض قادة حزبه لحزب السلطة وعقلية زعيم القبيلة. 

    رجل قدر لي ان اشاهده في لقاء تلفازي. اطل عليك رجل في هيبة ووقار، ايقاع نغم، وحديث دون تاتاة او تردد، اريحية ومصداقيه، سرعة بديهية، لا تغليف ولا دوران، لاالتفاف على الحقائق عربيتة فصيحة واضحه، من لسان كردي غير شوفوني . يطلب ما له من حقوق بشفافية مشروعة بلا صراخ اوممارسة لصوصية . يقرٌ بما عليه من واجبات، يؤكد القصور في ادائها كأقليم للحكومةالاتحاديه، هادئا رزينا ليس كأولئك الديكه، مثيري الازمات حين تكون الازمه برعما فيجعلوا منها كرة ثلج من خلال إلباسها جلباب المظلومية، فيبتعلوا المايكرفونات صراخا . واذا بالبرعم يضحى ديناصورا او تنينا، ذا انياب ومخالب .
     
    كان معللا ومبررا، مفصلا واضعا الاصبع على موطن الداء . لم يتحرج حين يجيب عن القصور في البيت الكردي، ولم يخرج عن التشخيص الدقيق في اهمال الحكومة ومعالجتها في جوانب تسمى ازمه، وفي تفسيره وتعليله وتحليله، انها ليست ازمة وانما سوء فهم لدى الطرفيين حكومة اتحاديه وحكومة اقليم . 

    كم رائع صوت العقل، حين يضع الحلول الناجعه، وهي بمتناول اليد، دون تلك الجعجعه ؟ رجل يطالب باصلاح البيت الكردي اولا ثم التوجه لتلك المختلقات من المشاكل مع الاخرين ، فيطالب حكومة الاقليم ضرورة اعتماد الشفافية في ادارةالملفات والتعينات والادارة المشتركه ، التي حجزت دون انصاف للمحسوبية لاشخاص دون اخرين، والجمارك ومكتب العلاقات الخارجيه في اربيل، ومكاتب حكومة الاقليم في الخارج، والنفط والغاز الذي احتجز لافراد ، والغنى الفاحش الذي يتمتعون به، دون اصدار قانون ( من اين لك هذا ) لتحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة في الاقليم ، وان لا يمنح الاقليم فرصة للاخرين لاتهامه بعدم الشفافيه . 

    طرح جميل، وفكر نبيل، وسدادة راي في تفصيل وتحليل . يبدأ من اصلاح الذات، وبناء الكيان الجدير بالاحترام والتقدير ليكون الحجة الدامغه حين تتناول الازمات بتقديم الدعائم، والدفوعات الموثقه لكل اتهام يؤشر على خلاف او اختلاف او خروج عن مشروعية او دستوريه . واذ اقرأ مقدمات الرجل وتحليلاته ، استذكر تلك القرارات التي جعلت بلدنا في دوامة، انها ازمة رؤى غير مدركة للواقع العراقي، مبتدئة بقرارات بريمر العشوائيه ، حين شكل مجلس الحكم وحين تشكلت الحكومة المؤقته ، اتى بشيخ عشيرة ليكون رئيسا للعراق ، وعدد من البعثيين القدماء ليكونوا في مناصب متقدمه في السلطه . بهذا الصدد يقول الرجل : وللاسف ترك الامريكيون منذ ذلك الوقت العراق ليواجه مصيرا مجهولا، وعد متابعتهم للخمسة وخمسين مطلوبا من رموز النظام المباد. لقد تركوا بقية البعثيين ليعيثوا بالبلاد خرابا بالتعاون مع الجماعات الارهابية. وفتحوا مخازن السلاح في العراق امام السلب والنهب دون اي رادع، وكانهم يحظرون لحرب اهلية واسعة في العراق، وها نحن نعيش لحد اليوم فوضى ديمقراطيتهم الخلاقة.
     
    حين يتكلم عادل وكأنه انشودة طروب ليس بعيدا عن الواقع ولكنه جاء من جهة من لاذوا بالصمت، ربما اننا لم نلج الى ذات المواطن البعيد عن الواجهة الاعلاميه 
    السؤال هل خرج هذا السياسي من السرب ليغرد خارجه ؟

    لقد كان عادل مراد معلمي لابجدية مسحتها مواقف الاعلان وصراخ العربات الفارغه  لقد عزل عادل، وألقوا عليه تهم الطائفية لانه كوردي فيلي، ويريدون سوقه الى محكمة، الحاكم فيه الخصم، ومتهم بالانفصام، والغلواء، وبطش من ينير الدرب، ليمنع الشمس بغربال ممزق .

    وداعا عادل مراد وقد لفتك المنية  ولم يأفل بدرك ولم تغب شمسك ايها الكبير. 
    © 2005 - 2024 Copyrights akhbaar.org all right reserved
    Designed by Ayoub media